الأحد 28 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

موسوعة "تريندز" ترصد النشاط الإعلامي لـ "الإخوان"

موسوعة "تريندز" ترصد النشاط الإعلامي لـ "الإخوان"
15 ابريل 2022 03:07

(1-2)

أبوظبي (الاتحاد)      

صدر عن «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» في أبوظبي الدراسة السابعة ضمن «موسوعة الإخوان المسلمين» والمعنونة بـ«النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة الإخوان المسلمين.. الرؤية والأهداف والمستقبل» وتقع في 196 صفحة من الحجم المتوسط، لتسلط الضوء بالبحث والتحليل على ظاهرة النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة «الإخوان».
ويكشف محتوى الدراسة الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام «الإخواني» منذ نشأة الجماعة عام 1928، بوصفه إحدى أهم الركائز التي تقوم عليها الجماعة في بنيتها التنظيمية والدعوية، بهدف نشر فكرها، والدعوة إلى «أستاذية العالم» والترويج لفكرة إحياء الخلافة الإسلامية، والدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية.
وتتميز الدراسة بتناول النشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة «الإخوان» من منظور كلي وشامل، مع تتبع تطورات الظاهرة موضع البحث منذ أوائل نشأتها، مروراً بمراحلها المختلفة وصولاً لما بعد عام 2013. وذلك من خلال رصد المرتكزات الفكرية لخطاب الجماعة الإعلامي وتحديد اتجاهاته، وسيكون ذلك من خلال التعرف على الإطار الفكري الذي اعتمدته في ذلك الخطاب، والذي يتسم بمجموعة من الخصائص، لعل أبرزها أنه ذو طابع أيديولوجي يركز على مفردات دينية تجذب إليها العامة من الجماهير، مثل: «الإسلام هو الحل» و«الجهاد» و«الخلافة الإسلامية».
الدراسة تواكب التطورات التي طرأت على النشاط الإعلامي والاتصالي للجماعة، خاصة في مرحلة ما يسمى «الربيع العربي» وما بعدها، وهو ما استلزم تحليلاً لوظائف الإعلام لدى «الإخوان» وسماته وأهدافه. كما تُفرد الدراسة مساحة لاستشراف مستقبل النشاط الإعلامي والاتصالي للجماعة.
ومن خلال خمسة فصول، ترصد الدراسة أهم محطات تطور مختلف القضايا المتعلقة بالنشاط الإعلامي والاتصالي لجماعة «الإخوان». واعتمدت في هذا العمل على التوثيق المعتمد في البحوث الاجتماعية، معتمدة على مجموعة من المناهج والمقاربات التحليلية ذات الصلة بدراسات الإعلام والاتصال.

اقرأ أيضاً: إعلام «الإخوان».. مؤشرات الفشل وتبعات السقوط (2-2)

فرضيات ومقاربات
وتحت عنوان «الإطار النظري.. التعريفات والمقاربات»، يقدم الفصل الأول تتبعاً تاريخياً لتطور العمليات الإعلامية والاتصالية، وتعريفات لمصطلحات كالإعلام والدعاية والاتصال، مع عرض للمقاربات التي اعتمدت عليها الدراسة في تفسير النشاطين الإعلامي والاتصالي وفهمه لجماعة «الإخوان»، والإجابة عن أسئلة الدراسة والتحقق من صدقية الفرضيات. ومن أبرز هذه المقاربات مقاربة الوسائط الشبكية والمقاربة الاتصالية، ومقاربة التعبئة الرقمية ومقاربة ترتيب الأولويات، بما يسمح في التعرف على أسلوب وسائل الإعلام «الإخوانية» في التعاطي مع الأحداث والأخبار، والكيفية التي تعتمدها في الانتقاء والصياغة وتحقيق المطلوب منها، وتسليطها الضوء على بعض القضايا دون غيرها وبما يدعم تطلعاتها السياسية.

أيديولوجية الخطاب الإعلامي
ويستعرض الفصل الثاني المعنون بـ«المرتكزات الأيديولوجية والفكرية للخطاب الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين»، الأسس التي انطلقت منها الجماعة في عملها الإعلامي، وقد انسابت من مبادئ الجماعة بشأن شمولية الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان، وفكرة «أستاذية العالم» في الخطاب الإعلامي للجماعة وصقلت خطه التحريري، وقد ظهرت هذه الأسس والمرتكزات في أطروحتين اثنتين هما: «سمو الدعوة وقدسية الرسالة»، و«ترابط الدين والسياسة».

«جريدة الإخوان» الأسبوعية
الفصل الثاني يكشف عن أسباب اهتمام حسن البنّا، مؤسس الجماعة ومرشدها الأول بوسائل الاتصال الجماهيري، وتحديداً الصحف منها، وأثرها في تعبئة الرأي العام واستقطاب العامة، وكسب مزيد من الناس للانضواء تحت راية الجماعة، إدراكاً منه لما للإعلام من أهمية كبيرة وتأثير بالغ في نشر أفكاره بين مختلف الشرائح الاجتماعية وخاصة الطبقات الفقيرة والمهمشة كالعمال والفلاحين. وقد تم له ذلك خاصة بفضل إصدار أول صحيفة خاصة بالجماعة، بعد انتقال مركزها إلى القاهرة، وهي «جريدة الإخوان المسلمين» الأسبوعية في عام 1933، التي صدر العدد الأول منها بتاريخ 22 صفر 1352هـ الموافق 24 يونيو 1933 واستمرت في نشاطها إلى عام 1938، حيث تولى البنّا شخصياً الكتابة، في باب خاص بعنوان «القسم الديني»، ونشر سلسلة مقالات تُعنى بالقضايا الدينية، فحدد في مقدمة مقاله الأول مجالات اهتمام السلسلة بالقول «البحوث التي يضمها هذا القسم تتصل من علوم الدين بالتفسير والعقائد والفقه وأصوله والتصوف والأخلاق، ثم عظة منبرية، ويتبع ذلك الفتاوى».
ومن هنا، تبرز مكانة الإعلام في استراتيجية القيادة «الإخوانية» باعتبارها آلية دعوية لا غنى عنها لضمان استمرارية التأطير الأيديولوجي عبر التلقين العقائدي. ومن ثمة شكلت إحدى أدوات البناء الداخلي، وكانت هذه الآلية سائدة ويتم العمل بها حتى في الأوقات التي كانت تتوقف فيها صحافة الجماعة، سواء لأسباب مالية أو إدارية داخلية أو بسبب أزمة خارجية، وذلك عن طريق ابتداع أشكال إعلامية بديلة.

إعلام التعبئة السياسية
ويرصد الفصل الثاني مسارات العمل الإعلامي «الإخواني» التي وضعت في حسبان أيديولوجيتها الترابط الديني – السياسي، لتكون في قلب المعترك السياسي، فاستنفرت إعلامها في مختلف أوجه التعبئة السياسية، لخوض المواجهات والصراعات مع الدولة والأحزاب السياسية وكل من لا يساير نهجها. لتشهد التعبئة السياسية عبر إعلام الجماعة بعد العقد الأول اتساعاً في التعاطي مع الشأن العام بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما لم تعد تقتصر، كما كانت من قبل، على قضايا الدين والهوية وهيمنة الاحتلال البريطاني والقضية الفلسطينية وضرورة الجهاد ودعوات الإصلاح الحكومي ومواجهة حركة التنصير ونحوها. إنما صارت مشبعة بالعبارات العسكرية وتحتضن نفحة صدامية وتحريضية واضحة عبّر عنها حسن البنّا بوضوح في قوله «إلى الآن أيها الإخوان لم تخاصموا حزباً ولا هيئة كما أنكم لم تنضموا إليهم كذلك.. كان ذلك موقفكم أيها الإخوان سلبياً هكذا فيما مضى. أما اليوم وأما في هذه الخطوة الجديدة، فلن يكون كذلك. ستخاصمون هؤلاء جميعاً في الحكم وخارجه خصومة شديدة إن لم يستجيبوا لكم، ويتخذوا تعاليم الإسلام منهاجاً يسيرون عليه ويعملون له».

من 1928 إلى 2013
وبعنوان «وسائل الإعلام والتواصل لدى جماعة الإخوان المسلمين: التطور.. الخريطة.. الأدوار والمآل»، يكشف الفصل الثالث تطور وسائل الإعلام لدى جماعة «الإخوان» منذ تأسيسها عام 1928 حتى قيام ثورة 30 يونيو 2013، سواء كانت وسائل إعلام تقليدي أو وسائل إعلام جديد، كما عرض بعض الأدوار التي قامت بها هذه الوسائل خلال هذه الفترة الزمنية.
وعلى هذا الأساس، تم تسليط الضوء على أبرز التطورات التي شهدتها وسائل الاتصال الإعلامية للجماعة عبر تاريخها، لذا فقد جرى تقسيمه إلى جزأين رئيسيين: الأول يتناول وسائل الإعلام والتواصل التقليدية ودورها في فترة نشأة الجماعة وتطورها، والثاني يلقي الضوء على وسائل الإعلام والتواصل الحديثة ودورها في وضع الجماعة في وقتها الحالي.

الاتصال الشخصي المباشر 
الفصل الثالث ركز على الوسائل الاتصالية المعهودة التي استخدمتها الجماعة في سنوات نشأتها الأولى، مروراً بالعقود التي تلتها وتراوحت ما بين الاتصال الشخصي المباشر كإلقاء المحاضرات وعقد الندوات والمؤتمرات واللقاءات والخطب على منابر المساجد، مروراً بإصدار الصحف والمجلات التي تعرض فكر الجماعة على فترات متتابعة، والتي استمرت لفترات متباينة، وانتهاءً بالإعلام الرقمي والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية.
وتوصل الفصل إلى خلاصة مفادها أن الأهداف الرئيسية لجماعة «الإخوان» من إصدار صحف ومجلات مطبوعة مقروءة، تمثلت في توظيف الصحافة لخدمة مخططاتها وأيديولوجيتها، لاستقطاب المزيد من القواعد الشعبية. وبالسياق نفسه، فإن صحافة «الإخوان» تميزت في هذه المرحلة بأنها دخلت عالم السياسة، فخاضت الكثير من المواجهات والمناكفات السياسية، كما كانت الجماعة تعتمد على الوسائل الإعلامية في صراعَيها السياسي والفكري مع المعارضين والخصوم خصوصاً بين العامين 2011 و2013.
ويفرد الفصل تتبعاً لإصدارات جماعة الإخوان المسلمين الصحفية التي تغطي أخبارها وتنشر فيها المقالات التي يكتبها كُتّاب تابعون لها، فعلى مدى أكثر من تسعة عقود أصدرت الجماعة عدداً كبيراً من الصحف والمجلات بدءاً بـ«جريدة الإخوان المسلمين» التي صدرت عام 1933، ومجلة «النذير» التي صدرت عام 1938، مروراً بمجلة «لواء الإسلام» الصادرة عام 1947 ومجلة «الكشكول الجديد» التي صدرت في عام 1948 ومجلة «الدعوة» التي صدرت عام 1951، وصولاً إلى صحيفة «الحرية والعدالة» التي صدرت في عام 2011.

الإعلام التفاعلي وهرمية التنظيم
وبحث الفصل الثالث في إعلام جماعة «الإخوان» التفاعلي (غير التقليدي) أيضاً، سواء ما يتعلق بالصحف أو القنوات الفضائية أو المنتديات أو المواقع الإلكترونية أو من خلال استغلال الوسائط الإلكترونية، وبرامج التواصل الاجتماعي والمراحل التي مر بها قبل عام 2011 وبعد عام 2013، راصداً ما يمكن اعتباره «نتائج إيجابية» تحققت للجماعة عند استخدام أتباعها وسائل الإعلام الجديدة، كالوصول إلى جمهور جديد بسهولة ويسر، وتخطي المنع والحظر في أوقات كثيرة، لكن ذلك أدى إلى تغييرات كبيرة داخل «الإخوان»، لتجعل من بعض المواقف خارج السيطرة الكاملة من قيادة الجماعة، ما مثل تحدياً مهماً أمام هرمية التنظيم واحتكار وسيلة نشر المعلومات والتحدث باسم الجماعة.

ما بعد السقوط
وتتبع الفصل مرحلة ما بعد عزل «الإخوان» من السلطة، التي أضحت موضع بحث من قِبل الكثير من الباحثين المهتمين بالجماعة، كاشفاً عن الكيفية التي قاد «الإخوان» فيها مخططاً منهجياً ضد مصر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ليتخذ الإرهاب أشكالاً عديدة، بعد إدراكهم لتراجع مكانتهم الشعبية ورفض تفردهم في إدارة البلاد، ما حملهم على البحث عن مخططات خفية أخرى لزعزعة الاستقرار الداخلي، عبر بث الفتنة ونشر الأخبار الملفقة والأكاذيب حول شخصيات رئيسية في الدولة.

تغيير الأسماء
تضمّن مخطط «الإخوان» إنشاء مجموعات وصفحات عادية على «فيسبوك» لتعبئة أكبر عدد من المواطنين والمتعاطفين، ثم فجأة تُغير اسمها والموضوعات المتناولة فيها، وتبدأ في الدعوة لإسقاط الدولة والقضاء على كل بوادر التقدم والإنجاز في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. فعلى سبيل المثال كانت إحدى مجموعات «فيسبوك» في الأصل تحمل عنوان «منتقبات عفيفات» عندما تم إنشاؤها في 18 يناير 2019 ثم غيرت المجموعة اسمها فجأة بعد ذلك في أغسطس إلى «النقاب دين وحياة» ثم في 17 سبتمبر 2019، غيّرت المجموعة اسمها إلى #Enough_Sisi، كاشفة عن هويتها الحقيقية وارتباطها بجماعة «الإخوان».

نشطاء التواصل
لم يغفل هذا الفصل عن تحديد نشطاء التواصل الاجتماعي والتطبيقات المنتمين إلى جماعة «الإخوان» خصوصاً العناصر من فئة الشباب، الذين عملوا في وسائل الإعلام الرقمي، بقصد التعريف والترويج بمقاصدها وأفكارها العقائدية، والإساءة في الوقت نفسه للدولة ورموزها. وللجماعة أتباع مؤثرون على تلك الوسائل كلها بدءاً من موقع «فيسبوك» ووصولاً إلى تطبيق البث الصوتي الحديث «كلوب هاوس» الذي يمكّن مستخدميه من إجراء محادثات صوتية مباشرة في غرف مغلقة، وإقامة ما يشبه الغرف الحوارية بداخله، وتحاول الجماعة من خلال مؤثِّريها التأثير في الشباب واستقطابهم عبر «كلوب هاوس»، الذي يتم استخدامه بكثرة من بين وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، لنشر أفكارها المتمحورة حول تقويض الأوطان وإسقاط رموزها الوطنية والسياسية تحت ذريعة حرية التعبير.

«اللجان الإلكترونية»
تنقسم حسابات المؤثرين من «الإخوان» في وسائل التواصل الاجتماعي إلى ثلاث فئات، وهي: عناصر نسائية أو صفحات بأسماء نساء، وصفحات المحبين، ولجان إلكترونية متخصصة من خارج مصر، والأخطر هي تلك اللجان الإلكترونية والحسابات الوهمية التي تدار عن طريق برمجيات ومواقع تقوم بكتابة التعليقات ووضع الإعجاب (اللايكات) وإعادة التغريد تلقائياً، ويكثر ذلك على موقع التدوينات القصيرة «تويتر». ومن أهم مؤثري الإخوان: محمد ناصر، معتز مطر، حمزة زوبع، دعاء حسن، سامي كمال الدين، أحمد عطوان، ياسر العمدة، عماد البحيري، عزام التميمي، عبدالله الشريف، هشام عبدالله، يوسف حسين الشهير «بجو شو»، وعمرو عبدالهادي. وهم يمثِّلون أهم روافد الحسابات الوهمية بمواقع التواصل الاجتماعي، ومئات الصفحات على الإنترنت، ووسائل الإعلام البديلة مثل الفيديوهات القصيرة، والصحف التي تم شراؤها، والغرف التي أطلق عليها الإخوان مسمى «غرف التصدي الإعلامي».

«الرقمي» وصراعات داخل التنظيم
كما يتطرق الفصل الثالث إلى الدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام الحديثة والتكنولوجيا الرقمية في الكشف عن التحولات في خطاب الإخوان المسلمين والإفصاح في أحيان كثيرة عن الصراع على السلطة داخل الجماعة، ما يوفر نافذة فريدة للباحثين لدراسة هذه التطورات، وأظهر مدى سهولة الترويج لأكثر التعابير البغيضة والعنف والطائفية من خلال القنوات الفضائية والمنصات الإعلامية الجديدة، وفي توجيه بعض الشباب الراديكاليين نحو المزيد من التشدد عبر تزويدهم بالمبررات الدينية للعنف ضد الدولة.
وما خلص إليه الفصل الثالث هو فقدان الآلة الإعلامية للإخوان المسلمين لزخمها يوماً بعد يوم بداية من عام 2013 وذلك يعود في الغالب الأعم لأسباب عدة منها: بوادر التغيير في الموقف التركي- القطري الداعم، والخلافات الداخلية، والفشل في تحقيق الأهداف، وانفصال العالم الافتراضي عن الواقع رويداً رويداً خصوصاً بعد عام 2013، وشحّ الدعم المالي. ومن أهم تلك العناصر التي نريد لفت النظر إليها الخلافات الداخلية بين أذرع إعلام الجماعة، فكما يؤكّد أحد الباحثين، فإنّ الصراعات داخل أجنحة تنظيم الإخوان الإعلامية بدأت تطفو داخلها، وفيما بينها وخرجت إلى العلن ملامح انقلابات ومتغيرات سيكون لها تأثيرها في مستقبل الإعلام الإخواني وعلى توجهاته المستقبلية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©