الإثنين 29 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات.. منظومة صحية متكاملة  لرعاية «اضطراب التوحد»

الإمارات.. منظومة صحية متكاملة  لرعاية «اضطراب التوحد»
15 ابريل 2024 02:25

لمياء الهرمودي (الشارقة)
تسخر الإمارات جهودها في جانب توفير احتياجات مختلف أفراد المجتمع كونهم اللبنة الأساسية في تحقيق النمو والتطور على مستوى مختلف الأصعدة، وكان لفئة ذوي اضطراب التوحد نصيب واضح كونهم يشكلون جزءًا من مجتمع الإمارات، فكان لابد من توفير مختلف الخدمات ومراكز العلاج والتأهيل التي تمكنهم من الانسجام مع النسيج المجتمعي بسلاسة.
وتشكل السياسة الوطنية التي تنتهجها الدولة لذوي اضطراب التوحد منظومة متكاملة من الإجراءات والمعايير الموحدة لتقديم خِدْمَات أكثر سهولة لذوي التوحد وأولياء أمورهم، إلى جانب تأهيل ورفع كفاءة الكوادر المختصة العاملة في المراكز المتخصصة ورفع مستوى جودة البيئة الصحية فيها، وتعزيز وعي المجتمع باضطراب طيف التوحد، وتسهيل دمج ذوي التوحد في التعليم العام والخاص وضمان إشراكهم في مختلف المجالات.
كشفت الإحصائيات الصادرة عن تلك السياسة في 2021 والتي تم خلالها الاستناد إلى قاعدة بيانات وزارة تنمية المجتمع عبر إصدار بطاقة أصحاب الهمم حول أعداد الأشخاص من ذوي اضطراب التوحد، والتي قد لا تكون تشمل الجميع بسبب العوائق الاجتماعية فقد تبين أن عدد الحالات المسجلة فقط تشمل 3 آلاف و227 حالة، 1456 هم من المواطنين، و1661 من المقيمين، كما بلغ عدد الذكور نحو 2593، وبلغ عدد الإناث إلى نحو 634، وبحسب توزيعهم على إمارات الدولة فقد تبين أن ألفاً و49 منهم في إمارة أبوظبي، يليها دبي بعدد 879، ثم الشارقة بعدد 548، ويتوزع الباقون على الإمارات الأخرى.
ويصل إجمالي عدد مراكز الهمم الحكومية والخاصة على مستوى الدولة إلى ما يقارب 95 مركزاً، منها 70 مركزاً متكاملاً، 61 منها يخدم التوحد، هذا وقد بلغ عدد المراكز الحكومية الاتحادية أو المحلية في الدولة إلى نحو 26 مركزاً.

خلل وظيفي
من جهتها، أكدت الدكتورة عبير هيكل اختصاصي طب الأطفال وحديثي الولادة بمستشفى الجامعة بالشارقة على أهمية الحرص على فهم واستيعاب ذوي اضطراب التوحد، والتوعية بأعراض وسمات هذا المرض بين مختلف فئات المجتمع.
وقالت موضحة: اضطراب التوحد هو خلل وظيفي يصيب المخ، ولم يتوصل العلم بعد لمعرفة سبب الإصابة به وهو من أصعب الإعاقات التطويرية التي تصيب الطفل، والتي تظهر في الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل. والتوحد حالة، وليست مرض تصيب بعض الأطفال عند الولادة أو خلال مرحلة الطفولة المبكرة وتجعلهم غير قادرين على الاستجابة للمثيرات الحسية، وضعف وقصور التواصل البصري، وتكوين علاقات اجتماعية طبيعية، وتطوير مهارات التواصل نتيجة لاضطراب الكلام واللغة والقدرة المعرفية، ويصحبها اضطراب فالتعلق والانتماء للناس والأحداث والموضوعات فيصبح الطفل نتيجة لذلك منعزلاً عن محيطه الاجتماعي.
مفهوم التوحد
أطلق مفهوم التوحد لأول مرة عام 1911م على يد العالم يوجن بليور الذي اشتق مفهوم التوحد من اللفظ الأغريقي« للأنا » والتي تعني النفس ليصف مجموعة من التفكير الأناني، وتقدر نسبة شيوع التوحد تقريباً 4 - 5 حالات توحد كلاسيكية في كل 10.000 مولود ومن 14 – 20 حالة « أسبيرجر » توحد ذي كفاءة أعلى. كما أنه أكثر شيوعاً في الأولاد عن البنات أي بنسبة 1:4، وللتوحديين دورة حياة طبيعية كما أن بعض أنواع السلوك المرتبطة بالمصابين قد تتغير أو تختفي بمرور الزمن ويوجد التوحد في جميع أنحاء العالم وفي جميع الطبقات العرقية والاجتماعية في العائلات.
وأضافت: عرفت الجمعية الأميركية للطب النفسي اضطراب التوحد على أنه اضطراب يشمل الجوانب النمائية الثلاثة التالية: الكفاءة الاجتماعية، التواصل واللغة، والسلوك النمطي والاهتمامات والنشاطات.
 وحول أسباب الإصابة بالتوحد أكد اختصاصي طب الأطفال وحديثي الولادة على أن هناك العديد من المؤشرات الدالة على أن الإصابة بالتوحد غالباً ما تكون مصحوبة بأعراض عصبية، أو إعاقة عقلية، أو مشكلات صحية محددة مثل الصرع. ولا يوجد لمرض التوحد سبب واضح للإصابة، فهناك مالا يقل عن 19 فرضية لم يثبت إلى الآن صحة أي منها وهذا الكلام لا يعني تجاهلها.

«طيف التوحد»
وأكدت الدكتورة خديجة إسماعيل عبد الكريم الزرعوني استشاري طب أسرة مستشفى الجامعة بالشارقة على أن التوحد يعتبر اضطراباً نمائياً يحدث في النمو العصبي في مرحلة مبكرة من الطفولة. ويؤثر في كيفية التواصل والتفاعل الاجتماعي، ويتضمن أنماطاً محددةً ومتكررةً من السلوك، ينتج عنه ضعف في التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي، بالإضافة إلى أنماط سلوكية أخرى، وتظهر أعراضه على الأطفال قبل بلوغهم الثلاث سنوات، كما أضيف مصطلح «طيف التوحد» للإشارة إلى وجود مجموعة متعددة من الأعراض والعلامات وعلى مستويات مختلفة من الشدة.
وأضافت: طيف التوحد فهو درجة أقل من درجات الاضطراب والتطور، فمن الممكن أن يكون المصاب بطيف التوحد يتحقق عنه عرض أو اثنين فقط من أْعراضه، أو يكون عنده جميع الأعراض لكن بدرجات خفيفة. ووفقاً لذلك فالتوحد ليس بمرض بمعناه الحرفي، لكنه اضطراب.
وأكدت الزرعوني: لقد أفاد مركز السيطرة على الأمراض الأميركي أن ما يقارب 1 من كل 44 طفلاً في الولايات المتحدة يُشخَّصون باضطراب طيف التوحد، وأن الاضطراب في ازدياد بأكثر بـ10 مرات في الـ40 سنة الأخيرة. ويُعتَبَر الذكور أكثر عرضة للإصابة بأربع مرات من الإناث. واضطراب طيف التوحد قد يحدث في الأشخاص بمختلف لأعراق، والجنسيات والحالة الاجتماعية والاقتصادية.
التطعيمات
وحول إمكانية أن تكون التطعيمات تسبب اضطراب طيف التوحد بينت استشاري طب أسرة مستشفى الجامعة بالشارقة قائلة: لا توجد علاقة بين التطعيمات بمختلف أنواعها واضطراب طيف التوحد، حيث أظهرت العديد من الدراسات أن التطعيمات غير مرتبطة باضطراب طيف التوحد، ولا توجد أي علاقة بينها، والانتكاسة التي نراها في بعض حالات التوحد تكون عادةً على عمر 14 شهراً وليس لها ارتباط بالتطعيمات. 

العوامل الجينية والوراثية
حول أسباب الاضطراب أردفت قائلة: لا يوجد حتى الآن سبب محدد للاضطراب، وتلعب العوامل الجينية والوراثية دوراً مهمّاً في الإصابة بالاضطراب، وتتفاعل مع عوامل بيئية مختلفة، وتُدرَس علاقتها بالاضطراب حاليًّا مثل المضاعفات التي تحدث أثناء الحمل والولادة، ولكن لم تُثبَت علاقةٌ مباشرةٌ مع أيٍّ من هذه العوامل حتى الآن. فقد يكون التاريخ العائلي، فالعائلات التي لديها طفل يعاني من اضطرابات التوحد تكون عُرضة لولادة طفل آخر مصاب بالتوحد، كما أن الولادة المبكرة للطفل تزيد من خطورة إصابته باضطرابات طيف التوحد، فالطفل الذي يتم ولادته قبل إتمامه 26 أسبوعاً يكون أكثر عرضة. وهناك بعض الأطفال الذين يعانون حالات طبية معينة لديهم فرصة أكبر للإصابة باضطرابات طيف التوحد، أو أعراض لاضطرابات أخرى مشابهة. بالإضافة إلى نوع الجنس، فالذكور أكثر عرضة من الإناث للإصابة باضطراب طيف التوحد بأربع مرات. وأيضاً عمر الأبوين قد يكون سبباً لولادة طفل مصاباً باضطرابات طيف التوحد، ولكن لا توجد أبحاث كافية تثبت ذلك.
غير صحيح
حول ما يقال إن التلفاز والأجهزة الذكية مثل «آيباد» والجوال تسبب اضطراب طيف التوحد، أشارت بان ذلك غير صحيح فالتعرض للشاشات الإلكترونية والأجهزة الذكية لا تسبب اضطراب طيف التوحد، ولكنها قد تؤثر على صحة الطفل بما يخص مهارات العضلات الدقيقة، والنوم، والسِّمنة، والتغيرات الكيميائية العصبية في الدماغ مثل: تقليل الإنتاج الخاص بالميلاتونين، والسلوك، وتطور اللغة، والتفاعل، وزيادة الحركة، وضعف التركيز.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©