يحلو لي أن أكون في حضرة الرمل، على شاطئ مشاغب، يتدفأ بأحلام الصبا، وأيام كان للرمل ذاكرة تحفظ الود، وتمنح السد، وتجيد قراءة التفاصيل، في العقل والقلب، ذاكرة لم يغشها نعاس، ولم يتلبسها كدر، كانت في الزمان رمانة الميزان لمشاعر تتوهج صباحاً كأهداب الشمس، وتضيء ليلاً كقناديل معلقة في سقف السماء.
اليوم وأنا أتأمل المشهد في بلادي وأتابع من كثب ما يحدث في شتائنا من رونق الرمال الذهبية المعطرة بشذى العشب القشيب والعيون التي في طرفها حور تمرح على كعوب الجمال، و«الدشداشة» البيضاء ناصعة من غير سوء، هنا في هذه اللحظة يخال أن الإمارات تبني أحلام البشرية على سفوح الطموحات الكبرى، وتشيد الأهداف من عناقيد النخلة المباركة، وتسير في الحياة كفراشة أطلقت الجناحين ريانة بالهوى والهواء.
واليوم الإمارات بعهدة القيادة الرشيدة تحقق للإنسان، مواطناً ومقيماً، أجمل الأرائك مدفأة بشتاء يرتدي السندس والإستبرق، ويلامس الوجنات بأنامل المخمل، وحرير النسائم، ويمضي في وجدان الناس كأنه الجداول تغسل المشاعر بشهد ووعد، وعهد، الرجال النجباء الذين أسسوا دولة مرابعها من فرح الغزلان، ورمالها من نشيد الرؤية المجللة بالجد، ومجد الأيادي الطيبة.
اليوم الإمارات أصبحت مهداً للطير الباحث عن سكينة، والإنسان المحمّل بمشاعر البهجة، وهذه السماء زرقاء مكللة ببلورات الليل، وصحن مرمر النهار، وطبيعة خلابة، جذابة، مهابة، تمنح الزائر والمقيم حلو المعشر، وجلال المنظر، وتفشي أسرار حياة، بدأت من هنا، من قلب الصحراء، من مقلة الغافة البهية، وهضاب زاهية كأنها اللمعة في ضمير الأبدية، كأنها الشمعة في ثنايا الوجود.
اليوم الإمارات، وبعد مسيرة مجللة ببذل وجهد، وعطاء لا ينضب، ولا يقضب، تبدو في حياة الناس قافلة ركابها تسير على خفاف الشامخات، السامقات، الباسقات، اليافعات، اليانعات، والعالم يحتفي بالمشهد، وكأنه في عرس، يجمع عشاق الحياة، والمدنفين بقصيدة الأبجدية الأولى.
اليوم الإمارات وهي تضع على وجه العالم سحنة الجمال، وتخضب كفوف المحبين بحناء عشبة الفرح، وتمضي.. تمضي الإمارات بمباركة قيادة آمنت بأن الجمال سر الحياة، وأن التمسك بنقش الفسيفساء على جبين اللجين الإماراتي هو الثابت، ولا متحرك، ولا متغير سوى هذه النهضة الحضارية التي تعيد بها الإمارات حضارات أفلت، وأفلتت من بين يدي شعوب، وهنا تبدأ المسيرة، هنا تنطلق الرؤية بكل عنفوانها، وسريان جداولها، لتقول للعالم، من هنا، من أرض الرجال الأوفياء، نعيد للعالم ما قد نظن أنه لن يعود، من هنا يغدق الشتاء نفوس الناس بدفءٍ لا يطفئ نوره، ولا يسدل ستائره، لأنه محروس بعيون لا تغمض، وقلوب لا تنبض إلا بالحبّ، وبالحبّ وحده ترتوي بلادنا، وتختال بين الأوطان وردة برية، لها رونق الطبيعة، ومهارة الغزلان في الجمال والدلال.
فشكراً لصاحب العبارة الأجل والأشهر، شكراً لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وجملته الأجمل «شتاؤنا أجمل شتاء».. شكراً لكل العشاق، وفرسان الكلمة الأكمل تعبيراً.