الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خبراء لـ«الاتحاد»: خريطة طريق و4 اتجاهات لتعزيز الأمن المائي

خبراء لـ«الاتحاد»: خريطة طريق و4 اتجاهات لتعزيز الأمن المائي
15 نوفمبر 2020 00:47

شروق عوض (دبي)

رسم خبراء في الاقتصاد والمياه خريطة طريق لتعزيز الأمن المائي الحالي والمستقبلي لدولة الإمارات، ترتكز على 4 اتجاهات، أولها: التركيز على القوى الدافعة لاستنزاف موارد المياه الطبيعية وملامحها وتأثيراتها السلبية، ثم الفئات المستهدفة من مختلف شرائح المجتمع المحلي مثل الأفراد أرباب الأسر والعاملين في مختلف الأنشطة المستهلكة للمياه مثل الزراعة وغيرها والقائمين على وضع وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات الخاصة بقطاع المياه وأمنه في مختلف المؤسسات الاتحادية والمحلية والقائمين على شركات القطاع الخاص المختصة بتقنيات المياه.
وقالوا إن الاتجاه الثالث تمثل في التحديات التي تهدد موارد المياه وأمنه بشكل عام في الدولة، بينما تمثل الرابع في الحلول المتمثلة في 14 حلاً لتحقيق أهداف الدولة بشأن تطوير مستقبل الأمن المائي باعتباره قضية ذات أولوية استراتيجية من ضمن أهم قضايا الأمن الوطني التي تركز على منح جيل اليوم والغد بكافة قطاعاته حق الحصول على مياه نقية بصورة مستمرة في كافة الظروف والأحوال.
ولخص 14 خبيراً في لقاءات معهم لـ«الاتحاد»: خريطة طريق ترتكز على تغيير سلوكيات الأفراد اليومية بما يتعلق باستهلاك المياه في المنزل وعدم الإسراف في استخدام هذا المورد الحيوي، والعمل على زيادة الوعي المجتمعي للحفاظ على الموارد المائية للدولة، والتوسع في استخدام أحدث التقنيات الخاصة بتحلية المياه وتدويرها وإعادة استخدامها والأقل تكلفة، وإنشاء منابع صناعية لتخزين المياه الجوفية تحسباً للطوارئ، ووجوب التعاون والتنسيق بين الجهات المختصة بالمياه على مستوى الدولة؛ بهدف المحافظة على الموارد المائية من خلال رفع كفاءة التخطيط واتخاذ القرار حول الاستخدام الأمثل لهذا المورد الهام، وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي بتصميم وتنفيذ مشاريع خاصة لتوفير مياه متجددة وبأقل الأسعار، والتركيز على سياسات جديدة، مثل سياسة الاستهلاك المتوازنة للأنشطة الاقتصادية، واللجوء إلى استيراد منتجات زراعية مستهلكة لكميات قليلة من المياه، والاستمرار في برامج استمطار السحب، والتركيز على توظيف التقنيات الذكية الخاصة بترشيد استهلاك المياه، ووجوب إدخال الحسابات الاقتصادية في السياسات المائية، والتوسع في توظيف الأنظمة الحديثة والخاصة بمياه الري لتوفير احتياجات المزارعين، والاستفادة من مياه سدود الدولة، والاستمرار بتنفيذ سياسات المحافظة على استدامة مياه البحر.
وأكد هؤلاء الخبراء، أن دولة الإمارات بذلت جهوداً كبيرة خلال السنوات الماضية لتحقيق الأمن المائي باعتباره ليس قضية محلية فحسب، بل قضية إقليمية ودولية، وذلك لعدة أسباب منها النمو الاقتصادي والسكاني وتداعيات التغير المناخي المتمثلة في قلة وندرة المياه العذبة وارتفاع درجات حرارة الأرض وندرة الأمطار، من ضمنها إنشاء السدود لما لها الدور الأبرز في المحافظة على مياه الأمطار من الهدر وتحفيز القطاع الخاص للتركيز على تقنيات مكافحة هدر المياه، وإقرار معايير الأبنية الخضراء الإلزامية التي ساهمت في خفض استهلاك المياه في المباني بنسبة تتجاوز 33%، وتوظيف تقنيات للحفاظ على المياه العذبة والمحلاة وإصدار قرارات خاصة بمنع زراعة أعلاف مهدرة للمياه، مثل «رودس»، والتركيز على توظيف تقنيات الزراعة الحديثة وإطلاق برامج ومبادرات داعمه للأمن المائي، واستراتيجيات عدة منها «استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036» وغيرها، ولم تتوقف عند هذا الحد، حيث تظهر التوجهات الحالية للحكومة على خلفية التشكيل الوزاري لمرحلة ما بعد «كوفيد - 19»، تركيزاً كبيراً على الأمن الغذائي والمائي كأحد الملفات ذات الأولوية، حيث تحرص الحكومة على تلبية المتطلبات التنموية في كل المجالات خلال الفترة المقبلة منها إيجاد حلول عملية لتعزيز الأمن المائي المرتبط بشكل وثيق بالأمن الغذائي للإيفاء باحتياجات المشروعات الزراعية الممكنة تكنولوجياً، وغيرها من مقومات الإنتاج الغذائي في الدولة.

  • رضا مسلم
    رضا مسلم

مصادر متجددة
من جانبه، أوضح رضا مسلم، مدير شركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية، أنه رغم اتسام دولة الإمارات بشح الأمطار نتيجة لموقعها الجغرافي، إلا أنها لاتزال تنعم بمصادر مياه متجددة مثل مياه البحر، والمتابع لتوجهات الدولة بالتركيز على أمنها المائي يجد أنها تتخذ خطوات استباقية للمحافظة على مصادر مياهها من تحديات الاستهلاك المفرط من مختلف شرائح المجتمع سواء تلك التحديات المتعلقة بهدر مخزون المياه الجوفية لغايات الزراعة أو الاستهلاك المفرط للمياه المحلاة، لافتاً إلى أهم الحلول لتعزيز أمن مائي مستقبلي وحالي للدولة تتمثل في التوسع بإنشاء محطات لتحلية المياه لإنتاج كميات وفيرة من المياه يمكن الاستفادة منها عوضا عن اللجوء إلى استهلاك المياه الجوفية، والتركيز على استخدام الأساليب الحديثة بري المزارع، مثل اتباع طرق التبخير والهندسة الوراثية بزراعة بذور متحملة لمياه قليلة واتباع أنماط زراعية حديثة، مثل الزراعة المائية والعمودية، والتركيز على أحدث وسائل التكنولوجيا الموفرة للمياه مثل تلك المبنية على إنتاج مياه من الهواء والرطوبة وغيرها، والتركيز على مشروعات إعادة تدوير المياه غير الصالحة للشرب واستخدامها في أنشطة، مثل ري المسطحات الزراعية العامة وغيرها، والتركيز أكثر على برامج التوعية المجتمعية للحفاظ على موارد المياه التي تنعم فيها الدولة.

  • خليل عمار
    خليل عمار

الاستهلاك السكني
بدوره، أوضح خليل عمار، خبير المياه في المركز الدولي للزراعة الملحية «إكبا»، انه لأجل الوصول إلى تعزيز أمن مائي حالي ومستقبلي للدولة، يتوجب التركيز على القوى الدافعة لاستنزاف موارد المياه الطبيعية وملامحها وتأثيراتها السلبية، حيث تتمثل أبرز هذه القوى في محدودية مصادر المياه العذبة الجوفية والسطحية المتجددة، وزيادة الطلب على المياه بسبب النمو السكاني المتسارع والتنمية الاقتصادية المطردة، في حين تتمثل ملامحها في انخفاض منسوب المياه الجوفية وارتفاع نسبة ملوحتها أو استنزافها كلياً في بعض المناطق نتيجة لزيادة معدلات الاستخراج عن معدل التجدد الطبيعي لها لأجل ري المزارع والغابات، ومعدل الاستهلاك السكني للمياه في الدولة من أعلى المعدلات على مستوى العالم، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الطلب على المياه المحلاة وهي المصدر الرئيس للمياه في القطاع الحضري. وبيّن أن التأثيرات السلبية لهذه القوى فتتمثل في تدهور مناسيب المياه الجوفية ونوعيتها مما سيؤدي إلى الاعتماد بشكل أكبر على مصادر المياه غير التقليدية كالمياه المحلاة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، الأمر الذي سيترتب عليه المزيد من الأعباء المالية والبيئية الناتجة عن استخدام الطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة لإنتاج المياه العذبة، بالإضافة إلى تصريف المياه المرتجعة المالحة الناتجة عن عملية التحلية في البيئة البحرية وغيرها من التأثيرات.
وأشار إلى أنّ أسباب اعتبار دولة الإمارات لقضية الأمن المائي من أهم القضايا الوطنية، تتمثل في الحرص على كل من تعزيز النمو الاقتصادي لكافة القطاعات الحيوية خاصة الزراعية والصناعية، وتلبية الاحتياجات المائية المستقبلية المتزايدة مثل (الاحتياجات البلدية، مياه الشرب وغيرها، الاحتياجات الصناعية والتجارية والاحتياجات الزراعية) وارتباطها بالأمن الغذائي والطاقة.
ولفت إلى أنّ دولة الإمارات تعتبر فقيرة مائياً، لعدة أسباب منها الافتقار إلى المياه الطبيعية العذبة والمتجددة، إذ تعد المياه الجوفية غير عذبة ومتجددة بسبب قلة مياه الأمطار المغذية لها والكميات التي يتم ضخها من الآبار الجوفية تقدر بأضعاف، وقد تصل إلى عشرين ضعفاً من مياه التغذية الجوفية السنوية، وبالرغم من أنّ مياه البحر تعتبر غير محدودة إلا أن تحليتها تجعلها محدودة ومكلفة، بالإضافة إلى مشكلة المرتجع الملحي والكميات الكبيرة الناتجة عن عمليات التحلية، مشيراً إلى أن الأمن المائي للدولة مرتبط بالأمن المائي الإقليمي، حيث تعد مياه البحر المصدر الرئيسي للمياه المحلاة، كما يعتبر مورد مائي مشترك بين الدول المطلة على الخليج العربي، وحماية هذا المورد المائي من التلوث يجب أن يكون عملاً مشتركاً يجمع كافة الدول الواقعة على الخليج العربي لتحقيقه.

استنزاف المياه الجوفية
وحول التحديات المتعلقة بالمياه في دولة الإمارات، قال: تكمن أبرزها في استنزاف المياه الجوفية في العديد من المناطق الزراعية، وتلبية الاحتياجات المائية الحالية والمستقبلية، حيث يؤثر الاستمرار في استنزاف المياه الجوفية سلباً على استدامة هذا المورد المائي الهام، وتدني نوعية المياه لارتفاع معدلات ملوحة المياه الجوفية، إذ تتراوح معظم المياه الجوفية المستخدمة في الري ما بين مياه شبه مالحة خفيفة الملوحة (1500-3000 ملغرام/‏‏لتر) ومتوسطة الملوحة (3000-5000 ملغرام/‏‏لتر)، وهناك العديد من المزارع التي تزيد فيها ملوحة المياه على (7000 ملغرام/‏‏لتر). وحول أهم الحلول التي اتبعها المركز الدولي للزراعة الملحية لتعزيز الأمن المائي، أشار إلى عمل المركز على زيادة التنوع في المحاصيل المزروعة من خلال التوسع في استخدام الأصناف الزراعية المحلية والأعلاف والمحاصيل البديلة التي تمتلك قيمة غذائية عالية واقل استهلاكا للمياه، حيث يسعى إلى التوسع في زراعة أصناف من الأعلاف مثل «البونيكام» التي تعتبر مناسبة للظروف المناخية والتربة في الدولة والأقل استهلاكا لمياه الري، كما يركز المركز ضمن جهوده على حلول الري المبتكرة التي توفر في استهلاك مياه الري وفحص الابتكارات والمستجدات في هذا المجال.

  • علياء المزروعي
    علياء المزروعي

تقنيات النانو 
ضمن جهود الإمارات الحثيثة لضمان الأمن المائي ليس على المستوى المحلي فحسب بل عالمياً، جاء برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار دليلاً على مشاركة الجهات الحكومية في تنفيذ توجهات الدولة بهذا الشأن، حيث بذل البرنامج العديد من الجهود الخاصة بتنوع الأمن المائي، الأمر الذي أهله أن يكون الجهة الأولى ليس على مستوى الدولة فحسب وإنما على مستوى الدول المجاورة في مجال إجراء وتنفيذ البحوث الخاصة بعلوم الاستمطار، حيث أوضحت علياء المزروعي، مديرة البرنامج لـ«الاتحاد»، أن البرنامج يعد مبادرة أطلقها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في عام 2015، ويدار من قبل المركز الوطني للأرصاد، ليشكل ركيزة أساسية لتحقيق الأمن المائي، حيث أسس الباحثون الحاصلون على منحة البرنامج أرضية جديدة ساهمت في تطوير منهجيات علمية وتكنولوجية مبتكرة، يمكن تطبيقها في المناطق المعرضة لشحّ المياه حول العالم، وبدأ العمل المتطور يأخذ مجراه بالفعل مع إدخال حلول حسابية ومفاهيم جديدة تحسن فهم هطول الأمطار، واستخدام تقنيات النانو لتحسين عمليات التكثف داخل السحب، وتحليل عمليات تشكل البلورات الثلجية في السحب الركامية، وتعديل الخصائص الكهربائية للسحب، ودراسة دور الجسيمات الدقيقة في تحسين هطول الأمطار. وأشارت إلى بدء مشروعات أخرى في التعامل مع اختبار صنع تيارات عمودية لتكوين السحب الممطرة، وتلقيح السحب باستخدام طائرات من دون طيار بعد إجراء اختبارات السحب وتحديد المناسب منها لإجراء عمليات الاستمطار، واعتماد المناهج التجريبية الرقمية المتقدمة في هذا المضمار، مؤكدة أن البرنامج يعكس مساعي الدولة العملية لإحداث فارق حقيقي بالتعامل مع التحديات الملحة عبر أخذ زمام المبادرة في البحث العلمي والتكنولوجي الذي يثري الإمكانات المتاحة بالعديد من التطبيقات المبتكرة، ومع تطوير علوم الاستمطار من خلال الابتكار والتعاون الدولي الفاعل أظهرت دولة الإمارات رؤيتها الملهمة والسخية والتزامها بالاستدامة العالمية والعزم على تحقيق مستقبل أفضل للبشرية جمعاء.

  • عادل المرزوقي
    عادل المرزوقي

توفير مياه الشرب 
يلعب القطاع الخاص دوراً حيوياً في مسألة تقديم تقنيات حديثة موفرة للمياه، ومن هذه الجهات شركة «سكاي ريفر»، وهي عضو في «مؤسسة الشيخ محمد بن راشد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة»، حيث يقول المهندس عادل المرزوقي، المدير التقني في الشركة، إن الشركة تسعى باستمرار إلى البحث عن أحدث التقنيات الموفرة للمياه انطلاقاً من حرصها المجتمعي ومسؤولياتها في تنفيذ توجهات الدولة بتعزيز الأمن المائي على الصعيدين الحالي والمستقبلي، من خلال توفير ثلاث تقنيات حديثة لتوفير مياه الشرب بكميات كبيرة، ومساهمة في ترشيد استهلاكها، حيث تعتمد أجهزة التقنية الأولى على استخلاص المياه من رطوبة الهواء، في حين توفر أجهزة التقنية الثانية المياه من خلال إعادة «فلترتها»، أما أجهزة التقنية الثالثة فتعتمد على توفير المياه من خلال استخلاصها من الهواء وباستخدام أشعة فوق بنفسجية للقضاء على فيروسات (كوفيد - 19).
وأوضح أن جهاز تقنية إنتاج المياه من رطوبة الهواء، يوفر نحو 20 ليتر مياه صديقة للبيئة وصحية يومياً،   أما الجهاز المبني على تقنية استخلاص المياه من الهواء وباستخدام أشعة فوق بنفسجية والذي حرصت الشركة على استيراده من إيطاليا حرصاً منها على توفير مياه وسط المرحلة الحالية التي تشهد جائحة كورونا، يرتكز على تقنية الأشعة فوق البنفسجية في توفير مياه خالية من الفيروسات والميكروبات ولقد تم تزويد السوق المحلي بدفعة أولى من الأجهزة خلال الوقت الحالي.

  • سيف الشامسي
    سيف الشامسي

التوعية بالزراعة المائية
كما باتت التجارب الناجحة لاتباع طرق ترشيد استهلاك مصادر المياه في قطاع الزراعة باعتباره من أكثر القطاعات استهلاكا للمياه، تشكل نماذج متفوقة على لجم التحديات التي تعتريها مسألة تعزيز الأمن المائي في الدولة، أولها أنها تنفذ من قبل مزارعين محليين باتوا أكثر حرصاً في المساهمة بتنفيذ مستهدفات الدولة الحالية والمستقبلية للمياه، من خلال البحث من تلقاء أنفسهم عن احدث التقنيات والأنظمة الزراعية الموفرة للمياه، وثانياً باتت خبراتهم تشهد إقبالاً كبيراً من قبل نظرائهم المزارعين من أبناء الدولة وبعض الدول العربية، للاستفادة منها والوقوف جنباً إلى جنب للمحافظة على المياه من الهدر، ومن هؤلاء المواطن سيف الشامسي الذي بات يطوع وسائل التواصل الاجتماعي مثل (الإنستغرام، الفيس بوك، اليوتيوب وغيرها) لنشر اختراعه المتمثل بنظام خاص للزراعة المائية إلى رواد هذه الوسائل من المهتمين باتباع أحدث الأنظمة الزراعية المنتجة بكميات كثيرة من المحاصيل وبكميات قليلة من مياه الري. وقال الشامسي: «أسعى من خلال تجاربي الشخصية في الزارعة إلى توفير معلومات حول أهم الأنظمة الزراعية الحديثة المساهمة في زراعة العديد من الأصناف وبأقل كميات ريها بالمياه، حيث اقدم لهم نصائح حول أحد مشاريعي الخاصة بالزراعة المائية والذي جاء ثمرة لجهودي في البحث وإجراء العديد من التجارب، ويرتكز هذا المشروع على طريقة فريدة لتوفير مياه الري في الزراعة، تحت مسمى (نظام المثلث الصغير للزراعة المائية)، ويساهم النظام بتوفير 85% من المياه المستخدمة بعملية الري وزيادة الإنتاج للعديد من الأصناف بنسبة 75%، حيث ينتج النظام الواحد نحو 360 شتلة والتي تحتاج إلى 40 جالون مياه شهرياً، وتنتج كل شتلة من الشتلات المزروعة نحو كيلو من الخضروات والفواكه، كما يعتمد على خزان مائي سعة 50 جالوناً يقوم بضخ المياه عبر أنابيب توزع على شكل مثلث، بحيث تسقي المياه المحاصيل الزراعية بتوقيت محدد يكون مؤقتاً بوساطة جهاز توقيت يسمح بمرور المياه إلى المحاصيل خلال فترة زمنية يتم تحديدها من قبل المزارع، فيما يتم إعادة المياه الفائضة عن الحاجة وبشكل تلقائي إلى الخزان، ليتم بعد ذلك ضخها من جديد واستخدامها في الري».

  • محمد صالح
    محمد صالح

«الاتحادية للكهرباء والماء»: 160 مليون جالون يومياً لمحطات تحلية جديدة في رأس الخيمة والساحل الشرقي 
أكد محمد صالح، مدير عام الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء، أن «الهيئة» تُجري في الوقت الحالي، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، دراسات مبدئية لإنشاء محطات تحلية مياه جديدة من بينها محطة في إمارة رأس الخيمة بطاقة إنتاج تبلغ 100 مليون جالون يومياً، وأخرى على الساحل الشرقي للدولة بطاقة إنتاج تبلغ 60 مليون جالون يومياً، لافتاً إلى أن محطة تحلية المياه بأم القيوين والتي من المقرر أن تبدأ الإنتاج الفعلي لها نهاية العام المقبل 2021، تعد أيضاً من أهم مشاريع الهيئة ذات العلاقة بهذا القطاع في المرحلة الراهنة، حيث ستكون المحطة الأضخم والأكبر من نوعها في المنطقة بعد إتمام كافة مراحل الإنشاء، والتي من خلالها ستصل طاقة إنتاجها إلى 150 مليون جالون يومياً.
 وقال صالح: «إنه بالنظر إلى موقع دولة الإمارات الجغرافي ومناخها الصحراوي، فإنها من الدول التي لا يتوفر فيها مصادر دائمة للمياه العذبة، لذلك فإنها تعتمد بشكل أساسي على تحلية مياه البحر، ولعل ذلك هو أحد أهم المُدخلات والمعطيات التي تم على أساسها إقرار الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي من قبل الحكومة الرشيدة، كما تم الإعلان عنه من خلال وزارة الطاقة والصناعة سنة 2017، وهي الاستراتيجية التي تهدف إلى ضمان واستمرارية الوصول إلى المياه خلال كافة الظروف، بما يواكب أعلى المواصفات العالمية المعتمدة في المجال، ويسهم في تحقيق رخاء وازدهار المجتمع واستدامة نمو الاقتصاد الوطني، ومن بين المستهدفات العليا للاستراتيجية خفض مؤشر ندرة المياه بمقدار 3 درجات».
 وذكر أنه ضمن خطط التنمية الشاملة التي تنفذها الدولة على الصعد والمستويات كافة، فإن الطلب المتزايد على المياه المحلاة يعد أهم تحدٍ يواجه قطاع المياه في الدولة، هذا إلى جانب ارتفاع معدل استهلاك الفرد من المياه حيث يعد من أعلى المستويات العالمية المسجلة، وهي الملفات التي يتم العمل عليها وغيرها من خلال برامج ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي، والتي تتضمن أيضاً تخفيض الفاقد الفني إلى الحد الأدنى وفق المعدلات العالمية.

تعاون مع حكومة الفجيرة
بسؤال عما تمتلك الاتحادية للكهرباء والماء محطات لإعادة تدوير المياه؟ قال محمد صالح: «لا تمتلك (الهيئة) محطات لإعادة تدوير المياه، إلا أنها تتعاون في الوقت الحالي مع حكومة الفجيرة في استخدام المياه المعالجة للأغراض الزراعية، وذلك في إطار أحد المستهدفات العليا للاستراتيجية الوطنية للأمن المائي، والمتمثل في زيادة نسبة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، لافتاً إلى أن عدد محطات تحلية المياه التابعة للهيئة الاتحادية للكهرباء والماء يبلغ 12 محطةً، عشرة منها بنظام التناضح العكسي، واثنتين بنظام التبخير متعدد المراحل.
وأشار إلى أن رفع القدرة التخزينية للمياه، يعد واحداً من أهم محاور تطبيق الاستراتيجية الوطنية للأمن المائي 2036 بالنسبة للهيئة الاتحادية للكهرباء والماء، ومن هذا المنطلق، أطلقت «الهيئة» جملة من المشروعات الاستراتيجية لإنشاء خزانات بسعات مختلفة بالمناطق الشمالية، تهدف إلى رفع الطاقة التخزينية للمياه من 225 مليون جالون إلى نحو 500 مليون جالون بحلول عام 2023، وتتضمن تلك المشروعات إنشاء أكبر مركز لتوزيع المياه في منطقة الخريجة برأس الخيمة، سيتم تغذيته من المحطة الجديدة لتحلية المياه في أم القيوين، وسيغذي مناطق الجزيرة الحمراء، الرفاعة، الظيت، والحمرانية، ويوفر الإمداد اللازم للمناطق السكنية الأخرى عند الحاجة. تنفذ «الهيئة» أيضاً وبالتزامن مراكز تخزين جديدة في كل من منطقة الحليو بعجمان، البريرات والغيل برأس الخيمة، ووادي العبادلة بالفجيرة، إلى جانب إنشاء مجموعة من الخزانات بسعات مختلفة في مناطق متنوعة بالمناطق الشمالية.

ترشيد الاستهلاك
وأكد أن «الهيئة» تولي مسألة ترشيد الاستهلاك وخفض الهدر في الموارد والثروات اهتماماً خاصاً، وتربط هذا الأمر بمختلف خططها وبرامج عملها، كما تحرص على تطبيق أحدث التقنيات وتوظيف آخر الابتكارات ذات العلاقة بمجال عملها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إحلال الشبكات القديمة بأخرى جديدة من مواد عالية الكفاءة بهدف تقليل الفاقد الفني في الشبكة إلى الحد الأدنى. أيضاً تعتمد «الهيئة» على المحابس الإلكترومغناطيسية للتحكم في منسوب المياه داخل الخزانات ومنع هدرها، كما تستخدم تقنية استعادة الطاقة بوساطة أجهزة (XP) ذات القدرة العالية، وأجهزة (VFD) في نظام الضخ لأغراض الاستدامة وتوفير استهلاك الطاقة.
وأشار إلى أن «الهيئة» لا تكتفي بتطبيق أحدث التقنيات وتوظيف آخر الابتكارات ذات العلاقة بتوفير خدماتها الأساسية فحسب، وإنما تحرص أيضاً على الجانب المجتمعي من خلال إطلاق المبادرات الهادفة إلى ترسيخ ثقافة الترشيد في المجتمع، ولعل مبادرتي «بيتك يهمنا» و«للخير نرشد» هما أبرز مبادرات الهيئة في هذا المجال، حيث تهدف مبادرة «بيتك يهمنا» إلى تحقيق خفض فعلي في نسب استهلاك الكهرباء والماء ونشر ثقافة الترشيد، أما مبادرة «للخير نرشد» فتهدف إلى رفع كفاءة استهلاك المياه وزيادة الوعي بأهمية ترشيد الاستهلاك وممارساته، ويتم من خلالها تركيب أجهزة ترشيد المياه مجاناً في جميع مساكن المواطنين بشمال الإمارات، إلى جانب مجموعة من المساجد والمدارس والجهات الحكومية، مشيراً إلى مبادرات وبرامج «الهيئة» الأخرى ذات العلاقة بمجال الترشيد وجهود الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة، ومن ذلك استمرارها في تعميم مشروع إحلال العدادات الميكانيكية القديمة بعدادات ذكية، وإدراج مواصفات المباني الخضراء ضمن أعمال الاستشاريين، لافتاً إلى حرص «الهيئة» على تطبيق أفضل الممارسات وأحدث الابتكارات ذات العلاقة بترشيد الاستهلاك والحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق الاستدامة.

14 حلاً 
وبيّن هؤلاء أنّ الـ14 حلاً ستساهم في تحقيق مستهدفات الدولة المستقبلية التي ارتكزت عليها استراتيجيتها الخاصة بـ«الأمن المائي 2036»، والمتمثلة في خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21%، وزيادة مؤشر إنتاجية المياه إلى 110 دولارات لكل متر مكعب، وخفض مؤشر ندرة المياه بمقدار 3 درجات، وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، وتوفير سعة تخزين يومي للحالات العادية في النظام المائي، علاوة على السعي لخفض متوسط استهلاك الفرد إلى النصف، وتطوير نظام إمداد مائي يحافظ على سعة تخزين لمدة يومين تحت الظروف العادية، يعادل توافر إمداد مائي في نظام التخزين لمدة 16 يوماً في حالات الطوارئ، وبما يعادل الإمداد لمدة قد تزيد على 45 يوماً في حالات الطوارئ القصوى.

  • إبراهيم البحر
    إبراهيم البحر

الشأن المائي
وقال إبراهيم البحر، خبير اقتصادي، إن قضية الأمن المائي ليست حديثة على حكومة الإمارات، إذ تثبت الجهود التي بذلتها خلال السنوات الماضية أنّ هذه القضية كانت ولا تزال ضمن أولوياتها، ويُعد إنشاء السدود والحواجز المائية وتوظيف تقنيات خاصة بترشيد استهلاك المياه والاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالقطاع المائي وأمنه وغيرها الكثير من الجهود مؤشراً بأنّ المحافظة على موارد المياه التي تنعم فيها الدولة من ضمن أولوياتها السابقة والحالية.
وأكد أهم الحلول المفيدة في تعزيز هذا الأمن والمتمثلة في عدم الإسراف وترشيد استهلاك المياه، وذلك عبر استخدام ما يلزم من الحاجة للمياه، والبحث عن بدائل أخرى لتحلية المياه من خلال تشجيع الشركات المختصة بتصنيع تقنيات المياه على تقديم تقنيات أكثر تطوراً من الطرق التقليدية وأقل تكلفة، والعمل على زيادة كميات المياه الجوفية التي تنعم فيها الإمارات تحسباً للطوارئ، وذلك من خلال إنشاء منابع صناعية لتخزين هذا النوع من المياه، ووجوب تعاون مختلف مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة على المحافظة على المياه.

  • عبدالحميد رضوان
    عبدالحميد رضوان

المياه التقليدية
قال عبدالحميد رضوان، مستشار اقتصادي: «إن اعتماد دولة الإمارات على مصادر المياه التقليدية مثل البحر والمياه الجوفية لم يأت من فراغ وإنما جاء بحكم موقعها في حزام المناطق الجافة التي تتسم بقلة هطول الأمطار، ومن هنا يتوجب على الجهات المعنية بالشأن المائي وأمنه، التركيز على اتباع سياسة الاستهلاك المتوازنة لمصادر المياه ومصادر استهلاكه مثل الأفراد والأنشطة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال يتوجب الالتفات إلى نشاط الزراعة المحلية الذي يعد مستهلكاً كبيراً للمياه، حيث يتوجب التركيز على زراعة منتجات أقل استهلاكا لمياه الري، واللجوء لاستيراد بدائل عن المنتجات الزراعية المحلية المستهلكة للمياه.
وأكد أنّ توجه الدولة نحو التركيز على مصادر المياه غير التقليدية مثل استمطار السحب يعد أحد الحلول الناجعة لتحقيق أمنها المائي ويتوجب الالتفات إلى حلول إضافية منها التوسع في توظيف أحدث التقنيات المختصة بتوفير مياه غير تقليدية، وتوظيف أنظمة ذكية لترشيد استهلاك المياه والاستفادة المثلى من مياه السدود والتركيز على تقنيات تعتمد على علوم هندسة إعادة تدوير المياه.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©