الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خلال ختام ملتقى «أبوظبي الاستراتيجي».. مشاركون: «كورونا» يؤكد الحاجة للاستثمارات الرقمية والطاقة المتجددة

خلال ختام ملتقى «أبوظبي الاستراتيجي».. مشاركون: «كورونا» يؤكد الحاجة للاستثمارات الرقمية والطاقة المتجددة
13 نوفمبر 2020 00:53

أبوظبي (الاتحاد)

أكد المتحدثون في اليوم الثالث والأخير من ملتقى أبوظبي الاستراتيجي السابع أمس، إلى أن «كوفيد-19»، كشف الثغرات في أنظمة الرعاية الصحية في كل العالم، إلا أنه في الوقت نفسه كانت له جوانب إيجابية تتمثل بتوظيف الابتكار والتكنولوجيا في القطاع الصحي، كما ذكر الخبراء أن الدول استجابت للتبعات الاقتصادية لأزمة كورونا من خلال التوسع المالي الكبير، ما يعني أن الأنظمة المالية للدول ستواجه عجزاً وضغطاً مستقبلياً هائلاً، وأشاروا إلى مشكلة غياب اليقين حتى بالرغم مما نُشر مؤخراً عن قرب اكتشاف لقاح جديد، ما يعني أن التبعات الاقتصادية لأزمة كورونا ستستمر حتى إلى ما بعد عام 2021. 

وقالت الدكتورة شوبا سوري، الباحثة في مجال السياسات الصحية في مؤسسة أوبزيرفر للبحوث في نيودلهي، إن أنظمة الرعاية الصحية لم تكن مصممة للتعامل مع التحدي الذي فرضه هذا الوباء الذي يأتي مرة كل 100 عام، وإن من أهم تأثيرات الوباء التي ينبغي التعامل معها هو الإجهاد الشديد الذي طال البنية التحتية لأنظمة الرعاية الصحية، حيث تأثرت الموارد المرصودة للمشاكل الصحية الأخرى بسبب التركيز على كوفيد- 19. 
ومن ناحيتها رأت الدكتورة مهشاد عبير، الباحثة الرئيسة في مجال السياسات الصحية في مؤسسة راند، أن وباء كورونا جعلنا ندرك محدودية أنظمتنا الصحية، لكنه من ناحية أخرى أرغمنا على الابتكار واستخدام تكنولوجيات لم تكن مستخدمة من قبل، وانتقدت الدكتورة عبير منظمة الصحة العالمية وقالت إنها لم تكن كفؤة في قيادة جهود مكافحة أزمة كورونا، إلا أنها أكدت أنه لم يفت الأوان بعد بالنسبة للمنظمة لتتبع منهجية أكثر قدرة على مواجهة الوباء، وجمع البيانات والمعلومات ومشاركتها على نطاق واسع لأخذ الدروس المستفادة.
وأكدت الخبيرتان في السياسات الصحية أن الوباء مازال يتطور، وأن التحدي أمام الدول يكمن في رفع مستوى الجاهزية وبناء القدرات للتعامل مع الوباء من خلال تخصيص المزيد من الموارد والاستثمارات في البنية التحتية الصحية باعتبارها مسألة أمن قومي للدول، وتعزيز جمع البيانات وتحليلها لدعم السياسات، وتعزيز المرونة الصحية من خلال التركيز على الرعاية الأساسية والفئات الأكثر هشاشة صحياً، فضلاً عن الحاجة إلى تضافر الجهود الجماعية المشتركة لتطوير أفضل الممارسات والتعاون لمكافحة وباء ذي طبيعة عالمية أصلاً.

اقتصاد ما بعد كورونا
في الجلسة التي تناولت اقتصاد ما بعد كورونا، قال البروفيسور جياكومو لوتشياني، الأستاذ في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف، إنه مع تنامي إمكانية توافر لقاح في الفترة القريبة فإن اقتصادات العالم يمكن أن تشهد تحسناً لكنها لن تعود إلى سابق عهدها قبل أزمة كورونا بسبب وجود تأثير نفسي للجائحة، حيث إن المستهلكين باتوا أكثر قلقاً من المستقبل، متوقعاً أن تكون هناك إعادة نظر في العولمة، وتراجع الاعتماد على السياحة كمصدر دخل أساسي للدول. 
وأضاف البروفيسور لوتشياني أنه على مدار نصف القرن الماضي، كان النمو تتصدره عملية الاستهلاك المتزايد، وكان هناك تشجيع للأسر على استهلاك المزيد، ونتيجة لذلك حدث نمو عالمي ضخم، قادته الولايات المتحدة وأوروبا، لكن هذا النموذج بدأ ينحسر، لأن العالم بدأ يستشعر أهمية الحد من التلوث والإضرار بالطبيعة والبيئة، وبدأ العالم يدرك بشكل كبير أهمية تخفيض البصمة الكربونية في أنشطتنا جميعها.
ومن جهته قال الدكتور ناصر السعيدي، رئيس شركة ناصر السعيدي وشركاه، إن الاقتصاد العالمي يشهد حالة من 
اللا يقين، حيث انخفض الإنتاج العالمي بنسبة 4.5%، كما انخفض دخل العمالة بنسبة 11% وشهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعاً بنسبة 15%، على الأقل خلال النصف الأول من 2020. 
وأضاف السعيدي أنه من المهم الانتقال من النمو الذي يدعمه الاستهلاك إلى النمو الذي يدفعه الاستثمار، والتحول باتجاه الطاقة المتجددة وضخ مزيد من الأموال في الاستثمارات الرقمية، مشدداً على أنه ينبغي توخي الحذر فيمن يتحكم بالشبكات والعالم الرقمي، إذ من المهم إدراك أن شركات التكنولوجيا العالمية، مثل أمازون وأبل ومايكروسوفت، أصبحت قوى عظمى بحد ذاتها، كما أشار إلى أن جائحة كورونا أثبتت الحاجة إلى تقليل الفجوة الرقمية بين الدول وفي الوقت نفسه تقليل فجوة الانقسام داخل الدول نفسها.

التنافس الصيني- الأميركي
وفي الجلسة الأخيرة المخصصة لمناقشة تأثير جائحة كورونا في التحولات الجيوسياسية الدولية، قال وال أندريس أورتيجا، الباحث الرئيس في مجال الحوكمة العالمية والتحولات التكنولوجية في معهد إلكانو الملكي في مدريد، إن جائحة كورونا سرعت توجهات جيوسياسية موجودة بالفعل، أكثر من إيجادها اتجاهات جديدة، كالتنافس الصيني- الأميركي، وأن هناك تأثيراً متفاوتاً للجائحة في المشهد الدولي، فهناك قوى تغلبت على الجائحة بخسائر محدودة مثل الصين. 
وأضاف أورتيجا أن جائحة كورونا أظهرت أن هناك استقطاباً كبيراً في مجلس الأمن، وأن العمل الجماعي الدولي بات أكثر صعوبة على الرغم من تزايد الحاجة إلى تعددية الأطراف، مؤكداً أن الجائحة أظهرت أهمية دور التكنولوجيا والصحة والأمن الغذائي، وأن التعاون بين القطاعين العام والخاص بات ضرورة ملزمة.
من جهته قال الدكتور ماثيو بوروز، مدير مبادرة الاستشراف والاستراتيجية والمخاطر في مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع لمجلس الأطلسي، إن جائحة كورونا ساعدت في نقل مركز ثقل الاقتصاد العالمي إلى شرق آسيا بسرعة أكبر، إذ إنه كان من اللافت أن الصين تمتعت بقدر جيد من المرونة في التعامل مع الوباء على الرغم أنها كانت الدولة الأولى التي تتأثر به. وأضاف الدكتور بوروز أنه يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تستفيد من الجائحة بالنظر إلى تزايد الاهتمام بالنفط من أجل استعادة النمو في العالم.

القوة العالمية
قال الدكتور زيد عيادات، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، إن جائحة كورونا لا تمثل صدمة استراتيجية بسبب أنها لن تكون مؤثرة بشكل مفصلي على خريطة توزيع القوة العالمية. وأشار عيادات إلى أن أزمة وباء كورونا أثبتت أن سلاسل التوريد تعد جزءاً أساسياً من قوة الدولة، وأن الدول التي كانت تعتمد على سلاسل التوريد الصينية ستعمل على الاعتماد على المصادر المحلية والإقليمية. وأضاف الدكتور عيادات أنه ما من شك بأن أعباء كورونا كانت ثقيلة للغاية على دول الشرق الأوسط، وما لم يكن هناك وعي لدى القيادات في المنطقة فقد نواجه ظروفاً حرجة للغاية.
وفي نهاية الملتقى قدمت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، الخلاصات والاستنتاجات التي توصل إليها المتحدثون في جلسات الملتقى الثمانية على مدى ثلاثة أيام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©