الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إيزابيل الليندي.. صراع العوالم

إيزابيل الليندي.. صراع العوالم
30 يوليو 2020 01:11

صدرت خلال الأسابيع الماضية الترجمة الفرنسية لرواية إيزابيل الليندي «أبعد من فصل الشتاء» عن دار نشر برنار غراسي، ومن توقيع جان كلود ماسون. وكانت الرواية قد صدرت باللغة الإسبانية سنة 2017، وقام الراحل صالح علماني بنقلها إلى «العربية» السنة الموالية، ونشرتها دار الآداب بعنوان «ما وراء الشتاء». 
وبهذه المناسبة، أجرت الصحافية والمنشطة التلفزيونية فاليري تريرفيلير مقابلة مع الليندي لتسليط الضوء على بعض جوانب الرواية، وكذا على نقاط معينة من سيرة الكاتبة الشخصية وموقفها من ظاهرة العنصرية التي اهتزت لها بلدان عدة في الآونة الأخيرة. 
وفاليري تريرفيلير، المولودة سنة 1965، هي الرفيقة السابقة لفرانسوا هولاند، رئيس فرنسا من 2012 إلى 2017.

افتتحت الليندي «أبعد من فصل الشتاء» بعبارة لألبير كامو مقتبسة من مؤلفه «الرجوع إلى تيبازة» (غاليمار 1954)، جاء فيها: «ووسط فصل الشتاء، علمت أخيراً أن بداخلي فصل صيف لا يقهر»، كنوع من التكريم للكاتب الوجودي، ولكي تهيئ القارئ نفسياً لتلقي الصفحة الأولى التي جاءت محملة بالإحالات الرمزية إلى ما ستتضمنه الرواية من أحداث متشابكة وتقاطعات مربكة، وشخصيات تجر خلفها ماضٍ من المعاناة والآلام: «الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر 2015، ولم يأتِ بعد فصل الشتاء. وحينما حل عيد ميلاد المسيح، بنواقيسه الرتيبة، كان الناس لا يزالون يرتدون الصنادل والقمصان ذات الأكمام القصيرة -البعض من خلال الاحتفاء بمزيج الفصول الغريب، والآخرون خائفين من الاحتباس الحراري- بينما تتراءى عبر النوافذ أشجار اصطناعية تكسوها قطرات صقيع فضي اللون، خالقة بذلك التباساً لدى السناجب والعصافير. ثلاثة أسابيع بعد حلول السنة الجديدة، وفي وقت لم يعد أحد يفكر فيه في تأخر فصل الشتاء عن موعده، استيقظت الطبيعة فجأة، ونفضت عنها غبار الكسل الخريفي، وفجرت أسوأ عاصفة ثلجية سجلتها الذاكرة الجماعية».

هناك أمل
* تستحضر رواية «أبعد من فصل الشتاء» تاريخ بلدان عديدة في أميركا الجنوبية، ذلك التاريخ الذي تحضر فيه عصابات المافيا وتجار المخدرات. فهل مثل هذه الآفات هي قدر هذه القارة؟
** تعتبر المافيا وتهريب المخدرات مشكلتين عالميتي، في أميركا اللاتينية، وخاصة في المكسيك وأميركا الوسطى -في هندوراس والسلفادور وغواتيمالا- حيث سيطرت العصابات عملياً على مواقع كثيرة من الفضاء العام. إنها أحياناً ما تسيطر على الشرطة والقضاء وحتى بعض رجال السياسة. ومع ذلك، لا أعتقد أن قدرنا هو مواجهتها إلى الأبد. إننا نعيش لحظات تغير كبير. إذا أدت الاحتجاجات الناشئة إلى إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، فإنني آمل أن يختفي جزء كبير من الإجرام.
* شخصية روايتك، لوسيا، تقول للأستاذ بوماستير (Bowmaster): «لأنك رجل أبيض، فلن يطلب منك أي شرطي أوراق تعريفك، بينما يشتبه على الفور في أمر امرأتين لاتينيتين تقودان سيارة في الثلج». كيف تعِين الشر الذي ينخر في أماكن من الولايات المتحدة؟
 ** من المستحيل العيش في الولايات المتحدة دون أن يكون لديك وعي عميق بالمشكلة العرقية التي تعود أصولها إلى الاسترقاق والعبودية. إنها «الخطيئة الأصلية» لأميركا. وبصفتي مهاجرة من أميركا اللاتينية، فإن لدي تجربة شخصية مع العنصرية والتمييز. الطريقة التي تتصرف بها إدارة الرئيس ترامب تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين غير الموثقين من أصل إسباني من أسوأ طرق انتهاك حقوق الإنسان. لقد جعل ترامب من المهاجرين كبش فداء من أجل خلق جو من الخوف والكراهية داخل قاعدته -التي هي في غالبيتها الكبرى قاعدة بيضاء. وقد أبرزت بلاغته الحارقة استقطاب وانفصال المجتمعات في البلاد.

أي عالم نريد؟
* يسلط كتابك الضوء على اضطهاد الإنسان للإنسان: العبودية والنازية والمافيا. هل تعتقدين حقاً أن ذلك سيتغير في يوم من الأيام، أم أنه مترسخ في الطبيعة البشرية؟
** في يوم من الأيام، سيتم استبدال النظام الأبوي، وهو في بعض المجتمعات ضمن أصول بعض أشكال العنف، بحضارة تشارك فيها النساء إدارة العالم مع الرجال على قدم المساواة. لن يطول بي العمر لأرى ذلك بأم عيني، ولكن ذلك سيتاح لحفيداتي. لا أعتقد أن قدرنا كنوع، هو العيش بالعنف والاستغلال والجشع والظلم والقسوة. نستطيع أن نتغير. والسؤال الأكثر أهمية اليوم، السؤال الذي يجب أن تطرحه كل امرأة وكل رجل، هو التالي: أي عالم نريد؟ 
* هل أنت قلقة بشأن مستقبل القارة الأميركية الجنوبية، مع «كوفيد 19» والتجاوزات السياسية في بعض البلدان؟
** بالفعل، فالوضع في دول أميركا اللاتينية مرعب. وبالإمكان أن يتسبب في انتفاضات جماعية، والتي ستؤدي بدورها إلى العنف والقمع. لكنني متفائلة. أنا لا أؤمن بمستقبل ديستوبي، كما توحي به بعض روايات الخيال العلمي المخيفة. أعتقد أن النضال والمعاناة الحاليين سيجبراننا على تخيل مستقبل أفضل وعلى بنائه سوياً.

المصدر:
مجلة «باري ماتش» عدد 3713 من 2 إلى 8 يوليو 2020

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©