عندما توج الصربي نوفاك ديوكوفيتش ببطولة أستراليا للتنس، كان يرتدي سترة بيضاء على صدره، كانت علامة إحدى شركات رعايته تشكل الرقم «22».. لقد خطط لهذا، وبكى كثيراً وقال: «هذه كانت واحدة من أكثر البطولات تحدياً، التي لعبتها في حياتي على الإطلاق، بالنظر إلى الظروف».
حرم ديكوفتيش العام الماضي من دخول أستراليا، لعدم حصوله على لقاح كورونا، لكنه حظي باستقبال غير مسبوق في ملبورن هذا العام.
ويوصف ديكوفيتش بأنه أعظم لاعب تنس في التاريخ، بعد فوزه بالبطولة ورفع رصيده من بطولات الجراند سلام إلى 22 لقباً، متساوياً مع نادال، وقبل أشهر كان السويسري فيدرر يوصف بأنه أفضل لاعب تنس في التاريخ، وهكذا تقود انفعالات الخبراء وعشاق اللعبة إلى إطلاق الألقاب، وتوزيعها على النجوم في كل لعبة، وفي كل زمن.
ديكوفيتش لاعب مبهر، لم يخسر سوى مجموعة واحدة في بطولة أستراليا، وهو صاحب مهارات متنوعة ومميزة. وفي هذا الأسبوع يستمتع بعامه رقم 374 في المركز الأول، بالفعل 64 أسبوعاً أكثر من صاحب المركز الثاني روجيه فيدرر، وهي مسألة وقت فقط قبل أن يتخطى ديوكوفيتش الرقم القياسي للألمانية شتيفي جراف وهو 377 أسبوعاً في الصدارة. أين ذهب نجوم أميركا في التنس؟ أين أبطال أستراليا والسويد والإنجليز؟ ماذا حدث لخريطة التنس، تلك اللعبة البيضاء، كما كانت توصف؟
في تصنيف الرجال هناك لاعب أميركي واحد وهو تايلور فريتز في المركز الثامن، وفي تصنيف السيدات من المدرسة الأميركية، جيسيكا بيجولا في المركز الرابع وكوكو جوف في المركز السادس، ولنا نحن العرب التونسية أنس جابر في المركز الثالث، وقد كانت الثانية في التصنيف، لكن انظروا إلى خريطة التنس وكيف تغيرت تماماً، فقد ذهب زمن ماكنرو وبورج وفيلاندر ورود لافر، وكونورز وليندل وسامبراس وأجاسي، وذهبت جراف وعائلة ويليامز أيضاً.
اللعبة شأن كل رياضة، تبدلت فيها المهارات، فلم تعد راليات السويدي بيورن بورج تضمن لقباً، ولم تعد هجمات ماكنرو على الشبكة تضمن لقباً، ولم تعد قوة ضربة إرسال بيت سامبراس وحدها تضمن لقباً، فمن المهارات «القوة العقلية» والتركيز، والتكتيك وخطط اللعب، ومحاصرة الخصم في نقاط ضعفه، بجانب الإرسال والهجوم، والضربات الخلفية، حيث منع ديوكوفيتش المنافسين من لعب التنس كما يفعلون عادة.
من مظاهر قوة ديكوفيتش العقلية، أنه كان أصيب خلال البطولة في أوتار الركبة، وكما يقول مدربه الكرواتي جوران إيفانيسيفيش: «لم يستسلم، لم يذهب إلى مكتب حكام البطولة طالباً الانسحاب، فقد استمر لأنه يريد اللقب العاشر».
إنه رجل من فضاء آخر.. كان ذلك أبرز تعليق من جوران إيفانيسيفيتش على القوة الذهنية لديوكوفيتش.