الإثنين 29 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

ملاعب العرب.. صديقة للبيئة

ملاعب العرب.. صديقة للبيئة
12 ديسمبر 2023 02:36

عمرو عبيد (القاهرة)
في مطلع العام الحالي، اعتبرت جامعة الدول العربية السادس عشر من شهر فبراير، «يوماً عربياً للاستدامة»، ليكون محركاً إعلامياً تركز من خلاله المنطقة العربية على التوعية بمفاهيم الاستدامة، وإنجازات الدول العربية في تحقيق الأهداف الأممية من أجل رفاهية الشعوب العربية، وإلقاء الضوء على أهداف التنمية المستدامة وغاياتها وسبل خلق مناخ عربي داعم لها. 
لم يكن غريباً أن يحظى كأس العالم في قطر، قبل هذا التاريخ، بالكثير من الاهتمام في هذا الصدد، لتخرج عشرات التقارير العربية والعالمية مؤكدة أن «المونديال العربي» كان علامة فارقة في تاريخ بطولات كرة القدم العالمية، نظراً لكونه الأول والأبرز والأكثر اهتماماً بتحقيق ممارسات وشروط الاستدامة، وهو ما سمح بحصول ملاعب قطرية عدة على شهادات دولية لتقييم الاستدامة. 
وقام «فيفا» قبل سنوات عدة، أثناء تحضير ملاعب «المونديال القطري» بمنح ملعب خليفة الدولي شهادة بـ «تصنيف 4 نجوم» في مجال الاستدامة والملاعب الأكثر خضرة، بحسب نظام تقييم معايير الاستدامة العالمي، الذي شمل جوانب عدة، بينها قرب الملعب من وسائل النقل العامة لتقليل استخدامها وانبعاثاتها الكربونية، واستخدام مواد بناء بعضها مُعاد تدويره، بجانب الاعتماد على تقنية الإضاءة الحديثة والالتزام بمعايير الأبنية الخضراء فيه وتكييفها لتتناسب مع المناخ الخليجي، بالإضافة إلى تهيئة البيئة الداخلية في الملعب ومبانيه بطريقة تسمح بترشيد مواد الطاقة والمياه وما شابه ذلك. 
وكان ستاد البيت راعى تلك المعايير بصورة أكثر وضوحاً وتطوراً في السنوات التالية لإعادة تشييد ملعب خليفة خلال «المونديال العربي»، وهو ما منحه شهادة «5 نجوم» مع ستاد المدينة التعليمية، وتم إيلاء أهمية قصوى للاستدامة أثناء تصميم وتشييد استاد البيت، حيث صُمّمت مقاعد الجزء العلوي من المدرجات بشكل قابل للتفكيك بعد انتهاء كأس العالم، لتقليل عدد المقاعد مع التبرع بالمقاعد التي ستتم إزالتها إلى دول أخرى للاستفادة منها في تشييد الملاعب والمنشآت الرياضية لديها. 
وامتد نهج الاستدامة من الاستاد إلى مدينة الخور المحتضنة للملعب، حيث تحظى هذه المدينة بالعديد من المتنزهات والبحيرات، إلى جانب محمية خضراء تشكل حزاماً ممتداً من الاستاد حتى البحر، كما تميز بوجود سقف قابل للطي يساعد في تحويله إلى صالة يمكن استخدامها في الكثير من الأنشطة سواء رياضية أو غير رياضية، وكانت الاستدامة واستهلاك الطاقة المنخفض هي أبرز ملامح هذا التطوير، حيث قلل تصميم الاستاد من كمية الطاقة المطلوبة لمنح المشجعين واللاعبين الجو البارد المريح. 
الملاعب المُستدامة التي استضافت كأس العالم الأخيرة، شملت استخدام المياه المعاد تدويرها لري النباتات، وكذلك استخدام تقنية التبريد الصديقة للبيئة، واستخدام مواد معاد تدويرها وصديقة للبيئة في البناء، وحصلت كثير منها على شهادات عالمية بسبب تقليل نسبة الغبار وإدارة النفايات وتقليل الانبعاثات الغازية والكربونية على وجه الخصوص. 
وكانت تقارير رسمية صدرت عن مؤسسات تقييم معايير الاستدامة البيئية لتشرح كيف بُنِيَتْ الملاعب بتصميمات تستهلك طاقةً بنسبة أقل  بـ 30 - 40%، مقارنةً بالمباني التقليدية بفضل العزل الحراري السميك والاعتماد على الطاقة الشمسية في تشغيل كافة ملاعب البطولة، بالإضافة إلى ما قُدّم في مجال إعادة التدوير والحد من المُخَلَّفات، حيث جرى إعادة تدوير ما يقارب من 80% من تلك النفايات والمواد الناجمة عن البناء، بل بلغت النسبة 90% في بعض الملاعب، معَ ضمان التخلُّص الآمن والمناسب من بقية النفايات لضمان عدم تأثيرها على البيئة المُحيطة، وهو ما دفع الكثير من التقارير العالمية لوصف «المونديال العربي» بأنه «بطولة خالية من البصمة الكربونية». 

شهادة أودوبون العالمية للبيئة لـ «ملعب الموج» 
منظمة بيئة الجولف ومؤسسة أودوبون العالمية منحتا ملعب الموج في مسقط، بسلطة عُمان، العديد من الاعتمادات والشهادات، اعترافاً بجهوده المستمرة لتحقيق الاستدامة البيئية؛ لأنه يُسهم في حماية التنوع البيولوجي، باعتباره «ملاذاً» لأكثر من 173 نوعاً من الطيور، بجانب توفير برك المياه الطبيعية وأنظمة الري الفعالة للسماح بجمع وتسميد المناظر الطبيعية الخضراء، مثل العشب والنباتات وقطع الأشجار، وهو ما دفع تلك الطيور للراحة والتعشيش والهجرة إليها. 
كما تم استخدام مياه الصرف الصحي المُعالَجة في الري، وكذلك الاحتفاظ بالخور الطبيعي وتجديده كجزء من الممارسة المستدامة البيئية لهذا الملعب العالمي، بل إن النادي قام بإنشاء شعاب مرجانية صناعية للمحافظة على الحياة البحرية وصيد الأسماك المحلية، وبعدما تواجدت 3 أنواع فقط من السمك في البداية، وصل العدد الحالي إلى 25 نوعاً من الأسماء، بجانب وفرة الحياة البحرية الأخرى، ونجح «الموج» في تقليل استخدام المواد الكيميائية والمحافظة على الموارد المائية وحسن إدارتها، مما أهله للحصول على تلك الشهادات العالمية في الحفاظ على البيئة.
أيلة للجولف.. «أعجوبة أردنية» 
حصل نادي أيلة في الأردن على جوائز عدة بسبب تصميمه الفريد وموقعه الرائع، إلا أن أكثر تلك الجوائز أهمية كونه اختير ضمن أفضل 3 ملاعب صديقة للبيئة ومستدامة حول العالم، وهو أحد أبرز 10 ملاعب في منطقة الشرق الأوسط، حيث يوجد النادي بين الصحراء والجبال في مشهد خلاب، زاده رونقاً الكم الهائل من المساحات الخضراء التي أُحسن تصميمها، ليدفع عشرات المنظمين لإقامة بطولات عالمية فوق أرضه، حيث توارت الصحراء خلف تلك الملاعب الخضراء، صديقة البيئة، وتم إنشاء سلسلة من البحيرات والأودية الصناعية التي تعمل خزانات لري الأراضي بصورة مستدامة، بجانب كون تلك المسطحات المائية «محطة» توقف للطيور المهاجرة، تكمل النظام البيئي الطبيعي في هذا المكان الساحر.
وبرز استخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء لتكون بمثابة «طاقة نظيفة» تليق بهذا النادي، الذي كان من أهم أولويات تصميمه الحفاظ على المياه، حسب تقييمات المؤسسات العالمية، وهو ما سهّل حصوله على مكانة رفيعة حول العالم من حيث صداقة البيئة، ويمتد ملعب أيلة للجولف عبر 800 ألف متر مربع، ويتكون من طرق خضراء متموجة تتخللها بحيرات بلورية، ولم يكن الأمر غريباً لأن الشركة المسؤولة عن تصميمه وتنفيذه اشتهرت باهتمامها البيئي وتقليص أضرار البناء وتحسين البيئة المحيطة بملاعبها حول العالم. 
السعودية على طريق الاستدامة 
يُعد ملعب الرياض الجديد الذي يجري العمل على إنشائه لاستضافة بطولة كأس آسيا 2027، أحد أجزاء المشروع السعودي المتكامل والمتعدد المرافق الذي يضع الاستدامة البيئية على رأس أولوياته، فبجانب قربه من محطة مترو الرياض الجديد بمسافة 700 متر فقط، فإن مقاعده ستكون «مُتعددة الاستخدامات» على غرار كثير من ملاعب كأس العالم 2022، حيث يُكمن تفكيكها وإعادة استخدامها في أنشطة أخرى، كما يُطبق الملعب معايير الاستدامة بخفض التأثير على البيئة المحيطة، وتقليص نسب الكربون واستخدام مصادر «الطاقة النظيفة المُتجددة»، كما يلتزم بتدابير توفير المياه واستخدام مواد مُعاد تدويرها، بجانب زيادة المساحات الخضراء من نباتات مقاومة للجفاف. 
أما الاتحاد السعودي لرياضة الجولف، فقد شهد العديد من فعاليات الشراكة مع منظمة الجولف للبيئة (GEO) لتطوير أفضل الممارسات البيئية، وتحقيق أهداف الاستدامة، من خلال تقديم ملاعب للجولف أقل من ناحية الانبعاثات الكربونية وأكثر فعالية لاستغلال الموارد المائية وتوظيفها بيئياً، وكذلك إنشاء مزرعة حديثة للعشب القادر على التكيف مع الظروف البيئية، وتقليل استهلاك كميات المياه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©