السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

حتا تاريخ يحتفي بالمستقبل

حتا تاريخ يحتفي بالمستقبل
28 نوفمبر 2021 02:24

آمنة الكتبي (دبي) 

تُعد مدينة حتا قلب دبي النابض بالحياة، المنطقة الساحرة بمزارعها الخضراء وبكثرة أشجارها وسط الجبال الشاهقة، مدينة التاريخ والجغرافيا، والحصن المنيع والأفلاج المتعددة، والسدود والبحيرات والوديان تحيط بها الآثار التاريخية التي تروي حكاية المكان.
تبعد مدينة حتا 105 كيلومترات من إمارة دبي، ويُعد موقعها استراتيجياً، حيث يبعد بمسافة مماثلة من جميع الإمارات السبع، وتتميز بموقعها الجغرافي المتميز والمناظر الجبلية المحيطة بالمدينة من جوانبها المختلفة، بالإضافة إلى الأماكن التراثية والحضارية، مما يجعلها الموقع المثالي لاحتفالات اليوم الوطني الخمسين في جنبات طبيعتها الآسرة. 
تحتضن حتا الحفل الرسمي بعيد الاتحاد الخمسين للدولة في 2 ديسمبر، ومن وسط جبال الحجر والطبيعة الخلابة، يستعرض الاحتفال تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، وحاضرها من خلال سرد قصصي إبداعي، يقدم لمحة فريدة عن المستقبل الواعد الذي ينتظر كل من يعتبر الإمارات وطناً له.

  • حمد البدواوي
    حمد البدواوي

أكد الباحث والمؤرخ حمد سلطان محمد حمدان المايدي البدواوي، أن مدينة حتا تتمتع بموقع استراتيجي مهم، كونها منطقة حدودية ومعبراً للقوافل قديماً، وإحدى الطرق التجارية، وموقعها الجغرافي بمعالمه الجبلية والسهلية، منحها مكانة زراعية كبيرة، موضحاً أن تاريخ المنطقة يعود للفترة من 2000 إلى 3000 عام، وكانت تسمى بالحجرين سابقاً، واشتهرت بمعالمها التاريخية والزراعية والتجارية. 
وأضاف: تقع مدينة حتا على حدود دولة الإمارات العربية المتحدة وتتبع إمارة دبي، حيث إنها تقع على بعد 130 كيلومتراً جنوب شرق مدينة دبي، وتبلغ مساحتها حوالي 140 كم2 مليئة بالمناظر الطبيعية، أبرز الجبال الشاهقة.
وقال البدواوي: إن قرية حتا من أشهر القرى الجبلية في الإمارات لموقها الفريد بين الجبال ولخصوبة أراضيها، حيث إنها ذات موقع جغرافي مميز، تحيط بها جبال شاهقة من جميع الاتجاهات، وتتخللها أودية من أشهرها وادي الحتاوي، وادي المجرة، وادي جيما، ووادي حتا، وسبق ذكرها في معجم البلدان لياقوت الحموي، واليوم توجد في المنطقة سدود لحفظ مياه الأمطار وأشهرها سد حتا.
وأضاف، أن الأسر في حتا أسر عريقة متمسكة بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة، التي تأصلت في تربيتها لأبنائها ونشأتهم معتزين بعروبتهم، ويسعى الإنسان في المنطقة لإثبات ذاته بالعلم أولاً والتمسك بالعادات والتقاليد المتجذرة في مجتمعة.
ومن معالم المنطقة الأبراج التي سميت بأسماء لأفراد أو لمواقع، مثل برج حتا الجنوبي، وبرج حتا الشمالي، وهما من أشهر الأبراج في المنطقة، وما زالت قائمة حتى اليوم، ومن الحصون هناك حصنان رئيسيان، هما حصن الجبل، وحصن الحارة، والأخير هو الأقدم، أما حصن الجبل فقد بناه محمد بن أحمد بن خلفان المايدي البدواوي، وتسمى الأفلاج في المنطقة بالأفلاج الداوودية، ربما نسبةً إلى النبي داوود عليه السلام.

وعددها تقريباً 7 أفلاج، منها داوودية ووفلج السوق (الصغير) وغيليه، موضحاً أن الأفلاج هي عبارة عن قنوات مائية ضخمة تحت الأرض، بنيت لغرض تنظيم اتجاه سير الأفلاج الفرعية وهي مازالت موجودة إلى الآن، ومن المساجد القديمة التي اشتهرت بها منطقة حتا، ثلاثة هي: مسجد الحيل، ومسجد الولاي ومسجد الشريعة وهو أشهرها، والذي يعود تاريخ بنائه لأكثر من 200 عام.
وحول تسمية حتا بهذا المسمى، قال البدواوي: تسمية حتا لها روايتان، أول رواية يقال إن الأجداد عندما جاؤوا إليها وجدوا الأفلاج فـ «حتوا فيها» بمعنى جلسوا فيها.
وهناك رواية أخرى تقول إن حتا هي أرض المستقبل كونها أرض خضراء وتحتوي على مياه وأفلاج.
وبين أنها كانت تسمى الحجرين حيث إن المنطقة الأكثر سكانية وفيها الحصون والقلاع ومسجد الجامع، كما أنها منطقة تجارية. 
وأكد البدواوي أن أسرة آل مكتوم الكريمة لعبت دوراً عظيماً في المنطقة، حيث تم بناء حتا الجديدة على يد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الذي كان على علاقة ودية مع كافة أبناء المنطقة، وكان يزورهم بشكل متواصل، كما بنى المساكن لأهالي المنطقة، وحفر الآبار، وأوصل لهم التيار الكهربائي ورصف الشوارع، وبنى مستشفى، وبنى له قصراً في المنطقة مازال قائماً حتى اليوم، ويُعد معلماً حضارياً للمنطقة.

وتابع خطواته المغفور له الشيخ مكتوم رحمه الله، واستمرت عملية التطوير للمنطقة، وصولاً إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي جعل من حتا منطقة متطورة، تضم العديد من المؤسسات الحكومية والخدمية، وجعل منها وجهة سياحية مهمة بعد أن أمر ببناء سد حتا الكبير، موضحاً أن المنطقة تشهد تطوراً جديداً يوماً بعد يوم، ويواكب تطويرها جنباً إلى جنب، أسوة بما يحدث في دبي المدينة المتميزة عالمياً في جميع نواحيها.
 وقال البدواوي: يتناول كتاب موسوعة حتا القديمة تاريخ المنطقة وتراثها، حيث يضم أبواباً كثيرة عن منطقة حتا بشكل عام، وحتا القديمة بشكل خاص، وتتناول الموسوعة البحث والتنقيب عن تاريخ المنطقة من قبل الحقبة الإسلامية وحتى عام 1980م، وترصد الحياة الاجتماعية والثقافية والتراثية والأسرية بحتا، وأنواع الأعشاب الطبية والطبيعية وطريقة العلاج بها، بالإضافة إلى أنواع الحرف القائمة عليها، كما تناولت أنواع وأصناف التمور والمصنوعات من سعف النخيل مثل «صرود ومكب وقفير ومشب» والمزروعات كافة، سواء من الخضراوات أو الفواكه، وأنواع الحيوانات التي تمت تربيتها من الإبل والخراف والماعز والأحصنة وأنواع مختلفة من الطيور. وأضاف: كما تناولت الموسوعة الحياة الأسرية وطريقة الزواج سابقاً وملابس النساء، وأنواع الحلي من «المرتعشة»، وملابس الرجال «الكندورة والبشت والعقال»، وامتدت عملية المسح الميداني قرابة عامين من الجهد والبحث المتواصل بشتى ميادين المنطقة، موضحاً أنه شارك في كتابة الموسوعة.

مشاريع مستقبلية 
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الشهر الماضي خطة تنموية جديدة وشاملة لتطوير منطقة حتا، تتضمن حزمة من المشاريع التي تخدم منطقة حتا وأهاليها وتلبي احتياجاتهم، وستركز المبادرات على أربعة محاور استراتيجية، هي: جودة الحياة، والسياحة، والرياضة والأنشطة، والاستدامة، وسيتم تنفيذها ضمن خطة خمسية لتطوير منطقة حتا كمرحلة أولى، وتنفيذ المشاريع والمبادرات وحوكمتها، وإطلاق برنامج اقتصادي سياحي لتنمية حتا ودعم مشاريع الشباب، وإطلاق مشروع شاطئ حتا، وتوفير فرص استثمارية.. للقطاع الخاص في المنطقة
تستهدف الخطة استكمال تنمية وتطوير حتَّا خلال العشرين عاماً القادمة، من خلال تعزيز عناصر جودة الحياة وفرص الاستثمار لأهالي حتا، ودعو السياحة المحلية وجذب الاستثمارات وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، والمحافظة على تراث وطبيعة حتا، وتعزيز السياحة والرياضة الجبلية في حتا، وتحويل المنطقة إلى وجهة سياحية بالمواءمة مع استراتيجية «أجمل شتاء في العالم» 
وتشمل توفير وتحسين كفاءة المرافق والخدمات العامة لأهالي وزوار حتا، وتطوير منظومة تنقل مستدامة تتضمن توفير حافلات مباشرة من دبي إلى حتا، مع تخصيص أماكن للدراجة الهوائية والسكوتر في الحافلة، وتقديم خدمة مشاركة الرحلات بالتعاون مع القطاع الخاص، وتوفير حافلات سياحية تقوم بجولة على المناطق السياحية والتراثية مثل وادي هب، وسد حتا، والقرية التراثية، وحديقة التل، وتوفير خدمة حافلات تحت الطلب للتنقل في حتا عبر التطبيق الذكي، وخدمة تأجير المركبات الذكية بالساعات إلى حتا، وتنفيذ خطة خمسية لتطوير مسارات الدراجات الهوائية والسكوتر 2022 - 2026 من خلال توفير شبكة مسارات تغطي كافة مناطق الجذب والمناطق السكنية لتصل إلى 120 كم، بالإضافة إلى تنفيذ أطول مسار جبلي للدراجات الجبلية في الدولة بمواصفات عالمية لإقامة المسابقات والفعاليات الدولية، وتوفير استراحات ومرافق خدمية متكاملة على امتداد المسارات الجبلية.

معالم متميزة 
تتميز حتا بمعالم جميلة وجاذبة، حيث تُعد حديقة النحل أول حديقة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، أنشئت الحديقة في منطقة حتا التابعة لمدينة دبي، تبلغ مساحتها نحو 16 ألف متر مربع بدعم من مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة. تقع بين الجبال والمزارع، وهي موطن طبيعي لأكثر من 100 ألف نحلة بدأت بـ10 خلايا منذ تسع سنوات، إلى أن ازدهرت لتضم الآن أكثر من 3000 خلية على امتداد مساحة الحديقة. ويتم العمل على تأسيس أول مدينه للعسل والنحل الطبيعي، خلال عام ونصف العام، لجعل الإمارات مركزاً عالمياً في إنتاج العسل الطبيعي ذي الجودة العالية. وتُعد الحديقة موقعاً تعليمياً وترفيهياً يدعم السياحة البيئية ويركز على مسألة الأمن الغذائي واستدامة قطاع النحل في الدولة، وتتضمن معهداً لتدريب النحّالين المحترفين والهواة لتعريفهم بفنون تربية نحل العسل، كما يتيح للجمهور التعرف إلى كل ما يتعلق بتربية النحل، والإسهام في تعريف الأجيال بدور النحل وأهميته في البيئة وكيفية جمع العسل، وأهم الأشجار الإماراتية المنتجة للعسل كالسدر أو السمر والغاف.
وتهدف الحديقة إلى تعريف الجمهور بالعسل وأنواعه وسلالاته وصولاً إلى كيفية إنتاج العسل ومشتقاته، وجاءت فكرة الحديقة من الرغبة في رفع الوعي لدى الجمهور من مختلف الجنسيات، وتغيير تفكيرهم ونشر ثقافة الإنتاجية، وربط الناس بالنحلة، والتعريف بدور النحل في مجال السياحة البيئية، ومساهمته في الاستدامة وتنمية القطاع الزراعي في الدولة وكيفية تربية اليرقات منذ الصغر إلى أن تصبح ملكة كبيرة في الخلية، وطرق إنتاج الغذاء الملكي، وتثقيف الأجيال في مجال إدارة المناحل.

«حتا التراثية»
توفر القرية التراثية في المدينة منصة بصرية للتعرف إلى المدينة منذ مئات السنين، إبان فترة القلاع والحصون في الدولة، وقد افتتحت في عام 2001 بعد ترميم المنطقة وإعادة بنائها من جديد لتصبح متحفاً ومعلماً سياحياً جاذباً، انطلاقاً من حرص إمارة دبي الدائم في المحافظة على المعالم الأثرية العريقة.
وتقع القرية في قلب المدينة وتطل على جبلين كانا يسميان قديماً الحجرين، ومزارع يخترقها فلج ماء، وتضم 30 مبنى قديماً، بالإضافة إلى محال لبيع المقتنيات التراثية.

وادي القحفي
يشتهر وادي القحفي الذي يبلغ طوله 155 كلم، باستقطابه أعداداً كبيرة من الزوار على مدار العام، إذ يعتبر من أهم المعالم السياحية التي تصل بين منطقة حتا وسلطنة عُمان، فهو يتميز بجريان مياهه الدائم بين الجبال الشاهقة طيلة أيام السنة.

السد
يتميز سد حتا بأجوائه التي ستدفعك للجلوس والاسترخاء للاستمتاع بالأجواء الطبيعية والهواء العليل، إذ يضم السد بحيرة تعتبر مقصداً لممارسة الأنشطة المائية، بالإضافة إلى الأودية.
وتشكل بحيرة سد المدينة مقصداً لهواة المغامرة لوفرة الأنشطة الرياضية، إذ تعتبر من أبرز أماكن ممارسة رياضة الكاياك. كما تستقطب المنطقة محبي التخييم، وتعتبر المكان الأمثل لممارسة رياضة الإبحار، وتشتهر المدينة باهتمامها بجوانب الزراعة في الإمارات، حيث تضم عدداً من المزارع التي تساهم في إنتاج مجموعة من المحاصيل الزراعية أهمها مختلف أنواع الرطب والتمور.

حدائق
تعتبر حديقتا الوادي والتلة في المدينة من أبرز المعالم السياحية الجاذبة لجميع أفراد الأسرة، وتعتبران المقصد الأول للعائلات للتنزه وللعب وممارسة الرياضة، ومن ضمن النشاطات في حتا مسارات المشي الجبلية، وركوب الدراجات على الطرق الجبلية، وعبور بحيرة حتا في قوارب الكاياك، التخييم في أحضان الطبيعة، تسلق الجبال، زيارة المواقع التاريخية، استكشاف المدينة سيراً على الأقدام، تناول المأكولات التقليدية والمعاصرة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©