الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صباح الأحمد 70 عاماً في خدمة الكويت

صباح الأحمد 70 عاماً في خدمة الكويت
30 سبتمبر 2020 02:01

أحمد مراد (القاهرة)

في التاسع والعشرين من يناير عام 2006، بايع أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية في الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أميراً للبلاد، مستكملاً مسيرة عطاء بدأها قبل ذلك بعشرات السنين، ليكون الحاكم الخامس عشر للكويت منذ تأسيسها قبل أكثر من 300 عام، وأول أمير يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
وبدأت مسيرته، طيب الله ثراه، مع العمل العام عام 1954 حيث عُين عضواً في اللجنة التنفيذية العليا التي تولت مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية، وفي العام التالي عُين رئيساً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وخلال هذا الموقع ساهم في تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، وأسس مراكز التدريب الفني والمهني للشباب، ومراكز رعاية الطفولة والأمومة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، وعمل على تشجيع تأسيس الجمعيات النسائية والأندية الرياضية، وفي العام 1956 أسس أول مركز لرعاية الفنون الشعبية في الكويت. وفي 1957، جمع الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراه، بين رئاسته لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل ورئاسة دائرة المطبوعات والنشر، وأسس أول جريدة رسمية للكويت، وهي«الكويت اليوم»، وأصدر مجلة «العربي»، وأنشأ أول مطبعة حكومية، وعمل على إحياء التراث العربي، وإعادة نشر الكتب والمخطوطات القديمة، وشكل لجنة خاصة لكتابة تاريخ الكويت، وساهم في إصدار قانون المطبوعات والنشر الذي شكل إضافة مهمة للحياة الثقافية والإعلامية والصحفية في الكويت. وفي عام 1961، عُين الشيخ صباح الأحمد عضواً في المجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور للكويت بعد الاستقلال، وفي العام التالي عُين في أول تشكيل وزاري، وزيراً للإرشاد والأنباء «الإعلام حالياً» وكان عمره وقتها 32 عاماً.
في 28 يناير من عام 1963، شهدت الكويت إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة، وبعدها بأيام قليلة عُين المغفور له، الشيخ صباح الأحمد وزيراً للخارجية، وظل في الموقع أكثر من 40 عاماً حتى لقب بـ«عميد الدبلوماسيين» على مستوى العالم. كما لقب بـ«مهندس السياسة الخارجية الكويتية».
وطوال الأربعين عاماً التي قضاها على رأس الدبلوماسية الكويتية، حقق الشيخ صباح الأحمد العديد من الإنجازات والنجاحات كان لها التأثير الإيجابي الأبرز في تاريخ الكويت الحديث، حيث رفع علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولها عضواً في المنظمة الدولية في 11 مايو 1963، أي بعد 3 أشهر فقط على توليه منصب وزير الخارجية.
ومضى الشيخ صباح الأحمد في توسيع علاقات الكويت الخارجية بغالبية دول العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، حتى أصبح لها نفوذ وثقل دبلوماسي على المستوى العربي والإقليمي والدولي، وأصبح للكويت بعثات دبلوماسية في شتى أنحاء العالم، كما استضافت على أراضيها سفارات وقنصليات لغالبية دول العالم، فضلاً عن استضافة العديد من مقرات المنظمات الدولية والإقليمية.

القوى العالمية
أقام الشيخ صباح الأحمد علاقات قوية مع القوى العالمية الكبرى على أساس التفاهمات والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وظهرت ثمرة جهوده بشكل واضح في اصطفاف دول العالم بجوار الكويت ومناصرتها ضد العدوان العراقي، حيث صدر قرار مجلس الأمن رقم 678 في الثاني من أغسطس عام 1990 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لصد العدوان العراقي على الكويت، وانسحاب القوات العراقية من الأراضي الكويتية.
وعلى المستوى الخليجي، ساهم، طيب الله ثراه، بجهود كبيرة في خروج تجربة وفكرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى النور في العام 1981، وعمل على إنجاح هذه التجربة الخليجية من خلال دعمه المتواصل للمجلس والعمل الخليجي المشترك، وكان لمجهوده ودعمه المتواصل دور كبير في توسيع نطاق أعمال مجلس التعاون الخليجي على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والثقافية.

رئاسة الوزراء
في 14 فبراير عام 2001، تولى الشيخ صباح الأحمد مهمة تشكيل الحكومة الكويتية بالنيابة عن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت، الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، بسبب ظروفه الصحية، وفي 13 يوليو العام 2003 صدر مرسوم أميري بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء.
ومن خلال موقعه في رئاسة مجلس الوزراء، عمل الشيخ صباح الأحمد على تنفيذ رؤية تنموية شملت مختلف قطاعات الدولة، وفي المقدمة منها القطاع الاقتصادي، وشجع على نمو القطاع الخاص، وتوفير فرص العمل الحر، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وبعد عام واحد فقط على توليه رئاسة مجلس الوزراء، قام على رأس وفد اقتصادي بجولة آسيوية شملت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، وخلالها وقع 10 اتفاقيات وبروتوكولات تعاون لتنفيذ مشروعات اقتصادية عملاقة مع هذه الدول، بعدها قام بجولة أخرى شملت العديد من الدول الأوروبية، ونجحت جهوده في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي.
ونفذت الحكومة الكويتية في ظل رئاسته مجلس الوزراء العديد من المشاريع التنموية والخدمية مثل مشروع مصفاة الزور، وتنفيذ بعض المدن الإسكانية الجديدة من أبرزها مدينة المطلاع السكنية العملاقة، إضافة إلى تطوير العديد من الطرق الرئيسية، وإنشاء شبكة حديثة من الجسور والطرق.
في 29 يناير من عام 2006، قرر مجلس الوزراء الكويتي بالإجماع تزكية الشيخ صباح الأحمد أميراً للبلاد، وفقاً للمادة 3 من قانون توارث الإمارة الصادر في عام 1964، وفي كلمة تاريخية عقب أداء اليمين الدستورية وعد سمو الأمير الشعب الكويتي بالعمل من أجل رفعة شأن الكويت وشعبها، وجعلها دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة، ويسودها التعاون والإخاء والمحبة، ويتمتع أهلها بالمساواة في الحقوق والواجبات، مع المحافظة على الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير.
ومنذ اليوم الأول على توليه مقاليد الحكم، حرص الشيخ صباح الأحمد على مواصلة خططه التنموية الشاملة من خلال مشاريع عملاقة وحيوية، وتنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والنهوض بالحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للشعب الكويتي.

وتأتي مدينة «صباح الأحمد البحرية» على رأس المشاريع العملاقة التي تبناها الشيخ صباح الأحمد، وهي أول مدينة ينفذها القطاع الخاص بالكامل، وتم تقسيمها إلى قطاعات تتخللها ممرات مائية صناعية، وتحتوي على خدمات متكاملة من مدارس ومساجد ومراكز أمنية برية وبحرية ومتنزهات عامة. 
وأولى الشيخ صباح الأحمد عنايته بمشروع ميناء مبارك الكبير، وهو من أهم المشاريع التنموية التي شهدتها الكويت في الثلاثة عقود الماضية، وهو ميناء بحري بسعة 24 مرسى، ويعزز مكانة الكويت كمركز مهم للنشاط التجاري على المستوى الإقليمي.
كما يعد مشروع جسر جابر من أهم المشاريع العملاقة التي تبناها الشيخ صباح الأحمد، وهو عبارة عن جسر بحري بطول 37 كيلومتراً، ويربط مدينة الكويت بمدينة الصبية الجديدة، ويعمل على حل أزمة الاختناقات المرورية من منطقة الشويخ، وتسهيل حركة مرور الشاحنات التجارية إلى ميناء الشويخ. يضاف إلى ذلك، مشروع مبنى الركاب الجديد في مطار الكويت الدولي الذي تصل تكلفته إلى 1.3 مليار دينار كويتي، وهو يمثل نقلة نوعية في مجال النقل الجوي في البلاد. أما مشروع مستشفى الشيخ جابر فيعد صرحاً طبياً عالمياً، حيث يعد المستشفى الأكبر في الشرق الأوسط، وسادس أكبر مستشفى في العالم.
وفي العامين الماضيين، افتتح، طيب الله ثراه، العديد من المشروعات المهمة، مثل مركز عبدالله السالم الثقافي، ومدينة الكويت لرياضة المحركات، ومدينة الجهراء الطبية.
وفي يناير العام 2017، أعلن الشيخ صباح الأحمد عن رؤية تنموية واعدة تعرف برؤية «كويت جديدة 2035» تستند على مجموعة هائلة من المشروعات العملاقة التي تعمل على النهوض بالكويت في مختلف المجالات، وتحقيق الرخاء والرفاهية للشعب الكويتي.

تعليم وصحة
حقق الاقتصاد الكويتي في عهد المغفور له الشيخ صباح الأحمد العديد من المعدلات والإنجازات غير المسبوقة، حيث وصل الناتج القومي الإجمالي لاقتصاد الكويت في العام 2018 إلى 141 مليار دولار، وبلغ معدل النمو في 2019 نحو 2%، وتنتج الكويت 2.7 مليون برميل نفط يومياً، وتدخر 10% من إيرادات الحكومة سنوياً لصندوق الأجيال. ويعد صندوق الهيئة العامة للاستثمار الكويتي أقدم صندوق سيادي في العالم، والخامس عالمياً في الحجم بأصول تتجاوز 590 مليار دولار.
وأولى الشيخ صباح الأحمد عناية خاصة بتطوير التعليم والارتقاء بمؤسساته، حيث أنشأ المئات من المدارس الجديدة المزودة بمختلف الوسائل التكنولوجية والتعليمية الحديثة إلى جانب اهتمامه بالنهوض بجامعة الكويت التي شهدت طفرة تعليمية وتكنولوجية غير مسبوقة في عهده.
أما بشأن النظام الصحي، فأدخل الشيخ صباح الأحمد أحدث أنظمة الرعاية الصحية إلى الكويت، حيث توفر الدولة كافة أوجه العلاج للشعب الكويتي، وبحسب بيانات منظمة الصحة العالمية فإن الكويت تحتل المركز الـ27 في متوسط العمر على مستوى العالم، حيث بلغ متوسط العمر للشعب الكويتي في العام 2011 نحو 80 عاماً. كما أسس عشرات المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مناطق ومدن الكويت، وقد وصل مجموع النفقات الصحية للفرد لعام 2011 إلى 1309 دولارات أميركية، ووصل مجموع النفقات الصحية كنسبة مئوية من الناتج القومي الإجمالي لعام2011 إلى 2.7%.

مشاركة سياسية غير مسبوقة
شهدت الحياة السياسية في الكويت خلال عهد الشيخ صباح الأحمد نهضة ملموسة ظهرت بشكل واضح في زيادة نسب المشاركة السياسية، وزيادة نسبة تمثيل المرأة في مجلس الأمة، فضلاً عن الدور الحيوي والمهم الذي يلعبه مجلس الأمة سواء على المستوى التشريعي أو الرقابي. وفيما يتعلق بتمثيل المرأة الكويتية نيابياً، انتخب الشعب الكويتي لأول مرة ضمن نوابه الخمسين أربع نساء فزن بمقاعد نيابية عن ثلاث دوائر انتخابية، وذلك في الانتخابات التشريعية التي أجريت في العام 2009. 
وحققت المرأة الكويتية إنجازاً غير مسبوق عندما كان الشيخ صباح الأحمد رئيساً للوزراء، حيث عُينت أول وزيرة في حكومته التي شُكلت عام 2005، كما شاركت المرأة الكويتية في العملية الانتخابية في أول انتخابات نيابية شهدتها الكويت بعد توليه مقاليد الحكم.
وفي أبريل 2006، مارست المرأة الكويتية حقها السياسي في الانتخابات التكميلية للمجلس البلدي سواء بالترشح أو التصويت، وفي يونيو من نفس العام وافق مجلس الوزراء على تعيين امرأتين من بين 6 شخصيات لعضوية المجلس البلدي لأول مرة في تاريخ الكويت. 

قمم كويتية لصالح العرب
حرص الشيخ صباح الأحمد طوال الأربعة عشر عاماً الماضية على دعم منظومة العمل العربي، سواء من خلال دعمه المتواصل لجامعة الدول العربية أو ترحيبه بعقد قمم عربية مهمة وحيوية في الكويت، أبرزها القمة العربية الاقتصادية الأولى التي استضافتها الكويت برئاسته في يناير 2009، وخلالها طرح أول مبادرة تنموية عربية متمثلة في إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، برأسمال قدره مليار دولار تسهم الكويت فيه بحصة تبلغ 500 مليون دولار.
وفي نوفمبر العام 2013، ترأس   القمة العربية الأفريقية الثالثة التي استضافتها الكويت، وحضرها رؤساء وممثلو نحو 60 دولة عربية وأفريقية، وخلالها أعلن عن توجيه المسؤولين في الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بتقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى 5 سنوات.
وفي أكتوبر العام 2012، ترأس، طيب الله ثراه، منتدى حوار التعاون الآسيوي الأول، وأعلن فيه عن تبرع الكويت بمبلغ 300 مليون دولار لمصلحة برنامج تمويل مشاريع إنمائية في الدول الآسيوية غير العربية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©