دينا محمود (الخرطوم، لندن)
تجددت الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم مما فاقم معاناة السكان، رغم توقيع الطرفين «إعلان جدة» الخميس الماضي، جاء ذلك فيما قتل نحو 100 شخص في اشتباكات قبلية في مدينة «الجنينة» بولاية غرب دارفور.
وأبلغ شهود عيان أن مناطق في مدينتي بحري (شمال) وأم درمان (غرب) شهدت إطلاق نار كثيف ودوي انفجار.
ومع استمرار الاشتباكات، يعيش سكان الخرطوم أوضاعا معيشية بالغة التعقيد بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي وخدمة الإنترنت والمياه وشح المواد الغذائية.
وعقد ممثلون من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع محادثات أمس، في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.وتناقش محادثات جدة آليات تنفيذ إعلان المبادئ، بما في ذلك خطط وصول المساعدات والممرات الآمنة، وإخراج القوات من المناطق المدنية، كما تتطرق إلى سبل إنهاء الصراع. وأودت الاشتباكات بمقتل 676 شخصا وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين، ونزوح ما يفوق 936 ألفا.وفي السياق، أشارت منظمة حقوقية إلى مقتل ما لا يقل عن 100 في اشتباكات مدينة «الجنينة» غرب البلاد. وذكرت هيئة محامي دارفور أن الاحصائيات الأولية لمواجهات «الجنينة» لا تقل عن 100 قتيل من المدنيين وعشرات الجرحى والمفقودين.
ومن بين 7 دول مجاورة للسودان، تبدو الدوائر الرسمية والأوساط الشعبية في تشاد وأفريقيا الوسطى، الأكثر قلقا، من مغبة استمرار القتال الحالي بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
فعلى مدار العقود الماضية، كانت هاتان الدولتان، من بين البُلدان الأشد تضررا من أزمات السودان السابقة، خاصة تلك التي شهدها إقليم دارفور منتصف العقد الأول من القرن الحالي، وهو ما أدى وقتذاك، إلى تدفق اللاجئين من الإقليم عليهما، فضلا عن امتداد أعمال العنف إلى أراضيهما في بعض الأحيان، بما أوقع مئات القتلى.
وكانت تبعات القتال في دارفور أكثر وضوحا في تشاد، باعتبار أنها تتشارك مع السودان، في حدود يناهز طولها 1300 كيلومتر.
كما كانت تأثيراته محسوسة في أفريقيا الوسطى على نحو ملموس، بفعل الأوضاع السياسية والأمنية الهشة هناك، وعلى الأخص في شرق وشمال شرق هذا البلد. ومنذ اندلاع المعارك الحالية، استقبلت تشاد ما يتراوح بين 10 آلاف و20 ألف شخص، فروا من المواجهات التي تعصف بجارها الشرقي، كما وصل إلى المناطق الحدودية في أفريقيا الوسطى، أكثر من 9600 هربوا من الاشتباكات ذاتها.
وفي تصريحات نشرها الموقع الإليكتروني لـ «معهد الدراسات الأمنية» الذي يتخذ من جنوب أفريقيا مقرا له، حذر خبراء، من أن تبعات الأزمة السودانية قد تكون أكثر وطأة على الأوضاع في تشاد وأفريقيا الوسطى، بالنظر إلى أن النسيج الاجتماعي قد يكون مشتركا في بعض مكوناته بين الدول الثلاث، التي تقطنها عشائر تمت بصلة قربى، لبعضها بعضا.
وينذر ذلك بإمكانية اتساع نطاق المواجهات الحالية في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية، لتشمل مناطق واقعة على الجانب الآخر من الحدود، خاصة أن الحدود السياسية القائمة بين السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى، لم تمنع التجمعات السكانية المشتركة بين هذه البُلدان، من التنقل من هنا إلى هناك والعكس.
ويقول الخبراء، إن مشاركة أبناء مجموعات عرقية معينة في المعارك الراهنة في السودان، قد يقود إلى تفاقم الهشاشة التي تتسم بها الأوضاع في الجارتيْن الغربيتيْن لذلك البلد.
فرغم أن الدولتين تعتمدان على الكاميرون بشكل أساسي في صادراتهما ووارداتهما، ترتبط المقاطعات المحاذية للحدود مع السودان في كل منهما، بعلاقات تجارية وثيقة مع الخرطوم، وهو ما أدى إلى تأثر حجم الإمدادات الغذائية في تلك المناطق، منذ بدء القتال بين الفرقاء السودانيين قبل أكثر من ثلاثة أسابيع.