الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جماليات السرد ورائحة التاريخ في «يوميات روز»

جانب من الجلسة
21 أكتوبر 2020 19:23

فاطمة عطفة (أبوظبي)
«الآن أفتح دفتر يومياتي، فآخر حكاية كتبتها كانت بتاريخ أمس، قصة قصيرة وهادئة من النوع الذي لا أستغرق طويلاً في كتابتها. كنت أحلم إذن، وكنت كاتبة غاضبة خرساء وناطقة، تتأمر على نصوصها بسرية وبمراوغة المضي بها بأي شكل، من قلق مستمر وعزل ومغامرة، تكتب لتكتمل، تكتب لتسد الثقوب، تكتب فوق المزالق ولا تسقط. كم كنت معذبة وحقيقية، فيا له من حلم وليتني أعود فيه، كاتبة يوميات متمردة ومجهولة، أو كما كتب الذي عشقته في حلمي». 
بهذا المقطع، ختمت الكاتبة ريم الكمالي روايتها «يوميات روز»، وهي ما زالت بعد قيد النشر، والتي جرت مناقشتها أمس في صالون «الملتقى»، بحضور السيدة أسماء صديق المطوع مؤسسة «الملتقى» والسيدات المشاركات فيه، وعدد من متابعي النقاش الثقافي الذي يقدم أسبوعياً.
جاء تساؤل بعض المتداخلات في الجلسة: كيف تختتم الرواية بالحلم؟ رغم أنها تستفيض في صفحاتها حول التاريخ في الإمارات وخاصة مدينة دبي ما قبل الستينيات، من خلال بطلة السرد روز التي كانت تتعلم في مدرسة في الشارقة، وهي متفوقة في دراستها ومبدعة في الكتابة، لكن وفاة والدتها ومن قبل والدها، جعلتها تمضي بقية حياتها في بيت عمها في دبي، مع جدتها وتقاليد البيت الصارمة. 
قالت الكمالي: إن الواقع القاسي الذي عاشت فيه البطلة هو الذي أوحى لها أن تنتهي الرواية بمثل الحلم عند روز. وكانت أسماء المطوع قد رحبت بالروائية قائلة: نلتقي اليوم مع الكاتبة ريم الكمالي لنناقش يوميات «يوميات روز» التي ما زالت قيد النشر، وهي الأديبة المهتمة بالتأريخ لمنطقتنا عبر الأدب، من خلال هذه الرواية الجديدة، وفيها تسرد الكاتبة يوميات سيدة عاشت في تاريخنا المعاصر، وهي تحدثنا عن حياتها وعن مجتمعها الذي انتمت إليه، تتجول بنا البطلة روز في أحياء الشندغة وخور دبي ومنطقة البوهيل، تارة بصحبة عمها وتارة بصحبة زوجة عمها، وأكثر المرات بصحبة ذكرياتها ومذكراتها التي كانت، كالحلم الذي عاشت فيه البطلة طول القصة. ووصفت المطوع هذا العمل السردي بأنه من نوع خاص، هو (النوفيلا) التي تعتبر جنساً أدبياً متميزاً، أطول من القصة القصيرة وأقصر من الرواية، وهي نمط من الكتابات أكثر شيوعاً في الثقافة الأوروبية، كتبها عمالقة كبار مثل ألبير كامو وفرانز كافكا وهيمنغواي، كما تصنف رائعة غسان كنفاني «رجال في الشمس» باعتبارها نوفيلا أيضاً.
وتابعت أسماء المطوع قائلة: إن «يوميات روز» صادفت وقتها ومكانها، فنحن الآن نتأهب للاحتفال بخمسين عاماً من عمر بلادنا، لتأتي هذه الرواية بمثابة دعوة للقارئ لمشاركتنا، نحن أهل الإمارات، في هذه التفاصيل الحياتية المعقدة لجيل كامل جاور البحر بحكاياته المزدحمة، وتراثه الخاص الذي يختلف عن تاريخ الرعي وإرث الزرع، على حد تعبير بطلة الحكاية، وكما أضاءت روايات «تمثال دلما» و«سلطنة هرمز» لريم الكمالي على لحظات بعيدة من تاريخنا. 
وهكذا، استمر النقاش حول جمالية السرد واللغة في هذه الرواية، حيث أبدعت الكمالي في وصف جماليات التراث والمباني القديمة في دبي، ومن خلال جمالية السرد واللغة الجميلة تكشف الكاتبة معاناة البطلة «روز» التي تعيش في بيت عمها، وهي تكتب مذكراتها بسرية تامة ثم تمزقها، كما تصف الكاتبة الإبداع والثقافة والموهبة التي تمتلكها الشابة روز من خلال الرسالة التي أرسلتها لها مدرستها، وقد وجدتها في مكتب عمها وهو لم يخبرها عنها، تصفها فيها بأنها متميزة في اللغة ويجب أن تتابع دراستها، إضافة إلى رسالة صديقتها من بغداد التي تسأل عنها، وتصف قدرة روز في الكاتبة وجمال اللغة من خلال حفظها لأبيات من شعر امرئ القيس ومن الشعر العراقي. وفي (ص) 22، زارها في الحلم طه حسين وقال لها: «اكتبي ياروز، اكتب ولا تكوني سوى نفسك». وتقول الكاتبة في الرواية: «الكتابة ليست سوى امرأة مهرها الكلمة الحقيقية». وهكذا تنتهي الرواية: «إن روز كانت تحلم». وتشير أحداث العمل الروائي إلى ظروف الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها منطقة الخليج في الستينيات، وجمال الطراز المعماري في الأبنية القديمة، إضافة إلى إظهار بعض العادات والتقاليد التي كانت تجري في بيت العم، وحضور الجدة التي تفرض طقوساً معينة داخل البيت، حسب العادات والتقاليد المتبعة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©