الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«صعوبات التعلم».. معاناة على مقاعد الدراسة

«صعوبات التعلم».. معاناة على مقاعد الدراسة
30 مايو 2021 03:30

لمياء الهرمودي (الشارقة)

«صعوبات التعلم» أصبحت تشكل ظاهرة واضحة تبدو على شريحة غير محدودة من الطلبة والطالبات في المدارس الحكومية والخاصة في الدولة، وذلك خلال العقود الأخيرة الماضية، وكان لا بد من أن تضعها الجهات المعنية في عين الاعتبار، كونها تؤخر عملية التطور الأكاديمي، والاستيعاب، والتعليم عند العديد من الطلبة، والطالبات اللذين يتمتعون بذكاء فذ، وفريد من نوعه، لكنهم يحتاجون إلى متخصصين لاكتشاف هذا الأمر ووضع الحلول والعلاج المناسب له قبل تفاقم معاناة الطلاب النفسية وحيرة أولياء الأمور.
ووفقاً لمركز «الشارقة لصعوبات التعلم»، فإن هذه الظاهرة تعرف باضطراب في كيفية معالجة المخ للمعلومات ينتج عنه صعوبة في تعلم المواد اللغوية الشفوية والمكتوبة كالقراءة والكتابة والرياضيات، فهي ناتجة في الأساس عن فروق جوهرية في بنية المخ تؤثر على قيامه ببعض وظائفه بشكل طبيعي، لا عن إصابات دماغية أو قصور في القدرات العقلية، أو ضعف في الحواس كالسمع والبصر أو قلة في فرص التعليم، كما إنها تظهر بين الناس رغم اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وأعمارهم.
ويشير المركز إلى أن صعوبات التعلم تعتبر من أكثر الإعاقات ظهوراً بين طلاب المدارس، ورغم التفاوت في نسب انتشارها بينهم التي ترد في الدراسات، إلّا أن نسبة 10 % تعتبر نسبة مألوفة وواقعية.
وتختلف درجة شدة صعوبات التعلم من تلميذ إلى آخر، كما تختلف في نوع الصعوبة التي قد تكون لدى تلميذ معين، فالخصائص العامة قد لا تظهر مجتمعة لدى طالب واحد، بالإضافة إلى اختلاف مظاهرها من مرحلة دراسية إلى أخرى.

مجموعتان رئيستان
وقال المركز: تنقسم صعوبات التعلم إلى مجموعتين رئيستين، هما: «صعوبات التعلم النمائية، وهي المهارات التي يحتاجها الطفل بهدف التحصيل في الموضوعات الأكاديمية وتتفرع إلى: الصعوبات الأولية، وتضم: الانتباه والذاكرة والإدراك، والصعوبات الثانوية، وتضم: التفكير واللغة الشفهية»
والمجموعة الثانية، هي صعوبات التعلم الأكاديمية، وتشمل: «الصعوبات التي يواجهها الطلبة في تعليمهم، وهي: صعوبات القراءة، يظهر الطلاب الذين يعانون من هذه الصعوبة قدرة منخفضة في اكتساب مهارات القراءة والكتابة، وكثيراً ما تسبب هذه الصعوبات في تجنب القراءة والكتابة ومحاولة تعلم المادة عن ظهر قلب، من أجل إخفاء صعوبات القراءة، وصعوبات الكتابة، ويشير هذا المصطلح إلى عدم تمكن الطالب من الكتابة، أو أنه لا يستطيع التفكير أثناء الكتابة، وصعوبات الرياضيات «الحساب»، وهي صعوبة تعلم أكاديمية خاصة في الحساب، تظهر في عدم القدرة على التعامل مع الأرقام واستيعاب قيمتها، ما يؤدي إلى العديد من المشكلات في تعلم وإدراك الحقائق المتعلقة بالأرقام والعمليات الحسابية، بالإضافة إلى صعوبات خاصة بالتهجئة والتعبير الكتابي: « عدم مقدرة الطالب على تذكر التسلسل الحركي لكتابة الحروف والكلمات وغياب كفاءة استخدام قواعد الكتابة من إملاء ونحو وصرف استخداماً صحيحاً».

خبرة وممارسة
ووفقاً لمركز «الشارقة لصعوبات التعلم» فإن التعرف على صعوبات التعلم ليس أمراً صعباً، ولكنه يحتاج إلى خبرة وممارسة، فالخصائص المذكورة، وخاصة الأكاديمية تعطي مؤشرات تنبئ الوالدين والمعلمين بأن هناك ما يحتاج إلى اهتمام. ولكن، مع أنه بمقدور الوالدين ومعلمي التعليم العام ملاحظة مؤشرات صعوبات التعلم إلّا أن التشخيص يجب أن يتم من قبل فريق متخصص يستطيع باستخدام إجراءات وأدوات معينة التأكد إلى درجة كبيرة من أن المشكلة التي يواجهها التلميذ في التعلم هي في الواقع بسبب «صعوبات التعلم»، وليست ناتجة عن عوامل أخرى، كما إن ظهور إعاقات أخرى، مثل اضطرابات الانتباه والنشاط الحركي الزائد متزامنة مع صعوبات التعلم يشكل تحدياً كبيراً حتى للمتخصصين مما يستوجب عدم التسرع في الحكم على مشكلة الطالب.

  • هنادي السويدي
    هنادي السويدي

جميع الجنسيات
وتؤكد الدكتورة هنادي السويدي مدير مركز الشارقة لصعوبات التعلم من خلال التقرير السنوي الصادر للمركز، أن المركر يهدف إلى توفير الخدمات لفئة ذوي صعوبات التعلم من جميع الأعمار، ومن الجنسين لجميع الجنسيات على أرض الدولة والمركز له الشخصية الاعتبارية ويتمتع بالاستقلال المادي والإداري، كما تتمحور رؤية المركز بأن يكون المركز الرائد في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي صعوبات التعلم في دولة الإمارات العربية المتحدة والوطن العربي.

أمر غير مخجل
يذكر أن صعوبات التعلم ليس بالأمر الذي يخجل منه أولياء الأمور أو الأطفال بحد ذاتهم، فلا بد من توعيتهم ودعمهم وتشجيعهم، حيث إن هناك العديد من العلماء والمخترعين والمشاهير الذين عانوا في طفولتهم من هذه الصعوبات خلال فترات حياتهم الدراسية، ومن أشهرهم المخترع الأميركي توماس أديسون الذي كان يطلق عليه بانه قاصر عقلياً إذ إنه لم يستطع أن يساير العمل المدرسي بسبب عدم اكتشاف صعوبات التعلم التي كان يواجهها، فضلاً عن الرئيس الثامن عشر للولايات المتحدة الأميركية ويلسون، الذي لم يتعلم الحروف الهجائية حتى بلغ سن التاسعة ولم يتعلم القراءة حتى بلوغ الحادية عشرة بسبب صعوبات التعلم، كما إن ألبرت اينشتاين عالم الرياضيات المعروف كان يكون الجمل بطريقة صامتة قبل أن ينطق بها جهراً.

  • أميرة عبدالله
    أميرة عبدالله

تعديل سلوك وتنمية المهارات والصعوبات
أكدت أميرة عبدالله مستشار نفسي سلوكي ومدرب دولي معتمد واختصاصي علم النفس التربوي واختصاصية تعديل سلوك وتنمية مهارات وصعوبات تعلم للأطفال، أنه يمكن تشخيص وعلاج صعوبات التعلم، إذ إن هناك العديد من الخيارات العلاجية التي من الممكن البدء بها بمجرد تشخيص حالة الطفل من قبل الاختصاصيين، وهذه أهم العلاجات التي يستطيع الأهل اللجوء إليها، منها: «إدخال الطفل في برنامج تعليمي خاص، أو إخضاع الطفل لجلسات منتظمة مع اختصاصيين لمساعدته على تجاوز نقاط ضعفه وتحسين مهاراته التعليمية، فضلاً عن العمل مع اختصاصيين نفسيين لتحسين ثقة الطفل المصاب بنفسه وتحسين صحته النفسية بشكل عام، العمل مع الطفل لتطوير واختيار أدوات مختلفة قد تساعده على استيعاب المعلومات بشكل أفضل».
وأضافت: «لكي يتم وضع علاج لطفل صعوبات التعلم  يجب أولاً تشخيص حالة ونوع الصعوبات التي يواجهها الطفل بشكل دقيق، حيث إن علاج كل وضع يختلف عن الآخر، فعلى سبيل المثال لاضطراب الانتباه عند الأطفال لا بد من تحديد نوع صعوبات الانتباه التي يعاني منها الطفل فهل هو ناتج عن عدم الانتباه بشكل عام أو أن هناك عدم مرونة في نقل الانتباه أو أن هناك  مشكلة في تسلسل أو فرط نشاط زائد، كذلك هناك صعوبات خاصة في الإدراك، والإدراك هو العملية التي تسهم في الوصول إلى معاني ودلالات الأشياء والأشخاص المواقف التي يتعامل معها الفرد عن طريق تنظيم المثيرات الحسية المتعلقة بها وتفسيرها وصياغتها في صورة مفاهيم».
وأكدت الاستشارية أميرة عبدالله، أن هناك مظاهر اضطراب لعمليات الإدراك مختلفة منها: صعوبات الإدراك البصري والسمعي والحركي، بالإضافة إلى صعوبات تكوين المفهوم، وصعوبات التعلم الأكاديمية، وتابعت: ويقصد بصعوبات التعلم الأكاديمية بصعوبات في الأداء المدرسي المعرفي والأكاديمي، والتي تشتمل على صعوبات القراءة والكتابة والتعبير والرياضيات.

تحديات كبيرة
أكد عدد من الأهالي وأولياء الأمور، أنهم يواجهون تحديات كبيرة في تدريس أبنائهم اللذين يعانون صعوبات في التعلم، خاصة وأن نسبة كبيرة منهم لا يملكون أي فكرة سابقة عن عوارض صعوبات التعلم التي قد يعاني منها أبنائهم وكيف يتعاملون مع الأمر، معتقدين بأن الخلل يكمن في تدني مستوى الذكاء أو الاستيعاب عند الأبناء ما يجعلهم غير متفوقين دراسياً.
وقال عبدالله عبدالعزيز ولي أمر لطالبة في الصف الأول:  ابنتي يصعب عليها عملية القراءة ونطق الحروف ودمجها بشكل واضح، وعندما حدث ذلك اعتقدت أن هناك تقصيراً من قبل المعلمة، لكن مع التدقيق اكتشفت أنها تعاني صعوبات في التعلم وعسر في القراءة، وبذلك كان لا بد أن أقوم بدمجها في برامج خاصة تساعدها على تخطي هذه المرحلة، إلا أن العديد من المعلمات في المدارس الخاصة لا يملكون القدرة ولا الخبرة على اكتشاف هذه الصعوبات وإبلاغ أولياء الأمور حتى يتسنى لهم العمل على إيجاد حلول فعالة للطفل قبل أن يبلغ مراحل متقدمة.
من جانبها، قالت أم حمدان ولية أمر: «اكتشف أن ابني لديه صعوبات في الأرقام والحساب وهو يدرس في إحدى المدارس الخاصة بالدولة، وعلمت ذلك بشكل متأخر، كون مستواه التعليمي جيد جداً في جميع المواد إلا في مادة الرياضيات، وكان لا بد من  استيعاب أسباب ذلك، وعند عرضه على معلم تربية خاصة اكتشف الأمر وخضع لحصص خاصة ساعدته كثيراً في هذا الأمر، لكن لا بد من أن يكون المعلم على وعي، وإدراك بأهمية اكتشاف هذه الصعوبات في وقت مبكر، ليتسنى لولي الأمر علاجها، كي لا تكون هذه الصعوبات عائقاً لتقدم الطالب أكاديمياً في المستقبل».

دمج في المدارس الحكومية
تؤكد وزارة التربية والتعليم دعمها لكافة فئات الطلبة من فئة الفصول الخاصة وصعوبات التعلم وطلبة ذوي الهمم بشكل عام، حيث أصدرت قراراً بدمج طلبة الفصول الخاصة من فئة صعوبات التعلم في المدارس الحكومية، وذلك وفق شروط ومعايير معينة، كما وفرت برامج خاصة تدعم عملية الدمج منها:  برامج ما قبل الالتحاق ببرنامج التربية الخاصة، وهو برنامج فريق الدعم المدرسي، فعندما يظهر لدى طالب غير ملتحق بعد ببرنامج التربية الخاصة صعوبات في التعلم أو لديه أي احتياجات أخرى يمكن تقديم المساعدات والتدخل المباشر، وضمن مجموعات صغيرة من خلال معلم الفصل أو مساعد المعلم في الصف العادي، بالإضافة إلى أن الوزارة تقدم برامج الدمج المكانية سواء في الفصل الدراسي العادي أو في فصول التربية الخاصة.

آلية
تتبع وزارة التربية والتعليم ،آلية خاصة في جانب الاختبارات الأكاديمية بحيث يتم تطبيق كافة الاعتبارات العامة والخاصة للطلبة أصحاب الهمم أثناء الامتحانات، حسب كل فئة، كما جاءت في سياسة التقويم والامتحانات للطلبة أصحاب الهمم وتطبيق الاعتبارات الخاصة في تقييم الطالب الواردة في دراسة الحالة، كما يتم التنسيق المسبق بين معلم المادة ومعلم التربية الخاصة والاختصاصي المسؤول عن الحالة في التحضير للاختبار ويكون معلم المادة مسؤولاً عن تقديم الاختبار، ويقوم معلم التربية الخاصة بالتنسيق مع الأسرة حول الوقت المناسب لإعطاء الاختبار وبتوفير كافة المواءمات اللازمة خلال فترة الاختبار «باستثناء الثانوية العامة».
وتشير وزارة التربية والتعليم من خلال اللوائح والأدلة للقواعد العامة لبرامج التربية الخاصة إلى أنه يتم تحديد وقت إضافي للطالب حسب حاجته «ما لا يزيد على 30 دقيقة» في الاختبارات المعدة للطلبة أصحاب الهمم «تعديل المنهج» يمكن أن يكون وقت الاختبار في وقت مختلف عن بقية الطلبة في حال وجود صعوبات للتعامل مع الاختبار الإلكتروني يمكن تقديم الاختبار بطريقة شفهية وتسجيل الامتحان إلكترونياً يتم تصحيح الاختبارات وفق اعتبارات سياسة التقويم والامتحانات للطلبة أصحاب الهمم أو أصحاب الفصول الخاصة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©