الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وفرنسا.. شراكة «الحاضر والمستقبل»

الإمارات وفرنسا.. شراكة «الحاضر والمستقبل»
16 سبتمبر 2021 01:46

ناصر الجابري (أبوظبي)

تجسد العلاقات الإماراتية الفرنسية نموذجاً مشرقاً في العلاقات السياسية الدولية الراهنة، نظراً لارتكازها على مبادئ العمل المشترك، ووجود الرؤية الموحدة بين قيادة البلدين بضرورة تعزيز التعاون والتنسيق في عدد من القطاعات الحيوية، والقناعة المطلقة بأهمية توحيد الجهود العالمية لتحقيق المساهمة الإيجابية في حل النزاعات الدولية وإحلال السلام والأمن في مختلف مناطق العالم. 
واستطاعت العلاقات الإماراتية الفرنسية، أن تشكّل دعامة رئيسة في مواجهة أنواع مختلفة من التحديات الإقليمية والدولية، حيث لعبت دولة الإمارات وجمهورية فرنسا، دوراً بارزاً في مواجهة الإرهاب وجماعات التطرف والتعصب، ونشر مفاهيم الأخوة الإنسانية والتسامح والتعايش بين الأديان والمجتمعات، وتسليط الضوء على المفاهيم والقيم والمبادئ الإيجابية التي تسهم في صناعة مستقبل أفضل للبشرية. 
وشهدت السنوات الماضية، تطوراً لافتاً ومتسارعاً في حجم العلاقات الإماراتية الفرنسية، واتساعاً في مجالات التعاون بين البلدين الصديقين، وتوقيعاً للمزيد من اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية، وتعزيزاً للمواقف المشتركة لهما حول العديد من القضايا الدولية، وذلك بما يتواكب مع الفترة الحالية واحتياجاتها ووجود التطورات المتسارعة والتي تتطلب دوراً دولياً فاعلاً للتعامل معها. 
وتعود العلاقات بين البلدين الصديقين، إلى عقود ماضية، حيث حرص الوالد المؤسس، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على توطيد العلاقات مع فرنسا، انطلاقاً من الجهود التي بذلت لتعزيز مكانة الدولة وترسيخ مكانتها الدولية، وإيماناً منه بأهمية جمهورية فرنسا، باعتبارها إحدى الدول البارزة والمؤثرة عالمياً، ولوجود فرص التعاون والتشارك في العديد من المجالات الهامة، حيث تجسدت هذه العلاقة، من خلال الصداقة التي جمعته مع الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان لبناء قوية لعلاقات صداقة متينة بين البلدين خاصة بعد الزيارة الأولى التي قام بها لفرنسا في عام 1976.

وشهدت العلاقات نقلة نوعية هامة، بعد وصول الرئيس الراحل جاك شيراك إلى الحكم في عام 1995، حيث تم تعميق التعاون في العديد من القطاعات والمجالات وتوقيع العديد من الاتفاقيات، وارتقت هذه العلاقات بإعلان جاك شيراك عام 1997، قيام شراكة استراتيجية بين البلدين في جميع الميادين وزيارته للدولة.
وتعززت العلاقات بدعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وبمتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث وصلت العلاقات إلى ذروتها في الآونة الأخيرة. 
 وتتنوع أشكال التعاون بين البلدين، حيث تعززت علاقات التعاون العسكري بين الإمارات وفرنسا بعد التوقيع على اتفاقية التعاون الدفاعي بين البلدين في يناير عام 1995 في أبوظبي، كما نفذت في إطار الاتفاقية الدفاعية بين دولة الإمارات وفرنسا العديد من المناورات العسكرية المشتركة باستخدام أحدث الأسلحة المتطورة وضمن استراتيجية موحدة لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين.
وفي جانب الطاقة النووية، وقعت الإمارات وفرنسا اتفاقية للتعاون النووي السلمي بين البلدين فيما يخص تقييم وإمكانية استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وبموجب هذه الاتفاقية قامت كل من دولة الإمارات وفرنسا بتشكيل لجنة مشتركة رفيعة المستوى لمراقبة تنفيذ التعاون في مجالات توليد الطاقة النووية وتحلية المياه والبحوث الأساسية والتطبيقية، فضلاً عن التعاون في مجالات العلوم الزراعية وعلوم الأرض والطب والصناعة.  وفي الجانب الفضائي، أطلقت دولة الإمارات، القمر الاصطناعي «عين الصقر 2»، بنجاح إلى الفضاء من المحطة الفرنسية «غيانا»، حيث عمل فريق المشروع مع المصنعين في تصميم وتطوير وصناعة النظام ومتابعة جدول أعمال المشروع خلال تواجدهم في المنشآت الفرنسية في مدينتي تولوز وكان، بينما شمل التعاون الفضائي أيضاً افتتاح المركز الوطني للدراسات الفضائية «وكالة الفضاء الفرنسية»، مكتباً تمثيلياً له في أبوظبي، كما تعد فرنسا أول بلد أجنبي يوقع مذكرة تفاهم مع وكالة الإمارات للفضاء في أبريل 2015 بعد عام واحد فقط من إنشاء الوكالة، حيث أصبح التعاون الفضائي أحد أساسات الحوار الاستراتيجي بين البلدين.  وفي الجانب الثقافي، يعد مشروع متحف «اللوفر أبوظبي» أحد أهم أشكال التعاون بين البلدين، حيث بدأ مشروع المتحف باتفاقية بين حكومتي أبوظبي وفرنسا، ليشكل معلماً بارزاً في الدولة وفي العالم على حد سواء بعد افتتاحه قبل نحو 4 أعوام.

التعاون الثقافي والتعليمي
في أكتوبر 2018، تم الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس، حيث بدأت إذاعة جديدة بث برامجها باللغة الفرنسية في الإمارات بمعدل 3 مرات في الأسبوع، كما أصبحت الإمارات في ديسمبر 2018 عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرانكوفونية. ونتج عن التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع في عام 2016، حيث ساهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار أميركي بالتعاون مع اليونسكو، كما ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس، كما ساهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر فونتينبلو بالقرب من باريس بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو، وبناءً عليه سمي المسرح باسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. وفي الجانب التعليمي، افتتحت جامعة السوربون أول فرع لها بالعالم خارج فرنسا في أبوظبي، لتمثل بذلك أحد أوجه الشراكة بين الدولة وفرنسا، حيث تقدم الجامعة العديد من التخصصات العلمية المختلفة والتي ساهمت في تخريج العديد من الطلبة والذين انخرطوا في سوق العمل في مختلف المجالات، بالاستفادة من المخرجات التعليمية التي تقدمها الجامعة.
وشهدت الفترة الماضية، بدء تدريس اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية، إضافة إلى تعزيز عملية تدريب المعلمين، كما تقوم الجامعات الفرنسية باستقبال مجموعة من الطلبة الإماراتيين الذين يستكملون دراستهم في فرنسا، بما يعزز من التعاون التعليمي في البلدين، ويسهم في ترسيخ دبلوماسية تعليمية تقوم على التبادل المعرفي بين البلدين.

استثمارات مشتركة 
  بلغت قيمة إجمالي التجارة غير النفطية بين الدولتين نحو 7.5 مليار دولار أميركي في عام 2019، فيما بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي في فرنسا نحو 172.9 مليون دولار أميركي بين عامي 2016 و2020، بينما بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الفرنسي في الإمارات نحو 3.123 مليار دولار أميركي بين عامي 2016 و 2020.  وتعتبر قطاعات الطاقة المتجددة والفحم والنفط والغاز والمنتجات الاستهلاكية والمنسوجات والنقل والتخزين، من أهم قطاعات الاستثمار في فرنسا، بينما بلغ عدد الشركات الفرنسية التي تستثمر في دولة الإمارات 207 شركات حتى عام 2019، فيما بلغ إجمالي عدد الشركات الإماراتية التي استثمرت في فرنسا 21 شركة. وتمضي العلاقات الإماراتية الفرنسية، بالتزامن مع احتفاء دولة الإمارات بمشاريع الخمسين، نحو آفاق شراكة مستقبلية جديدة، حيث تم وضع خطة عمل ثنائية للفترة من عام 2020 وحتى عام 2030، تتضمن المزيد من المشاريع الثنائية المشتركة، ووضع أهداف جديدة ومبادرات نوعية مختلفة. 
وتشهد الفترة المقبلة، تعزيز مجالات التعاون الثنائي في مجالات حيوية منها الاقتصاد والتجارة والاستثمار والنفط والغاز والطاقة النووية والتعليم والثقافة والصحة والفضاء، إضافة إلى تعزيز الجهود الإماراتية الفرنسية المشتركة لمواجهة تداعيات «كوفيد-19» وخطط العمل والسياسات الخاصة بمرحلة التعافي من الجائحة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©