السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الأردن.. قوة وازنة إقليمياً ودولياً

الأردن.. قوة وازنة إقليمياً ودولياً
11 ابريل 2021 06:23

أحمد مراد (القاهرة)

على مدى قرن من الزمان، مثلت المملكة الأردنية الهاشمية ما يُعرف بـ«دولة الدور المحوري» سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وتعاظم دورها الاستراتيجي، فأصبحت قوة وازنة في المنطقة العربية، عقب استقلالها عن بريطانيا في عام 1946. والدور المحوري والاستراتيجي للأردن كان، ولا يزال، ملازماً لها منذ تأسيسها على أيدي المؤسس الملك عبدالله الأول، في الحادي عشر من أبريل عام 1921 تحت اسم «إمارة شرق الأردن» في واحدة من أهم ثمرات الثورة العربية الكبرى، الأمر الذي جعلها تجسيداً حياً وواقعياً للبعد القومي العربي.
ومنذ مراحل التأسيس، وحتى الآن، تلعب الأردن دوراً استراتيجياً محورياً في شتي القضايا والأحداث الإقليمية والدولية، وحققت الدبلوماسية الأردنية كثيراً من الإنجازات والنجاحات على المستويين الإقليمي والعالمي، فباتت عنصراً مؤثراً وفاعلاً في جميع قضايا وأحداث المجتمع الدولي.
ولدت المملكة الأردنية الهاشمية لتكون واحدة من أهم الكيانات العربية، الأمر الذي ظهر جلياً مع تشكيل أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع، وحرص الملك المؤسس عبدالله الأول، على أن تكون حكومة عربية أكثر منها أردنية، وهو ما يشير إلى إيمانه الشديد بالقومية العربية، وضرورة أن يكون للأردن دور محوري واستراتيجي سواء في محيطها العربي أو الإقليمي أو الدولي.
وطوال سنوات حكمه التي بلغت نحو 30 عاماً، عُرف الملك المؤسس، عبد الله الأول، بسياسة خارجية متزنة، واهتمامه بالبعد القومي للمملكة الأردنية، وحرصه على وحدة الأمة العربية وصيانة حقوقها، ولعل أهم أقواله في هذا الشأن، قوله: «من أحب العرب جمع كلمتهم، ووحد صفوفهم، وقادهم إلى خيرهم، وحفظ لهم صبغتهم، ومن كره العرب دعاهم إلى التفرقة».
ومن هذا المنطلق، ساند الملك عبدالله الأول مشاريع الوحدة العربية مثل مشروع سوريا الكبرى عام 1943، ومشروع جامعة الدول العربية عام 1945، ومشروع وحدة الضفتين عام 1950.
وعام 1950، أُعلنت الوحدة الأردنية الفلسطينية بعد مؤتمر أريحا الذي جمع الزعماء الفلسطينيين والملك عبدالله الأول، وهو الأمر الذي حفظ الضفة الغربية من الفراغ السياسي، واستشهد الملك المؤسس أمام بوابة المسجد الأقصى في العام التالي.

حضور دولي
ورغم أن عهد الملك طلال بن عبدالله الذي خلف والده في الحكم عام 1951، كان قصيراً للغاية، حيث دفعته ظروف مرضه للتخلي عن الحكم في عام 1952، إلا أن الأردن حافظ خلال هذه الفترة على حضوره العربي والإقليمي والدولي، وهو الدور الاستراتيجي الذي تعاظم بشكل لافت للنظر في عهد الملك الحسين بن طلال فيما بعد.
وفي بدايات عهد الملك الحسين بن طلال، كانت المنطقة العربية تموج بأحداث خطيرة وجسيمة، وكان الأردن خلالها عضواً فاعلاً إقليمياً ودولياً مؤثراً، وساعد مصر في صد العدوان الثلاثي عام 1956. كما ظل الأردن مسانداً وداعماً للقضايا العربية طوال عقد الستينيات، وكان محطة إقليمية مهمة في الأحداث، لا سيما في أعقاب حرب عام 1967، وخلال حرب 1973 كان للأردن دور استراتيجي وحيوي فيها.
وخلال قمة الرباط التي عقدت عام 1974، وافق الأردن على أن تصبح منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

قمم الأردن
الدور المحوري والاستراتيجي للأردن استمر أيضاً طوال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، حيث استضافت المملكة قمتين عربيتين مهمتين، الأولى عام 1980، ومنها انطلق العمل العربي الاقتصادي المشترك، والثانية عام 1987 التي عملت على إعادة وحدة الصفوف العربية، وفي عام 1988 أعلن الملك الحسين بن طلال فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية، الأمر الذي سمح للفلسطينيين التحرك بسهولة في إطار قرارهم المستقل.
وخلال أزمة الخليج الأولى التي اندلعت بدخول القوات العراقية إلى الكويت في 2 أغسطس عام 1990، كان للأردن موقف واضح، حيث دعا إلى انسحاب القوات العراقية، وإيجاد حل سلمي عربي للأزمة.
وفي عام 1991، شارك الأردن في مؤتمر مدريد للسلام، ووفر المظلة للوفد الفلسطيني، ومع سير العرب نحو طريق السلام، وقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل في عام 1994، ووظف الأردن هذه المعاهدة لخدمة القضية الفلسطينية. وفي عام 1996، وقعت الولايات المتحدة والأردن على اتفاق جعل الأردن حليفاً رئيسياً خارج حلف «الناتو».

حفظ السلام
ومع انتقال راية المملكة الأردنية الهاشمية برحيل الملك الحسين بن طلال إلى الملك عبدالله الثاني بن الحسين عام 1999، واصل الأردن دوره المحوري والاستراتيجي في قضايا المجتمع الدولي، فضلاً عن دوره في مجالات التضامن العربي.
ومن منطلق دورها المحوري والاستراتيجي، تشارك الأردن بشكل فعال في قوات حفظ السلام الدولية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وتصدرت قائمة الدول المشاركة في هذه القوات الدولية من حيث حجم المشاركة.
وفي السنوات الأخيرة، مثلت الأردن عضواً فعالاً في التحالف الدولي ضد الإرهاب، حيث لعبت دوراً رئيساً في التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق.

المملكة.. مساواة وعدالة وسيادة قانون 
يفخر الأردنيون بالمنجزات التي حققها وطنهم في ظل قيادته الهاشمية الرشيدة، بداية من الملك المؤسس عبدالله الأول، وصولاً إلى الملك المعزز عبدالله الثاني، متطلعين إلى مزيد من الإنجازات في مختلف الميادين. 
فنبل المشاعر وصدق الدعوات والالتفاف حول القيادة كلها صور جلية من أبناء الشعب الأردني، وهو ما يجسد بشكل واضح ودّاً متبادلاً وعلاقة قائمة على الوفاء بين الشعب وقيادته، اعتزازاً بتاريخ الأردن ونهضته العظيمة، التي تحققت بتضافر الشعب مع قيادته.
وأكد أردنيون لـ«الاتحاد» أن الملك عبد الله الثاني تمكن من العبور بالأردن إلى بر الأمان، رغم الاضطرابات الجسيمة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، لتبقى المملكة واحة للأمان بسبب حكمة القيادة الهاشمية، التي أفسحت المجال لكل المكونات الاجتماعية للمشاركة في القرار السياسي على مختلف مستوياته.
يقول الطالب الجامعي سعدون الأطرش: «مئة عام زاخرة بالتضحيات والمنجزات والعطاء، بنى الملوك الهاشميون خلالها البلاد بالتعاضد مع الآباء والأجداد، فمروا بمراحل صعبة، إلا أنهم ثبتوا وصبروا واجتازوا الفقر والحروب، وكان سندهم في ذلك جيش قوي على الحدود»، مضيفاً: «قامت الدولة على أساس راسخ متين ومنيع صعب على الأعداء أن يجتازوه».
واعتبر الأطرش أن نهضة الأردن الشاملة قصة نجاح وتميز وطني وقومي، والاحتفاء بمئوية المملكة فرصة لمواصلة العمل، وتعزيز الإرادة للاستمرار في الإنجاز وإعلاء قيم الريادة والإبداع».
وتابع: «إن الشباب الأردني يفتخر بالانضمام لجيشه، فهو يعزز قيم الولاء والانتماء والحفاظ على أمن وسلامة الأردن، ويتلقون التدريبات بعزيمة وإصرار لرفع كفاءتهم والدفاع عن البلد إذا اقتضت الحاجة لذلك».

عزم المخلصين 
يرى الصيدلاني محمد زكي عبدالهادي أن الدولة الأردنية واحة للإنجازات والاستقرار في المنطقة بقيادة الهاشميين الفذة وعزم أبناء الوطن المخلصين. ولفت إلى أن رفعة الدولة الأردنية هي قصة تتناقلها كل الأجيال، ويستحضرها شباب الوطن لتكون لهم منارة يستنيرون من خلالها للمضي قدماً في الإنجاز والعطاء.
ويؤكد عبدالهادي أنه رغم جميع الصعوبات والتحديات، إلا أن الأردن حقق تقدماً كبيراً في المجالات التربوية والصحية والتنموية والأمنية، فسارت الدولة بعزيمة وثبات بفضل قيادتها الحكيمة، وهو ما انعكس على تحسين الواقع الحياتي للأردنيين.
وتابع: «إن مئة عام من عمر الدولة الأردنية جعلت الأردن مثالاً يحتذى به في المنطقة في تمكين أبنائه اقتصادياً وثقافياً وتعليمياً ضمن بيئة تضمن الحرية وسيادة القانون والاستقرار».
ولفت إلى دور الشباب الفاعل، بسبب تمكينهم في مختلف المجالات المعرفية والرياضية وحتى السياسية، عبر المشاريع التي تعنى بالشباب وبناء الإنسان الأردني. 

أمن وأمان
ويقول المعلم في وزارة التربية ناصر أبو شملة: «انعكست حكمة الملك عبد الله الثاني محلياً على استقرار الأردن، ليكون واحة للأمن والأمان جعلت منه بخبرات أبنائه قبلة للسياحة والتعليم والخدمات الصحية في المنطقة».
ونوّه إلى أن العاهل الأردني أولى الشعب جلّ عنايته واهتمامه، وأولى اهتماماً خاصاً بالمعلمين، فحسن أوضاعهم المالية، ورفع رواتبهم ليعيشوا حياة كريمة، تليق بما يقدمونه للمجتمع.
من جانبه، أفاد التاجر روحي الدعاس القدومي بأنه رغم الظروف الصعبة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا، إلا أن الملك عبد الله الثاني يتواصل على نحو دائم مع شعبه تحت شعار «شدة وبتزول»، ويوجه الحكومة إلى اتخاذ القرارات التي من شأنها التخفيف من الآثار الاقتصادية الصعبة على حياة المواطنين.
وأضاف: «سارعت مؤسسة الضمان الاجتماعي بصرف الرواتب لآلاف الأردنيين لشهور بسبب تعطلهم عن العمل، كما سارعت مؤسسة التنمية الاجتماعية بتوجيهات من الملك إلى الإنفاق على الأسر الفقيرة والعمالة المؤقتة». 

ترسيخ الديمقراطية
قال المواطن الأردني فادي علي: «سنبقى دائماً ملتفين حول القيادة الهاشمية المباركة، الحانية على أبنائها، والتي منحت الشعب حرية كبيرة في التعبير عن نفسها، دون تضييق»، مضيفاً: «رسخ الملك عبدالله الثاني قيم الديمقراطية، وشجع الأحزاب بأشكال الدعم كافة».
وتابع: «لم نشهد أردنياً واحداً سالت دماؤه بسبب مسيرة أو احتجاج، ولم تتمكن أية قوى من جر البلاد إلى الفوضى، بفضل حكمة القيادة».
وتقول الناشطة الاجتماعية ندى شحادة: إن الملك عبد الله الثاني طور التشريعات للمساواة بين المرأة والرجل، فنالت المرأة حقوقها في التعليم والوظائف الحكومية، حتى ترقت إلى أعلى المراتب، فتبوأت المناصب في مجلسي الأعيان والنواب ومختلف المؤسسات الحكومية، ولولا الإجراءات التي اتخذها الملك وتوجيهاته الدائمة للحكومات المتعاقبة لما حظيت المرأة بهذه المكانة.

دور إنساني
يضطلع الأردن بدور إنساني كبير بالوقوف إلى جانب المستضعفين والمهجرين، واستضافة أعداد كبيرة من اللاجئين على أرض المملكة، رغم ما ينتج عن ذلك من ضغوط كبيرة على القطاعات، لا سيما التعليمية والصحية.
ويشير رائد جبريل أحد سكان مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين: «إن القيادة الهاشمية لطالما دافعت عن الشعب الفلسطيني بكل ما أوتيت من إمكانيات»، لافتاً إلى أن الأردن استقبل اللاجئين الفلسطينيين، ووفر لهم سبل العيش الكريمة دون تحيز، وتقاسم معهم الخبز والماء، فكان الأردنيون نموذجاً للأخوة الصادقة«.
وأوضح جبريل أن الملك عبد الله الثاني أولى القضية الفلسطينية كل اهتمام، فهو يدافع عنها في المحافل الدولية، ويدافع عن اللاجئين الفلسطينيين الواقعين تحت رعايته، فالأردن يوجد فيه قرابة مليوني فلسطيني».
من جهته، يؤكد الناشط عوني البركات، أن الشباب الأردني يعبُر إلى المئوية الثانية لدولته بكل فخر بالإنجازات التي تحققت، محملين بالأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل وواعد عنوانه العطاء والعمل في دولة تجاوزت في دورها ورسالتها وحجمها إمكانياتها ومواردها.
وذكر أن توجيهات الملك تؤكد بوضوح أن الارتقاء بالشباب من ثوابت النهج السياسي الملكي، ومرتكزاً في الخطاب السامي، ومحوراً أساسياً في كتب للحكومات المتعاقبة.
وأوضح أن رؤية الملك استندت إلى إطار مؤسسي واضح يقوم على الثقة بقدرته الشباب على التغيير وتحمل المسؤولية وصناعة المستقبل الذي هم طاقته الحيوية، وهم أدواته وهدفه النهائي.
واعتبر أن مئوية الدولة الأردنية مناسبة يستذكر من خلالها الأردنيون إرث الثورة العربية الكبرى، ورسالتها التاريخية، وبناء دولة القانون والمؤسسات، والدور الهاشمي في نهضة الأمة العربية والإسلامية.
أما زينة الحسني، وهي أم لأربعة أطفال، فتشيد برعاية الحكومة للأسر الأردنية المتعففة قائلة: «توفي زوجي قبل عامين، فخصصت وزارة التنمية لي راتباً شهرياً أنفقه على أولادي، وبنت الدولة بيتاً لي ولأبنائي»، مضيفة: «هناك آلاف الأردنيين من أصحاب الحاجة أو المرضى وكبار السن يتقاضون رواتب مجزية».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©