ما أن صرخ الحدث الجلل في أسماع الناس، حتى هب النجباء، لغوث الأشقاء في سوريا وتركيا.
الحدث مدوٍ، والمصيبة مفجعة، والزلزال أخفى الآلاف عن الأنظار في لحظة مباغتة مذهلة، من هؤلاء أطفال ربما كانوا في ذلك الصباح يحلمون بلعبة تملأ صباحهم بالبهجة، وآخرون ربما كانوا ينظرون إلى أمهاتهم بعيون الشغف، في انتظار اللقمة الصباحية الدافئة التي تزيح عن أجسادهم برد الشتاء القارس في البلدين الشقيقين.
كل تلك المشاهد الأقل من الممكن، محاها الزلزال، وأجهض أحلاماً، وطوق المشاعر التي لم تتخلص بعد من الجروح، والقروح، وكل ما آلت إليه الظروف من انكسارات وخيبات، في الزمن الرديء.
في هذه المحنة الرهيبة لم ينتظر النبلاء النداء، بل هبت جيادهم، وخبت ركابهم، وامتطى فرسان الأمل صهوات الإرادة القوية، والعزيمة الرضية، تملأهم شهامة الأولين، ونبل السابقين، ونجابة الرجال المؤزرين بأخلاق الباني المؤسس، وكل ما اتشحت به معاطف القيادة الرشيدة، هبة تهز الوجدان رهبة، هبة تعبر عن دور الإمارات في العالم، كمحور أمان، وجوهر اطمئنان، وهذا هو الدور الذي ارتأته القيادة الرشيدة للوطن، وهذا هو المشهد الوجداني الذي يتسلح به ابن الإمارات على مدى العصور، ومراحل الزمن، لأن القيم الإنسانية راسخة في الوجدان، متجذرة في القلوب، مثل ما هي المشاعر الجميلة في ضمير عشاق الأعمال السامية من أجل عالم بلا تشققات، ومن أجل كرة أرضية، هي بيتنا، وهي ملاذنا، وهي حلم الأبدية الذي يملأ عيوننا، وهي الأبجدية التي نقرأ فيها مستقبل الأجيال، ولا مجال للذهاب بعيداً عن هذه المبادئ السامية والتي زرعتها طبيعتنا البشرية في نفوسنا، لا مجال للصمت حيال الظواهر الطبيعية التي تفتك بالضرع والزرع، إلا هبة الرجال الأوفياء هؤلاء المنتمين إلى الحياة، هؤلاء النابذين للكراهية، والعنف.
الفارس الشهم إماراتي بامتياز وتفرد، هو هكذا، وعلى السنام والصهوة نجد لمعة المهند، والغضنفر إماراتي بصدق.
الإمارات لم تنتظر حتى تغيب الشمس، بل زأر قسورة المواقف الصعبة، فلبى النجباء النداء، ولم يمضِ من الوقت إلا سويعات وكانت طائرة الخير تحلق في السماء كأنها الغيمة لتخفف من اللظى، وتمنع تفاقم التشظي والألم.
الإمارات هي هكذا دوماً في المشهد الإنساني، رونق في كبح جماح الألم، ومهارة في صناعة الفرح، وأينما توجه وجهك، تشعر أن جند الإمارات يخطبون ود الحياة، ويكبحون مخالب الكراهية.
أينما تذهب، فوسم القيادة الرشيدة وشم على ساعد وجبين، وختم على صفحات التاريخ يوضح ما لدى هذا الوطن من بصمات في صياغة ابتسامة العالم، في إجلاء الغبن عن مشاعر كل من ابتلوا بالمصائب، والخرائب.
الله يحفظ الإمارات، ويدرأ عن العالم كل مكروه، ومشبوه.