تصاعدت في الآونة الأخيرة شكاوى وملاحظات أولياء أمور من محتوى غير أخلاقي يعرض عبر العديد من المواقع والمنصات المعروفة وغيرها على «الإنترنت»، والتي تتفنن في الوصول لصغارهم، مستغلين عدم قدرتهم على التمييز، وثقة بعضهم بمواقع يعتقدون أنها ملتزمة بقواعد الحماية واحترام الخصوصية، والأهم من ذلك احترام الضوابط المتعلقة بطبيعة المجتمعات وثقافاتها وقيمها وعاداتها وتقاليدها.
وإذا كان من البديهي أن يتابع أولياء الأمور الأبناء وتوعيتهم بالمواقع المناسبة، إلا أن إصرار منصات كبيرة ومعروفة على تمرير رسائل سلبية ومحتوى خادش للحياء والقيم والمعتقدات الخاصة بالمجتمع، بحاجة لتدخل من جهات مسؤولة لضبط ما يدور في هذا الفضاء الفسيح.
لقد كان لمكتب تنظيم الإعلام في الدولة تجارب سابقة وناجحة في التواصل مع منصات عالمية ومواقع عالمية كبيرة لحثها على التقيد بالضوابط المحددة للمحتوى المقدم، بحيث تتجنب طرح أمور وقضايا لا تحترم قيم وأخلاقيات مجتمعنا المحافظ، خاصة تلك الموجهة للصغار والنشء.
وتعتبر الإمارات من الدول الأولى التي تنبهت لهذه المخاطر، وقدمت المبادرات والبرامج تلو الأخرى، وفي مقدمتها «مبادرة السلامة الرقمية للطفل» التي أطلقها الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، قبل نحو ثلاثة أعوام، والهادفة إلى «توعية الأطفال وطلاب المدارس بتحديات العالم الرقمي وتشجيعهم على استخدام «الإنترنت» بشكل إيجابي وآمن، وتوعية وتأهيل المعلمين والأهالي بسبل مواجهة هذه التحديات، بما يحقق السلامة الرقمية لأطفالهم». وقد كان إطلاقها بالتزامن مع احتفالات الدولة بيوم الطفل الإماراتي الذي يصادف 15 مارس من كل عام.
وقد كانت المبادرة انطلاقاً من استراتيجية وزارة الداخلية الهادفة؛ لأن تكون دولة الإمارات أكثر بقعة آمنة على وجه الكرة الأرضية لشرائح المجتمع كافة، وبالذات الأطفال والنشء والشباب.
ومن هنا أيضاً جاءت حملة «السلامة الرقمية لمجتمع مسؤول»، والتي أطلقتها مؤسسة التنمية الأسرية في أبوظبي برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى للمؤسسة «أم الإمارات»، ضمن فعاليات الدورة الثانية لـ «المنبر الإعلامي الاجتماعي» الذي نظمته «التنمية الأسرية».
أمام ما يجري، يتطلب الأمر تكثيف المتابعة والمراجعة، باعتباره مطلب كل حريص على تربية وتنشئة أبنائه بعيداً عن الأمراض والعلل التي تطل علينا عبر هذه المنصات الافتراضية، وتقدم نفسها كشخصيات مؤثرة أو مؤسسات عالمية شهيرة في عالم الصناعة الترفيهية.