نسأل أنفسنا، هل الحب واقع أم خيال؟ في حقيقة الأمر، ليس عاطفة الحب إلا خيال لحظة مباغتة، تتجلى فيها الصورة، صورة الشخص، أو الموقف، أو الحدث، أو أي شيء يخطر على بال البشر، كتجسيد للجمال الداخلي في نفس الشخص المحب.
عندما يتحدث شخص ما عن عاطفته تجاه الصورة الخارجية، فإنه يتحدث عن ذات شيء أصبح في الخيال، صورة مغايرة عن الواقع، وعن الصورة التي يراها الآخرون.
لا يمكن تفسير عاطفة ما تجاه شخص ما مثلاً، ولا يمكن الجدل حولها، لأن ما يراه المحب، هو غير ما يراه الآخرون، ولذلك من هنا يبدأ التفسير الخاطئ لمشاعر المحب، بالنسبة للآخرين والذين يرسمون صورة مختلفة تماماً عن تلك الصورة التي يرسمها العاشق، الولهان.
فليس عاطفة الحب خيالاً يثب في لحظة ما لا يمكن تفسيرها، ولا حتى تعريف كيف حدوثها، ولا لماذا حدثت للشخص، تجاه شخص آخر.
ولذلك يقولون، إن الحب يحدث من نظرة، وهذا صحيح وليس مبالغاً فيه، لأن الخيال ومضة، وفي الومضة تحدث قفزة المشاعر اللاشعورية، في تلك اللحظة يكون الشخص ربما في مكان آخر، في وعيه، أي أنه ليس حاضر الوعي لأسباب قد لا يستطيع أي من البشر تفسيرها، ولكنها تحدث فقط.
شخص قد يشعر بحالة عاطفية غريبة تعتريه فجأة، ويحس أنه التقط إشارة حركت في داخله جنود المشاعر، وغيرت من حياته، وأحس أنه أحب شخصاً ما ومن دون سابق إنذار.
كيف حدث هذا، لا أحد يستطيع تفسير هذه الظاهرة، لأنها تحدث فقط، ولأنها تأتي من منطقة بعيدة جداً، وغريبة على الشخص المحب، وعندما يسأل هذا الشخص كيف حدث لك هذا، يقول لا أدري، ولكنه حدث.
فأقدم أسطورة في الوجود، هي أسطورة الحب، لأنه لا يخضع للثقافات، ولا الحضارات، والتي لها تاريخ حدوث، وتاريخ خفوت، وتلاشٍ، واندثار.
الحب مثل السماء لا تاريخ له، لأنه ربما حدث قبل حدوث الكون، وربما حدث في يوم ما، ولكن الإنسان لا يذكر ذلك التاريخ، لأنه لا يريد أن يتذكر، لأن الحب يفوق الذاكرة في التكوين، وقد يكون الحب حدث قبل حدوث التعقل، وهذا أمر وارد، لأنه عندما يحدث، فإنه يأتي من منطقة اللاشعور، وهي المنطقة التي سبقت حدوث الشعور.
قضية شائكة، ومؤذية أحياناً، ولكن هل الإنسان يستطيع أن يعيش بدون عاطفة الحب؟ هذا الأمر الذي تثيره أسئلة الوجود، لأنه حتى أشد الناس قسوة، وضراوة، ومن نطلق عليهم بالحاقدين، فهؤلاء تنتابهم لحظات الضعف، وتقفز عاطفة الحب، متغلبة على عاطفة الكراهية، نجدهم يتحطمون، مثلما تتحطم السفن على صخور العواصف العاتية.
الإنسان هو الإنسان، ومشاعر الحب، موجودة جنباً إلى جنب مع مشاعر الكراهية، فأيهما يتفوق على الآخر، هنا السؤال. كيف، ومتى؟