لمياء الهرمودي (الشارقة)
أكد مختصون أن السفر إلى الفضاء يحتاج إلى إعداد وتأهيل جسدي ونفسي وصحي مسبق ومكثف، حتى يستطيع الإنسان السفر من دون التعرض لنوبات صحية ونفسية قد تؤثر وتشكل خطراً على حياته.
وقال الدكتور عثمان اللبان استشاري طب العائلة لـ«الاتحاد»: في السنوات الأخيرة، كانت هناك زيادة في البحوث بشأن مسألة كيف يمكن للبشر البقاء على قيد الحياة والعمل في الفضاء لفترة طويلة. وأصبح أكبر تحد يواجه استكشاف الفضاء هو محاولة فهم آثار وتأثير السفر إلى الفضاء لفترة طويلة على جسم الإنسان، والسؤال هنا هل التكنولوجيا قادرة على تلبية الاحتياجات الفورية في ظروف بيئة الفضاء؟ فقد تكون بيئة الفضاء قاتلة ما لم تتوفر الحماية المناسبة، حيث إن أكبر تهديد في فراغ الفضاء سببه نقص الأكسجين والضغط بالإضافة إلى درجة الحرارة والإشعاع.
الغلاف الجوي للأرض
وأضاف اللبان أن وظائف الأعضاء البشرية مهيأة للعمل ضمن الغلاف الجوي للأرض، ويلزم وجود كمية معينة من الأكسجين في الهواء الذي نتنفسه. وعند مستوى أقل من ذلك، يصبح رائد الفضاء معرضاً لخطر فقدان الوعي والموت من نقص الأوكسجين. وفي فراغ الفضاء، يستمر تبادل الغازات في الرئتين بشكل طبيعي ولكن ينتج عنه زوال جميع الغازات، بما في ذلك الأكسجين، من الدم، وفي الفراغ، ولا توجد وسيلة لإزالة الحرارة من الجسم عن طريق التوصيل أو الحمل الحراري يحدث فقدان الحرارة عن طريق الإشعاع من درجة حرارة الفرد إلى درجة حرارة الفضاء الخارجي تعد هذه العملية بطيئة، كما يمكن أن يؤدي التعرض إلى الإشعاع الشديد الناشئ عن أشعة الشمس المباشرة غير المرشحة إلى التدفئة الموضعية.
الجاذبية في الفضاء
وتحدث استشاري طب العائلة على الجاذبية قائلاً: الجاذبية في الفضاء أضعف كثيرًا منها على الأرض، فعندما يخرج البشر إليه يبدو كأنه لا وزن لهم وبعد استحداث محطات الفضاء التي يسكنها البشر لفترات طويلة ظهرت التأثيرات الضارة لانعدام الوزن على صحة الإنسان وتعرف أكثر المشكلات شيوعاً التي يتعرض لها البشر في ساعاتهم الأولى في حالة انعدام الوزن بمتلازمة التأقلم مع الفضاء، والاسم الشائع لها هو دوار الفضاء، وأعراضها، الغثيان والقيء، والدوار، والصداع، والنعاس، والتوعك بشكل عام. وتختلف مدة الإصابة بدوار الفضاء من شخص إلى آخر، إلا أنها نادراً ما تستمر لأكثر من اثنتين وسبعين ساعة، وبعدها يتأقلم جسم الإنسان مع البيئة الجديدة، وتضم الأعراض طويلة المدى لانعدام الوزن أيضاً ضمور العضلات وتدهور الهيكل العظمي، فمن دون تأثير الجاذبية لا يمكن للعضلات الهيكلية أن تحافظ على مواضعها. ففي ظل انعدام الجاذبية لا تتحمل عضلات الظهر أو الساقين أي وزن عند الوقوف، ومن ثم تضعف هذه العضلات ويتقلص حجمها وتضمر بسرعة وعلى الرغم من أن هذه الأعراض عادة ما تكون مؤقتة، فإنه بدون التمرين بانتظام واتباع نظام غذائي معين، قد يخسر رواد الفضاء ما يصل إلى 20% من كتلتهم العضلية في فترة تتراوح من خمسة أيام إلى أحد عشر يوماً.
حاسة التذوق
واكد الدكتور عثمان اللبان على أن هناك تأثيراً آخر يتمثل في تغير حاسة التذوق في الفضاء، فبعضهم يجد الطعام بلا طعم مميز، وآخرون يجدون أن وجباتهم المفضلة ليست بالطعم نفسه، في حين استمتع آخرون بأطعمة في الفضاء لم يكونوا يفضلونها في الأصل، وآخرون لا يشعرون بأي تغيير من الأساس في النوم رغم أن الرواد لا ينامون جيداً، ففي بعض البعثات المكوكية يتناول أكثر من نصف الطاقم حبوناً منومة، وبشكل عام، تكون نحو نصف العقاقير الطبية المستخدمة في الرحلة تكون لمساعدة رواد الفضاء على النوم. وعلى الرغم من ذلك، فإن متوسط ساعات نومهم أقل ساعتين منه على الأرض. ويعد الإرهاق - سواء كان على الأرض أو الفضاء - مشكلة خطيرة، فهو يؤثر في الأداء، ويزيد من الاستثارة، ويقتل التركيز، ويسرع ردود الأفعال، مما يزيد من مخاطر وقوع الحوادث. مشيراً إلى أن هناك أيضاً تأثيراً على جانب إعادة توزيع السوائل في الجسم وهو ما يسبب مظهر «الوجه البدري» في صور رواد الفضاء الذين يتعرضون لانعدام الوزن.
شروط ومواصفات
تحدث الدكتور رياض جبار خضير اختصاصي طب نفسي حول أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في المتقدمين والراغبين للسفر إلى الفضاء وقال: إن رواد الفضاء يخضعون إلى تدريبات معينة وخاصة فيها محاكاة لما يدور حوله في الفضاء الخارجي، وفي وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» يوجد سفينة فضاء تحاكي الواقع في الفضاء، إذ يتم تدريب المرشحين لفترة طويلة على ظروف العيش في الفضاء، ومن المفضل أن يكون المرشح لديه خبرة في الطيران ليس أقل من 3000 ساعة، وعادة من يكون التدريب يكون من سنة إلى سنتين في مركز ناسا للفضاء، ويتم التدريب على كل تفاصيل الحياة التي قد تواجههم في المركبة عند تواجدهم الفضاء الخارجي.
وأشار: في بداية الخمسينيات والستينيات كان يسود اعتقاد أنه يمكن إجراء تجارب السفر إلى الفضاء مع الأشخاص الذين يمتلكون شخصيات مغامرة وتهوى المخاطرة من دون تردد ولا يشعرون بالخوف، ولكن مع الدراسات وتطورت الأبحاث فقد وجد العلماء أن التدريب الكافي للأشخاص الأسوياء يجعلهم مؤهلين تماماً للخضوع لرحلة إلى الفضاء.
وأوضح أنه يتم تأهيل وتدريب المرشحين للسفر للفضاء لتحمل ظروف قاسية يتحمل فيها العزلة الاجتماعية أثناء تواجده في الفضاء بعيداً عن أهله وعن الأصدقاء، بحيث يمكن أن يمكث في المركبة لمدى سبعة شهور، من دون أن يصاب بالملل والاكتئاب والقلق من أشياء غير طبيعية، كانعدام الجاذبية، والتي لها أثرها على كتلة العضلات لأن العضلات لا تستخدم بطريقة طبيعية في الفضاء الخارجي مما يشكل نوعاً من الصدمة والخوف وعدم فهم ما يحدث في جسمه وبالتالي يؤثر على القدرة على الإدراك والتفكير السليم، كما أنه في بعض الأحيان قد يؤثر الشعور بالبعد عن الأرض على رائد الفضاء نفسياً، وقد يصاب بنوبات من الخوف والهلع والاكتئاب، كل هذه المخاوف والمصاعب يتم التدريب عليها، حتى يتمكن المرشح من تجاوزها.
نجاح باهر
وأكد الدكتور رياض جبار خضير أن ابن الإمارات رائد الفضاء سلطان النيادي قد خضع لتجارب طويلة وأمضى أشهراً في وكالة ناسا للتدريب واجتاز كل الاختبارات بنجاح باهر، ولديه خبرة في الكمبيوتر وعنده خبرة في الهندسة وفي المعلوماتية وتم تدريبه بشكل كاف للنجاح فى مهمته التي نتشرف كعرب بأن يكون أول رائد فضاء يقضي مهمة طويلة من خلالها.