الجمعة 31 مارس 2023 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الإمارات

الإمارات وتركيا.. جسور صداقة راسخة

الإمارات وتركيا.. جسور صداقة راسخة
4 مارس 2023 01:32

أحمد مراد، عبد الله أبو ضيف (القاهرة)

شدد خبراء في شؤون العلاقات الدولية على أهمية اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الموقعة بين الإمارات وتركيا، ووصفوها بـ «محطة مهمة ومؤثرة» في مسيرة العلاقات المشتركة بين البلدين، نظراً لما يترتب عليها من تأثيرات إيجابية عديدة تجعل من البلدين محوراً استراتيجياً مؤثراً على المستوى الإقليمي والدولي.
وأكد الخبراء، في تصريحات، أن الاتفاقية سوف تدفع العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين إلى آفاق أوسع عبر أسس وقواعد راسخة لشراكة ثنائية مستدامة، وهو ما يتماشى مع رؤية قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات المشتركة سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وثقافياً.
ويقول الباحث السياسي التركي، علي أسمر إن جسور الصداقة والتعاون بين الإمارات وتركيا راسخة، وتتجدد في كل مرحلة في جميع المجالات.
أكد علي أسمر أهمية الاستثمارات الإماراتية والشراكة بين البلدين في المرحلة الراهنة بالنسبة لتركيا، لاسيما بعد الزلزال، لافتاً إلى انعكاس الاتفاقية بشكل كبير على الاقتصاد التركي.
من جهته، قال محمد أونال، المحلل السياسي التركي، إنه منذ زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى تركيا قبل نحو عام ونصف عام تقريباً، حدثت نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وأوضح المحلل السياسي التركي لـ«الاتحاد» أن عمق العلاقات بين البلدين، تجلى بوضوح في مساعدة الإمارات لتركيا أثناء الزلزال، سواء بفرق الإنقاذ، والتي أنقذت الآلاف بالبحث تحت الأنقاض وفتح مستشفى ميداني، أو من خلال المساعدات الإغاثية والغذائية واللوجستية المختلفة، والتي لم تتوقف لحظة، وكانت من ضمن الأوائل في الوصول بعد الزلزال المدمر. وأشار إلى أن رغبة البلدين المشتركة في تعزيز التعاون الثنائي، وتوقع مشاركة الإمارات في عمليات إعادة الإعمار، والتي قد تصل تكلفتها إلى نحو 100 مليار دولار تقريباً.

زيارات متبادلة
قبل نحو عام تقريباً، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإمارات، حيث أشار إلى أن الإمارات من بين الشركاء التجاريين الرائدين، معتبراً أن تركيا «ترى أن أمن واستقرار كل الدول الشقيقة في منطقة الخليج لا ينفصلان عن أمنها واستقرارها، والعلاقات مع الإمارات مهمة لتعزيز استقرار المنطقة بأسرها».
من جهته، توقع الباحث السياسي التركي إبراهيم إدمير، زيادة الاستثمارات الثنائية بين الإمارات وتركيا خلال الفترة المقبلة، في ضوء العلاقات المتميزة والوطيدة بين قيادتي البلدين، والتي ظهرت في الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات خلال الفترة الماضية.
وأضاف الباحث السياسي التركي لـ«الاتحاد» أن العمل المشترك بين تركيا والإمارات سياسياً واقتصادياً له دور كبير في تعزيز استقرار المنطقة.
وأكد الباحث السياسي التركي أن الشعب التركي يعتز بمساعدة الشعب الإماراتي في أزمة الزلزال، والتي أفجعت الجميع، وكان للإمارات دور إنساني عظيم تمثل في عملية «الفارس الشهم» التي قدمت العون لتساعد تركيا على المضي قدماً بعد الفاجعة الكبرى.
وفي هذه الأثناء، أكد السفير حسين هريدي، المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري، الخبير في شؤون العلاقات الدولية، أن توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا سوف يكون له انعكاس إيجابي على تطور العلاقات الثنائية بين البلدين، سواء في المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الدبلوماسية أو الثقافية، وهو ما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين، ويتماشى مع رؤية ورغبة قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات إلى آفاق استراتيجية أوسع.
وأوضح الدبلوماسي المصري لـ«الاتحاد» أن الإمارات وتركيا ترغبان عبر اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في دعم وتعزيز العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين من خلال أسس وقواعد راسخة لشراكة ثنائية مستدامة، لا سيما أن الإمارات بدأت مؤخراً مرحلة الخمسين الجديدة، وتسعى خلالها إلى تعميق شراكاتها الدولية مع مختلف دول العالم.
وأشار هريدي إلى أن الإرادة السياسية في الإمارات وتركيا تسهم بشكل كبيرة في إحداث نقلة مهمة ومحورية في تاريخ العلاقات المشتركة، وهو ما ظهر بوضوح خلال الفترة الماضية في التصريحات الصادرة عن قيادتي البلدين. وقال مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً إن العلاقات الإماراتية التركية تعززت بشكل كبير خلال العامين الماضيين، في ظل حرص قيادتي البلدين على الدفع بهذه العلاقات إلى الأمام، وهو ما ظهر جيداً خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى تركيا في 24 نوفمبر 2021، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الإمارات في 14 فبراير 2022. وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أجرى قبل زيارته التاريخية إلى تركيا مكالمة هاتفية مع الرئيس التركي جرت في 30 أغسطس 2021، ومثلت هذه المكالمة نقطة الانطلاق نحو مرحلة جديدة في العلاقات الإماراتية التركية، وخلالها شدد الجانبان على ضرورة تطوير العلاقات الثنائية بشكل يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
وبعدها بأشهر قليلة، وتحديداً في 24 نوفمبر2021، زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تركيا، وحُظي خلال الزيارة باستقبال رسمي وشعبي مهيب، وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في مقدمة مستقبليه، ما كشف بوضوح مدى رغبة الطرفين في تطوير علاقاتهما وتعزيزها.
وخلال الزيارة، أعلنت دولة الإمارات تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الاقتصاد التركي والاستثمارات الاستراتيجية في تركيا، وبالأخص القطاعات اللوجستية مثل الطاقة، والصحة، والغذاء. كما وقعت الإمارات وتركيا خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أنقرة 10 اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم تتعلق بمجالات الطاقة، والمصارف، والنقل، والتكنولوجيا، والبيئة.
وفي 14 فبراير 2022، زار الرئيس التركي الإمارات، وخلالها وقع الجانبان 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وبروتوكولاً تهدف إلى تعزيز التعاون وتوسيع الشراكات بين البلدين في مجالات عديدة.

قفزة نوعية
أكد الدكتور إياد المجالي، الخبير الأردني في شؤون العلاقات الدولية، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الإنجازات السياسية للقيادة الإماراتية الرشيدة تتجلى في مجالات تعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية، في إطار الانفتاح للسياسة الخارجية الإماراتية مع الأطراف الإقليمية والدولية كافة.
وأوضح الدكتور المجالي أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا من شأنها أن تعزز مسيرة التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتزيد مكانة كل منهما كمحور استراتيجي مؤثر على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وأشار إلى أن الاتفاقية تمثل ترجمة عملية لسياسة التوافق والانسجام بين الإمارات وتركيا في التعاطي مع القضايا المشتركة، إضافة إلى الرغبة في توسيع أوجه التعاون، وبالأخص في المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
وبلغ حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا خلال عام 2021 نحو 50.4 مليار درهم بمعدل نمو قدره 54% مقارنة بالعام 2020، وارتفاعاً بنسبة 86% مقارنة بالعام 2019، وتستحوذ تركيا على أكثر من 3% من حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات، وتأتي في المرتبة السابعة لأكبر شركاء الإمارات التجاريين.
وبلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا بنهاية عام 2020 أكثر من 18.3 مليار درهم، بينما بلغ حجم الاستثمارات التركية في الإمارات 1.1 مليار درهم بنهاية عام 2019.

تأثيرات إيجابية
كرم سعد، الباحث المصري المتخصص في الشؤون التركية، أكد لـ«الاتحاد» أن العلاقات الإماراتية التركية ستشهد تسارعاً إيجابياً في أعقاب توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، وهو ما يشكل تطوراً مؤثراً سيلمس الجميع تأثيراته الإيجابية على مختلف الصعد والمستويات.
وأكد سعد أن الإمارات تمثل أولوية مهمة في مسار السياسة الخارجية التركية، وتحرص أنقرة على توسيع نطاق علاقاتها مع الإمارات سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً، نظراً لدور الإمارات المحوري إقليمياً ودولياً، ومن ثم فإن العلاقات الإماراتية التركية مرشحة لمزيد من التطور خلال المرحلة المقبلة، لا سيما مع توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين. وأشار الباحث في الشؤون التركية إلى أن علاقات البلدين شهدت على مدى العقود الماضية محطات عديدة منذ أن بدأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال العام 1979 عندما افتتحت أنقرة سفارتها في أبوظبي، وتمثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة الموقعة بين البلدين محطة مهمة ومؤثرة في تاريخ العلاقات الإماراتية التركية، نظراً لما يترتب عليها من تأثيرات إيجابية عديدة.

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2023©