الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

طلال أبوغزالة في حوار مع «الاتحاد»: الإمارات وظفت إمكانياتها لمواجهة «كورونا» فكسبت ثقة مواطنيها والعالم

طلال أبوغزالة في حوار مع «الاتحاد»: الإمارات وظفت إمكانياتها لمواجهة «كورونا» فكسبت ثقة مواطنيها والعالم
5 يونيو 2020 00:10

حوار مصطفى عبد العظيم

أكد الدكتور طلال أبو غزالة، الخبير الاقتصادي مؤسس ورئيس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية، أن نجاح دولة الإمارات في توظيف إمكانياتها خلال أزمة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» وضعها في صدارة الدول التي تمكنت من كسب ثقة مواطنيها والعالم في إمكانية تخطي الأزمة، مشيراً إلى أن التقدم التقني والمعرفي لدولة الإمارات سهل جهود تجاوزها تحدي الإغلاق، فضلاً عن المبادرات والمحفزات التي اتخذتها للتخفيف من الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة على القطاعات المختلفة.
وأكد الدكتور طلال أبو غزالة في حوار مع «الاتحاد» أن دولة الإمارات لم تترك حافزاً إلا وصنعته لتجاوز الأزمة، ولم تبق مبادرة تخدم المواطنين إلا وتم الأخذ بها.
وتوقع أن تصب تلك المبادرات في صالح المواطن والاقتصاد الإماراتي بوجه عام، وسيكون لها الأثر الأكبر في تخطيه مشكلة أيام التوقف، وسيثمر لدى الشركات وقوف الدولة معهم عندما قاموا بسد متطلبات منتسبيهم وعجلة تسويق منتجاتهم واقفة.
وقال أبو غزالة:«إن قيادات الإمارات علمتني أنه لا يجوز بيع المستقبل لأجل الحاضر وأن أفضل أسلوب لتوقع المستقبل هو أن تصنعه، وأن القدرة على اتخاذ القرار في الأزمات هو شرط للنجاح والاستمرار في المسيرة»، مضيفاً «وكوني عامل معرفة ومنذ بداية حياتي وتجربتي مع ثورة المعرفة (الثورة الصناعية الرابعة) وأنا أتابع مسيرة دولة الإمارات المعرفية إلى أن أصبحت فخراً لنا جميعا الأولى على مستوى الوطن العربي في تقدمها في التقنيات المعرفية وفي مقدمة باب دول العالم تقنياً ومعرفياً – الأمر الذي سهل في تجاوزها لأزمة الانغلاق الذي فرضته جائحة كورونا».

ازدهار عالمنا العربي
وفيما يتعلق بمستقبل الاقتصادات العربية، قال أبو غزالة «المنطقة العربية ستكون الأقل تأثراً في الأزمة الاقتصادية، وسنكون الأقل تضررًا من جائحة كورونا، لأننا في الأصل«غير مُعافين». وأضاف«نحن أكبر منطقة في العالم يوجد بها الدمار والفقر والمعاناة الاجتماعية والعجز، عكس العالم الغربي الذي يعيش برفاهية و«يتربع على ثروات العالم»، ولكن، ستنهار النظرية التي تقول «كل شيء للغرب، والغرب هو المانح الآن»، ويبدأ مستقبل الازدهار بالتحول تجاهنا إلينا حيث العرب.
وأرجع توقعاته بازدهار العالم العربي إلى كون«المنطقة العربية هي الأكثر دماراً في العالم، وهي المنطقة الأكثر ثروة، وبالتالي ستصبح مصلحة العالم كلّه عندها، وستبدأ عملية إعادة الإعمار والبناء في هذه المنطقة، وذلك ليس لمحبة العالم لنا بل لأن العالم هكذا يسير».
وأضاف «أنا متفائل بالنسبة لاقتصاد المنطقة العربية، حيث أقوم بإعداد دراسة الآن مضمونها ماذا سيحصل من الآن حتى عام 2021؟ ودراسة أخرى هي أين سنكون في عام 2025؟ وهي السنة التي أتوقع أن يكون فيها بداية الازدهار، فخمس سنوات في عمر الحروب تعني خمس دقائق، وسيكون في وطننا العربي دول مستواها الاقتصادي كالصين».

  • الإمارات وظفت أحدث التقنيات لمواجهة كورونا (الاتحاد)

تحول النظام العالمي
وأوضح أبو غزالة أن المشكلة الاقتصادية التي يمر بها العالم حالياً بدأت قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي لا يجب أن نحمله كل ما يحصل في العالم، فالتحول المؤلم في النظام العالمي بدأ في بداية القرن الماضي وبعد الحرب العالمية منذ اتفاقيات بريتون وودز، وجاء تأثير ذلك بعد 100 سنة تقريبا أو أقل بقليل، عندما جاء من يقول إن هذا النظام كلّه لا يصلح ويجب صياغة نظام عالمي جديد، وظهرت معالم هذا من الإجراءات الأحادية التي تخالف كل «المعطيات» الدولية وخصوصا قوانين المنظمة العالمية للتجارة، التي تمنع أي قرار تجاري انفرادي من أي دولة ضد أي دولة .
وأضاف أبو غزالة: «أزمة كورونا الحالية ستؤدي إلى خسائر قاسية، مما يقودنا إلى كارثة اقتصادية، ستؤول بانهيار سوق المال -كما توقعتُ-ثم انهيار سوق الأسهم، ولكن هذه ليست النهاية، فالنهاية أصعب من هذا بكثير»، لافتاً إلى إن انهيار البورصات وانهيار سوق النفط أيضاً، بما لا يستطيع أحد تفسيره، سيتسببان بفوضى عارمة تخلخل النظام العالمي».
وقال:على العالم أن يتفق كـ«عائلة واحدة» في الوقوف ضد هذه الأزمة.
وتساءل« في حين هنالك اتفاقيات في المنظمة العالمية للتجارة تدير وتنظم كل قطاع في حياتنا، لماذا لم يخضع النفط لتلك الاتفاقيات، ولماذا يكون هنالك أوبك ودول خارج أوبك؟ فالولايات المتحدة وإن كانت تبرر ذلك بأن النفط ليس سلعة بل هو أداة استراتيجية، وهو أمر اتفق معه، لكنه يحتاج إلى تنظيم أيضا».

كساد الاقتصاد العالمي
وتوقع أن تستمر هذه الأزمة إلى سنوات، وأن يكون لها تأثير كبير على الغرب، وأن تتسبب في حالة ركود تضخمي وتؤدي إلى إفلاس العديد من الدول وانتعاش دول أخرى، لافتاً إلى أن الأزمة المتوقعة ليست من نوع «انهيار سوق المال» حتى وإن كان ذلك أحد مظاهرها.
وأوضح: «نحن أمام موضوع آخر مخيف وهو الدَّين العام العالمي الذي يزداد وستنشأ مشكلة في سداده»، مشيراً إلى أنه من «المتوقع ازدياد الدين العام في هذه السنة بنسبة 20% فكما نعلم مجموع الدين العام الدولي هو 260 تريليون دولار وعند إضافة (20%) على هذا الرقم لن يكون رقمًا بسيطًا، بينما الناتج العالمي يبلغ حاليا (85 تريليون دولار) وينخفض بنسبة (10%) على الأقل كما هو متوقع وهذا يؤثر على البطالة».

تغيرات القوى الاقتصادية
وفيما يتعلق بالتغيرات المحتملة في خريطة القوى الاقتصادية العالمية خلال الفترة المقبلة، وما هي القوى الجديدة التي يتوقع أن تقود الاقتصاد العالمي، قال أبو غزالة:«نحن في عالم ليس فيه قيادة تفرض هيمنتها بقوة أسلحتها، بل باقتصادها، والقوة تكمن بقدر التفوق الرقمي، فسلاح الاقتصاد أقوى من الطائرات».
وقال:«إننا أمام صراع بين دولتين على قيادة العالم، وكل ما شهدناه إلى الآن من مناوشات في التجارة وغيرها هو عبارة عن استفزاز وعملية فحص كل طرف إلى الطرف الآخر، وأؤكد أننا في هذا العام ليست«كورونا»إلا أداة من أدوات هذا الصراع».
ويرى أبو غزالة أن «الحل لهذا الصراع على القيادة يتمثل في ضرورة أن يجتمع الطرفان من أجل إنقاذ العالم، ولكن ليس هناك إرادة ولا رغبة عند كليهما للتقارب، لأن الخلاف كبير وواسع وقد يقود إلى صدام متوقع بينها، يمكن وصفه بالحرب العالمية الثالثة، ولكنها حرب غير تقليدية ليس فيها طائرات وجيوش ودبابات أو صواريخ، وبعدها سيقولون ليس هنالك فائدة فيجتمعان معاً وعندما يجلسان تنتهي الحرب بعقد اتفاقيات». وتابع «أتوقع حصول هذا الموضوع قبل نهاية هذا العام وللدقة أكثر وحسب توقعاتي المستندة على تحليل أنها ستكون في سبتمبر -أكتوبر 2020، فإذا حصل هذا اللقاء نبدأ في عصر جديد».

فوضى الاقتصاد تشكل التحدي الأكبر بعد أزمة كورونا
يرى الدكتور طلال أبو غزالة أن «التحدي الأكبر الذي سيواجهه العالم هو في فوضى الاقتصاد، وأن ما نراه الآن هو ليس مظاهر لأشياء فُرضت علينا من الطبيعة، بل لغياب نظام عالمي متطور يلبي احتياجات المتغيرات في عالم الاقتصاد». ويؤكد أنه لا يمكن مواجهة جائحة كورونا بالسرعة اللازمة إلا بتوافق دولي، مستغرباً من عدم انعقاد مجلس الأمن الدولي حتى الآن، لأن هذا الخطر لا يعرف حدوداً ولا يعرف جنساً ولا اسماً فهو لا يميز، وينتقل عبر الـ «لا حدود» الذي لم يرسمه أحد.
وأضاف: إذا لم ننقذ عالمنا فسنغرق جميعنا، فالقضية ليست قضية بلد معين متعثر ولا كورونا نريد معالجتها، فقد مرّت البشرية بأمراض كثيرة، وإن كان هذا أخطرها، متوقعاً أن تكون الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والصحية الميدان الأهم للمعالجة بعد انتهاء العالم من الأزمة، كما ستبدو الصراعات الدولية أقوى وأقسى من ذي قبل.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©