أحمد شعبان (القاهرة)
«هيلير» بحيرة ساحرة في غرب أستراليا، يكمن سرها وجاذبيتها في لونها الوردي الزاهي الذي يُشكل ظاهرة طبيعية ولغزاً حيّر العلماء منذ اكتشافها، وجعلها فريدة من نوعها مقارنة بالبحيرات الأخرى في العالم.
البحيرة صغيرة الحجم، طولها 600 متر، تكتسب جمالها من موقعها بين غابات الكينا الخضراء، يفصلها شريط رملي رفيع عن المحيط الهادئ؛ لذا فإن تباين الألوان بين الوردي وخضرة الغابات ولون المحيط الأزرق يرسم لوحة طبيعية مذهلة.
وتتميز «هيلير» بتضاريسها الطبيعية الرائعة، ويحمل لونها الوردي أهمية خاصة للسكان الأصليين، حيث يعتبرونها جزءاً من قصة عصر الحلم سر تكوين الطبيعة؛ ولذلك لها رمزية خاصة لديهم.
تم اكتشاف البحيرة الوردية عام 1802 عندما كان المستكشف البريطاني «ماثيو فليندرز» يتنقل مصادفة حول الجزيرة الوسطى بعد وصوله إليها لمسح المياه في المنطقة، فقام بتسلق أعلى قمة في الجزيرة ليفاجأ بهذه البحيرة الرائعة.
كان الاعتقاد السائد لفترة طويلة أن نوعاً من الطحالب هو سبب اللون الوردي للبحيرة، وأظهرت الأبحاث الحديثة على تسلسل الحمض النووي، أنها تكتسب لونها من مزيج من البكتيريا الحمراء والبنفسجية المحبة للملح والطحالب، لا سيما أن مياهها شديدة الملوحة، ما يشكل بيئة حاضنة لهذه البكتيريا.
تتحول البحيرة إلى اللون الوردي عندما ترتفع درجة الحرارة، وعند انخفاضها تعود إلى لونها الطبيعي، وتحافظ «هيلير» على لونها على مدار العام، مما يجعلها مختلفة عن البحيرات الوردية الأخرى حول العالم التي تغير لونها بانتظام بسبب بعض العوامل، مثل تقلبات درجات الحرارة.
ويعتقد العلماء أن سبب اللون المميز للماء في البحيرة ناتج عن السالينا والطحالب الخضراء، والارتفاع في نسبة أملاح الروبيان في مياهها، وعندما يصل إلى مستوى ملوحة أعلى من مياه البحر، وفي ظل درجة الحرارة العالية، والإضاءة الكافية والمناسبة، تبدأ في التفاعل مع مواد أخرى موجودة في الطحالب، فينمو نوع من البكتيريا الوردية في القشرة الملحية، يعطي البحيرة ذلك اللون الفريد.
أفضل وقت لمشاهدة البحيرة بهذا اللون عند غروب الشمس، في الظروف الجوية المناسبة، حيث تتحول إلى اللون الوردي الخفيف، بسبب التركيز العالي من الطحالب في المياه.
ورغم أنه كلما اقتربت من البحيرة زادت شفافية المياه، إلا أنها تظل وردية مميزة، والأغرب أن الماء يحافظ على لونه الوردي حتى بعد إزالته من البحيرة وتعبئته.
«هيلير» ضحلة جداً بطبيعتها وتحيط بها الكثبان الرملية والأراضي الكثيفة، وشاطئها مغطى برواسب قشرة الملح مما يخلق بيئة أكثر ملوحة بحوالي عشر مرات من مياه المحيط، واعتمدت البحيرة من قبل منظمة حياة الطيور الدولية كمنطقة مهمة؛ لأنها ملجأ لأعداد كبيرة من الطيور المحلية والمهاجرة.