الإثنين 6 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تغير المناخ يلتهم غذاء العالم

تغير المناخ يلتهم غذاء العالم
12 ديسمبر 2021 01:47

عاطف عبدالله (أبوظبي) 

أثرت التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية في مناطق عدة حول العالم، وأدت إلى اضطراب اقتصاديات القطاع الزراعي والمجتمعات الفلاحية التي تعتمد عليه في غذائها أو صادراتها.
وتسبب الطقس غير المستقر في القضاء على الأخضر واليابس، بعدما دمرت الفيضانات وموجات الجفاف المحاصيل من القمح والذرة والأرز إلى البن، وهو ما رفع أسعارها بشدة.
وأدى شح المعروض من السلع الزراعية إلى نقص سلاسل إمدادات الغذاء، وشكل ضربة للاقتصاد العالمي الذي كان يكافح للتعافي من فيروس «كوفيد-19».
وتهدد تلك الزيادات في أسعار الغذاء برفع مؤشرات التضخم الأوسع نطاقا في بعض الدول، وتجعل من الصعب على محافظي البنوك المركزية الاستمرار في توفير الحوافز النقدية لدعم النمو.
كما يدفع ارتفاع أسعار الغذاء، ملايين الأسر، التي اضطرت بالفعل إلى تقليص مشترياتها من المواد الغذائية تحت وطأة الوباء، لتوغل في أزمات مالية أكثر عمقاً.

الأسعار العالمية
ووفقاً للتقرير الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «فاو» أدى نقص المعروض من السلع الزراعية إلى ارتفاع أسعارها لأعلى مستوى خلال عشر سنوات. وحسب التقرير، فإن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت في نوفمبر وللشهر الرابع على التوالي إلى أعلى مستوى منذ يونيو 2011 مدفوعة بالطلب القوي على القمح ومنتجات الألبان. وبلغ متوسط مؤشر فاو لأسعار الغذاء، الذي يقيس أسعار أكثر المواد الغذائية تداولاً في الأسواق العالمية، 134.4 نقطة الشهر الماضي، مقارنة مع 132.8 نقطة في أكتوبر، مرتفعا 27.3% في نوفمبر 2021. على أساس سنوي.

 

مجموعة الحبوب
حسب تقرير «فاو» الذي حصلت «الاتحاد» على نسخة منه، بلغ متوسط مؤشر أسعار الحبوب 141.5 نقطة في نوفمبر 2021، بزيادة 3.1% على مستواه في أكتوبر و23.2% مقارنة بمستواه قبل عام. واستمر الطلب القوي وسط انحسار الإمدادات، خاصةً إمدادات القمح العالي الجودة لدى المصدّرين الرئيسيين، في رفع أسعار القمح للشهر الخامس على التوالي حتى بلغت أعلى مستوياتها منذ مايو 2011.
وتلقت أسعار القمح دعما من التراجع المحتمل في جودة الحصاد الجاري بأستراليا بعد هطول الأمطار في غير موعدها، وعدم اليقين بشأن التغييرات المحتملة في تدابير التصدير بروسيا. ومن بين الحبوب الخشنة، واصلت الأسعار الدولية للشعير ارتفاعها جراء قلّة الإمدادات والآثار غير المباشرة الناجمة عن أسواق القمح. وسجلت أسعار تصدير الذرة ارتفاعا طفيفا في نوفمبر، مدعومة بالوتيرة القوية للمبيعات من الأرجنتين والبرازيل وأوكرانيا، في حين أدى ضغط العرض الموسمي إلى الحد من أسعار صادرات الولايات المتحدة الأميركية. في المقابل، ظلت الأسعار الدولية للأرز ثابتة بشكل عام في نوفمبر، إذ أدى تقدم الحصاد في العديد من البلدان الآسيوية المورّدة وتضاؤل الطلب على الاستيراد، إلى كبح الأسعار.

منتجات الألبان
بلغ متوسط مؤشر «فاو» لأسعار منتجات الألبان 125.5 نقطة في نوفمبر 2021، بزيادة 3.4% مقارنة بأكتوبر و19.1% على مستواه في الشهر نفسه من العام الفائت. وفي نوفمبر، سجلت الأسعار الدولية للزبدة ومساحيق الحليب ارتفاعا حادا للشهر الثالث على التوالي، مدفوعة بانحسار الصادرات العالمية وبنفاد المخزونات، مع تراجع عمليات التسليم في عدد من البلدان الرئيسية المنتجة للحليب في أوروبا الغربية، بالتزامن مع انخفاض الإنتاج عما كان متوقعًا. واستمر الطلب العالمي القوي على الاستيراد وسط مساعي المشترين إلى ضمان إمدادات فورية تحسبا لانحسار الأسواق، الأمر الذي أضاف مزيدا من الضغط المؤدي إلى تصاعد الأسعار، بالرغم من عدم اليقين في السوق بشأن الطلب في الأمد القريب جراء زيادة القيود الاجتماعية المرتبطة بجائحة كوفيد-19. وشهدت أسعار الأجبان ارتفاعا طفيفا بما يعكس زيادة الطلب وتأخر عمليات الشحن الذي أعاق المبيعات من جانب الموردين العالميين.

منتجات السكر
كما شهدت أسعار منتجات السكر في نوفمبر الماضي، زيادة 1.4% مقارنة بأكتوبر، بينما زادت نحو 40% مقابل الشهر نفسه من العام 2020. ونتج انتعاش الأسعار الدولية للسكر في شهر نوفمبر، بصورة رئيسة عن ارتفاع أسعار الإيثانول، الأمر الذي شجع على زيادة استخدام قصب السكر لإنتاج الإيثانول في البرازيل، وهي أكبر دولة مصدّرة للسكر على مستوى العالم.
وحظيت أسعار السكر على مستوى العالم بدعم إضافي جراء ارتفاع الطلب العالمي على استيراد السكر مدفوعا بانخفاض تكلفة الشحن.  

اللحوم والدواجن
أما أسعار اللحوم رغم تراجعها في نوفمبر الماضي 0.9% مقارنة بأكتوبر، فأنها لا تزال أعلى بنحو 17.6% عن مستواها المسجل في الشهر نفسه من 2020.
وحسب تقرير «فاو» تراجعت أسعار لحوم الغنم بشكل حاد بسبب زيادة الإمدادات، خاصة من أستراليا، بينما ظلت الأسعار الدولية للحوم الأبقار مستقرة وفيما يتعلق بالزيوت النباتية، بلغ متوسط مؤشر «فاو» 184.6 نقطة في نوفمبر 2021، بانخفاض 0.2% عن المستوى القياسي المرتفع الذي سجّله في الشهر الفائت، نتيجة للانخفاض سعر زيت الصويا وزيت بذور اللفت، بينما ظلت أسعار زيت النخيل من دون تغيير يذكر.  

المساعدات الإنسانية
ألحق تضخم أسعار الغذاء الضرر بالناس الأكثر فقراً حول العالم الذين لا يفصلهم عن الجوع سوى بضع وجبات قليلة.
ففي تقرير للبنك الدولي حذر من أن تغير المناخ والصراعات وفيروس كوفيد ـ 19 أحدثت أضرارا بالغة بأفقر بلدان العالم وأكثرها ضعفا بشكل خاص، ونتيجة لذلك، سيحتاج 235 مليون شخصا حول العالم إلى المساعدات الإنسانية والحماية في عام 2021 بزيادة 40% مقارنة بالعام الماضي.
كما ارتفع عدد الأشخاص الذين يُعانون من الجوع المزمن بنحو 130 مليونا في العام الماضي، ليصل إلى ما يزيد على 800 مليون شخص، حسب التقرير.
وطالب بتنفيذ نهج استباقي لمواجهة جائحة الجوع المتزايدة، من خلال اتخاذ إجراءات فعّالة قبل تحول حالات الطوارئ الغذائية إلى مجاعات كاملة، والتي تشمل مُعالجة الدوافع طويلة الأجل لانعدام الأمن الغذائي - بما في ذلك التعرض للظواهر المناخية المُتطرفة والآفات، وانخفاض الدخل، وسلاسل القيمة «الهشة»، من أجل منع أزمات جديدة في المستقبل.

التغير المناخي وحياد الكربون
يُظهر تقرير فجوة الانبعاثات لعام 2021، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن التعهدات المناخية الوطنية الجديدة جنبا إلى جنب مع تدابير التخفيف الأخرى تضع العالم على مسار يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، وهذا أعلى بكثير من أهداف اتفاق باريس للمناخ، وسيؤدي إلى تغييرات كارثية في مناخ الأرض.
ومن أجل الحفاظ على الاحتباس الحراري دون 1.5 درجة مئوية هذا القرن، وهو الهدف الطموح لاتفاق باريس، يحتاج العالم إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى النصف في السنوات الثماني المقبلة، حسب التقرير.
وفي السياق ذاته، حذّر خبراء المناخ من أن تزايد أنماط الطقس المتقلبة التي لا يمكن التنبؤ بها تشكّل تهديداً متزايداً لإنتاج المحاصيل والأمن الغذائي.
وقال د. أحمد السعيد الخبير في شؤون الاقتصاد البيئي إن خطط الحياد الكربوني التي أطلقتها العديد من البلدان حول العالم، تفتتح باب الأمل من جديد أمام خفض الانبعاثات الكربونية. واستكمل: إذا تم تنفيذها بشكل فعال، فإن تعهدات تحقيق «صفر انبعاثات» يمكن أن تحد من الاحترار إلى 2.2 درجة مئوية، وهو هدف أقرب إلى اتفاق باريس. ويرى أن تقليل انبعاثات غاز الميثان وقطاعات النفايات يمكن أن يساعد في سد فجوة الانبعاثات وتقليل الاحترار على المدى القصير.
ونوه بأن أسواق الكربون تقدم خفضاً حقيقياً للانبعاثات وتحفز الطموحات، ولكنه قال: لن يحدث ذلك إلا عندما تكون القواعد محددة بوضوح، ومصممة لضمان أن تعكس المعاملات التخفيضات الفعلية في الانبعاثات، وتكون مدعومة بترتيبات لتتبع التقدم المحرز وتوفير الشفافية.

أسامة محرز: التضخم يضغط على بنوك مركزية لإنهاء حقبة الفائدة الصفرية
أخذت أسعار الغذاء مسار الارتفاع، ويبدو أن هذا الاتجاه التصاعدي يتجه للاستمرار مع عودة الاقتصاد العالمي إلى الحياة، وهو ما دفع التضخم العالمي إلى مستويات غير مسبوقة.
ففي منطقة اليورو، التي تضم 19 دولة، قفز التضخم في أكتوبر الماضي إلى أعلى مستوياته خلال 13 عاماً، كما ارتفعت أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة 6.2% في الشهر ذاته وهي أسرع وتيرة سنوية منذ 1990.
الزيادات غير المسبوقة في معدلات التضخم تضغط على البنوك المركزية لإنهاء حقبة أسعار الفائدة القريبة من الصفر في وقت أقرب من المتوقع، حسب د. أسامة محرز أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية.
وقال إن البنك المركزي الأميركي يدرس بالفعل تسريع إنهاء برنامجه الضخم لمشتريات السندات بالنظر إلى قوة الاقتصاد ومعدل التضخم المرتفع، بعدما اعترف جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي أن التضخم لم يعد «عابرا».
 وحول تأثير ارتفاع المحاصيل الزراعية على المستهلك، قال: بالطبع لا تظهر آثار السلع المرتفعة فوراً على أرفف المتاجر، كما تشكل جزءاً من التكاليف التي تتحمّلها شركات تجارة التجزئة، التي غالباً ما تمتص الزيادة الأولية للحفاظ على عودة العملاء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©