عدد اليوم
شروق عوض (دبي)
عبر معرض «إكسبو 2020 دبي»، بعثت دولة الإمارات العربية المتحدة برسالة إنسانية سامية المعنى أبهرت العالم أجمع منذ اليوم الأول لافتتاحه أمام الزوار، تؤكد بأنّ القوى العاملة التي بنيت بسواعدها موقع هذا الحدث العالمي، لم يتم إغفالها أو تهميشها أبداً، وإنما تصدرت بالدرجة الأولى المشهد الافتتاحي للحدث، وحظيت بتكريم غير مسبوق مع إزاحة الستار عن النصب التذكاري لعمال المعرض، باعتبار هذا التكريم الإماراتي لهذه الفئة الحدث الأضخم، وحظي بتقدير وإعجاب الكثير من المشاركين وزوار إكسبو 2020 دبي، ولم يغفل التكريم أياً من مئتي ألف عامل شاركوا في بنائه بسواعدهم وعرق جبينهم وتضحياتهم الجسام ما يشير إلى امتنان وشكر وتقدير دولة الإمارات للجهود الجبارة التي بذلوها.
يضم النصب التذكاري، الذي صممه المعماري الشهير آصف خان أعمدة حجرية أسطوانية الشكل نُقش عليها اسم كل عامل من العمّال، وهي مستلهمة من مراحل القمر، وتشير إلى علم رسم الخرائط، والدقة الهندسية في الأسطُرلاب، وهي آلة فلكية قديمة كان العرب يطلقون عليها اسم ذات الصفائح. وتمتد سلسلة الأعمدة، المقتطع كل منها من حجر واحد، على طول الممر الرئيس لحديقة اليوبيل في إكسبو 2020 دبي، وسيزورها الملايين من أنحاء العالم، حيث تجسد هذه الأعمدة روح التعاون الراسخة في دولة الإمارات، وتعزز رؤية إكسبو 2020 دبي وجوهره، إذ يمثل أول حدث دولي بهذا الحجم منذ ظهور جائحة كوفيد-19.
ومنذ وضع حجر الأساس لبناء موقع إكسبو 2020 في عام 2015، أكملت القوى العاملة أكثر من 240 مليون ساعة عمل، محولةً ما كان في السابق صحراء رملية إلى موقع إكسبو 2020 دبي على صورته المبهرة الحالية، وهو مدينة مستقبلية عالمية المستوى ومحور رئيس في خطة دبي الحضرية 2040. وأعد إكسبو 2020 دبي أيضاً «سلسلة صور العمّال الشخصية»، التي تشمل صوراً مميزة تجسد تنوع القوى العاملة في الحدث الدولي وروحها، وتكمّلها اقتباسات ملهمة لبعض أفراد القوى العاملة، وهو ما يسلط الضوء على إنجازات هؤلاء العمّال وتطلعهم للمستقبل. وستُعرض هذه الصور في فترة انعقاد إكسبو 2020 دبي على الشاشات الرقمية في المساحات العامة، حيث سيشاهدها زوار من أنحاء العالم.. وتُعرضُ أيضاً باقة منتقاة في معرض الصور في مركز إكسبو الإعلامي طيلة فترة انعقاد الحدث الدولي. تأتي هذه السلسلة بعد المعرض السمعي البصري للعام 2017، الذي قدم قصص عمّال إكسبو 2020 دبي المسرودة بلغاتهم الخاصة.
مصمم النصب التذكاري محاضر عالمي
آصف خان، مصمم النصب التذكاري يعمل على تصميم متحف لندن الجديد في ويست سميثفيلد، ومركز تسيليني للثقافة المعاصرة في ألماتي، وصمم جناح المملكة المتحدة في «إكسبو 2017 أستانا»، وجناح هيونداي في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2018 في بيونغ تشانغ. وتشمل أبرز أعماله السابقة جناح «وجوه عملاقة» في دورة سوتشي للألعاب الأولمبية الشتوية 2014، الذي فاز بجائزة كان ليون الكبرى للابتكار، ومشروع كوكاكولا بيتبوكس في أولمبياد لندن 2012. كما بلغ عمله المقدم في المسابقة الدولية لمتحف غوغنهايم الجديد في هلسنكي المرحلة النهائية ضمن 1700 تصميم مخفي الهوية، وجناح الصيف في معرض سربنتين في صيف 2016. ويحاضر آصف خان في جميع أنحاء العالم، وهو عضو في مجلس أمناء متحف التصميم. وحصل عام 2017 على وسام الإمبراطورية البريطانية اعترافاً بخدماته في مجال الهندسة المعمارية، كما حصل الأستوديو على جائزة «مهندس العام» المقدمة من قبل مجلس التصميم الألماني في عام 2018.
تدريب 35 ألف عامل
تلقّى التدريبَ خلال مراحل تشييد إكسبو أكثر من 35 ألفاً من العمال، و3000 من المشرفين، و2000 من كبار القادة والمديرين، الذين سيتمكنون جميعاً من توظيف المعارف المكتسبة في أدوارهم اللاحقة. وبينما يُشكل مفهوم «التقنية لصالح الخير» إحدى القيم الأساسية في إكسبو 2020 دبي، فقد اشتملت ركيزة التقدم المتواصل لاستراتيجية «معاً أفضل» على برنامج «رفاهية العمّال» الطموح في إكسبو 2020 دبي.. وفي إطار المرحلة التجريبية للبرنامج، وُزّعت أجهزة «ووب» القابلة للارتداء على العمّال، بهدف تعزيز الرعاية الصحية الوقائية، وهو ما يُسهم في قيادة الحوار العالمي بشأن سُبُل استخدام التقنية للتأسيس لبيئة عمل أكثر أمناً في مواقع البناء في أنحاء العالم.
العمال: الإمارات وطننا الثاني
أعرب عدد من العمال المكرمين والمذكورة أسماؤهم على النصب التذكاري لمعرض إكسبو 2020 دبي، عن فرحهم بهذا التكريم، معتبرين أنه مؤشر واضح على تقديرهم من قبل قيادة وحكومة وشعب الإمارات التي اعتبروها دولتهم الثانية بعد وطنهم الأم. وأشار العامل سيلفا كومار، هندي الجنسية، إلى سعادته بقراءة اسمه بين أسماء بقية زملائه المكرمين في أعمدة النصب التذكاري لإكسبو، مشيراًً إلى أن خطوة تكريمه ليست بجديدة على دولة الإمارات باعتبارها واحدة من ضمن مبادئها الإنسانية، حيث لم يشعر طوال عمله في الدولة لمدة 6 سنوات في شركة للمقاولات والإنشاءات، سنتان منها في العمل بموقع معرض إكسبو، بأي من معالم الاضطهاد لحقوقه، وإنما كان وما زال يعمل في بيئة عمل آمنة ومستقرة وصحية معنوياً وجسدياً، مشيراً إلى أن معظم أبناء جلدته في السكن الموفر لهم من قبل المنشأة التي يعملون فيها، يشعرون بذات المشاعر، ويعترفون بنيل مختلف سبل الرعاية الصحية والجسدية والمعيشية في آن واحد.
كذلك الأمر بالنسبة إلى العامل محمد امتياز، هندي الجنسية، الذي عبر عن سروره وامتنانه لقراءة اسمه ضمن العديد من الأسماء على النصب التذكاري لعمال إكسبو، لافتاً إلى أن التكريم يحثه على بذل المزيد من الجهد والعطاء في عمله، مؤكداً أن هذا التكريم يزيد من الحماس والرغبة في العمل.
وأشار إلى أنه طوال عمله الممتد لسنتين في موقع معرض إكسبو 2020 دبي، لم يشعر بأي مشاعر سلبية بل على العكس كانت إيجابية جداً واتسمت بيئة العمل بالراحة النفسية والجسدية في آن واحد، وهو مؤشر على استمراره بالعمل في أركان موقع المعرض.
ضيوف إكسبو: لفتة رائعة من وطن التسامح
أكد عدد من أبناء الجنسيات المقيمة على أرض دولة الإمارات، ممن زاروا المعرض، أن الإمارات تعد أكثر الدول أمناً وحماية لحقوق كل من يعيش على أرضها، فما بالكم بفئة العمالة، لافتين إلى أن مبادرة الإمارات بإنشاء نصب تذكاري للعمال الذين شاركوا في بناء موقع إكسبو 2020 دبي، تعد تجسيداً لمسيرة الرعاية والاهتمام التي يحظى بها العمال في الدولة منذ عقود.
وأوضحوا، أن تلك اللفتة الجميلة من جانب الإمارات، تؤكد على سجلها الناصع في صون حقوق الإنسان وتوفير الحياة الكريمة لكافة المقيمين من أبناء 200 جنسية على أرضها بشكل عام والقوى العاملة بشكل خاص. ومن هؤلاء، قال غالالي رشيد، فرنسي: «طوال فترة إقامتي على أرض دولة الإمارات لم أشعر بأي تمييز تجاه فئة العمالة، حيث أولت الدولة عناية خاصة بهذه الفئة، وأن النصب التذكاري في المعرض، مؤشر على أن بيئة العمل في الدولة تعد أكثر أمناً وأماناً من أيّ مكان آخر. وأشار إلى أن تكريم دولة الإمارات لعمال إكسبو، يعد خطوة غير مسبوقة لم يسبق أن قامت بها أي دولة من قبل، وليس الأمر جديداً على الإمارات التي اشتهرت بأسبقيتها في كل شيء وكان آخرها تكريم العمال في معرض يعد الحدث الأبرز على مستوى دول العالم، مؤكداً أن خطوة التكريم تؤكد التزام الدولة بالقيم الإنسانية والمحافظة عليها في التعامل مع أكثر الفئات المستضعفة في العالم ألا وهي فئة عمالة لم يحالفها الحظ في حياة كريمة ويدفعها الفقر لطرق أبواب الرزق حيثما تأتّى لها ذلك. وأكدت لايتشا راسل، استرالية الجنسية، على أنها طوال سنوات أقامتها في الدولة لم تسمع أو تشاهد أية إجراءات تعسفية بحق كل فئات المجتمع بشكل عام وفئة العمالة بشكل خاص، مشيرة إلى شعورها بالفخر والفرح نتيجة إقامتها في دولة اشتهرت بإنسانيتها في المحافل الدولية بشكل عام والمحلية على وجه الخصوص.
