- شاهدت لقطات من فيلم هندي عجيب بالمبالغات والكذب الصراح، وأردت لو استطعت فقط أن أجالس نصف ساعة المخرج والمؤلف معاً للنقاش ومحاولة الإقناع أو الاقتناع إما من طرفهم أو طرفي، يعني معقول.. باص مدرسة يقف على حافة جرف هاو، وطفلة تقفز من زجاج الباص إثر الحادث، وتلتقط طرف ثوبها حديدة المرآة الجانبية، وتجعلها معلقة في الهواء، والباص يتزحزح رويداً رويداً نحو الوادي السحيق «أعتقد هكذا مكتوب في السيناريو»، وفجأة يظهر بطل من القرية بوزار وفانيلة، وملثم، وفي رجليه نعال زنوبة، ويظل يسحب الباص «أبو 60 راكب» ليثبته، وتنتقل الكاميرا لاستعراض رجليه اللتين تشبهان عود القصب، لا عضلات، ولا لحم، يعني بالكاد رجلاه تستطيعان أن تحملاه هو فقط، ويظل يسحب ذاك الباص، والزنوبة لا تنزلق من رجليه حتى يثبت الباص على أرض سهلة، فجأة لا يتحمل قميص الطفلة فينقطع وتهوي الطفلة إلى الوادي، لكن «أبو زنوبة» جنان، لا يكتفي، فيقفز بحبل مربوط في الباص، من أين جاء حبل «كومبار»، ومن ربطه في الباص، يعني لو سفينة قلنا يمكن أن نمشيها، وكيف طواه ليتمكن من القفز لاحقاً الطفلة التي تهوي إلى الوادي العميق، لكنه يلحق بها في الرمق الأخير، وينتشلها من السقوط، وبضربة من رجله التي ما تزال الزنوبة لاصقة بها، «نحن بس نتوضأ ونلبس الزنوبة، وتتم تفرط منا، قصورنا ننزلق بها»، المهم ذاك البطل القروي، ما تزال اللثامة والنعال الزنوبة على حالها، ومع القفزة البهلوانية على طريقة الشقلبة من أسفل إلى فوق، إذا به والطفلة على سطح الأرض، لتنتقل الكاميرا مرة ثانية على مشهد الزنوبة في رجليه واثقتي الخُطى، وعلى طاري الزنوبة أم سير اللي تعرفونها، صارت موضة عند بيوت الأزياء، وصاروا يصنعونها بنفس الطريقة، لكنها هذه المرة تحمل حرفين بالإنجليزية علامة الماركة التجارية، تدرون كم قيمتها؟ 4500 درهم، نفس الزنوبة حاشاكم كانت تباع قبل ثلاثين سنة بنصف روبية في سوقنا، وبالكوم حتى ما يحطونها في كيس نايلون، وما زالت في الهند إلى اليوم بأقل من خمس روبيات! وأشهر من قاسى من النعال والضرب بها ليست زنوبيا بل شجرة الدر التي ماتت جراء الضرب بالنعل، ورميت من سور القلعة، وقيل بالقبقاب في الحمام الشعبي، المهم أن شجرة أو شجر الدر كما تلقب اسمها أم خليل عصمة الدين، وهي أرمينية، كانت جميلة عصرها، ودرّة مصرها.
- ليش احس أن الدوائر الآن خاوية على عروشها أو خالية من الموظفين، وأن كل ما فيها كمبيوترات مبرمجة، وتشتغل مثل البدلات الإلكترونية، نصف حديثها: عفواً.. لم أفهم! أرجو المحاولة مرة ثانية! هذه المكالمة مسجلة لأغراض التدريب، بعدها مباشرة ودون أن تنتهي معاملتك: سجل مدى رضاك عن إسعاد المراجعين! وين تلك الدوائر التي كانت تحركها كلمة الدوام، وإذا تباديت على أي دائرة تصطدم بالمراجعين وبالموظفين، فلا تعرف الموظف من المراجع، وحده فراش الدائرة يمكنه الفصل بينهما، وين كم المراجعين عند باب الوكيل حلال كل المشكلات، وصاحب التوقيع الذي لا يخيب ولا يُرد؟! وين مندوبي العلاقات العامة اللي كانوا حاشرينا بهم، وملزوم كل تاجر بتوظيفهم غصباً عنه؟! أشوف الحين مالهم «حاية» ولا شغل، الحين كل الأمور عند الكاهن الأعظم «HR»، وعند ذلك الحاسوب الذي يشبه تمثال «بوذا» في جلسته التاريخية أو تمثال مفكر النحات «رودان» وهو يتفكر في رائعته «بوابات الجحيم»!