الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

حتى لا يكون الوباء القادم رقمياً!

حمد عبيد المنصوري
25 مايو 2020 00:12

الجريمة السيبرانية ليست أمراً مستجداً.
كانت موجودة قبل جائحة كوفيدـ 19، وستظل موجودة بعدها.
لكن الخوف الذي يساور بعض الخبراء من أن القادم ربما يكون أخطر، وأنه ربما يشبه التسونامي الذي يتبع الزلزال، لكن هذا التسونامي قد يكون رقمياً.
يرى هؤلاء أن كورونا فرضت قدراً كبيراً من الانكشاف التقني الناشئ عن تراخي الإجراءات التقنية نسبياً.
ففي اللحظة التاريخية الراهنة، يتم التغاضي عن المخاطر الجانبية غير العاجلة من أجل تركيز الجهود على العدو الأكبر.
إن ضراوة المعركة، وطبيعتها الوجودية، قد استلزمت حشد كل الأدوات والأسلحة لاستمرار الحياة، مع التضحية ببعض الحذر الذي كان سائداً من قبل.
وهكذا جرى إدخال أنظمة وبرامج جديدة لتسهيل العمل عن بُعد، مما استلزم فتح ممرات افتراضية متعددة توصل إلى مخازن البيانات داخل المؤسسات، وبينما كانت الأجهزة الحاسوبية سابقاً محصورة في مكاتب العمل، فقد أصبحت الآن منتشرة في البيوت بعيداً عن الأعين.
وفي الوقت نفسه جرى ربط ملايين الطلبة والمعلمين بأنظمة التعلم عن بُعد، وازدهر التسوق الرقمي وزادت مواقعه ومنصاته، وارتفع الإقبال على الخدمات الرقمية.
كل ذلك أدى إلى توسيع رقعة الانكشاف، مما قد يسهّل مهمة القراصنة وعصابات الجريمة السيبرانية لكي تضرب ضربتها، بما يفضي إلى وباء رقمي قد يطال العالم كله.
لا أهدف للتخويف، ولكن للأسف، لا شيء يجعلني أستبعد مثل هذه الفرضية.
فالإغراءات أمام المجرمين والعابثين الرقميين كبيرة.
وفي عام 2018 أشارت الدراسات إلى أن حجم الجريمة السيبرانية بلغ 1.5 ترليون دولار، ما يعني أنها لو كانت دولة، لاحتلت المرتبة 13 عالمياً من حيث الناتج القومي الإجمالي (GDP). أما في عام 2019 فشهد الربع الأول لوحده سرقة بيانات 770 مليون شخص، وبعد ذلك بأقل من شهر، اتسعت رقعة الضحايا لتزيد على ملياري إنسان، وقبل أن ينتصف العام بلغ عدد السجلات الرقمية التي جرى السطو عليها نحو 4 مليارات سجل.
بالنسبة لعام 2020 لا شك أنه سوف يرسخ في سجلات التاريخ وأذهان البشر بوصفه عام كورونا، لكن علينا أن نعمل كل ما بوسعنا لئلا يكون هو نفسه عام الجائحة السيبرانية أيضاً.
بعد شهور من مواجهة كورونا، بدأ العالم يلتقط أنفاسه، وأصبحنا أكثر سيطرة على الوضع، ولو نسبياً.
وإذا كان الدرس الذي تعلمناه من كورونا هو ضرورة التعاون الوثيق، فإن التوابع المحتملة لكورنا تتطلب قدراً أكبر من التعاون.
أما سياسة الجزر المنعزلة، والأبواب المغلقة فلم تكن، ولن تكون خياراً على الإطلاق.
لقد أثبتت الجائحة الأخيرة أن العالم قرية صغيرة، وأن ما يحدث في طرف الكرة الأرضية، سوف يلقي بظلاله سريعاً في الطرف الآخر من العالم، وأن الخطر عندما يقع فإن سرعة انتقاله سوف تقاس، ليس بالكيلومتر في الساعة بل بالميغا بايت في الثانية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©