الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التسامح.. أسلوب حياة في الإمارات

التسامح.. أسلوب حياة في الإمارات
19 سبتمبر 2021 01:24

إبراهيم سليم (أبوظبي)

عززت الإمارات موقعها الريادي عالمياً بتبنيها منظومة القيم، وذلك منذ نشأة الدولة، التي قامت على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية، ودعمت تلك المبادئ بحزمة من القوانين والتشريعات الكفيلة بضمان تلك التوجهات، حتى أصبحت الإمارات رمزاً وعاصمة للتسامح في العالم، إذ كفلت قوانين دولة الإمارات للجميع العدل والاحترام والمساواة، وجرمت الكراهية والعصبية، وأسباب الفرقة والاختلاف، كما تم اعتماد مادة التربية الأخلاقية التي يتم تدريسها في مدارس الدولة.
وتأكيداً لهذه القيم باعتبارها امتداداً لنهج المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، «طيب الله ثراه»، اتخذت العديد من المبادرات، ومنها: تخصيص عام 2019 عاماً للتسامح، والذي توج في فبراير من 2019 باللقاء التاريخي الذي جمع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وأخيه قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، والتي تعد الأولى من نوعها إذ اختار الرمزان الدينيان الكبيران أرض الإمارات تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لعقد قمة تاريخية في «لقاء الأخوة الإنسانية» والتباحث في سبل تعزيز التعايش بين الأديان والعقائد المختلفة.

دستور جديد
وأسفر اللقاء عن التوقيع على «وثيقة الأخوة الإنسانية» من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، حيث وضعت إطاراً لدستور عالمي جديد يرسم خريطة طريق للبشرية نحو عالم متسامح، وتضمنت 12 بنداً ونص البند الأول على أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، على سبيل المثال، حظي هذا اللقاء والوثيقة باهتمام وترحيب عالميين، وبناءً عليه اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع بأن يوم 4 فبراير هو «اليوم الدولي للأخوة الإنسانية»، ضمن مبادرة قدمتها الإمارات وعدد من الدول العربية. وتم تشكيل «اللجنة العليا للأخوة الإنسانية» لتحقيق أهداف وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها بابا الكنيسة الكاثوليكية البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، بأبوظبي في فبراير 2019، بهدف تفعيل بنود الوثيقة، ومتابعة تنفيذها على المستويات الإقليمية والدولية.

خطط وبرامج
وتتولى اللجنة وضع إطار عمل للمرحلة المقبلة لضمان تحقيق أهداف الإعلان العالمي للأخوة الإنسانية، والعمل على إعداد الخطط والبرامج، والمبادرات اللازمة لتفعيل بنود الوثيقة، ومتابعة تنفيذها على المستويات الإقليمية والدولية كافة، وعقد اللقاءات الدولية مع القادة والزعماء الدينيين، ورؤساء المنظمات العالمية، والشخصيات المعنية لرعاية ودعم ونشر الفكرة التي ولدت من أجلها الوثيقة التاريخية، من أجل السلام العالمي والعيش المشترك.
وتم الإعلان عن بناء «بيت العائلة الإبراهيمية» ليجسد حالة التعايش السلمي وواقع التآخي الإنساني الذي تعيشه مختلف الأعراق والجنسيات من العقائد والأديان المتعددة في دولة الإمارات، ويضم «بيت العائلة الإبراهيمية» في جزيرة السعديات، كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات. 

محطات رئيسة
كما قامت الإمارات بإنشاء وزارة للتسامح ليس لها نظير عالمياً، حتى الآن، وإنشاء جسر التسامح في دبي ومسجد مريم أم عيسى في أبوظبي، واحتضان المبادرات التي تعزز تلك القيم، وتعد الإمارات حاضنة للقيم بشكل عام ومنها التسامح والاعتدال وتقبل الآخر، وتضم دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية، ينعم أفرادها بالحياة الكريمة والاحترام والمساواة، كما تعتبر دولة الإمارات شريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، وأصبحت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة. وأطلقت الدولة البرنامج الوطني للتسامح، وشرعت قانون مكافحة التمييز والكراهية، وأسست عدة مراكز لمكافحة التطرف والإرهاب، وتفصيلاً ورصداً لأبرز الخطوات التي انتهجتها القيادة الرشيدة لترسيخ موقعها الريادي، في فبراير 2016، تم استحداث وزارة للتسامح لأول مرة في دولة الإمارات والعالم.
وفي 8 يونيو 2016، اعتمد مجلس الوزراء البرنامج الوطني للتسامح الذي هدف إلى استدامة قيم التسامح واحترام التعددية والقبول بالآخر فكرياً وثقافياً ودينياً وطائفياً من جهة، مع نبذ العنف والعصبية والتمييز والكراهية من جهة أخرى. واستند البرنامج الوطني للتسامح على سبعة أسس تمد مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة بقيم التسامح، هي: الإسلام، والدستور الإماراتي، وإرث زايد، والأخلاق الإماراتية، والمواثيق الدولية، والآثار والتاريخ، والفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة.

تعزيز التعايش
واتخذت الدولة إجراءات عدة لتعزيز جهودها في تحقيق التعايش، منها إجراءات قانونية تشريعية، وإجراءات دينية ثقافية، وإجراءات إعلامية اجتماعية، ففي عام 2006، أصدرت «قانون التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية»، إضافة إلى تشكيل «اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب» في عام 2009، وفي عام 2013 تم إِنْشاء «مركز هداية الدولي للتَّمَيز في مُكافحة التَّطَرُّفِ العَنيف»، وهو أول مؤسسة بحثية تطبيقية مستقلة داعمة للحوار والبحث والتدريب لمكافحة التطرف.

 مكافحة التمييز والكراهية والجرائم الإرهابية
 وفي عام 2014 تم إِصْدار «قانون مُكافَحَة الجرائِم الإرْهابية»، بينما شهد العام 2015 إصدار «قانون مُكافَحَةِ التَّمْييزِ والكراهية»، والذي اشتمل على مواد تضمن المساواة بين أفراد المجتمع، وتجرم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو المذهب أو العرق أو اللون أو الأصل، ففي يوليو 2015، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مرسوماً بقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، ويهدف القانون إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية، ويقضي القانون بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة أشكال التمييز كافة، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. كما لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير لإتيان أي قول أو عمل من شأنه التحريض على ازدراء الأديان أو المساس بها، بما يخالف أحكام هذا المرسوم بقانون، ويحظر قانون مكافحة التمييز والكراهية التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين، أو العقيدة، أو المذهب، أو الملة، أو الطائفة، أو العرق، أو اللون، أو الأصل. كما جرم القانون كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات، أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال نشره على شبكة المعلومات، أو المواقع الإلكترونية، أو المواد الصناعية، أو وسائل تقنية المعلومات، أو أية وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية، وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول، أو الكتابة، أو الرسم.

هيئات ومؤسسات دولية معززة للقيم
أسست الدولة في يوليو 2014 «مجلس حكماء المسلمين»، وهو هيئة دولية مستقلة تهدف إلى تعزيز السلم في العالم الإسلامي، واحتضان الدولة منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة للأعوام 2014، و2015، و2016 و2017,2018,2019,2020، ويستعد لاحتضان الدورة الثامنة. كما تم تأسيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة عام 2018، انطلاقاً من الرسالة الحضارية لدولة الإمارات الهادفة إلى نشر ثقافة السلم لتحقيق الأمن المجتمعي، واستلهاماً لمبادراتها الدولية الرائدة في مجال ترسيخ قيم العيش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم، ويعمل المجلس على تعزيز قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء للوطن ونشرها مع نبذ التعصب الديني والكراهية للآخر. وفي 21 يونيو من العام 2017، وتأكيداً لصدارة الإمارات في بناء غدٍ أفضل للمجتمعات العربية والعالمية وخدمة الإنسانية، صدر قانون تأسيس المعهد الدولي للتسامح بقرار من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ونص القانون رقم 9 لسنة 2017 على إنشاء المعهد الدولي للتسامح ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.

جوائز
«أينما وجد التسامح كانت القيم الإنسانية واحترام الآخر عقائدياً ومذهبياً، تتجلى في أبهى صورها»، ولذلك قامت الدولة بغرس هذه المفاهيم محلياً وإقليمياً، وعالمياً، ومن بينها إطلاق عدد من جوائز التسامح من أبرزها جائزة زايد للأخوة الإنسانية، والتي أطلقت في فبراير 2019 وهي جائزة عالمية مستقلة تحتفي بجهود الأفراد والكيانات في تقديم إسهاماتٍ جليلةٍ تهدف إلى تقدم البشرية وتعزيز التعايش السلمي، سُميت الجائزة باسم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، تجسيدًا لقيم التواضع والتسامح والاحترام وحب الخير لكل الناس التي عُرف بها الشيخ زايد عبر تاريخه.
تبلغ قيمة جائزة زايد للأخوة الإنسانية، مليون دولار أميركي، في فبراير 2019 وكان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس، رئيس الكنيسة الكاثوليكية، أول فائزين فخريين بجائزة زايد للأخوة الإنسانية، كما فاز بجائزة زايد للأخوة الإنسانية 2021 الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ولطيفة ابن زياتن، مؤسِسَة جمعية عماد للشباب والسلام وناشطة ضد التطرف، وهو ما يعكس قوة وتأثير الجائزة والذي ينم عن القوة التأثيرية لدولة الإمارات عالمياً في مجالات القيم والتسامح والسلام والتعايش والعدالة وحماية الحقوق.
ومن الجوائز أيضاً، «جائزة محمد بن راشد للتسامح» وتهدف الجائزة إلى بناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح، ودعم الإنتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية المتعلقة بترسيخ قيم التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي، وتم إطلاق الجائزة عام 2016، في خمسة فروع، ثلاثة منها لتكريم جهود رموز التسامح في الفكر الإنساني، والإبداع الأدبي، والفنون الجمالية، واثنان في مجال مسابقات تنظمها الجائزة، بحيث تركز على المشروعات الشبابية والإعلام الجديد.
وكذلك إطلاق «جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي» في العام 2011 لتكريم كافة الفئات والجهات التي لها إسهامات متميزة في قضية حفظ السلام في العالم، وإنماء السلام والاستقرار وتنميتهما، وكذلك جائزة الإمارات العالمية لشعراء السلام والتي أطلقت في العام 2014، لتكريم الأعمال الأدبية التي تتسم بالبعد الإنساني والعالمي، وتتضمن في موسمها الأول ثلاث مبادرات هي: أمسية للشعراء العرب، وأمسية لشعراء العالم بجميع لغاتهم، وفعالية لتكريم شعراء السلام.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©