السبت 25 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
دنيا

علي يوسف السعد يكتب: سافر معي إلى قرطبة

علي يوسف السعد يكتب: سافر معي إلى قرطبة
7 مارس 2023 01:36

تنقّلتُ في كثير من البلدان، وزرتُ العديد من المُدنَ العريقة وتأمّلتُ معالِمَ يعجزُ العقل أن يصدق أنها من وحي عقلٍ بشري، ومن هذه المدن الجميلة والعريقة في ذات الوقت، مدينة قرطبة الإسبانية التي رأيتُ فيها من المناظر ما جعل الأيام التي قضيتُها فيها أياماً لا تُنسى.
تقع مدينة قرطبة في جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية على ضفاف نهر «الوادي الكبير»، الذي يخترقها من شرقها إلى غربها، وهو أطول أنهار الأندلس وخامس أطول أنهار شبه الجزيرة الأيبيرية.
كان سبب زيارتي الرئيسي لمدينة قرطبة كونها إحدى رموز الحضارة الاسلامية في بلاد الأندلس التي مهما حاول الغرب طمسَ معالمها، فإنّ عراقتها لا زالت تجذب إليها السيّاح من شتّى بقاع الأرض، وقد حرصتُ قبل توجُّهي إلى المدينة اختيار الأماكن التي سأزورها فيها بعناية، فكانت أول وجهة سياحية إلى جامع قرطبة، التحفة المعمارية الإسلامية.
تأسس مسجد قرطبة عام 170 هجرية، ويُعرف باسم المسجد الكبير أو كاتدرائية وجامع قرطبة، وسبب اقتران المسجد بالكاتدرائية هو أنّ المسلمين حين فتحوا قرطبة أقاموا صلواتهم بجوار الكنيسة وبمرور الوقت ابتنوا مسجداً في المكان، ولما زاد عدد المسلمين وضاق عليهم المسجد ابتاع عبد الرحمن الداخل المكان من النصارى بـ 100 ألف دينار، فأسس عليها الجامع، وأتم أسواره في عام واحد.
تم بناء مسجد قرطبة على طراز المسجد الأموي بدمشق، وما جعله مميزاً هو وجود 4 حدائق في فناء المبنى تُسمى الرياض، كما وتزيُّن جدرانه وأعمدته الكثير من العبارات ومعظمها آيات قرآنية زادته رونقاً وجمالاً، ويتمتع المسجد بسقف مزخرف يُزين البناء القائم على 856 عموداً من الرخام والغرانيت والعقيق، أما عن القبة، فهي عبارة عن برج ضخم له شرفتان للآذان، يُصعد إليها بسلم داخلي، وكل هذه الميزات وأكثر جعلته من أجمل المساجد وأعرقها على وجه الأرض.
بعدها توجهت إلى متحف قرطبة الذي يضم مجموعات مميزة من المعروضات التاريخية والتي تعود لعصور ما قبل التاريخ وإلى العصور الوسطى، وتعرفت من خلاله على العديد من الفنون التي ازدهرت في إسبانيا في عصورها الرومانية، والقوطية، وعصر النهضة الأوروبية.
ثم انتقلتُ بوجهتي إلى الجسر الروماني الذي بناه الروم في القرن الأول ما قبل التاريخ، ومن الأماكن التي لم أستطع تفويت زيارتها في المدينة، قصر الكازار أو قصر قرطبة الذي يُعتبر من بقايا آثار الرومان والقوط الغربيين، وقد كان أيضاً جزءاً مهماً من قصر الخلافة القديمة.
أما مدينة الزهراء، فقد كانت آخر الأماكن التي زرتُها في قرطبة، وهي بقايا مدينة تاريخية أنشأها الخليفة عبد الرحمن بن محمد الملقّب بالناصر، وتقع غرب مدينة قرطبة حيث لا زالت المدينة محافظة على آثارها وأبنيتها التاريخية.
وبعد انتهاء رحلتي التي استمرت لأيام معدودة، غادرتُ عائداً إلى موطني حاملاً في جُعبتي الكثير من الذكريات التي لا تنسى.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©