الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات والصين.. علاقات استراتيجية وخارطة طريق لــ100 عام

الإمارات والصين.. علاقات استراتيجية وخارطة طريق لــ100 عام
30 سبتمبر 2020 23:00

أحمد عبدالعزيز (أبوظبي) 

أعرب ني جيان سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الدولة عن سعادته بما وصل إليه التعاون بين بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة، والذي شمل مجالات عدة، أهمها التكاتف في مواجهة جائحة كوفيد - 19، والتي ثمن فيها جهود الإمارات ومواقفها مع الصين منذ بداية الأزمة والتي وصفها بـ«أحرج اللحظات» مؤكدا أنه لا يمكن نسيان رد الجميل للإمارات الصديقة والتعاون الذي قام به البلدان للوقاية والسيطرة المشتركة على الوباء وتقاسم البيانات. 
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في حفل الاستقبال الافتراضي الذي أقامه، ظهر أمس، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الـ71 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، حيث أكد فيها عمق العلاقات الثنائية بين الصين والإمارات على مدار العقود الماضية والتي شهدت تطوراً كبيراً في مختلف المجالات. 
وقال السفير جيان: «إنها لسعادة غامرة لنا أن نجتمع مع أصدقائنا الجدد والقدامى احتفاء بالذكرى السنوية الواحدة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية عبر حفل افتراضي في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد»، مشيراً إلى أنه منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، وقف الشعب الصيني البالغ عدد سكانه ربع سكان العالم شامخا في العالم الشرقي، مما دشن حقبة جديدة في تاريخ الصين. على مدى 71 سنة مضت، حققت الصين التي ولدت من الفقر والضعف ازدهارا وطنيا ونهوضا قوميا، وخطت بخطوات واثقة نحو تحقيق حلم الصين العظيم للأمم الصينية». 

إمدادات طبية 
وأوضح السفير جيان قائلا: «الكارثة لا ترحم والإنسان يعطف. ولن ننسى وقوف الإمارات حكومة وشعبا بكل حزم إلى جانب الصين ومد يد العون سياسيا وماديا إليها في أحرج اللحظات، بما يترجم معنى «أصدق الأصدقاء» بالأقوال والأفعال. حيث أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اتصالاً هاتفياً مع فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ في اللحظة الأولى، وأعرب في تغريدة على حسابه الرسمي «تويتر» عن استعداده لتقديم كل الدعم للصين. وسرعان ما قامت الإمارات بإرسال إمدادات طبية إلى الصين وتيسير الرحلات الجوية بين البلدين وتزيين أبرز المعالم والمباني وفي مقدمتها أعلى مبنى في العالم «برج خليفة» ومبنى شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» بألوان العلم الصيني ثلاث مرات، بما يبعث إشارة إيجابية إلى المجتمع الدولي لتساند وتعاضد البلدين في تذليل الصعوبات والعقبات». 

الصديق وقت الضيق
وبيّن أنه في أعقاب سيطرة الصين على الوباء، لا تنسى رد الجميل للإمارات الصديقة حيث أجرى الجانبان الصيني والإماراتي تعاونا فعالا في الوقاية والسيطرة المشتركة على الوباء وتقاسم البيانات، وعقد الخبراء الطبيون الصينيون عدة اجتماعات مع زملائهم الإماراتيين لتبادل الخبرات في التشخيص والعلاج والسيطرة على الوباء. وفي الوقت نفسه، بذلت الصين قصارى جهدها في تلبية حاجة الإمارات الملحة في الأدوية والمستلزمات الوقائية والمواد الخام. 
وقال: المثل الشائع «الصديق وقت الضيق»، أصبحت الصين والإمارات رفيقين وشريكين يقاتلان جنبا إلى جنب في الصفوف الأمامية لمواجهة الوباء حريصين على مفهوم «مجتمع المستقبل المشترك للبشرية». هذا وحضر فخامة شي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد سوياً قمة استثنائية افتراضية لمجموعة العشرين بشأن كورونا، وأجرى معالي وانغ يي مستشار الدولة ووزير الخارجية الصيني اتصالا مرئيا مع سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية والتعاون الدولي خلال الاجتماع رفيع المستوى حول التعاون الدولي لمبادرة الحزام والطريق والاجتماع الوزاري التاسع لمنتدى التعاون الصيني العربي كل على حدة». 

مساعدات للصحة العالمية
وأضاف أن الصين بادرت إلى تقديم دفعتين من المساعدات النقدية بقيمة 50 مليون دولار أميركي إلى منظمة الصحة العالمية، وإرسال 34 فريق خبراء طبيين إلى 32 دولة وتزويد 150 دولة وأربع منظمات دولية بـ 283 دفعة من المؤن الطبية توازيا مع تصدير المواد الطبية إلى ما يربو على 200 دولة ومنطقة. ومن جانبها أرسلت الإمارات أكثر من 1400 طن من المساعدات الطبية إلى قرابة 120 دولة والتي تفيد 1.4 مليون عامل في مجال الرعاية الصحية، سعيا لإعلاء القيم الإنسانية. إنه لأمر مثير أن تكون الإمارات أول دولة تجري المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الصين المضاد لفيروس كورونا، الذي اعتمدت الإمارات على استخدامه الطارئ لأفراد خط الدفاع الأول بعد مشاركة 31 ألف متطوع من 125 جنسية في التجارب، مما أرسى علامة فارقة لتعاون البلدين في توفير منتجات الصحة العامة العالمية، ولاح بريق الأمل في هزيمة الوباء. 

إنجازات صينية - إماراتية 
وأشار السفير جيان إلى أنه في هذه السنة، لا تخلو العلاقات الصينية الإماراتية من الإنجازات البارزة. قام البلدان بالتعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق بخطوات متينة، حيث تم تشغيل محطة نور أبوظبي في منطقة سويحان باعتبارها أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم، ومنح كل المناقصات الأربع ضمن المرحلة الثانية من شبكة سكك الحديد الوطنية إلى الشركات الصينية. ولفت إلى افتتاح المدرسة الصينية في دبي حيث أصبحت أول مدرسة صينية رسمية خارج البلاد، مؤكدا المضي قدما في برنامج «تدريس اللغة الصينية في 200 مدرسة إماراتية»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بصورة مطردة، حتى تُدخل 118 مدرسة اللغة الصينية في المناهج الدراسية. بالتزامن مع ذلك، تكلل كل من المعرض الرقمي الأول للاقتصاد والتجارة بين الصين والإمارات والأسبوع الثقافي الصيني الإماراتي بالنجاح التام، وأطلقت الصين والإمارات بنجاح مسبار «تيان ون– 1» ومسبار «الأمل» على التوالي، واللذين يرافق بعضهما البعض في الرحلة الطويلة لاستكشاف الفضاء.

وأكد السفير الصيني لدى الدولة أنه رغم المسافة التي تفصل بين الصين والإمارات، ثمة ترابط وثيق بين البلدين كان ينسجه طريق الحرير الممتد لأكثر من ألفي سنة. أما في الوقت الراهن، فتعيش العلاقات الثنائية أفضل مراحلها تاريخياً تحت رعاية واهتمام قيادتي البلدين. في عام 2021، تحتفل الإمارات باليوبيل الذهبي حيث تستضيف دبي معرض إكسبو الدولي الحافل الذي يحتضن جناح صيني يطلق عليه «نور الصين». وعليه، تحدونا الثقة باستشراف آفاق التعاون المستقبلي بين البلدين.

شما المزروعي: جسور التواصل 
وتحدثت معالي شما المزروعي وزيرة الدولة لشؤون الشباب، في كلمة لها بثتها خلال الحفل باللغة الصينية، قالت فيها: «أتقدم نيابة عن دولة الإمارات وشبابها بأحر التهاني بمناسبة الذكرى السنوية الـ 71 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وفي العامين المنصرمين قام فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة إلى الإمارات في عام 2018، وقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بزيارة إلى الصين في عام 2019، حيث توصل الجانبان الإماراتي والصيني إلى جملة من التوافقات المهمة». 
وأضافت: «وعليه، تطور التعاون الثنائي بين الإمارات والصين بوتيرة سريعة وتم إثراء مقوماته باستمرار، والأهم في المرحلة الحرجة التي يعيشها العالم بسبب تفشي فيروس كوفيد – 19 هذا العام، حيث حافظ البلدان على التعاون للمشاركة في تطوير اللقاح المضاد لكورونا المستجد.

  •  شما المزروعي
    شما المزروعي

وتابعت: «تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على إرساء قيم التسامح والانفتاح والسلام والتنوع في داخلها وخارجها، والشباب أساسها، حيث ترك الشباب الصيني انطباعا عميقا لدينا، ويسعدنا أن نشاركهم صقل المهارات، وزيادة النشاط والحيوية والوفاء بالتعهدات في مجالات جديدة. وفي الوقت ذاته، شرعت في تعلم اللغة الصينية ووقعت في غرام لغتكم تدريجيا ووجدت في الثقافات الصينية والإماراتية قيما استثنائية تتمثل في حب العائلة واحترام كبار السن والشغف بالطبيعة والاستثمار في التعليم الأخلاقي، وتحقيق التوازن بين توارث التقاليد واستشراف المستقبل. وأشارت إلى أن التعاون الإماراتي والصيني ثقافيا وحكوميا واقتصاديا يسهم في بناء جسور التواصل بين دول العالم، لافتة إلى أن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الـ 36 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين، وعلى مدار هذه السنوات شهد البلدان تقاربا في المفهوم التنموي وتجانسا في الأهداف السياسية وتعمقا في التعاون الثنائي ليصبحا صديقين مخلصين لهما مزايا تكميلية في التنمية الوطنية، وشريكين مهمين يجريان التواصل والتنسيق حول الشؤون الدولية والإقليمية. ونتمنى بكل إخلاص للصين مزيدا من التقدم والازدهار ولشعبها كل الرفاهية والسعادة. 

علي الظاهري: نموذج للشراكة
ومن جانبه، توجه علي عبيد الظاهري سفير الدولة لدى بكين، بأحر التهاني إلى جمهورية الصين الشعبية بمناسبة الذكرى الـ 71 لجمهورية الصين الشعبية على تأسيسها، مؤكدا أن إمكانات التعاون بين البلدين تشمل مختلف المجالات الذي يأتي وفق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتي تدفعهما إلى آفاق جديدة في مختلف المجالات ليس فقط الاقتصادية والتجارية والاستثمارات بل وتشمل أيضا العلوم والفضاء والتعاون الأكاديمي. 
وقال السفير الظاهري: «إن أزمة كوفيد – 19 أظهرت قوة ومتانة العلاقات بين البلدين على صعيد البحث العلمي في مجال الصحة حيث تجري الآن المرحلة الثالثة للقاح فيروس كورونا المستجد، حيث كانت الإمارات الدولة الأولي التي تطلق هذه المرحلة من التجارب بالتعاون مع الصين»، مشيرا إلى أن التجارب تشهد تحقيق نتائج مبشرة حيث بدأ بالفعل اعتماد اللقاح رسميا في الدولة للحالات الطارئة والعاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة». وأشار إلى أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين كانت لها آثار إيجابية أهمها تعزيز التعاون التجاري بين الإمارات والصين والذي يشهد ارتفاعا مطردا، حيث تخطت التجارة غير النفطية 50 مليار دولار أميركي العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى نحو 200 مليار دولار بحلول عام 2030. ولفت السفير الظاهري إلى أن هذه الشراكة أدت إلى اتفاقات عدة مذكرات تفاهم في مجالات مختلفة منها التصنيع والذكاء الاصطناعي والفضاء والتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية والثقافة والسياحة والطاقة والأعمال والأقمار الصناعية، موضحا أن معرض إكسبو دبي الذي تأجلت فعالياته إلى العام القادم بسبب أزمة كوفيد - 19، سوف يشهد مشاركة مهمة من الصين حيث تشارك بأحد أكبر الأجنحة والذي تزيد مساحته على 4600 متر مربع حيث يسلط الضوء على الدور الريادي للصين وعلى مشاريع المستقبل ضمن مبادرة الحزام والطريق.

  •  علي الظاهري
    علي الظاهري

وأوضح بأنه يعيش بالإمارات أكثر من 300 ألف مواطن صيني يقيمون ويعملون بمختلف الأنشطة، ويبلغ عدد الشركات الصينية العاملة في الدولة نحو 4200 شركة ومنشأة اتخذت مقار لممارسة أعمالها.

التعاون الاقتصادي المشترك
بين الإمارات والصين ركائز أساسية انطلقت منها شراكتهما الاستراتيجية، حيث تساهم الإمارات في طريق الحرير الاقتصادي، والذي يربط أسواقاً تشكل معاً 40 % من إجمالي الناتج العالمي.

60 مدرسة
يولي الجانبان اهتماماً كبيراً بتعزيز وتشجيع التبادل الثقافي، حيث شهد عام 2010 افتتاح أول مدرسة من نوعها على مستوى المنطقة لتدريس اللغة الصينية في أبوظبي ليتوالى بعد ذلك افتتاح هذه المدارس ليصل إلى 60 مدرسة، كما شهد العام الجاري افتتاح أول مدرسة صينية رسمية خارج الصين في دبي.

اتسمت العلاقات بين الإمارات والصين، بالتعاون والتنسيق على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي تجاه معظم القضايا، من خلال الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين البلدين في 17 نوفمبر عام 2012 بمبادرة من سفارة الدولة ببكين، لتكون اتفاقية شراكة استراتيجية واضحة البنود ومحددة المعالم تنضوي تحت مظلتها كل تفاصيل العلاقات الثنائية بين البلدين.

وصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات والصين إلى 48.67 مليار دولار خلال عام 2019، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 6 في المائة على أساس سنوي، فيما تحتضن الإمارات 4200 شركة صينية و356 وكالة تجارية صينية، وأكثر من 2500 علامة تجارية صينية مسجلة، فيما بلغ رصيد الاستثمارات المباشرة للشركات الصينية في الإمارات 6.44 مليار دولار بين عامي 2018 و2019.

أسهمت قوة العلاقات بين البلدين في نمو ملحوظ بأعداد السياح الصينيين إلى الإمارات، فقد بلغ عدد السياح الصينيين القادمين إلى دبي خلال العامين الأخيرين ما يقرب من مليون سائح سنوياً، فيما تحظى الجالية الصينية في دولة الإمارات بترحيب وتقدير كبيرين على المستوى الرسمي والشعبي، ويقدر عدد المقيمين الصينيين الذين يعيشون في الإمارات بأكثر من 270 ألفاً.

ترتبط الإمارات والصين بمجموعة كبيرة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي شملت قطاعات مختلفة كالطاقة والفضاء والاتصالات والتعليم والرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والتصنيع وغيرها، كما تتسارع وتيرة التعاون بين البلدين في مجال الابتكار والتكنولوجيا، حيث وقع الطرفان مؤخرا مذكرة تفاهم حول التعاون في التجارة الإلكترونية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©