عدد اليوم
د. شريف عرفة
كنت أتنزه في واحد من مماشي دبي، حين وجدت السماء تضيء باستعراض ثلاثي الأبعاد لطائرات درون مضيئة بألوان مبهجة.. كان عرضا مدهشاً غير متوقع، سرعان ما أخرج السياح من حولي هواتفهم المحمولة لتصويره.
بعد عدة شهور، وأنا أتصفح السوشيال ميديا، وجدت فيديو لاستعراض مشابه، والناس يعلقون عليه ويتشاركونه بينهم في دهشة وانبهار، لكني لم أشاركهم هذا الشعور بطبيعة الحال! موقف كهذا سوف تعتاده إن كنت تعيش في الإمارات أو تزورها بانتظام.. لن يصبح من السهل إبهارك.. ستعتاد رؤية اللوحة المعدنية لموسوعة جينيس، أو إنهاء المعاملات الحكومية المعقدة بتطبيق هاتف، أو عبور الجوازات ببصمة العين دون توقف.. التقدم والتحسين المستمر هو نمط الحياة..
هذه مقدمة لابد منها، كي أوضح لك -عزيزي القارئ- سر شغفي بالإكسبو واهتمامي بزيارته.. فإن كان هذا هو الوضع الطبيعي في الإمارات، فماذا عن مشروع عالمي عملاق تستضيفه الدولة للمرة الأولى وتوليه كل هذا القدر من الاهتمام؟
عقل العالم
إكسبو معرض عالمي يجتمع فيه صناع العلم والتصميم والصناعة لاستعراض آخر إنجازاتهم التي تهدف لتحسين جودة حياة البشر والحفاظ على الكوكب.. فهي وجهة ترفيهية مميزة لو كنت تسعى لرؤية ما يبهرك، ووجبة ثقافية دسمة لو كنت تحب مطالعة الجديد.. ومن ضمن الفعاليات، هناك ما يزيد السعادة وجودة الحياة.. عن طريق الفن والعلم.
- عمارة الإبهار
أنت الآن تدخل منطقة الإكسبو..المكان يورث فيك الشعور بالدهشة والانبهار.. مدينة كاملة تم إنشاءها لاستضافة هذا الحدث بكل ما تحمله من جماليات بصرية.. ترى تصميم الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة المستوحى من شكل صقر مستعد للتحليق (من ابتكار المهندس المعماري سانتياغو كالاترافا).. وفي ساحة الوصل، تجد أكبر شاشة عرض في العالم بزاوية 360 درجة (أي من حولك في جميع الاتجاهات).. إنها من الضخامة لدرجة أن اتساعها يوازي المسافة بين جناحي طائرة إيرباص A380s العملاقة (من ابتكار شركة آدريان سميث وغوردون جيل المعمارية) وهي الساحة التي ستشهد أيضا «عرضا مذهلا لكائنات جميلة مغمورة في الضوء» كما تؤكد إدارة المعرض!
- أوركسترا الروبوتات
هل استمعت للأغنية الرسمية للإكسبو؟ إن لم تكن سمعت أغنية «هذا وقتنا» فأنصحك بذلك! ..
يحتفي إكسبو بالفنون ودورها في تعزيز حالتنا النفسية.. حيث يمكنك الاستمتاع باحتفالات اليوم الوطني، وحفلات الأوبرا، وعروض نجوم الصف الأول، بالإضافة إلى حفل موسيقي لمقطوعات بيتهوفن تعزفها فرقة من الروبوتات (يوميا على المسرح المدرج بجناح ألمانيا) كما أن تجربة الطعام ليست عادية هي الأخرى.. إذ لا يقتصر الأمر على ما سيقدمه الطهاة المحترفون، بل سيتم أيضا استعراض 30 فكرة في مطبخ سحابي حديث، ووجبات يتم إعدادها عن طريق الروبوتات، بالإضافة إلى 150 روبوتا مخصص لخدمة زوار المعرض.
- علوم السعادة
يضم المعرض كذلك وجبة ثقافية دسمة تدعى «أسابيع الموضوعات».. فعلى مدار عشرة أسابيع، يمكنك حضور جلسات حوارية لمجموعة من أبرز الخبراء والمتخصصين في مجالاتهم..كل أسبوع يشمل موضوعا محددا.. وإذا كنت مهتما بالسعادة وتحسين جودة الحياة، فلا تفوت فعاليات الأسبوعين، الرابع والثامن.. لأنها تشمل ما يلي:
الأسبوع الرابع: التعايش والاحتواء
( من 14 - 20 نوفمبر 2021)
كيف يمكن تعزيز الفهم المشترك وخلق مجتمعات أكثر احتواء لاختلافاتنا؟
يتناول هذا الأسبوع جلسات تسلط الضوء على قيمة الاختلاف، أهمية التعايش المشترك والتفاهم بين الأديان، وكيفية خلق حوار شامل يهدف لمصلحة الجميع.. والفرص التي تواجهنا في عرض وتقبل وجهات النظر المتنوعة.. باعتبار التعايش المشترك هو هو الضمان الوحيد لمستقبل مشرق للبشرية، بدلا من أن تنهيها النزاعات.
أسبوع الثامن:الصحة واللياقة
(27 يناير - 2 فبراير 2022)
كيف نبني عالم أكثر صحة وسعادة؟
يتناول هذا الأسبوع موضوعات شيقة، مثل كيفية تصميم مدن أكثر صحة ومجتمعات أكثر سعادة.. هناك جلسة نقاشية مثلا تتحدث عن موضوع يهمنا جميعا، هو كيفية إحداث التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية (يوم 30 يناير 2022) يناقش فيه الشباب وقادة الفكر، ما إذا كان يجب على أصحاب العمل تضمين صحة وسعادة الموظفين في سياسة الشركة، بما في ذلك إدراج الحسن الحال (الرفاه) كمؤشر أداء رئيسي.
حكايات عن التكنولوجيا
منذ سنوات قليلة، كانت تبهرنا حكايات عن التكنولوجيا والتقدم والتطور الذي يحدث في دول أخرى..
إلا أن هذه الحكايات لم تعد تدهشنا بنفس القدر.. بعد أن أصبح وقع كلمة «الإمارات» يستحضر في الأذهان التقدم والتقنية وجودة الخدمات ورغد العيش، ما جعلها وجهة لعقول العالم.
