الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وتركيا.. علاقات متنامية نحو شراكة شاملة

الإمارات وتركيا.. علاقات متنامية نحو شراكة شاملة
11 يونيو 2023 05:06

أبوظبي (وام)

 تسعى الإمارات العربية المتحدة وجمهورية تركيا الصديقة إلى تعزيز علاقاتهما الثنائية بدعم ومباركة قيادتي البلدين، وسط تأكيدات على أهمية تلك العلاقات في دفع مسيرة التنمية الشاملة في كلا البلدين، وتعزيز فرص الازدهار في المنطقة، وتحقيق السلام والاستقرار لشعوبها. 
وتحظى العلاقات مع تركيا بأهمية كبيرة ضمن استراتيجية الإمارات الخاصة بتعزيز شراكاتها، وتوسيع علاقاتها مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة، وتمتين جسور التعاون معها في المجالات كافة، وذلك انطلاقاً مما تتمتع به تركيا من حضور وأهمية إقليمية وعالمية. 
تعكس الزيارات واللقاءات الرسمية بين قيادتي الدولتين، عمق وصلابة العلاقات الإماراتية التركية، حيث زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تركيا في 24 نوفمبر 2021، بينما زار فخامة رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية، دولة الإمارات في 14 فبراير 2022، فيما عقد رئيسا البلدين في مارس الماضي قمة عبر تقنية الاتصال المرئي، شهدا خلالها مراسم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والجمهورية التركية. 
وتأتي زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى جمهورية تركيا الصديقة، لتمثل محطة جديدة في مسيرة توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين التي ترتكز على التفاهم والاحترام المتبادل، وتهدف دائماً إلى تعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات. 
ولطالما حظيت الزيارات الرسمية لقادة دولة الإمارات إلى تركيا بتقدير عالٍ على المستويين الرسمي والشعبي، ومنها الزيارة التاريخية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتركيا في عام 1984، حيث رحبت تركيا آنذاك بحفاوة منقطعة النظير بقدوم الضيف الكبير، وتناولت وسائل الإعلام حينها الزيارة بكثير من الاهتمام، وتصدرت تفاصيلها الصفحات الأولى لكبرى الصحف التركية. 

وقد وقعت دولة الإمارات وجمهورية تركيا عشرات الاتفاقيات الاستراتيجية ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي، شملت المجالات الاقتصادية، والأمنية، والبيئية، والتكنولوجية، وغيرها. ففي 24 نوفمبر 2021 وقع البلدان عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، تضمنت مذكرة تفاهم بين وحدة المعلومات المالية في دولة الإمارات ومجلس التحقيق في الجرائم المالية في تركيا، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي للموانئ وصندوق الثروة السيادية التركي، واتفاقية تعاون بشأن صندوق رأس المال الاستثماري لشركة أبوظبي القابضة، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة وصندوق الثروة السيادية التركي، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة ومكتب الاستثمار في تركيا، ومذكرة تفاهم بين سوق أبوظبي للأوراق المالية وبورصة إسطنبول، ومذكرة تفاهم لتبادل المعلومات في مجال الأعمال المصرفية بين المصرف المركزي في دولة الإمارات والمصرف المركزي في دولة تركيا، واتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات وتركيا، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال البيئي. وفي 14 فبراير 2022، تبادل البلدان 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وبروتوكولاً تهدف إلى تعزيز التعاون وتوسيع الشراكات بينهما شملت مجالات الاستثمار والصحة والزراعة، بجانب النقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي، إضافة إلى الثقافة والشباب وغيرها.
التعاون الاقتصادي
يشكل الجانب الاقتصادي أحد أبرز ركائز التعاون المتنامي بين البلدين، حيث تعود نشأة العلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات وتركيا إلى فترة تأسيس الاتحاد، وآخذة في التطور والنمو عبر السنوات. ففي عام 1984، وقعت الدولتان اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني، تبعتها عدة اتفاقيات عززت التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وصولاً إلى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في مارس الماضي التي يتوقع أن تسهم بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية إلى 40 مليار دولار سنوياً في غضون خمسة أعوام، كما تخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وتزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%. وبلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40% عن عام 2021 و112% عن عام 2020، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات. وكانت الإمارات قد أعلنت في نوفمبر 2021 عن تأسيس صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار أميركي في تركيا يركز على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية، ومنها الطاقة والصحة والغذاء.

حقبة جديدة من الشراكة
تشكل «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا»، دفعة كبيرة على طريق إطلاق مسار جديد من النمو المستدام المشترك، والفرص التجارية والاستثمارية المتبادلة التي من شأنها أن تسهم في تحقيق تكامل اقتصادي يخدم تطلعات وتوجهات الدولتين، ويحقق المنفعة المتبادلة. 
ويلعب البلدان دوراً محورياً في تسهيل تدفق التجارة الدولية، باعتبارهما من أهم الاقتصادات الحيوية، بما يعزز التقدم والازدهار الإقليمي في ظل تطور العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت إنشاء صناديق استثمارية بمليارات الدولارات، والتعاون في قطاعات رئيسية مهمة، منها التكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجستية، إضافة إلى الشراكة لدعم تطوير التجارة الإلكترونية الناشئة. وتفتح اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا مسارات جديدة لمصدري السلع والخدمات إلى أسواق البلدين والمنطقة، وإطلاق منصة تعاون وشراكة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في البلدين، بما يضع المنطقة في قلب حركة التجارة الدولية، وعلى خريطة المراكز الجديدة للنمو العالمي. 
وأكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، أن الإمارات وتركيا تتمتعان بعلاقات تجارية واستثمارية وثيقة، بفضل الرغبة المشتركة لقيادتي الدولتين الصديقتين في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى أرحب من الشراكة والنمو المشترك لاقتصاديهما. وقال معاليه إن العلاقات الثنائية بين الإمارات وتركيا شهدت تطورات إيجابية متلاحقة خلال العامين الماضيين، توجت بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما في مارس الماضي، خلال قمة رئاسية عبر تقنية الاتصال المرئي عقدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مع فخامة رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية. 

التجارة البينية غير النفطية
 أكد معالي الزيودي أن الاتفاقية التي تدشن حقبة جديدة من الشراكة والتكامل الاقتصادي، تنطلق من قاعدة صلبة من العلاقات التجارية والاستثمارية الوطيدة بين البلدين، إذ ارتفعت التجارة البينية غير النفطية بنسبة 40 % إلى 18.9 مليار دولار في عام 2022، ما يجعل تركيا بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات حول العالم، بحصة تبلغ أكثر من 3 % من التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات، كما بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدولة الإمارات في تركيا أكثر من 5 مليارات دولار ما يضع الإمارات في قائمة أكبر 15 دولة مستثمرة في تركيا. وأشار معاليه إلى أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الإماراتية التركية التي تم تصميمها لتحقق الاستفادة القصوى للدولتين عبر تحفيز النمو الاقتصادي المستدام والشامل، سيتم بموجبها - فور دخولها حيز التنفيذ قريباً - إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على 82 % من المنتجات والسلع، وهو ما يمثل أكثر من 93 % من قيمة التجارة الثنائية غير النفطية.. كما ستزيل الحواجز غير الضرورية أمام التجارة، وتخلق مسارات جديدة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الثنائية، وتعزز وصول المصدرين المحليين إلى الأسواق، بما في ذلك القطاعات الرئيسية مثل البناء، والمنتجات المعدنية، والبوليمرات، والمنتجات الصناعية الأخرى.

زيادة التجارة البينية غير النفطية إلى 40 مليار دولار سنوياً 
أوضح معاليه، أن هذه الاتفاقية تهدف إلى زيادة التجارة البينية غير النفطية من قيمتها الحالية التي تبلغ 18.9 مليار دولار إلى أكثر من 40 مليار دولار سنوياً في غضون 5 أعوام، وزيادة الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7 %، وزيادة تدفقات الاستثمار في القطاعات الرئيسية، مثل الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية والأمن الغذائي والطاقة المتجددة. وقال معاليه إن استمرار التطور في العلاقات الإماراتية - التركية بدعم ورعاية قيادتي الدولتين يؤكد أننا على مشارف حقبة جديدة من الشراكة الاستراتيجية القائمة على تحقيق المصالح المتبادلة والازدهار الاقتصادي المشترك بما يعود بالخير على الشعبين الصديقين.
حجم الاستثمارات
إجمالي حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا وصل إلى نحو 7.8 مليار دولار في نهاية عام 2021 في قطاعات متنوعة شملت الخدمات المالية، والعقارات، والنقل والمواصلات، والطاقة المتجددة، والموانئ والخدمات اللوجستية. ومن أبرز الشركات الإماراتية الرائدة في الاستثمار بتركيا «القابضة - ADQ» وبنك الإمارات دبي الوطني وإعمار العقارية والعالمية القابضة وجهاز أبوظبي للاستثمار، ومبادلة. وتتوزع الاستثمارات الإماراتية في تركيا على كل من «بنك الإمارات دبي الوطني» بقيمة 2.84 مليار دولار في قطاع الخدمات المالية، فيما تصل استثمارات «إعمار العقارية» إلى 2.5 مليار دولار في قطاع العقار، و«مبادلة» نحو 555 مليون دولار في قطاع النقل والمواصلات، و«العالمية القابضة» 480 مليون دولار في قطاع الطاقة المتجددة، و«موانئ دبي العالمية» 351 مليون دولار في قطاع الموانئ والخدمات اللوجستية، والقابضة (ADQ) 300 مليون دولار في قطاع التكنولوجيا. وتقدر استثمارات «ديار» بنحو 282 مليون دولار في قطاع العقار، و«مجموعة الغرير» بنحو 200 مليون دولار في قطاع مواد البناء، في حين تمتلك «الاتحاد للطيران» استثمارات بنحو 24.2 مليون دولار في قطاع التخزين، ومجموعة «روتانا» نحو 5.5 مليون دولار في قطاع السياحة والفنادق.
التضامن الإنساني
جسدت عملية «الفارس الشهم 2» التي أطلقتها دولة الإمارات عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير الماضي، عمق ومتانة العلاقات الإماراتية التركية، حيث أرسلت الإمارات المستلزمات الطبية والإغاثية والغذائية وفرق البحث وآليات مجهزة بالمعدات الخاصة بإزالة الأنقاض، والفرق الطبية، وشيدت مستشفى ميدانياً لعلاج المصابين في منطقة إصلاحية بغازي وآخر في «هاتاي». ومنح فخامة رجب طيب أردوغان، رئيس الجمهورية التركية، في 27 أبريل الماضي، فريق عملية «الفارس الشهم2» «وسام الدولة للتضحية»، تكريماً وتقديراً لجهود دولة الإمارات في أعمال البحث والإنقاذ في مناطق الزلزال.
العلاقات الثقافية
تستمد العلاقات الثقافية بين الإمارات وتركيا قوتها نظراً لما تتمتعان به من تاريخ ثقافي وتقاليد أدبية غنية وملهمة، وتعزيزاً لهذا العلاقات وقع الجانبان في فبراير 2022 مذكرة تفاهم بشأن التعاون في المجال الثقافي. وشهد البلدان مؤخراً تعاوناً ثقافياً متنامياً عبرت عنه مشاركة تركيا ضيف شرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2023، والحضور التركي اللافت خلال فعاليات «إكسبو دبي 2020»، فضلاً عن مشاركة «جمعية الناشرين الإماراتيين» في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي في أكتوبر الماضي، قدمت خلالها 284 عنواناً من إصدارات 31 دار نشر إماراتية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©