السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمد بن زايد.. راعي النهضة الثقافية والعلمية

محمد بن زايد.. راعي النهضة الثقافية والعلمية
19 مايو 2022 01:15

بقلم: زكي أنور نسيبة
منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وهي دولة قوية قامت على العلم والنهضة والاتصال بالعالم الخارجي، وسار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» على نهج الأب المؤسس خاصة في مجال ترسيخ الفعل الثقافي والمحافظة على الهوية الوطنية والعادات والتقاليد الموروثة من الآباء والأجداد والحرص على توريثها للأجيال القادمة.
وتحتلّ الثقافة بمفهومها الشامل جانباً مهماً في فكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وذلك في إطار رؤيته الاستراتيجية الشاملة لمستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة أبوظبي، حيث عبّر عنها بقوله: «نحن في دولة الإمارات نعتبر العلم والثقافة جزءاً لا يتجزأ من إرثنا الحضاري، ومن العملية التنموية، ومن بناء الإنسان والهوية المنفتحة الواثقة بنفـسها، دون أن تتنكر لقيمها وأصالتها وتراثها».

إشعاع حضاري 
وقد نجحت الإمارات بفضل الرؤية القيادية الحكيمة والمُستنيرة لصاحب السمو رئيس الدولة «حفظه الله» في تبوّء مركزها الحالي كمنارة ومركز إشعاع حضاري وثقافي. فمن خلال امتلاكه رؤية واضحة لمستقبل الإمارات، وإيمانه العميق بأن التعليم والثقافة والمعرفة تُمثّل البوابة الذهبية التي ينطلق منها أبناء وبنات الوطن إلى مسيرة واعدة من التطوّر والازهار والتقدّم الاقتصادي والريادة، والإبداع في مُختلف المجالات التنموية، أطلق سموه المبادرات العديدة التي تعمل على إيجاد جسور بين العديد من الجنسيات المختلفة المقيمة على أرض الدولة، وتُسهم في إزالة الحواجز الثقافية المتعلقة بالعادات والتقاليد والدين بين مواطني الدولة والمقيمين على أرضها والزوار الأجانب القادمين إليها. 
كما أضحت الإمارات وخلال سنوات قليلة، أكبر محطة ثقافية إقليمية، وإحدى أهم الوجهات الثقافية العالمية بفضل المشاريع الثقافية الاستثنائية في مختلف إمارات الدولة، وإن حالة التنوع الثقافي الغني الذي تتسم به يجعل منها بلداً حاضناً لثقافات العالم، وجامعاً لها، وكأنه يختزل ثقافات العالم أجمعها.

الثقافة والعلم
ولا تُعدّ الثقافة ترفاً في رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» القائمة على استشراف المستقبل، بل هي عنصر مهم في تكوين الفرد والارتقاء بقدراته. وقد جمع سموه بين مفهومي «الثقافة والعلم»، تأكيداً على الارتباط الوثيق فيما بينهما، ويمكن أن نرى ترجمة واضحة لهذه الرؤية المتسعة للثقافة في المحاضرات التي تُعقد في مجلس سموه منذ سنوات، والتي يحتلّ فيها العلم والتطبيقات التكنولوجية موقعاً بارزاً، وبقدر ما نجد فيها حضوراً للقضايا الفكرية نجد أيضاً حضوراً ملحوظاً لموضوعات في الطب والكيمياء والفيزياء والهندسة الحيوية والطاقة المتجددة وعلوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي. وهذا التصور يُعيد الثقافة إلى معناها الحقيقي الذي يشمل المعرفة في كل المجالات.
وأسهمت الإنجازات المهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، واهتمامه بالقراءة والعلم والمعرفة وبناء النهضة الثقافية بموازاة الاهتمام بالنهضة العمرانية، في تحوّل الإمارات خلال فترة وجيزة إلى مركز ومنارة للفنون والثقافة في المنطقة والعالم. 

مشروعات ثقافية كبرى
وباتت المواقع الثقافية في الإمارات بشكل عام وفي أبوظبي بشكل خاص، مثل المتاحف التي تحتضنها المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات في أبوظبي، تلعب دوراً مهمّاً في تعزيز معرفة المقيمين والزوار والسائحين بالثقافة الإماراتية وعادات وتقاليد مُختلف شعوب العالم، وتُبرز بجلاء إيمان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بالدور الاستراتيجي للثقافة والتعليم في بناء الإنسان شخصيته ووضعه عند مستوى التحدّيات التي يشهدها العصر.
كما أكّد سموه أن متحف «اللوفر أبوظبي» الذي جاء ليُبرز عمق الحياة الثقافية والفنية في دولة الإمارات، يُشكل علامة بارزة في مسار العلاقات المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودول العالم، خصوصاً على المستوى الثقافي، وأن تمتد دلالاته ومعانيه باعتباره جسراً ثقافياً بين الحضارات والشعوب، حيث قال «إن دولة الإمارات نموذج لتشجيع الحوار بين الحضارات، والانفتاح على الثقافات، ومقر للكثير من المعالم العلمية والثقافية العالمية».
ويقف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وراء التطور الهائل الذي شهده العمل الثقافي في دولة الإمارات وفي إمارة أبوظبي، والمشروعات الثقافية الكبرى التي جعلت من الدولة وعاصمتها مركز الثقل في المشهد الثقافي العربي، وصاحبة التأثير الأكبر فيه، وأصبحت الدولة وعاصمتها المتألقة قبلة المثقفين والمفكرين والمبدعين العرب في كل المجالات، يجدون فيها المجال الرحب والأرض الخصبة التي تسمح للأفكار الخلاقة بالنمو والنجاح، ويلقون فيها الاهتمام والاحتفاء والتقدير.

لقب القائد العربي الأبرز
وبرزت الجهود الثقافية لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، «حفظه الله»، بوضوح أمام الجميع، سواءً على المستوى العربي أو العالمي، في اختيار سموه لنيل لقب «القائد العربي الأبرز لعام 2019»، الأمر الذي يوضح بجلاء مدى تقدير وإعجاب ملايين العرب بالدور المحوري لسموه الذي يمثل «شعلة نشاط» لا تكلّ ولا تملّ في سبيل تحقيق الازدهار لوطنه وخدمة قضايا أمته، وحرصه على السير وفق نهج القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد في ترسيخ الثقافة في الإمارات كجزء من الهوية الوطنية التي يعتزّ بها أبناء وبنات الإمارات، وتنمية الفعل الثقافي في الدولة والوطن العربي توجّهاً لمستقبل يليق بطموح دولة الإمارات وتطلّعات شعبها الكريم.

صناعات إبداعية مزدهرة
وقد بذلت أبوظبي على مدار السنوات الماضية استثمارات استراتيجية كبيرة لتأسيس صناعات ثقافية وإبداعية مزدهرة، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية للاستثمارات المخطط لها في هذا القطاع 30 مليار درهم. وكانت حكومة أبوظبي قد قامت خلال السنوات الخمس الأخيرة بتخصيص مبلغ 8,5 مليار درهم لدعم القطاع في الإمارة، بما في ذلك المشاريع الرئيسة مثل «المنطقة الإبداعية - ياس»، الوجهة الحاضنة للإعلام والألعاب الإلكترونية في الإمارة، ومنطقة السعديات الثقافية، بالإضافة إلى مبادرات البنية التحتية غير المادية مثل برنامج «التأشيرة الإبداعية» الذي يوفر فرص عمل مستدامة في أبوظبي عبر تمكين أصحاب المواهب الإبداعية من جميع أنحاء العالم من العيش والعمل في دولة الإمارات، الأمر الذي يعزز المشهد الإبداعي في الإمارة.

الأصالة والمعاصرة
كما جاء إعلان صاحب السمو رئيس الدولة «حفظه الله» عن تخصيص استثمار إضافي بقيمة 22 مليار درهم للقطاع خلال السنوات الخمس المقبلة، سعياً إلى دعم وتطوير المؤسسات الثقافية وبخاصة المتاحف الجديدة، ومن ضمنها، جوجنهايم أبوظبي، ومتحف زايد الوطني، وغيرهما من المتاحف التي هي تحت الإنشاء والتطوير. ونفتخر بالمُساهمات الإماراتية المختلفة في المشهد الفني، التي تكمل بعضها بعضاً بشكل جماعي، وتثري الواقع الفني العام الذي شهد نمواً متسارعاً خلال الأعوام الـ15 الماضية، نظراً لدعم الحكومة، واستثمارها في المجالات الفنية والثقافية، الأمر الذي أدى إلى زخم الإنتاج الفني والثقافي، ووضع الإمارات على الخريطة الثقافية العالمية، ولاسيما مع وفرة المعارض الفنية، والمهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية التي نظمتها أو استضافتها أبوظبي بالتعاون مع العديد من المؤسسات الدولية.
وتسعى أبوظبي إلى تسخير التكنولوجيا الحديثة لدعم الحراك الثقافي والتراثي من خلال بناء منصات إلكترونية وتصميم تطبيقات ذكية تخدم البرامج الثقافية التراثية، وتكون حلقة وصل مع الأجيال الجديدة والعالم، تأكيداً على أن الحداثة والتطوّر والتقدّم لا تعني الابتعاد عن إرث الآباء والأجداد، فالمشروع الحضاري الذي قامت عليه دولة الإمارات يسير جنباً إلى جنب مع موروثنا الثقافي.

رؤية وبصيرة
إن نظرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد العميقة للثقافة والمعرفة تُترجم كل يوم إلى خطوات عملية، ونلمس صداها في مجتمع الإمارات بوضوح وجلاء، حيث آمن سموه بأن الإنجازات لا تأتي مُصادفة، والنهضة ليست رحلة يسيرة، بل تحتاج إلى جهد وعمل متواصل ودؤوب من مُختلف أبناء الوطن والمقيمين فيه رجالاً ونساءً برؤية وبصيرة واحدة، وطموح مُشترك يتجلّى في سعيهم للارتقاء بالإمارات نحو آفاق جديدة من الازدهار والتطوّر. كما أكّد سموه دائماً على أهمية أن تتبنى مختلف المؤسسات التعليمية الأفكار والأساليب الإبداعية والابتكارية في مناهجها التعليمية، فحين تُقدّم المدارس العلم والمعرفة بطرق مُبتكرة تحثّ العقول على التفكير خارج الصندوق فإنها بذلك تصنع التاريخ الذي تنسجه شخصيات كانت ذات يوم فوق مقاعد الدراسة، مُتسلّحة لمعركة الحياة بعلوم العصر وثقافته وفنون البشرية.

قاعدة إبداعية راسخة
لقد احتلّ الاستثمار في قدرات ومواهب الشباب، وإعداد أجيال مُبدعة مُتسلّحة بأدوات المُستقبل، المرتبة الأولى والأساسية في فكر ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» بهدف بناء اقتصاد إبداعي مُستدام يتناسب مع تحدّيات العصر وبما يُسهم في الارتقاء بالصناعات الثقافية والإبداعية المحلية، حيث حرص سموه على إطلاق المُبادرات والخطط والسياسات التي تهدف إلى توحيد الجهود بين جميع المؤسسات المعنية بالثقافة والابتكار والإبداع. ومن المؤكّد أن إشراك أفراد المجتمع في التخطيط الاستراتيجي لبناء مستقبل الدولة وتحقيق نهضتها واستدامتها، سيُسهم في إعداد قاعدة وطنية من الكوادر المتخصصة التي تؤسس قاعدة إبداعية راسخة، وتشكل جسراً لتعزيز التواصل الحضاري والثقافي مع جميع دول العالم سعياً للارتقاء بقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، وبما يتماشى مع رؤية الإمارات المُستقبلية وصولاً إلى الريادة العالمية في هذا القطاع عند حلول مئوية الإمارات 2071.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©