الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

شخصيات إسلامية.. ذو البِجادَين «الأواه»

شخصيات إسلامية.. ذو البِجادَين «الأواه»
2 ابريل 2023 02:48

 هو عبدُ اللهِ بنُ عبدِ نهمٍ المُزَنيُّ واسمه قبل أن يسلم عبد العزّى، صحابي جليل من المهاجرين، كان يتيماً وكان أبوه من سادة مُزَيْنَة من أهل الثراء ومن المترفين، عاش مع عمه وكان غنياً منعماً، إلى أن وقع الإسلام في قلبه، وهاجر وهو ابن 16 عاماً، فذهب إلى النبي محمد مهاجراً.
تعرف على الإسلام من خلال المهاجرين، حيث كانت مزينة على طريق الهجرة، فحفظ كثيراً من القرآن عن طريق السير خلف المهاجرين ويقول «علموني علموني»، تعلم الدين من الصحابة المارين على بلدته، فكان يلجأ إليهم ليتعلم القرآن الكريم وأحكام الدين، وكان يسير وراءهم ماشياً ويردد معهم، فتعلم القرآن مشياً على الأقدام، فيجري وراء الفارس، ووراء راكب الناقة، ويسير مع الراجل في اليوم قاطعاً مسافات بعيدة، وكان يقول للصحابة علموني علموني، حتى قيل له ماذا تفعل هنا في مزينة إن رغب رحلت معنا إلى حيث يوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أخشى أن أترك عمي.
حتى قال له يوماً يا عم لقد أخرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أعد أطيق فراقه، أعلمك إني راحل إليه وعازم على ملاقاته، فإن أطعتني وما أريد نرحل سوية، غير أن عمه رفض وامتنع وقال له: إن أبيت إلا الإسلام جردتك من كل شيء ومن كل ما تملك. فقال عبد الله: افعل ما شئت فما أنا بالذي يختار على الله ورسوله شيء.
فلما بلغ عمه أنه قد أسلم قال: لئن فعلت لأنزعن منك جميع ما أعطيتك. قال: فإني مسلم، فنزع كل شيء أعطاه حتى جرده ثوبه، فأتى أمه فقطعت بجادا لها باثنين فاتزر نصفاً وارتدى نصفاً، ولزم باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يرفع صوته بالقرآن والذكر، وفي رواية ابن إسحاق «فأتى أمه فقطعت بجاداً لها باثنين، فاتزر نصفاً، وارتدى نصفاً، ثم أصبح فصلى مع رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصبح، فلما صلى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تصفح الناس ينظر من أتاه، وكان يفعل، فرآه رَسُول اللَّهِ فقال: «من أنت؟»، قال: أنا عبد العزى، فقال: «أَنتَ عَبْد اللَّهِ ذو البجادين، فالزم بابي»، فلزم باب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتسبيح والتكبير، فقال عمر: يا رَسُول اللَّهِ، أمراء هو؟ قال: «دعه عنك، فإنه أحد الأواهين».
عاش عبد الله مع أهل الصفة الفقراء حتى حضرت غزوة تبوك سنة 23 سنة، وفي الطريق يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت شهيداً، غير أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يده الكريمتين وقال: اللهم حرم دمه على سيوف الكفار. فقال عبد الله ما هذا أقول لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله إن من عباد الله من يخرج في سبيل الله فتصيبه الحمى فيموت فيكون شهيداً، وإن من عباد الله من يخرج في سبيل الله فيسقط من فرسه فيموت فيكون شهيداً».
وفي الطريق أصابته الحمى وتوفي في حياة رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. روى الأعمش، عن أَبِي وائل، عن عَبْد اللَّهِ بْن مسعود، أَنَّهُ قال: لكأني أرى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبر عَبْد اللَّهِ ذي البجادين، وَأَبُو بكر وعمر يدليانه، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: أدنيا مني أخاكما، فأخذه من قبل القبلة حتى أسنده في لحده، ثم خرج رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ووليا هما العمل، فلما فرغ من دفنه استقبل القبلة رافعاً يديه يقول: اللهم إني أمسيت عنه راضياً فارض عنه، قال: يقول ابن مسعود: فوالله لوددت أني مكانه، ولقد أسلمت قبله بخمس عشرة سنة، وروى من طريق آخر قال: فقال أَبُو بكر: وددت أني، والله، صاحب القبر.
توفي عبد الله ذو البجادين رضي الله عنه ودفن بتبوك، وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأثنى عليه ونزل في حفرته، وأسنده في لحده. وقال: اللهم إني أمسيت عنه راضياً، فارض عنه، «وفرغوا من جهازه وحملوه، فقال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارفقوا به، رفق اللَّه بكم، فإنه كان يحب اللَّه ورسوله.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©