تُعد المهرجانات التراثية في الإمارات سمة تتميز بها بلادنا عن سائر البلدان، وقد دأبت الدولة على ترسيخ هذا النهج، والسير على منواله، كشراع يفرد قماشته على الوجود، محلقاً في تراث الإنسان، وحضارته التي بناها على مدى القرون.
ويُعد مهرجان الظفرة، هو الجناح الأوفر حظاً في تقديم هوية الإمارات، كوجه ولسان ينبع من رمال الصحراء النبيلة، ويذهب للسماء الزرقاء بعطر، وسبر، وخبر، وروح تنتمي إلى هذه الأرض الطيبة، وقلب يهتف باسم إنسان عاش هنا، وسارت قدماه على رملها الحارق، وبحرها الطارق بأمواج اللهفة، ولم تتوقف الخطوات، ولم تؤجل العيون نظراتها إلى ما بعد التلة الواقفة عند زاوية من صحراء الوجد الإماراتي العريق.
مهرجان الظفرة، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يعتبر اليوم حفلاً عملاقاً، تؤمه القلوب قبل العيون، وتحضره الأرواح قبل الأسماع؛ لأنه وبجدارة يمثل المرآة التي تعكس صورة الإنسان على هذه الأرض، ولأنه يمثل الخصلات الناعمة على جبين حسناء، زينتها من فطرة وجودها في هذا الكون.
مهرجان الظفرة، هو النبرة الحية في وجدان هذه الأرض، وفي ضمير إنسانها الذي عاش وهو يتهجى أبجدية السعادة من أطراف ما تنتجه ذهنيته، ومن ثنايا من تثمره نخلة الأحلام من عناقيد، تنسحب على جيد ومتن، وهذا ما يجعل الإماراتي اليوم هو المكلف في هذا العالم في الاعتناء بمشاعر البشرية، وتهذيب أهدابها، كي يصبح العالم بألف خير.
هذه هي سجية الإنسان على هذه الأرض، وهذه هي خصاله وهو يتربع على عرش الوجود كإنسان اختار أن يكون في الضوء دوماً، واجتاز عقبة الأفكار المترددة، بمعول إرادته الحرة، وهو يرسم صورة المستقبل على غرار ما فعله الأسلاف في الماضي، مستنيراً من أدواته الحديثة وكل ما أنتجه العقل، لتطوير القدرات، وتنوير الطريق، لكي تستمر القافلة في المضي نحو المستقبل من دون عقبات، ومن دون عرقلة.
الإمارات دوماً بخير، بإذن الله، لأنها لم تزل ترى مستقبل أبنائها في أعطاف الماضي، تحترم هذا الزمن، لكي تعبر إلى الزمن الأحدث، وهكذا هي مطمئنة، آمنة، بفضل من يعشقون الحياة، وينبذون سواها، هكذا هي الإمارات حبلت على الحب، وأول الحب هو الماضي الذي يحمل في طياته، طموحات المستقبل.
هكذا هي الإمارات، ترسم صورة المستقبل بريشة الماضي، ملونة بالتفاؤل، هكذا هي الإمارات تمسك خيوط المعطف الزمني من طرفيها، لأن الحياة حبل مشدود بين لا نهايتين.
والله يحفظ الإمارات، وأهلها.