الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محكمة غسل الأموال.. لماذا؟

محكمة غسل الأموال.. لماذا؟
16 نوفمبر 2020 01:43

في العاشر من نوفمبر 2020م، صدر قرار رئيس دائرة القضاء في إمارة أبوظبي رقم (35) لسنة 2020 بشأن إنشاء محكمة جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي. وبموجب المادة الأولى من هذا القرار، «تنشأ في مدينة أبوظبي محكمة متخصصة للنظر في جرائم غسل الأموال والتهرب الضريبي، تتبع لمحكمة أبوظبي الجزائية». أما الطعون بالاستئناف على الأحكام الصادرة من هذه المحكمة المتخصصة، فيتم نظرها أمام دائرة متخصصة من دوائر الاستئناف في محكمة أبوظبي الجزائية. 
وتعتبر هذه المحكمة هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتأتي انعكاساً لاستراتيجية الدولة والإمارة في تعزيز بيئة المال والأعمال وخلق البيئة المناسبة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية الشريفة. والواقع أن تحديد المحكمة المختصة بنظر جرائم غسل الأموال قد يثير بعض الإشكاليات، لاسيما وأن جريمة غسل الأموال هي جريمة تابعة تفترض سبق ارتكاب جريمة أولية. ومن ثم، وإزاء الارتباط بين الجريمتين، فإن التساؤل قد يثور بشأن تحديد المحكمة المختصة، وما إذا كانت هي المحكمة المختصة بنظر الجريمة الأولية أم المحكمة المختصة بنظر جريمة غسل الأموال. ومن شأن إنشاء هذه المحكمة أن يقضي على هذه الإشكالية، وبحيث تختص بنظر جريمة غسل الأموال، كما تختص أيضاً بنظر الجريمة الأولية التي تحصلت عنها الأموال غير المشروعة، إذا لم يكن قد تم الفصل فيها من قبل. 
ومن ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن التشريعات الجنائية المقارنة تعمد إلى تحديد سلطة مركزية لتلقي البلاغات والتحري عنها بشأن جرائم غسل الأموال. وقد تبنى المشرع الإماراتي هذا الاتجاه، حيث تنص المادة التاسعة من المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، على أن تنشأ بالمصرف المركزي وحدة معلومات مالية مستقلة، ترسل لها دون غيرها تقارير المعاملات المشبوهة والمعلومات المتعلقة بها من كافة المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة، وتعمل على دراستها وتحليلها وإحالتها إلى الجهات المختصة بشكل تلقائي أو عند الطلب. وتخول المادة العاشرة من القانون ذاته للنيابة العامة استطلاع رأي الوحدة في البلاغات الواردة إليها بشأن حالات غسل الأموال. كذلك، فإن بعض التشريعات تخول الاختصاص بالتحقيق في هذه الجرائم لهيئة تحقيق مركزية خاصة. ومن ثم، يثور التساؤل عما إذا كان من الملائم أيضاً أن يجعل المشرع الاختصاص بنظر الدعوى لمحكمة مركزية، أم أن من الأنسب ترك الأمر للقواعد العامة في الاختصاص. وهكذا، وتكريساً لمبدأ التخصص في العمل القضائي، ونظراً لخصوصية جريمة غسل الأموال منظوراً إليها باعتبارها إحدى الجرائم الخفية التي تحتاج إلى معرفة تقنية معينة، كان من الضروري أن تنشأ محكمة متخصصة لنظر جرائم غسل الأموال. وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن نظم العدالة الجنائية الحديثة تتجه إلى استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات للكشف عن جريمة غسل الأموال. ومن شأن إنشاء هذه المحكمة المتخصصة لنظر جرائم غسل الأموال أن يفتح الباب أمام الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مكافحة هذه الجريمة. حفظ الله الإمارات العربية المتحدة من كل سوء.

* دكتور أحمد عبد الظاهر
* أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©