الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أكاديميون وباحثون: «دليل التوثيق» ارتقاء بالبحث العلمي

أكاديميون وباحثون: «دليل التوثيق» ارتقاء بالبحث العلمي
18 أغسطس 2022 02:07

سعد عبد الراضي «أبوظبي»

 أصدرت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مؤخراً «دليل التوثيق» ليكون عوناً للباحثين والدارسين، ليس في الجامعة فحسب، ولكن لكل الراغبين في إعداد بحوثهم بشكل علمي أصيل في مشارق الأرض ومغاربها، لذلك لأن الجامعة جعلته متاحاً على موقعها ليتسنى للجميع الوصول إليه بكل سهولة ويسر. 
الاتحاد استطلعت آراء نخبة من الأكاديميين والمهتمين بشؤون البحث العلمي داخل الجامعة وخارجها، بعد حضورها ندوة مخصصة للتعريف بالدليل، نظمتها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية افتراضياً، للوقوف على مكونات هذا الدليل النوعي والفوائد المرجوة منه في المستقبل.

كريمة المزروعي: يتحرى الدقة المتناهية 
قالت الدكتورة كريمة المزروعي مدير الفريق البحثي لمشروع الدليل ومستشار مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: وضع هذا الدليل ليكون مرجعاً في التوثيق، يعتمد عليه الباحثون في الدراسات الإنسانية، نظراً لما يعتري الأدلة المعمول بها في كثير من الجامعات العربية من غياب المنهج، وكثرة الأخطاء، ووضوح التناقض وعدم الاطراد.
وأضافت: دليل جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية يستخدم منهج التوثيق في الحواشي السفلية وقائمة المراجع، وهو المنهج المفضل لدى أكثر العاملين في حقول الدراسات الإنسانية لقدرته على استيعاب ألوان شتى من المصادر والمراجع على اختلاف صورها وأشكالها، وهو المنهج الذي لم يزل معمولًا به في الدراسات الإنسانية العربية لعقود من الزمان، وهو بعدُ المعتمد في عدد من أهم الجامعات العالمية كجامعة أكسفورد، وهو المنهج المفضل في الدراسات الإنسانية في جامعة شيكاغو.
وأكدت: يمتاز هذا الدليل بسلامة اللغة، وقرب العبارة، وحسن الصياغة، ووضوح الدلالة. ويتحرى الدقة المتناهية في ضبط الكلام واستعمال علامات الترقيم. كما يمتاز بتقسيماته المنطقية غير المسبوقة، كفصله في طرق التوثيق بين القراءات المتواترة والشاذة، بل فصله بين رواية حفص بن سليمان وغيرها من الروايات المتواترة. وكذلك بالتفصيل في أضرب الحديث النبوي الشريف وطريقة الاستشهاد بكل منها، واعتماده أدق الطرق في توثيق الحديث النبوي الشريف. ويمتاز أيضاً باختياراته النماذج المقتبسة، والمراجع المقتبس منها، بحيث يقدم نموذجاً لحسن اختيار أهم المراجع وأدق الطبعات في كل فن. ويتفرد باطراده في استخدام علامات الترقيم وكتابة الأسماء والتواريخ والعناوين.
ويمتاز بالتزام المعايير العالمية في كتابة الاقتباسات الأجنبية. وبدقته في الكتابة الصوتية واعتماده أقرب الطرق في ذلك وأدقها. وشموليته فهو يشير إلى الروابط الإلكترونية على اختلاف أشكالها، وطرق التوثيق من المواقع المختلفة، والمواد المتنوعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  • رضوان السيد
    رضوان السيد

في البداية، من جانبه، قال الدكتور رضوان السيد عضو الهيئة التدريسية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: اعتدنا نحن الذين درسنا في الغرب في الإسلاميات أو الإنسانيات أن نعتمد في قواعد التوثيق على دائرة المعارف الإسلامية، ومنا من يميل إلى الأسلوب الألماني أو الأنجلوسكسوني، وأخيراً مكتبة الكونغرس والقواعد التي طورتْها. وبقيت لدينا صعوبات في كتابة عدة حروفٍ عربية بالحروف اللاتينية مثل الذال والثاء والشين والضاد والقاف. وذلك بسبب التنوع الشديد لدى الأجانب في كتابتها.
وأكد رضوان السيد أنّ دليل التوثيق الجديد الذي طورتْه جامعة محمد بن زايد يتجاوز كل الإزعاجات والابتسارات ووجوه الغموض والمشقة. ويعرض دليلاً للتوثيق لا يمكن الاختلاف معه في أي شيء تقريباً، وسواء أكانت الدراسة مكتوبةً بالعربية أم بغيرها. فهو لا يضع في قلب النص غير القرآن واسم السورة والآية (آل عمران: 65). أما بقية المصادر والمراجع فيضعها في حاشية كل صفحة، ومرةً واحدةً بالتفصيل والبقية (إذا تكررت) بالإجمال، وهناك أخيراً الفهارس العامة للمصادر والمراجع بالتفصيل. فهذا دليلٌ للتوثيق بديع، ولا ينقصه شيء تقريباً.
وأضاف: عندي ملاحظات بسيطة على الدليل. أولها هذه التفرقة بين الحواشي إذا كانت بغير العربية، وتلك التي بالعربية. وأنا أرى أنه لا فرق إلاّ في أنّ تلك تُقرأ من اليسار وهذه من اليمين وفي نفس الحاشية. وتظل الأرقام على اليمين، لكن المصدر الأجنبي يُقرأ بالطبع من اليسار. فلا بد من توحيد الطريقة فلا تعود لأحدٍ حجة في المخالفة. وثانيها مسألة تعدد المؤلفين أو المحققين أو المترجمين. الدليل يريد ذكرهم جميعاً دائماً، إنما الأول يُبدأ باسم الأسرة مثل: مجاهد، أحمد لأحمد مجاهد. أما البقية فتُذكر أسماؤهم على السواء مثل أحمد أمين، رضوان السيد.. إلخ. وأنا أقترح أن يُذكر المتعددون في المرة الأولى، وفي بقية المرات يقال: مجاهد، أحمد وآخرون. وفي الفهارس العامة يُعاد ذكرهم جميعاً. وثالثها الدليل يهتم بمقدمات الكتب المترجَمة أو المؤلَّفة إذا كان المقدِّم مشهوراً، يقول: عبد الحليم النجار: «مقدمة» مذاهب التفسير الإسلامي لجولدتسيهر. ولا اعتراض لي على ذلك، لكنّ أقترح أن تُذكر أرقام صفحات مقدمة النجار فيقال: عبد الحليم النجار: «مقدمة» مذاهب التفسير الإسلامي لجولدتسيهر، ص 6-42 مثلاً حتى لا يبدو أن المقدمة أهم من الكتاب.
وقالت الدكتورة موزة الكعبي، عضو الهيئة التدريسية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: لغة كل أمة وعاء لثقافتها وحضارتها، ولما كانت اللغة كذلك فإن نهضة الأمم تكون باتخاذ لغتها الأم الوسيط والحامل لتلك المعرفة، وباعتبار أن اللغة المهيمنة اليوم هي اللغة الإنجليزية، فلا شك أن النشر العلمي باللغة العربية يواجه العديد من الإشكاليات والصعوبات المتعلقة بأطراف عدة متداخلة في مساراتها، فهناك إشكال يتعلق بالباحث وضعف أدواته وما يعانيه من تهميش وضعف الدعم المؤسسي الجامعي والمجتمعي، وتموقع البحث العلمي المكتوب بالعربية على البيئة العربية، وفرض أوعية النشر العلمية ومحركات البحث العلمي اللغة المهيمنة- الإنجليزية - على النشر العلمي بلغة أخرى، كما أن غياب المرجعية والأدلة وقواعد البيانات العربية له دور كبير في إضعاف النشر العملي باللغة العربية، ليسهم ذلك كله في جعل النشر بالعربية غير جاذب حتى لأصحاب التخصص في اللغة العربية والعلوم الإنسانية خاصة والعلوم الأخرى بشكل عام، مما دفع جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أن تتخذ خطوة رائدة وعملية، لدعم مسيرة البحث العلمي باللغة العربية عبر إطلاق دليلها دليل التوثيق، مما يعزز هوية اللغة العربية، بل هوية الجامعة وتثبيت للمركزية والمرجعية الرائدة للجامعة، في ترجمة حيّة لتوجيهات القيادة العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، المتمثلة في حرصها على دعم اللغة العربية والبحث العلمي الرائد.

  • عيسى الحمادي
    عيسى الحمادي

مبادرة طيبة
وقال الدكتور عيسى صالح الحمادي، مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج وعضو الهيئة التدريسية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: البحث العلمي مقياس دقيق لتقدم الأمم، ومؤشر صادق لرقيها، حيث يقاس تقدم الأمم في العصر الحاضر في ضوء معايير أبرزها ميزانية البحث العلمي في كل دولة من ناحية، ودرجة ارتباط البحوث العلمية فيها بمشكلات المجتمع وتطلعاته المستقبلية من ناحية ثانية، وكذلك مدى فاعلية تلك البحوث وتقديمها حلولاً فعالة لمشكلات المجتمع، وإسهامها في دفع عجلة التنمية فيه من ناحية ثالثة.
وأضاف: في ظل جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في مجال البحث العلمي، أصدرت الجامعة أول دليل باللغة العربية لتوثيق المراجع والمصادر العربية، ويعد هذا الدليل مبادرة طيبة، وخطوة جادة للارتقاء بمنظومة البحث العلمي، وتبدو أهمية هذا الدليل في عدة جوانب منها تعرف كيفية صياغة عنوان البحث وقواعد توثيق المعلومات والبيانات: وتعميق الوعي بأهمية التوثيق والأمانة العلمية، ومساعدة الباحثين على الوصول السريع للمعلومات وتبصير الباحث بكيفية إعداد قائمة المراجع وكذلك تبصيره بالاقتباسات وأنواعها.

  • سلطان العميمي
    سلطان العميمي

وثيقة أخلاقية
أما سلطان العميمي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فقال: إن صدور هذا الدليل أمر في غاية الأهمية، ويساهم بشكل كبير في تطوير مهارات البحث العلمي والأكاديمي لخريجي جامعة محمد بن زايد. وأضاف: أستطيع القول إن هذا الدليل يعتبر إلى جانب كونه دليلاً إرشادياً للطلبة والباحثين، يشكل وثيقة أخلاقية مهمة من أخلاقيات البحث العلمي والأمانة العلمية. ففيه حفظ لحق الآخر وجهده العلمي والبحثي والفكري، وللأسف ما زالت البحوث والدراسات في بعض دول العالم العربي تعاني من إشكاليات جمة في مسألة البحث والتوثيق، خاصة تلك الصادرة خارج الإطار الجامعي والأكاديمي، منها إشكاليات على الصعيد الفردي والشخصي لدى الباحثين، وإشكاليات على صعيد جهات النشر من مؤسسات ثقافية أو دور نشر أو مراكز بحثية. وأتمني أن يصبح هذا الدليل خطوة لنشر أخلاقيات العمل البحثي. ولا بأس من توقيع اتفاقيات مع دور النشر والمؤسسات الثقافية للالتزام بهذه الأخلاقيات.

التوثيق البحثي 
من جانبها، قالت الأكاديمية والناقدة الدكتورة مريم الهاشمي: أصدرت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية دليلاً للتوثيق العلمي ومنهجيته المتبعة، وإن كان مساقاً في بعض الجامعات إلا أنه من الأهمية أن يكون متوفراً للباحث، ما يجعله يحترم هيكلة الجامعة في دقة توثيق البحث العلمي، وهو ما يعطي القارئ نوعاً من الأمان في استقباله المادة العلمية، وأن الجهد المبذول في إخراج دليل التوثيق من الجامعة هو جهد محترم، ويختصر جهداً كبيراً على الباحث، وهو ما يدل على الاهتمام بالأمانة العلمية والتي هي أساسها متأصل فلسفياً بعلاقة العلم بالأخلاق، كما أنه مبدأ أخلاقي لجودة البحث ومروءة الكاتب، وما أحوجنا اليوم لحضور الأخلاق.

  •  

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©