السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

البراءة المنسية

البراءة المنسية
4 يوليو 2020 00:41

جمعة النعيمي (أبوظبي)

تبرز إلى الواجهة، مجدداً، الحوادث المتكررة جراء ترك الأطفال بمفردهم في المركبة، أو نسيانهم بداخلها، خاصة في هذه الفترة من فصول السنة، حيث تشتد الحرارة، ما يدفع البعض لترك فلذات أكبادهم لدقائق معدودة في السيارة لجلب غرض ما، أو يسهون عنهم، بالتحدث بالهواتف أثناء النزول منها، وعندها قد تحصل الكارثة ويقع ما لم يكن في الحسبان؛ ولذا تبادر الجهات المعنية ممثلة بشرطة أبوظبي، بإطلاق حملات التوعية التي تحث الجميع على ضرورة تعزيز الإجراءات الوقائية، واتخاذ التدابير اللازمة عند اصطحاب الأطفال والانتباه لهم، وعدم تركهم في المركبة بمفردهم، وبالتالي تعريضهم للاختناق نتيجة نقص الأكسجين، وارتفاع درجات الحرارة داخل المركبة أو تحريكها جراء العبث بناقل الحركة، أو استغلال ضعاف النفوس وسرقة السيارة، وهي صور تتكرر بين الفينة والأخرى في مجتمعنا، ولكن مَن المسؤول عن هذا التصرف السلبي والطائش، وهل يدل ذلك على عدم الاهتمام واللامبالاة وانعدام المسؤولية المجتمعية لدى بعض الأسر والأهالي تجاه أطفالهم، وكيف يطبق القانون على هذه المخالفات بحسب وجهة نظر أهله؟

يقول المحامي والمستشار القانوني عبدالرازق البلوشي، عضو جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين بفرع أبوظبي: «إن قضية إهمال الأطفال ونسيناهم وتركهم في المركبات، ازدادت في الآونة الأخيرة رغم المحاذير والمخاطر والعقوبات والغرامات التي أقرها المشرع الإماراتي في قانون العقوبات الاتحادي وقانون (وديمة) اللذين يشددان العقوبة على كل من عرض طفله للإهمال والخطر، ومنها ترك الطفل داخل المركبة ونسيانه».
 ويطالب بضرورة تشديد العقوبة والغرامة على قائد المركبة وتحميله المسؤولية الكاملة تجاه الأطفال الأبرياء الذين قد تذهب حياتهم سدى جراء اللامبالاة والإهمال المتكرر على مر السنوات، مشيراً إلى أن تجاهل أو تساهل ولي الأمر «الأب أو الأم» عند الذهاب للسوق، وترك المركبة في حالة تشغيل أو إطفاء المركبة، أمر في غاية الخطورة، وخاصة أن هذه السلوكيات السلبية تكثر في موسم الصيف، حيث الحرارة الشديدة والشمس الحارقة والرطوبة الشديدة.
ويبين أن الشواهد كثيرة ومروعة، حيث إن ترك السيارة في مواقف السيارات لفترات طويلة أمر سلبي، وقد ينجم عن تلك التصرفات، التسبب في إعياء الأطفال أو الوفاة؛ نظراً لقلة الهواء والأكسجين داخل السيارة أو وقوع أمور لا تحمد عقباها.

أفعال غير مقبولة 
ويضيف المستشار القانوني سالم الحيقي، عضو جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين بفرع أبوظبي: «في ظل انتشار وتفشي جائحة كورونا المستجد كوفيد- 19، انتشرت أفعال غير مقبولة وغير مسؤولة من قبل بعض أولياء الأمور في المجتمع، وذلك بتعريض حياة أطفالهم للخطر، خاصة بعد صدور القرارات التي تمنع دخول المراكز والأسواق التجارية، حيث قام بعض أولياء الأمور بترك الأطفال بمفردهم في المركبة دون حسيب أو رقيب، وذلك بحجة النزول لشراء احتياجات ضرورية للمنزل، معرضين بذلك حياة أطفالهم للخطر».
ويؤكد أن المشرع الإماراتي أوجب الحماية الكاملة للأطفال ضد الإهمال وكافة الأخطار المحدقة بهم، وحظر القائم على رعاية حياة الطفل دون رقابة بمفرده أو تعريض حياته للإهمال، مشيراً إلى أن الأطفال هم فلذات الأكباد وعماد المستقبل وهم مستقبل الأوطان، داعياً إلى ضرورة الحفاظ عليهم من أي خطر يحيط بهم.

 القتل بالإهمال
أما عصام محمد العمران، عضو جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين بفرع أبوظبي، فيقول: «يدنو الموت، وقد يكون قاب قوسين أو أدنى من وقوع الكارثة، دقائق وسُويعات قليلة كفيلة بأن تُفرقَ بيننا وفلذات أكبادنا بسبب الإهمال والنسيان والغفلة عن الأطفال داخل المركبة، يُتركون تحت وطأة الحرارة العالية وقلة الهواء والضغط العالي في هستيريا من الخوف والهلع الشديدين، مستنجدين بالصرخات دون سماع أو لفتٍ للأنظار، ليحدق بهم الموت ويأخذهم على حين غرة، ويكون عندئذٍ فراق الأحبة وفلذات الأكباد، وأرواح أزهقت سدى بسبب لحظات انشغال بمكالمة أو العجز وقلة الصبر لإيجاد موقف والنزول لتبضع أو السهو عنهم لأي سبب كان.. قتل بالإهمال، ضياع روح بريئة لإشباع رغباتنا دون إدراك. قلة مسؤولة ووعي وعدم تقدير نعمة الولد وبراءة الطفولة».
ويشير إلى أن صور المشكلة تتكرر بشكل دائم وتؤرق المجتمع دون حل على الرغم من إطلاق ونشر الجهات المعنية حملات وبرامج توعية واسعة، لاسيما مع حزمة من القوانين العقابية الرصينة الرادعة في هذا الصدد والتي تتمثل في قانون العقوبات الاتحادي وقانون «وديمة» اللذين يشددان العقوبة على كل من عرض طفله للإهمال والخطر، ومنها ترك الطفل داخل المركبة ونسيانه. 
 
 
فلذة الأكباد
وفي ذلك، يقول أيضاً الدكتور علي المنوفي مستشار قانوني: «إن الأطفال هم فلذات أكبادنا؛ ولذا يفضل الآباء أن يصطحبوا أطفالهم معهم في جميع الأوقات، ولا يثقون في تركهم بمفردهم، فيصحبونهم معهم في السيارات، ومع ذلك قد يتركونهم في المقعد الخلفي بالسيارة حين يذهبون لدفع ثمن أو لشراء أي شيء، إلا أن أخطاراً عدة لا يتنبه لها البعض قد تعرض حياة الأطفال إلى ما لا تُحمد عقباه، ولعل أهمّها تركهم داخل السيارة بمفردهم تحت أشعة الشمس الحارقة مع ارتفاع درجات الحرارة أثناء الصيف، وتظهر مشكلة ترك الأطفال بمفردهم داخل السيارة التي تتحول إلى فرن بسبب الحرارة المرتفعة، ما يضع حياة الأطفال في خطر شديد، فضلاً عن مخاطر الوفاة أو الإصابة في حوادث الطرق، وكل ذلك نتيجة عدم الوعى والإهمال الزائد، خصوصاً مع عدم التزام الآباء والأمهات بوضع الأطفال في المقاعد الخليفة، وربط أحزمة الأمان، وكذلك عدم استخدام المقاعد المخصصة للأطفال».
ويشير إلى أن البعض يترك الأطفال بمفردهم داخل السيارة، وهي قيد التشغيل في الأماكن الخاصة والعامة، وهو أمر بالغ الخطورة، وينطوي على عواقب وخيمة، وقد كفل القانون الإماراتي للأطفال حق الحماية والرعاية من قبل القائمين عليهم، وشددت العقوبة على كل من عرض طفله للإهمال والخطر، ومن ذلك ترك الطفل بمفرده داخل المركبة ونسيانه.

جريمة

أكدت شرطة أبوظبي، أن ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، بما يعرّض حياتهم للخطر، يُعد جريمة يُعاقب عليها القانون بالحبس أو غرامة 10 آلاف درهم.
وأوضحت أن ترك الأطفال في المركبات قد يتسبب في وفاتهم أو تعريضهم للاختناق نظراً لنقص الأكسجين وارتفاع درجات الحرارة داخل المركبة أو تحريكها جراء العبث بناقل الحركة، ما قد يتسبب في وقوع حادث.
وناشدت الأسر والأهالي عدم الاعتماد على الآخرين عند النزول من المركبة، وترك الأطفال في المقاعد الخلفية، وهم في حالة النعاس أو النوم أو إسناد مسؤولية الاهتمام بهم لإخوتهم الذين يكبرونهم في السن، مشيرة إلى أن حوادث اختناق الأطفال داخل المركبة وهم بمفردهم، تعود إلى إهمال الأسر في المقام الأول، حيث يعتبر دور الأسرة حيوياً في هذا الإطار، راجية عدم وقوع مثل هذه الحوادث التي يذهب ضحيتها الأبرياء.

حق الأطفال
تذكر شرطة أبوظبي أن القانون الإماراتي كفل للأطفال حق الحماية والرعاية من قبل القائمين عليهم، وشدد العقوبة على كل من عرض طفله للإهمال والخطر، ومن ذلك ترك الطفل بمفرده داخل المركبة ونسيانه، وفقاً للمادة رقم (350) من قانون العقوبات الاتحادي، التي نصت على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف درهم، من عرّض للخطر طفلاً لم يتم السبع سنوات، وكان ذلك في مكان معمور بالناس، سواء أكان ذلك بنفسه أم بوساطة غيره»، إضافة إلى قانون حماية الطفل المعروف باسم «وديمة»، الذي شدد عقوبة الإهمال والضرر بسلامة الطفل، بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف درهم، موضحة أن ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبة يعرضهم لخطر الاختناق والوفاة، خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة، كما يعد الترك صورة من صور الإهمال التي يعاقب عليها قانون الطفل الذي كفل الحماية للأطفال وسلامتهم الجسدية والنفسية من قبل الوالدين.

«وديمة»
يتعرض لعقوبة الحبس كل من عرّض حياة حدث لم يتم 7، ولم يتجاوز 15 سنة من عمره للخطر، سواء بنفسه أو بوساطة الغير.
وتُغلظ العقوبة إن ارتكبت الجريمة من أحد أصول الحدث المُكلف بالحفظ والرعاية، ويُعد ظرفاً مشدداً إذا نجم عن الإهمال عاهة مستديمة أو وفاة الطفل تصل إلى السجن 7 سنوات. وتُفرد على هذا الفعل والإهمال في الظروف العادية عقوبة الحبس الذي يصل إلى ثلاث سنوات والغرامة، أو إحدى هاتين العقوبتين. 
كما أن من المُقرر كذلك وفق المُواد 7، 33، 35، 36 من قانون حقوق الطفل «وديمة»، فإنه تُعقد المَسؤولية على الوالدين أو القائم على رعاية الطفل في حالة عدم قيامهم باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على حياة الطفل.

تشديد العقوبة على أولياء الأمور المخالفين الذين ينسون الأطفال في المركبة

دعا أولياء أمور إلى تشديد العقوبة والغرامة على أولياء الأمور المخالفين الذين لا يبالون بحياة الأطفال، وينسونهم في مقاعد السيارة لفترات طويلة بانتظار ذويهم، لافتين إلى أن مسألة تغليظ وتشديد العقوبة، تعد رسالة توعية مجتمعية لرفع الجانب الثقافي لأفراد المجتمع كافة.
وقال سيف المرزوقي، ولي أمر، لابد من تغليظ وتشديد العقوبة والغرامة على الأشخاص المخالفين الذين لا يبالون أو يأبهون بحياة الأطفال الأبرياء الذين يبقون في مقاعد السيارة لفترات طويلة بانتظار ذويهم، مشيراً إلى أن مسألة التشديد تعد رسالة توعية لرفع الجانب الثقافي لأفراد المجتمع كافة. 
وأضاف: لمَ لا تكون هناك أجهزة أو كاميرات ذكية بالقرب من الأماكن التجارية الحيوية لمراقبة المركبات التي يكون فيها الأطفال لفترات طويلة في المواقف، لافتاً إلى أن إرسال رسالة نصية سيسهم في توعية أولياء الأمور لترك هذه السلوكيات السلبية. وأضاف أنه يتعين وضع أجهزة مراقبة ذكية مربوطة بأجهزة الشرطة في الدولة بالقرب من المؤسسات أو المحال التجارية التي تشهد إقبالاً كبيراً من الناس ورصد وضعية الأطفال في حال نسيان أو إهمال ولي الأمر.

تقنيات ذكية
ومن جهته قال أحمد راشد العماني، ولي أمر: أرى أن تكون هناك تقنيات ذكية أو أجهزة استشعار عن بُعد لمراقبة وضع السيارة الواقفة، والتي يكون بداخلها أطفال ينتظرون آباءهم لفترات طويلة، مشيراً إلى أن ترك الأطفال بمفردهم أمر بالغ الخطورة، وخاصة إن كانت السيارة في حالة تشغيل، فمن يعلم ما سيحدث للطفل، وهل ستتم سرقة السيارة واختطاف الطفل، أو التسبب في حادث وموت كل من فيها. إضافة إلى أن تغليظ العقوبة قد لا يكون أمراً كافياً وحده، لوجود فئة من الناس قد تقبل الغرامة.

حوادث الحرائق
ورأى سالم خميس الريس، ولي أمر، أن تشديد الغرامة والعقوبة سيكون له بالغ الأثر في تحمل المسؤولية، وارتفاع الجانب التوعوي لكثير من شرائح المجتمع، فكم من خسائر ألمت بالمجتمع جراء التكاسل أو اللامبالاة بحياة الأطفال الموجودين في المركبات لوحدهم ولساعات طويلة، ما تسبب في وقوع حالات اختناق بسبب نقصان الأكسجين نظراً لحرارة الجو وأشعة الشمس الحارقة رغم تشغيل أجهزة التكييف في المركبة. ناهيك عن بعض حوادث الحرائق التي وقعت خلال الأعوام السابقة للمركبات وهي في حالة تشغيل، داعياً أفراد المجتمع إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاستهانة، أو الاستهتار بحياة أطفالهم وتركهم لوحدهم في المركبة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©