الخميس 2 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبد الرزاق بوكبة: اكتشفت البيت الذي أعيش فيه

عبد الرزاق بوكبة: اكتشفت البيت الذي أعيش فيه
31 مايو 2020 01:02

ساسي جبيل (تونس)

 «لم أكن مدركاً في البداية أنّ الكوكب مقبل على تجربة جديدة عليه، فتحقنه بمفاهيم جديدة تتعلق بالإنسانية والموت والحياة والبيت والتبادل والاتصال والاقتصاد. أو لأقل إنني لم أفعّل حاسّة الاستشراف لديّ التي عوّضتها سريعاً بحاسّة التّأمّل، بمجرّد أن تحوّل الوباء من ظاهرة محلّية في الصّين، إلى ظاهرة كونية في الكوكب». بهذه الكلمات بدأ الكاتب والأديب الجزائري عبد الرزاق بوكبة حديثه لـ «الاتحاد» حول العزلة و«كورونا»، وكيف تفاعل مع الحجر الصحي.
وأضاف: رحت أطرح أسئلة كثيرة في حسابي على «الفيسبوك»، أسميتها «أسئلة كورونا»، محاولةً منّي لرسملة هذه التّجربة/‏‏ الظّاهرة، حتّى لا تمرّ عليّ بصفتي إنساناً ومواطناً ومبرمجاً على الأفعال الثقافيّة مروراً بسيطاً يقوم على الخوف الفطريّ فقط، وهو خوف طبيعيّ، يجب أن يكون مرفوقاً بخوف واعٍ، هو الخوف من أن يمرّ الوباء من غير أن نأخذ دروساً منه تتعلق بمعيشنا وبوجودنا وبكينونتنا، بصفتنا أفراداً وجماعات.
وأشار بوكبة إلى أنه بالموازاة مع ذلك، انخرط في كتابة يومياته قائلاً: الحجر المنزليّ يعدّ تجربة إنسانية ثرية بالعواطف والمشاعر والأفكار. وهي كلّها تشكّل منصّة صالحة للكتابة الأدبية والفكريّة والتّأمّلية. فإذا كنا، صحّياً ووقائيّاً، مطالبين بالعزلة الجسدية، فلا ينبغي أن نمارس العزلة النّفسيّة والعقليّة، فنقع في السّلبيّة التّي تنسف مصداقيتنا، نحن الذّين نسمّي أنفسنا نخباً، لذلك وبصفتي أباً في زمن «كورونا»، فقد استفدت عميقاً من تجربة الحجر المنزليّ، من زاوية مراجعة كثير من المفاهيم التّربويّة في علاقتي مع بناتي، والإنسانية في تعاملي مع أمّي وزوجتي وجيراني. بل إنني اكتشفت من جديد البيت الذي ظهر أننا كنّا نتعامل معه كأنه مرقد، حتّى أنّه يجوز لنا القول إننا وجدنا أنفسنا محتاجين إلى أن نعيد التّعارف مع شركائنا فيه. فنعيد بذلك عفوياً نظرتنا إلى الأمومة والأبوّة والبنوّة والجوار. كما بادرت بصفتي مشرفاً على مشروع «المقهى الثقافي»، رفقة شركائي فيه، بتحويل نشاطاته الميدانيّة إلى مواقع التّواصل الاجتماعيّ، حتى نتجنّب الاحتكاك من جهة، ونحقّق واجب مرافقة المواطن في بيته، بنخبة من الفنون والوجبات الأدبيّة والفكريّة. وأطلقت ورشتين تكوينيتين افتراضيتين في تقنيات القصّة الموجّهة للطّفل وفي أدب اليوميّات، باعتباره أدباً منسجماً مع الأوضاع والمشاعر التي فرضها الوباء. واستغلالاً للوضع أيضاً بادرنا في «المقهى الثقافي» بإطلاق مبادرة «كتاب ضدّ كورونا»، تحت شعار «هاك كتاباً وامكث في بيتك»، حيث أوصلنا كتباً مجانيّة معقّمة إلى البيوت.
ويختم عبد الرزاق بوكبة قائلاً: إننا، كعرب، مطالبون أكثر من غيرنا بأن نستثمر في دروس «كورونا»، فنعيد كثيراً من الحسابات، في مقدّمتها وجوب الاستثمار في الإنسان، قبل الاستثمار في الجدران، ونستثمر في العقول والقلوب قبل الاستثمار في الجيوب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©