الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التدريب الهجين و«الواقع المعزز» خيار الجامعات في «كورونا»

التدريب الهجين و«الواقع المعزز» خيار الجامعات في «كورونا»
8 نوفمبر 2020 01:22

دينا جوني (دبي) 

أصبح التدريب الميداني في مختلف الاختصاصات الأكاديمية شرطاً للتخرّج في الجامعات بالدولة، وفقاً لمعايير الترخيص المعدّلة والمطوّرة التي وضعتها مفوضية الاعتماد الأكاديمي في وزارة التربية والتعليم. ولفت عدد من الخبراء إلى أن التدريب تحوّل إلى تحدٍّ أمام الطلبة والإدارات الجامعية منذ العام الأكاديمي الماضي مع انتشار جائحة كورونا، لتنظيم وتأمين التدريب اللازم للطلبة، لتزويدهم بالمهارات المطلوبة.
والتدريب الميداني عبارة عن مجموعة من المهارات والخبرات الميدانية التي تقدمها إما الجامعات خلال فترة الدراسة أو بعض المؤسسات والهيئات، لطلبة الجامعات ولمدة ثلاثة أو أربعة أشهر لاكتساب المهارات العملية والفنية والإدارية، تمهيداً لدخول الطلبة في عالم الوظيفة بكل كفاءة وجدارة. كما يلعب التدريب الميداني دوراً في صقل شخصية الطالب وجعله أكثر جدية في الالتزام بدوام العمل وسلوكياته المهنية. فهل يؤمن «التدريب الميداني عن بُعد» المهارات والسلوكيات المطلوبة لنجاح الطالب في الحصول على وظيفة المستقبل؟ 

  •  عبد اللطيف الشامسي
    عبد اللطيف الشامسي

أشار الدكتور عبد اللطيف الشامسي، مدير مجمّع كليات التقنية العليا، إلى أن تدريب الطلبة خلال جائحة «كورونا» يتم من خلال برامج المحاكاة والواقع المعزز، في محاولة لتعويض إلغاء التدريب الميداني الحضوري في مختلف التخصصات خلال فترة التعليم عن بُعد. لكن بدءاً من الفصل الدراسي الجاري، اعتمدت الجامعة نموذج التدريب الهجين مواكبة للتعلم الهجين، حيث يمكن للطالب إنجاز التدريب عن بُعد عبر التقنيات والبرامج الحديثة، بالإضافة إلى التدريب الميداني لبعض التخصصات. وأكد أن فترة التدريب عن بُعد تجعل الطالب مهيأ عند العودة إلى المختبر لاستكمال التدريب، وتقلل من فترة وجوده في المختبر لكونه اكتسب الكثير خلال التدريب عبر برامج المحاكاة. وقال: إن الجامعة من خلال فرق عملها من الأساتذة والتقنيين والشركاء، تعمل على بناء برامج تدريبية متكاملة تؤمن تجربة تفاعلية غنية للطلبة لكي تطبق خلال وبعد جائحة «كورونا». 
وأكد الدكتور الشامسي أنه على الرغم من الفائدة الكبيرة للتدريب عن بُعد، إلا أنه لا يكفي لخلق تجربة متكاملة للطلبة في قطاعات مختلفة؛ لذلك فإن التدريب عن بُعد، مدعوماً بالتدريب الحضوري يعدّ الشكل المثالي للتدريب والتعلّم في الجامعة.
وتعمل جامعة دبي على تأمين مستلزمات «التعلم والعمل والبحوث عن بُعد» في هذه الفترة الحرجة من أزمة «كورونا»، وتأمين استمرارية التدريب الميداني لطلبة الجامعة الذي يعتبر شرطاً أساسياً قبل نيل شهادة التخرّج لأنه يساهم في إعدادهم لسوق العمل. ويقوم عادة مكتب التدريب الميداني في الجامعة بتأمين العمل للطلبة في عدة شركات وهيئات قبل تخرجهم، ولكل طالب حسب اختصاصه، غير أن الظروف التي يمر بها قطاع التعليم جعلت من التدريب مسألة معقدة تمثل تحدياً لجهة تأمين عمل لهم في هذه الفترة.

  •   عيسى البستكي
    عيسى البستكي

وقال الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، إن التدريب الميداني هو فترة يقضيها الطالب في المؤسسة التي تحقق أهداف الدرجة العلمية للطالب في الجامعة، وتضيف له مهارات إدارية وقيادية، والعمل مع فريق، والالتزام بأوقات الدوام والانضباط، والتعرّف على مهام الموظفين في الهيكل التنظيمي للمؤسسة، بالإضافة إلى تطبيق العلوم النظرية ميدانياً، لافتاً إلى أن هذه الأهداف أو المخرجات يمكن أن تتحقق في هذه المرحلة باعتماد التدريب الهجين أو اعتماد التدريب عن بُعد في الحالات التي تكون المؤسسة أساس عملها هو العمل عن بُعد، وذلك حفاظاً على سلامة الطلبة والمجتمع.
ويرى الدكتور البستكي أن التدريب الميداني سيتطور في المستقبل ليشمل قضايا مهمة تتعلق بعناصر العمل المختلفة، ولكن على مؤسسات التعليم العالي والشركات في الوقت الحالي إيجاد الحلول المناسبة للطلبة لمواجهة هذا التحدي في هذه المرحلة الانتقالية والاستثنائية، الأمر الذي يتطلب جهوداً مكثفة من الهيئات الحكومية والمحلية وأصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة لإيجاد هذه الحلول.

  • آمنة المرزاق
    آمنة المرزاق

وقالت آمنة المرزاق، مدير التدريب العملي والتطوير المهني وشؤون الخريجين في جامعة دبي: إن طلبة الجامعة الذين التحقوا خلال الفصل الصيفي كمتدربين ميدانيين في شركات ومؤسسات الدولة مارسوا معظم مرحلة التدريب الميداني عن بُعد. وأشارت إلى أن عدد الطلبة الذين تم تدريبهم يفوق أربعين طالباً وتمّ تدريبهم في شركات ومؤسسات تناسب اختصاصاتهم في إدارة الأعمال وتقنية المعلومات وغيرها.
وقالت المرزاق: إن قسم التدريب العملي والتطوير المهني في الجامعة عمل جاهداً على تأمين فرص التدريب العملي عن بُعد خلال فترة الصيف، وذلك لمساعدتهم وتمكينهم من التخرّج حسب مخططهم الدراسي والالتحاق بسوق العمل، بالتواصل والتنسيق مع مؤسسات محلية وعالمية معروفة بإدارة مشاريعها عن بُعد. كما تقوم إدارة التطوير المهني باستضافة خبراء مهنيين لإلقاء محاضرات «عن بُعد» للطلبة المسجلين في التدريب الميداني. وتتمحور هذه المحاضرات حول كيفية الاستفادة من التدريب العملي عن بُعد، واكتساب مهارات سوق العمل واستراتيجيات البحث عن عمل خلال الظروف الحالية.

  •   وجاهات حسين
    وجاهات حسين

وقال الدكتور وجاهات حسين، الرئيس التنفيذي لمجموعة أميتي التعليمية الشرق الأوسط، إنه خلال جائحة «كورونا» وفرت الجامعة لطلابها مجموعة متنوعة من خيارات التدريب الهجين وعن بُعد، سواء كان ذلك من خلال ممارسة طلاب الحقوق لمحاكمة تحاكي ما سيشهدونه بعد تخرجهم في قاعات المحاكم الحقيقية، أو بناء طلاب العلوم لمحطة أرضية للأقمار الصناعية في الحرم الجامعي، أو تركيب ألواح شمسية كهروضوئية لتصبح مستدامة ذاتياً. وقال: إن الجامعة تقدّم طرقاً جديدة للتعلم وبرامج مبتكرة ومشاريع محفزة باستمرار لضمان اكتساب الطلاب الثقة بأنفسهم والاستعداد للانخراط في عالم الشركات والصناعة.
وأضاف أن أعضاء هيئة التدريس والموظفين عملوا على مدار الساعة لضمان وصول الطلاب إلى جلسات المحاضرات التفاعلية والفصول المسجلة مسبقاً والبرامج التعليمية والتدريبية المخبرية الافتراضية، وأي مواد تعليمية إضافية عبر الإنترنت، لافتاً إلى أن مزايا التعلم الرقمي هائلة وعلى مؤسسات التعليم والعمل الاستفادة منها إلى أقصى حد. 
وقال إنه تمّ تصميم حرم الجامعة لإلهام الطلاب ليصبحوا مبدعين مستقبليين، مع الحرص على دمج مبادرات وأفكار الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في نموذج الجامعة، مع توفير مجالات الدراسة التقليدية مثل الإدارة والعلوم، إلى جانب برامج العصر الجديد مثل الفضاء والطاقة الشمسية وتعلم الآلة.

  • عواطف الهرمودي
    عواطف الهرمودي

تقليص فجوة المهارات
قالت الخبيرة المصرفية عواطف الهرمودي: إن التدريب عن بُعد يشكّل تحدياً حقيقياً لطلبة الجامعات المتخصصين في القطاع المصرفي والمالي، لافتة إلى أن غياب التدريب العملي لا يؤثر فعلياً في فرص الطلبة في الحصول على عمل في هذا القطاع. وشرحت الهرمودي أن التدريب الميداني هو أول خطوة في مجال العمل، إلا أن التدريب عن بُعد في المؤسسات المصرفية والمالية تحوطه العديد من التحديات أبرزها أن خصوصية العملاء في هذا القطاع وسرية بياناتهم والمعلومات المتعلقة بهم. وقالت: إن أي مؤسسة مصرفية أو مالية لن تخاطر بتدريب عن بُعد باستخدام برامج التواصل الحي عبر الكاميرا داخل المصرف بوجود العملاء والأحاديث التي تدور خلالها بين العميل والموظف.
وأكدت أنه على الرغم من ذلك، فإن غياب التدريب الحضوري لا يؤثر على فرص الطلبة في إيجاد عمل في هذا القطاع، ويمكن في فترة لاحقة تعويض المهارات التي يفترض أن يكتسبوها مبكراً. وأشارت إلى أنه بشكل عام من الصعب أن يكون التدريب عن بُعد بقوة التدريب الميداني الحضوري، علماً بأن التدريب باستخدام برامج المحاكاة والواقع المعزز قد تلعب دوراً مهماً في هذا المجال وتقلّص فجوة المهارات.

«التربية»: التدريب في الكليات العلمية و«العلوم الإنسانية»
أشارت وزارة التربية والتعليم إلى أن التدريب لم يعد إلزامياً في الكليات العلمية فقط، وإنما أصبح من شروط الدراسة في اختصاصات العلوم الإنسانية أيضاً، من القانون إلى اللغات والفلسفة وغيرها. 
وأكد الدكتور محمد يوسف بني ياس، مدير مفوضية الاعتماد الأكاديمي في وزارة التربية والتعليم، أنه تمّ العمل على إعادة هيكلة المناهج في بعض الاختصاصات العلمية، بحيث تكون مناصفة بين المواد النظرية والعملية في عدد من الكليات العلمية، ليصبح نصيب الجانب التدريبي من اختصاص الصيدلة 40%، و50% للطب، و40% لطب الأسنان، و60% للتمريض. 
وكانت المفوضية قد وجّهت الجامعات لأن يصبح لكل كلية مجلس استشاري من قطاع الأعمال والجهات التي توظف، مشيراً إلى أنه ليس مطلوباً أن يكون الأستاذ الجامعي واضعاً للمناهج والمواد النظرية من دون أن يدري ماذا يحصل في سوق العمل ومتطلباته والمهارات التي يتطلبها لمواكبة التطور المستمر. 
وشرح بني ياس أنه خلال فترة كورونا، فإن الرقابة عن بُعد على التدريب الجامعي العملي والتدريب السريري ليس بالأمر السهل، وكذلك الأمر بالنسبة للتفتيش على المختبرات العلمية، لكون ذلك يتطلب حضور فرق الاعتماد الأكاديمي عن قرب.

مواكبة
قال جان جودفولك، العميد والمدير التنفيذي لكلية هالت الدولية لإدارة الأعمال، إنه لطالما كانت القدرة على التغيير ومواكبة التطور والابتكار سر قوة مؤسسات التعليم العالي. وأضاف أن الجامعات تعلمت بسرعة كيفية تقديم تعليم فائق التأثير والجودة على نطاق أكبر بكثير مما كان يتم سابقاً، منها كيفية تسهيل التواصل عبر الشاشة في التعليم والتدريب الشخصي والهجين، وبناء المجتمع الجامعي أثناء العمل والتدريس من المنزل. وقد أكد الوباء ما كان الطلبة والموظفون وأعضاء هيئة التدريس يعرفونه عن أنفسهم، وما يتمتعون به من المرونة والابتكار والتفاؤل والتكيف مع الواقع الجديد بطريقة سريعة ومنظمة.

تجربة
قالت رندة بسيسو، مديرة مركز الشرق الأوسط لجامعة مانشستر: لقد استفدنا من تجربة الانتقال، أثناء الجائحة، إلى التعليم عبر منصة افتراضية، لضمان استمرار تعليم وتدريب الطلاب، والانتقال بسرعة إلى ورش العمل الافتراضية، وقد تمّ بالفعل تحويل جزء كبير من مساقات برامج الماجستير بدوام جزئي إلى شكل رقمي افتراضي. كما تمكّن أعضاء هيئة التدريس من التكيف مع بيئة ورشة العمل الجديدة والاستمرار في تقديم تجارب غنية وتفاعلية للطلاب. 
وقالت: إن الجامعة تبحث باستمرار عن طرق لإتاحة الوصول إلى خبرات وفرص تعلم عالية الجودة من خلال برامج تعليمية هجينة للطلاب عبر المراكز الدولية للجامعة، مع الاستمرار في استكشاف إمكانات الأنظمة الرقمية وغيرها من المنصات، لكي يصبح التعلم والتدريب عبر الإنترنت أكثر عملانياً وسهولة في تحقيق الاستفادة القصوى للطلبة.
وقالت: إن التعليم والتدريب كما القطاعات الأخرى يتحول ليصبح رقمياً. بناءً على خبرتنا الكبيرة في هذا المجال، نتفهم أن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس يجب أن يكونوا مرتاحين مع منصة التكنولوجيا التي تدعم تجربة التعلم بشموليتها. 
وحول سرعة الاستجابة لتحديات جائحة «كورونا»، قالت إنه عقب الانتقال إلى ورش عمل افتراضية، لمسنا إيجابية كبيرة في ردود فعل الطلبة الذين قدروا جهود الجامعة في ضمان استمرارية الدراسة والتدريب من خلال المنصات والأدوات عبر الإنترنت التي وفرت تجربة تعليمية غنية وتفاعلية. 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©