الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وفرنسا.. نصف قرن من التعاون والشراكة

جامعة السوربون في أبوظبي (أرشيفية)
4 يونيو 2020 01:11

أحمد عبدالعزيز (أبوظبي)

تطورت العلاقات «الإماراتية - الفرنسية» على مدار العقود الخمسة الماضية، وأثمرت نجاحات في مجالات عدة تجسدت في الحوار الاستراتيجي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية، والذي يهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ويشمل بحث فرص التعاون المشتركة في أكثر من 13 مجالاً من أهمها الاقتصاد والنفط والغاز والطاقة المتجددة والصحة والفضاء.
وتم إنشاء الحوار الاستراتيجي بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية في عام 2007، وهو حوار سنوي يهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ويهدف إلى تحديد الفرص والشراكات القائمة والمستقبلية، وتضمين استمرارية التعاون في مشاريع ومبادرات قائمة مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والنفط والغاز والطاقة النووية والطاقة المتجددة والتعليم والصحة والفضاء والأمن، إضافة إلى قطاعات أخرى ذات أولوية مشتركة. ويتم في الاجتماع السنوي على المستوى التقني مناقشة التعاون الثنائي في القطاعات في كلا البلدين، وتعتبر هذه الجلسة لعام 2020 هي الجلسة الثانية عشرة للحوار.

العلاقات السياسية
وبدأت العلاقات «الإماراتية - الفرنسية» منذ الأيام الأولى للإعلان عن تأسيس الاتحاد في عام 1971، ومنذ ذلك الوقت تعمقت هذه العلاقات وأخذت دفعاً قوياً مع وصول الرئيس الراحل جاك شيراك إلى الحكم في عام 1995، حيث تم تعميق التعاون في العديد من القطاعات والمجالات وتوقيع العديد من الاتفاقيات، وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يعتبر الرئيس جاك شيراك صديقاً وحليفاً موثوقاً وكان التنسيق قائماً من خلال سعيهما المشترك لإيجاد حلول بديلة وسلمية للأزمات والنزاعات في المنطقة.
ويعتبر الرئيس الفرنسي الراحل شيراك من أكثر الرؤساء شعبية في تاريخ فرنسا، وقد تمت تسمية شارع باسمه في أبوظبي، وهو الشارع المؤدي إلى متحف اللوفر والذي يكتسي رمزية كبيرة في مسار تطور وتعزيز العلاقات «الإماراتية - الفرنسية»، وكان لذلك أثر طيب لدى الرأي العام الفرنسي.
وتتميز العلاقات السياسية «الإماراتية - الفرنسية»، بالقوة حيث تصل إلى مستوى عالٍ من التنسيق والتعاون، ويتجسد ذلك في الاتصالات الدائمة بين قيادة البلدين وفي الزيارات المتبادلة، ولا يخفى على أحد أن أول زيارة للرئيس الفرنسي الحالي إلى الشرق الأوسط بعد انتخابه كانت إلى دولة الإمارات.
كما يجري التنسيق بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية في العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية وفي مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة، والجمهورية الفرنسية هي الشريك الاستراتيجي الأول لدولة الإمارات في أوروبا.

 مجالات التعاون
ومن الناحية الاقتصادية، تعتبر دولة الإمارات على رأس قائمة أهم الشركاء الاقتصاديين لفرنسا في منطقة الشرق الأوسط، حيث بلغ التبادل التجاري بين البلدين عام 2018 ما يفوق 4.5 مليار يورو، وشاركت شركة «مبادلة» بنسبة مليار يورو أي ما يعادل 10% من رأسمال في الصندوق الاستثماري «Lac d’argent» أي «بحيرة الفضة»، الذي أطلقه المصرف الفرنسي للاستثمار بداية عام 2020، ومن المفترض أن يصل رأسماله إلى 10 مليارات يورو من خلال مساهمة كبريات الشركات الفرنسية فيه.

مجال الطاقة
وتوجد شركة توتال الفرنسية في الإمارات منذ بدايات العلاقات «الإماراتية - الفرنسية»، وفي عام 2018، كان إنتاج توتال في أبوظبي 290 ألف برميل نفط في اليوم. وتعد توتال شريكاً في مشروع «شمس»، أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم قيد التشغيل (100 ميجاوات)، التي تم افتتاحها في عام 2013. ومنذ عام 2001 أصبحت شريكاً في محطة الطويلة لتحلية المياه ومحطة الطاقة، التي تنتج حوالي 20% من استهلاك المياه والطاقة في أبوظبي، كما تتمتع المجموعة أيضاً بمكانة رائدة في تصنيع وتسويق مجموعة واسعة من زيوت السيارات والزيوت الصناعية مع مصنع لمزج الزيوت في الدولة لتزويد المنطقة بأكملها.
وفي سبتمبر 2018، تم التوقيع على اتفاقية تعاون بين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في دولة الإمارات ومعهد الوقاية من الإشعاعات والأمن النووي في فرنسا، والتوقيع على اتفاقية تعاون بين الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في دولة الإمارات والوكالة الفرنسية للطاقة المتجددة والنووية. كما بدأ التعاون بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية في مجال التدريب والتعليم في تكنولوجيا الفضاء في الربع الأول من عام 2019.

التعليم والصحة
يكتسي التعاون في مجال التعليم بين البلدين أهمية بالغة خاصة مع وجود عدد من المدارس الفرنسية في دولة الإمارات، ومن خلال استقبال الجامعات الفرنسية لأكثر من 70 طالباً إماراتياً في كافة الاختصاصات سنوياً. وفي يوليو 2018 تم التوقيع على اتفاقية لتعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية في دولة الإمارات اعتباراً من سبتمبر 2018، وقبل ذلك في عام 2017، تم التوقيع على اتفاقية لتدريب القضاة الإماراتيين في المدرسة الوطنية للقضاء في باريس.
أما في المجال الصحي، فيعتمد التعاون على الاعتراف التدريجي بالعديد من الاختصاصات الطبية بين البلدين كما يجري العديد من الأطباء الإماراتيين فترات تدريبية وتخصصية معمقة في المستشفيات الفرنسية. كما تم الاتفاق على زيادة عدد طلاب الأطباء الإماراتيين المتدربين في فرنسا من 15 إلى 18 طبيباً سنوياً، وتم توقيع اتفاقية بين هيئة الصحة في أبوظبي والمستشفى الأميركي في باريس وهيئة مستشفيات باريس من أجل تأمين الرعاية الصحية للمرضى الإماراتيين في باريس.

التقارب الثقافي
وقد شهدت السنوات الماضية تقارباً ثقافياً بين البلدين حيث تم إعلان عام التعاون الثقافي «الإماراتي - الفرنسي» في باريس، في أكتوبر 2018، حيث كان الأسبوع الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس، وعليه تم إنشاء إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات تبث برامج ثلاث مرات أسبوعياً، وفي ديسمبر 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً مشاركاً في المنظمة الدولية للفرانكوفونية.

اللوفر والسوربون
تعتبر الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات وفرنسا الأكثر تطوراً، حيث شهدت في نوفمبر 2018 افتتاح متحف «اللوفر- أبوظبي»، وهو أول متحف عالمي في العالم العربي وأكبر مشروع ثقافي لفرنسا في الخارج والذي اعتبره الرئيس الفرنسي خلال حفل الافتتاح رسالة كونية، ورسالة ضد كل أشكال الظلامية، وسبق ذلك في العام 2006 توقيع اتفاقية حول إنشاء جامعة «السوربون - أبوظبي».
ونتج عن التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي إنشاء الصندوق العالمي لحماية التراث المهدد في النزاعات (ALIPH) في عام 2016، حيث ساهمت دولة الإمارات مع فرنسا بمبلغ 45 مليون دولار بالتعاون مع منظمة اليونيسكو، كما ساهمت دولة الإمارات في دعم معهد العالم العربي في باريس بقيمة 5 ملايين يورو في العام 2017، وفي العام نفسه تم افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس. ومن مبادرات دولة الإمارات في المجال الثقافي أيضاً مساهمتها في ترميم المسرح الإمبراطوري في قصر فونتبلو التاريخي قرب باريس بمبلغ 10 ملايين يورو، وعليه تمت تسمية المسرح باسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

أول مركز ثقافي في باريس
تعتزم الدولة العمل على افتتاح أول مركز ثقافي إماراتي في باريس، وهو الأول أيضاً في أوروبا، وسيشكل هذا المركز ترسيخاً للتعاون الثقافي بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية، ولدور الثقافة في تعزيز العلاقة بين البلدين.

إطلاق «عين الصقر 2» سبتمبر المقبل
يشهد التعاون في المجال الفضائي بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطوراً كبيراً من ناحية صناعة الأقمار الاصطناعية، بحيث سيتم إطلاق القمر الاصطناعي الإماراتي «عين الصقر 2» في سبتمبر المقبل من قاعدة غوايانا الفرنسية، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وكالة الإمارات للفضاءوالمركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا في عام 2015.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©