الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

السنغال.. ماضٍ يستكشف المستقبل

السنغال.. ماضٍ يستكشف المستقبل
7 أكتوبر 2021 01:22

 محمد المنى (أبوظبي)

تستند مشاركة السنغال في «إكسبو 2020 دبي» إلى خبرة عمرها 35 عاماً من المشاركة في المعارض الدولية على اختلافها، حيث بدأت تسجيل حضورها في مثل هذه الأنشطة العالمية منذ عام 1986، وشاركت بصفة خاصة في النسخ الأربع الأخيرة من إكسبو في هانوفر بألمانيا عام 2000 وفي آيتشي باليابان عام 2005 وفي شانغهاي بالصين عام 2010 وفي ميلانو بإيطاليا عام 2015، وهي النسخة التي حرص الرئيس السنغالي على حضورها وتفقد جناح بلاده، والذي كان منظماً تحت عنوان «تحديات الأمن الغذائي والتنمية المستدامة»، واستطاع تقديم السنغال من خلال الحِرَف والفنون والأنماط الثقافية المختلفة التي تزخر بها.
وجناح السنغال في «إكسبو» من الأجنحة التي لا ينبغي تفويت الفرصة لزيارتها واستكشاف ما تقدمه من معروضات ومرئيات، لأهمية ما يتحدث عنه من مشاريع وإنجازات وما يناقشه من رؤى وأفكار وما يعرضه من فنون وتقاليد وإبداعات. فلدى هذا الجناح الكثير لتقديمه وعرضه حول ماضي السنغال وحاضرها وطموحاتها المستقبلية الواسعة.
يعود جانب كبير من النجاح الذي أحرزته السنغال خلال النسخة السابقة من إكسبو إلى ما اتصف به مفوضها في ميلانو من ديناميكية وتنظيم. إنه الشاب مالك ديوب، العمدة السابق والدكتور الصيدلاني والمدير العام لوكالة ترويج الصادرات السنغالية، والذي هو نفسه مفوض السنغال أيضاً في إكسبو 2020 دبي. لقد بدأ ديوب وفريقه تحركاتهم النشطة منذ وقت مبكر من أجل ضمان أفضل تمثيل لبلدهم في إكسبو دبي. وفي سبيل ذلك نظم مئات اللقاء والزيارات والرحلات، وقدّم الكثير من الشروح واستمع إلى كثير من الآراء والمقترحات، والتقى بمعظم المسؤولين التنفيذيين والبرلمانيين والمنتخبين المحليين، وبالتجار والمستثمرين والمصنعين ورجال الأعمال والاتحادات المهنية والوجوه الثقافية والفنية والعلمية. كما سافر عدة مرات إلى دبي، حيث نظم الكثير من اللقاءات والاجتماعات أيضاً، ووقف بنفسه على أعمال إنشاء الجناح السنغالي، وتناقش مع أعضاء فريقه وجميع المعنيين حول كل التفاصيل التي من شأنها جعلَ الجناح عاكساً لشخصية السنغال ومعبراً عن طموحاتها المستقبلية في كل المجالات.

  • الدكتور مالك ديوب
    الدكتور مالك ديوب

 ويؤمن الدكتور ديوب إيماناً قوياً بأهمية العمل الجماعي في مواجهة الأزمات التي تهدد المجتمع العالمي، لذا شدد خلال الاجتماع الذي عقدته عن بعد لجنة تسيير إكسبو دبي مع ممثلي الدول المشاركة في الحدث الدولي، في مارس 2020، لمناقشة أثر جائحة كوفيد-19 على استعدادات العالم لـ«إكسبو 2020»، على تطلعه إلى رؤية هذا الحدث كفعالية كونية مهمة لصالح البشرية ككل. وقال: «بوسعنا أن نرى أفضل ما لدى الإنسانية في أنحاء العالم، حيث يعمل الناس معاً من أجل إنقاذ الأرواح واحتواء هذا الفيروس، فإكسبو الدولي يتمحور حول أفضل ما تستطيع الإنسانية تقديمه. ونحن نتطلع إلى الالتقاء في دبي عندما تصبح الظروف مناسبة للاحتفال بما أثق في أنه سيكون حدثاً دولياً لا مثيل له».
 وليست نظرة ديوب الإيجابية والمتفائلة إلا جزءاً من نظرة السنغال إلى ذاتها، أي إلى ما حققته وما تطمح إليه وتنوي إنجازه في المستقبل، خاصة في بعض المجالات الحيوية مثل الاستثمار والبنية التحتية والطاقة النظيفة.
 وتعد السنغال إحدى الدول الأفريقية ذات المستقبل الواعد في عالم المال والأعمال والاستثمار، بالنظر لموقعها المتميز على المحيط الأطلسي وعلى الضفة الجنوبية لنهر السنغال، وهي مقبلة على التوسع في العديد من الأنشطة الاقتصادية، خاصة مع بدء استخراج الغاز الطبيعي المنتظر في عام 2022 من حقوله البحرية المشتركة مع موريتانيا. 
وقد حققت السنغال معدلات نمو مرتفعة وسريعة خلال السنوات الماضية، مما جعلها تحتل المركز الخامس بين دول جنوب الصحراء الكبرى في ممارسة أنشطة الأعمال، وتأتي ضمن أفضل عشر دول أفريقية في مجال الاستثمار. وتعد السنغال واحدة من أفضل دول المنطقة للاستثمار الزراعي، إذ بفضل مناخها المداري وأحواضها النهرية تتمتع بمحاصيل زراعية متنوعة تشكل نسبة مهمةً في هيكل الناتج المحلي الإجمالي. وإلى ذلك فهي تمتلك بعض الصناعات الغذائية والتعدينية والتحويلية، بما فيها الإسمنت والأسمدة الاصطناعية والقطن والنسيج والأقمشة والفوسفات والكاليسيوم، وبعض الصناعات الكيماوية، وصناعات تكرير البترول المستورد. 
ومن أكثر المجالات التي تنطوي على فرص واعدة للاستثمار في السنغال، مجال النقل والتخزين والخدمات اللوجستية، إذ تقوم السنغال بإنجاز مشاريع كبيرة لإعادة تأهيل وتحديث نظام سككها الحديدية، بما في ذلك تجديد خط سكة حديد داكار باماكو (1286 كم) لتحسين الاتصال بين البلدين الجارين (السنغال ومالي)، وقطار داكار الإقليمي السريع (55 كم) لربط العاصمة السنغالية بمطار دكار الدولي «بليز ديانج» إلى الجنوب الشرقي من العاصمة، والذي افتتح في عام 2017 ليحل محل مطار ليوبولد سيدار سينغور الدولي.

  • الدكتور مالك ديوب مع وزيرة السياحة السنغالية يتفقدان جناح السنغال	 في إكسبو 2020 دبي
    الدكتور مالك ديوب مع وزيرة السياحة السنغالية يتفقدان جناح السنغال في إكسبو 2020 دبي

 كما تقدم مجالات أخرى، مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإنشاءات والصناعات الثقيلة والبنوك وصناعة التمويل.. فرصاً جيدةً للاستثمار في السنغال. أما أفضل مجالات الاستثمار مستقبلاً في السنغال فهي مجال الطاقات المتجددة، أي طاقات الشمس والرياح والماء التي تتوفر عليها السنغال بكثرة، ويمكن لمشاريعها الجديدة لعب دور محوري في تنمية الاقتصادات المستدامة التي أصبحت محط اهتمام لمختلف دول العالم. 
 وأبدت السنغال منذ سنوات اهتماماً متزايداً بالطاقات البديلة، أي طاقات الشمس والرياح والماء. كما تحولت مشاريع الطاقة المتجددة إلى مركز جذب للمستثمرين المحتملين إلى السنغال، مما يمنح البلاد مزيداً من الفرص لزيادة نصيب الطاقة المستدامة، بل إن السنغال في وقتنا الحالي -وفقاً للبنك الدولي- تعد موطناً لـ«أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في غرب أفريقيا»، مع العديد من أنظمة الطاقة الشمسية الخاصة المثبتة في المنازل. 
ولدى الجناح السنغالي في معرض إكسبو 2020 مهام تعريفية أخرى، مثل الترويج لدورة الألعاب الأولمبية للشباب التي ستقام في دكار عام 2026، إذ فازت السنغال بتنظيم أولمبياد الشباب لتكون أول دولة أفريقية تستضيف حدثاً أولمبياً. ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية للشباب عام 2026 هي النسخة الرابعة من الألعاب الأولمبية للشباب، وستكون أول حدث أولمبي يقام في أفريقيا، وكان من المقرر إقامتها في عام 2022، لكنها تأجلت عقب تأجيل الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا.
 وفي الجناح السنغالي سيقدم «باليه السنغال» عرضاً مفعماً بالطاقة والإيقاعات القوية، عاكساً العمق الثقافي لهذا البلد الرائع ومبرزاً انفتاحه على العالم. وتعرف فرقة «باليه السنغال» أيضاً باسم «لينغور»، وتعني بلغتَي الولوف والسّرَير «أم الملك» أو «أخت الأمير»، وهي تسمية تعود إلى عهود ممالك كايور وديولوف وباو ووالو في بلاد السنغال القديمة. وقد تكوَّنت الفرقة مع استقلال البلاد عام 1960، وقدّمت مئات العروض وشاركت في عشرات المهرجانات، واشتهرت بعد نيلها الجائزة الكبرى لمهرجان قرطاج عام 1970، ثم جولتها الطويلة في الولايات المتحدة عام 1998 حيث أثبتت نفسها كسفير لأصالة أفريقيا الخالدة، واستطاعت بأزيائها وأغانيها ورقصاتها وإيقاعاتها إثارة حماس الجمهور في كل مكان. ولا تزال «لينغور» تواصل استعادة التقاليد الفنية الأفريقية القديمة، لاسيما رقصات الاحتفالات الطقوسية وتعابيرها النابعة من ثقافة القرية والغابة والأدغال بطابعها الأفريقي المميز، واستكشاف أشكال جديدة للرقص والإيقاع، مع الحفاظ على الهوية الفنية الأفريقية وروحها الأصيلة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©