تحرص العديد من الجهات والمؤسسات على إنشاء أقسام الاتصال فيها لضمان دقة وسرعة إيصال المعلومات والأخبار الصادرة عنها، ولكن للأسف منذ أن ظهرت هذه الأقسام معززة بشركات العلاقات العامة، تراجع مستوى الاتصال والتواصل مع وسائل الإعلام، والرأي العام، المستهدف الأول والرئيسي من المعلومة برمتها.
 إحدى الجهات إلى جانب قسم الاتصال المؤسسي الضخم الذي يتبعها، متعاقدة مع ما لا يقل عن ثماني شركات للعلاقات العامة لتعمل على مختلف المشاريع التي تنهض منها، ومع هذا للحصول على معلومة من أي منها يتطلب الأمر مراسلات و«إيميلات» لا حصر لها حتى مرحلة الاعتماد النهائي للمعلومة التي غالباً ما تُستدرك بتصويبات متتالية تربك المتلقي والمتابع. 
أتواصل بحكم طبيعة عملي ومتابعتي وبصورة يومية مع العديد من الجهات في ميدان متعطش للمعلومة في وقتها بالسرعة والدقة والاحترافية المطلوبة، وللأسف البعض يتعامل بطريقة غير احترافية مع أهمية وصول المعلومة، رغم أن أغلبيتها تحرص في بياناتها الصحفية بتذكير الجمهور بأهمية «استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية»، وتدرك أن الطريقة المثلى لوأد أي شائعة أو معلومات غير مؤكدة سرعة نشر الأخرى الصحيحة والخبر المعتمد، ولو كان عبارة عن سطر واحد، يبدد أي فرصة لنشر الشائعات واختلاق قصص وحكايات لا تمت للواقع أو للحقيقة بصلة، لا من قريب ولا من بعيد، وتكبر الشائعة وتتضخم حتى تتحول لفقاعة كبيرة تتبدد وتختفي بدبوس الحقيقة، ولكن متأخراً بعدما يكون الخبر الكاذب الذي يتضمن تفاصيل مختلقة وكذبة قد جاب الكرة الأرضية كلها في لمح البصر بفضل الفضاء المفتوح وتقنيات العصر وأدواته الحديثة المدججة اليوم بلمسات وتوظيفات الذكاء الاصطناعي.
 أقسام الاتصال وجدت لتساعد الجهة المختصة على نشر المعلومة الصحيحة وتساعدها كذلك على تحسين حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، خدمة للحقيقة ولسرعة إطلاع الجمهور عليها، وعليها إدراك حقيقة وجود إعلام ظل موازياً تنشط فيه الشائعات ومروجوها من خلال المنتديات و«جروبات الواتساب» ونوعية من المشاركين فيها يطلقون العنان لتحليلاتهم ووجهات نظرهم بالزيادات والاستطرادات، وتوزيع المسؤوليات حول ما جرى، ورسم سيناريوهات للكيفية التي تمت بها، وغيرها من التخيلات والتحاليل في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية بل وتجد في ذلك بيئة مثالية لإثارة الفتن.
أتمنى من كل الجهات مراجعة أساليب تعاملها مع الإعلام والرأي العام، وأن تتذكر أننا في عصر «الهواتف الذكية» والذكاء الاصطناعي.