الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«الزكاة».. فريضة وركن وحق للفقراء

«الزكاة».. فريضة وركن وحق للفقراء
17 مارس 2024 02:43

إعداد - إبراهيم سليم

الحمد لله الذي شرع لنا سبلاً نزكي بها أنفسنا، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)، «سورة النور: الآية 56»، ويقول جلا جلاله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا)، «سورة التوبة: الآية 103»، وقال جلا جلاله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، «سورة البقرة: الآية 277».
وقد شُرعت الزكاة، وجعلت فريضة من فرائض الله، عز وجل، وركناً من أركان الإسلام، أوجبها الله تعالى لتحقيق معان جليلة، وقيم أخلاقية رفيعة، فمن أداها طيبة بها نفسه، فقد ذاق طعم الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من فعلهن، فقد ذاق طعم الإيمان: من عبد الله، عز وجل، وحده بأنه لا إله إلا هو، وأعطى زكاة ماله، طيبة بها نفسه في كل عام...»، (سنن أبي داود، 1582).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً رضي الله عنه، إلى اليمن، فقال: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم»، (متفق عليه).
والزكاة نسبة محددة من المال تقدر بـ«2.5%» يخرجها المسلم الغني، وهو الذي يملك مُلكاً تاماً زائداً عن حاجاته الأساسية نصاباً يقدر بنحو «85» جراماً من الذهب، أو ما يعادلها، ويكون قد مضى على ملكه للنصاب عاماً قمرياً كاملاً، ولها شروط وأحكام، يجب على المسلم سؤال أهل العلم عنها.
ومن فوائد الزكاة: «أنها تطهر النفس وتزكيها، قال الله سبحانه وتعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم...)، «سورة التوبة: الآية 103»، وقال جل وعلا: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، «التغابن: 16». والزكاة سبب للبركة من الله تعالى، قال، عز وجل: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، «سورة سبأ: الآية 39».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك»، (متفق عليه)، وعنه، صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «ما نقصت صدقة من مال»، (صحيح مسلم، 2588).
والزكاة سبب لرحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة، قال جلا جلاله: (... وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)، «سورة الأعراف: 156»
والزكاة سبب لدخول الجنة، والنجاة من حر يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس»، (المستدرك على الصحيحين للحاكم، 1517).
ويتم توزيع الزكاة على مستحقيها وفق مصارفها التي حددها القرآن الكريم بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، «سورة التوبة: الآية 60».
وإخراج الزكاة برهان على إيمان صاحبها وطهر نفسه، فالزكاة تقرب الإنسان من ربه وتزيد من إيمانه، وتمحو الخطايا وترفع الدرجات، وتطهير لباذلها من البخل والشح، وسبب لتنمية المال وتكثير بركته، كما أن الزكاة تحقق التكافل الاجتماعي بين الأفراد.
ونخلص مما سبق إلى أنَّ المسارعة في العبادات دليل على رجاحة العقل وسلامة الدين، ومن تلك العبادات فريضة الزكاة التي لا يجوز تأخيرها عن وقتها، وقد حثنا الله تعالى على المسارعة إلى الخيرات، والمبادرة في أداء الطاعات والعبادات، لننال أعلى الدرجات، ونحصل على أعظم الأجور والهبات، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، ومن تلك الأعمال والواجبات إخراج الزكاة، قال تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِين).والزكاة مِن العبادات التي متى ما توفرت شروطها كما سبق الإشارة إليه، وانتفعت موانعها، وجب على المكلف بها المبادرة بإخراجها، وعدم تأخيرها، لأنها حق يجب صرفه لمستحقيه فوراً، فإن أخّرها بغير عذر، ولغير حاجة أَثِمَ، لقوله تعالى: (وآتوا الزكاة) وَالْأَمْر عَلَى الْفَوْرِ.
فالمبادرة في إخراج الزكاة في وقتها ومن دون تأخير أسلمُ للمكلف، لأن التأخير يجرّ عليه آفات وتبعات من جراء تراكم الواجبات، فيستثقل إخراجها، ويعجز عن النهوض بها، والله يقول: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)، وقد يعاجله أجلُه قبل إخراجها في وقتها، فيكون قد قصّر في أداء ركن من أركان الدين، ويعتبر من الكانزين الذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
ولا يعتبر تأخيرها لإدراك فضيلة الوقت مسوغاً شرعياً، كأن يحين وقت إخراجها فيؤخرها لشهر رمضان أو لغيره من الأيام الفاضلة، فإنّ أفضل وقت تدركه فيه الزكاة هو وقت وجوبها، فلا يجوز تأخيرها عنه.
ولا بأس أن يخرج المرء زكاته بنفسه، أو عن طريق من يوكّله ويثق به، كصندوق الزكاة في دولة الإمارات والمتخصص في خدمة فريضة الزكاة، توعيةً بها، وقبولاً لأموالها، وصرفها على مصارفها، لتعزيز السعادة والتلاحم المجتمعي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©