الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

12 فرصة «مستقبلية» لتحفيز ابتكارات الاستدامة

12 فرصة «مستقبلية» لتحفيز ابتكارات الاستدامة
28 نوفمبر 2023 00:50

طه حسيب (دبي)
إطلالة عميقة على المستقبل يستحضرها إصدار خاص من «تقرير الفرص المستقبلية..50 فرصة عالمية»، أطلقته مؤسسة دبي للمستقبل، لتواكب من خلاله عام الاستدامة في الدولة واستضافة الإمارات لمؤتمر «كوب28». هذا الإصدار يأتي امتداداً لإصدارين سابقين لمؤسسة دبي المستقبل عامي 2022 و2023. 
وفي المقدمة التمهيدية للتقرير، يشير خلفان جمعة بلهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي المستقبل، ورزان المبارك، رائدة الأمم المتحدة للعمل المناخي لمؤتمر الأطراف «كوب 28»، إلى أنه «خلال المرحلة المحورية من تاريخ كوكبنا، وما نشهده من تحديات بيئية خطيرة مثل ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وزيادة معدلات وقوة الكوارث الطبيعية وتناقص الموارد، يجب على الحكومات والدول البحث عن إجراءات فعالة للحد من تلك التداعيات والحفاظ على كوكب الأرض ومواصلة النمو والازدهار وتحسين جودة الحياة»، وأضافا أن التقرير يتضمن 12 فرصة مستقبلية تتمحور حول الاستدامة والطبيعة واستعادة النظم البيئية بالتزامن مع إعلان دولة الإمارات عام 2023 عاماً للاستدامة، وفي إطار استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين «كوب 28»، التي يشارك فيها ممثلو ما يقارب من 200 دولة لمناقشة سبل تجنب تغير المناخ، والتأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة. 
وتشير المقدمة التمهيدية للإصدار إلى أن «كوب 28» يهدف لقياس التقدم المحرز في مسيرة تحقيق الأهداف المناخية المشتركة، وأن يكون نقطة تحول لتوحيد الجهود العالمية لتحقيق نتائج ملموسة في العمل المناخي، وتقديم حلول واقعية لمنع درجة الحرارة العالمية من تجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
المقدمة تطابق دعوة إلى المبتكرين ومصممي المستقبل ورواد الأعمال لـ«إطلاق العنان للخيال نحو الأفكار التحولية من أجل مستقبل أفضل لنا ولكوكب الأرض».

إعادة بناء الطبيعة
ويطرح التقرير 12 فرصة من أجل مستقبل أفضل لمجتمعاتنا وللعالم كله. ومن بين تلك الفرص إعادة بناء الطبيعة، من خلال إعادة إحياء الأراضي الطبيعية وحماية التنوع البيولوجي واستعادة التوازن في الطبيعة، وبالفعل شهد العقد الماضي تطوير مساحات طبيعية تتميز بسمات المناطق البرية الطبيعية في مناطق مختلفة من العالم، وبالفعل توجد غابات مستصلحة في جنوب آسيا ومسطحات خضراء في لندن وباريس ودبلن.

إعادة تدوير المياه
وتتحدث إحدى الفرص عن موارد مستدامة للمياه، تنطلق من فكرة تدشين نظم لامركزية بدلاً من البنى التحتية التقليدية، لإعادة استخدام المياه وتدويرها، ضمن رؤية تتوقع اعتماد السكان خلال السنوات العشر الماضية على تدشين بنى تحتية لامركزية وتعزيز وعي السكان بالتحديات المرتبطة باستهلاك المياه وإعادة تدويرها. 

«طاقة الاندماج النووي»
ويطرح التقرير «طاقة الاندماج النووي»، واصفاً إياها بأنها «طاقة لا تنفد»، عبر إمدادات لا محدودة، تجعل الكهرباء المستخدمة في التدفئة والتبريد والسفر والخدمات اللوجستية أرخص ثمناً وأقل ضرراً بالبيئة، وهي فكرة يقول عنها «توني رولستون» أستاذ الهندسة بجامعة كامبردج أنها ليست جديدة، وتعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي، لكنها ظهرت من جديد عام 2022، وتظل في مراحلها الأولية، وتكلفة إنتاجها تعتمد على ثلاثة عوامل: تكاليف بناء هذه الأنظمة المعقدة.
والفترة المستغرقة لتوليد الطاقة ومدى كفاءة تحويلها إلى طاقة قابلة للاستخدام، ومن المتوقع أن تتمكن مؤسسات القطاع الخاص من إنتاج طاقة الاندماج النووي خلال فترة تتراوح بين 10 و15 عاماً.

حماية السواحل والغطاء الجليدي
فرصة مبتكرة يطرحها التقرير تتمثل في «استعادة الغطاء الجليدي لكوكب الأرض»، ضمن مقاربة يطرحها خبير الاستدامة «فرانسيس بورتر»، محذراً من أن مستويات مياه البحار ارتفعت خلال الفترة من 2013 إلى 2022 بمعدل 4.62 ملم سنوياً، علماً أنه يمكن الحد من هذا الخطر من خلال استعادة الغطاء الجليدي وسماكته، وأيضاً حماية واسترجاع الصفائح الجليدية والقمم الجليدية. «بورتر» يركز على الحلول المستندة على الطبيعة.
كإنشاء مستنقعات المد والجزر وزراعة أشجار القرم والأعشاب البحرية والشعاب المرجانية، وإنشاء حواجز لحماية السواحل وزراعة الأعشاب في المياه الساحلية الضحلة من أجل امتصاص أكبر كمية من الكربون.

حماية النظم البيئية للمحيطات
وبسؤال جوهري مؤداه: ماذا لو استطعنا حماية المنظومة البيئية وموائل الحياة البرية؟ تطرح ربيكا هوبارد مديرة «تحالف أعالي البحار»، فكرة استحداث هيئة عالمية محايدة تركز على حماية النظم البيئية للمحيطات الدولية واستعادة صحتها وزيادة المنافع الاقتصادية المرتبطة بها.
أعالي البحر تغطي نصف مساحة كوكب الأرض وموطن أكبر تنوع بيولوجي على وجه الأرض، ومن ثم فإن الحياة على الكوكب تعتمد على سلامة المحيطات.
وتدعو «هوبارد» إلى تدشين شبكة ضخمة من خبراء القانون والتكنولوجيا والعلماء ومخططي السياسات للعمل مع ممثلي المجتمعات المحلية من أجل دعم الاستدامة بجوانبها البيئية والاجتماعية والاقتصادية. 
وعن حماية النظم البيئية للمحيطات، تتفاءل «هوبارد» بمعاهدة أعالي البحار التي أقرتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة رسميا في 19 يونيو 2023، والتي تضمن مشاركة عادلة في البيانات العلمية، وتحدد مناطق بحرية محمية في أعالي البحار، بما يدعم هدفاً سابقاً في إطار «كومينج-مونتريال» للتنوع البيولوجي الذي يهدف إلى حماية 30% من بحار العالم بحلول 2030. وكي تدخل المعاهدة حيز التنفيذ ينبغي أن تصادق عليها 60 دولة، المأمول أن يتحقق ذلك خلال شهر يونيو 2025، من أجل حماية التنوع البيولوجي في المحيطات بما يدعم الحياة على كوكب الأرض. 

خطة مئوية لكوكب الأرض
ومن الفرص المتفائلة بالمستقبل الواردة في التقرير، تأتي الفرصة التي طرحتها «جوانا بيرشيز»، مديرة مجموعة الاستدامة في أفريقيا، فتحت عنوان «خطة مئوية لكوكب الأرض»، تتبنى «بيرشيز» قناعة بضرورة وضع أهداف طويلة الأمد لضمان استمرار ازدهار كوكب الأرض، من خلال استعادة التنوع الحيوي لضمان تحسين صحة الإنسان وتعزيز سلامة الغذاء وتحسين جودة الحياة. وتدعو «بيرشيز» إلى وضع إجراءات لمساءلة الدول والمؤسسات والأفراد وتقديم الحوافز، وتوفير البيانات بشكل منصف. 

ترميم النظم البيئية
وطرحت ليلى مصطفى عبداللطيف، مدير عام جمعية الإمارات للطبيعة، مقاربة واقعية حول الحياد المناخي، واصفة إياه بأنه لم يعد هدفاً بعيد المنال، ومع الاقتراب من تحقيقه ستستعيد النظم البيئية توازنها.
وتشير إلى أن «الطبيعة تقدم للعالم 44 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية، ولأن الطبيعة تلعب دوراً جوهرياً في مواجهة التغير المناخي، فلا بد من ترميم النظم البيئية من الآن وحتى عام 2050، للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية، ما يتطلب استثمارات تبلغ 11 تريليون دولار».

«تنقية الهواء من الجسيميات الدقيقة»
وطرحت ديانا فرنسيس، رئيسة مختبر العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة فرصة «تنقية الهواء من الجسيميات الدقيقة»، من خلال الذكاء الآلي والأتمتة، التي من المتوقع ابتكارها خلال العِقد المقبل. 
وبما أن التطور التقني السريع والمرونة المطلوبة في مواجهة التحديات العالمية تتطلبان تعديلات في الإجراءات التنظيمية والتشريعية، اقترحت «كريستين موريسون» كبيرة المحللين في مجال النمو الأخضر بالمعهد العالمي للنمو الأخضر، إنشاء هيئات تشريعية لامركزية تتمتع بفكر استشرافي وقادرة على الاستجابة للتحديات، والقدرة على إصدار تشريعات ملائمة مثل حظر التقنيات القديمة أو غير الفعالة أو الضارة بالبيئة. 
ويطرح بوشبام كومار، المستشار الاقتصادي ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فكرة «حساب التأثير البيئي للقرارات»، أو ما يُعرف بـ«الدليل الرقمي للمناخ»، ومن خلاله يمكن الكشف عن الآثار المحتملة لبعض القرارات على أجيال المستقبل، خاصة ما يتعلق بالاستثمار في رأس المال الطبيعي. ويتبنى «كومار» فكرة الاهتمام بأنماط استهلاكنا للموارد الطبيعية جنباً إلى جنب مع اهتمامنا برأس المال البشري والصناعي، وعلى هذا النحو، لا يصبح الناتج المحلي الإجمالي هو المقياس الوحيد لتقدم الدول. وتتمحور هذه الفكرة حول دعم أنماط مستدامة في الاستهلاك والإنتاج، وحساب الأضرار الناجمة عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتقديم أسس منطقية للاستثمار في مكافحة التغير المناخي واستعادة النظم الطبيعية المتضررة.
من جانبها، تقترح «جيسيكا روبنسون»، مسؤولة التمويل المستدام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة «إرنست آند ويونج بارثينون»، إعادة توظيف الأصول والبنى التحتية القديمة والمهجورة التي يزداد عددها يوماً بعد يوم، هذه الأصول كانت قد فقدت قيمتها النقدية في الأسواق الجديدة، لكن يمكن تحويلها وإعادة استخدامها بما يحقق منافع متعددة. 
ويقترح الدكتور سعيد الحسن الخزرجي، مؤسس شوكة «مانهات»، البحث في تقنيات تقليل اعتماد الزراعة على المياه، خاصة أن تقنيات النانو تتيح استخدام المغذيات والمبيدات الدقيقة، ورشها على المحاصيل الزراعية لتسريع نموها وحمايتها من الآفات والحد من احتياجها كميات كبيرة من مياه الري.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©