ليس هناك من تفسير آخر يمكن للإنسان أن يدركه لما يفعله ذلك الشقي الدانماركي السويدي «بالودين» بنفسه أولاً، وبحق كتاب مقدس عند المسلمين، بعد ما كرر فعلته المشينة والتي تتخطى أي نوع من التسامح وطول البال وسقف الحرية بحرق المصحف الشريف وأمام ناظر المسلمين، وبجوار مسجدهم يوم الجمعة، هو استفزاز يقربه نحو حتفه أو يجره إلى المصير نفسه، وهو الحرق، فحين يُحرس الجنون، وحين يُدافع عن الجهل بوساطة قوى أمن، ومن أنصار يسيّرهم الجنون والتعصب نفسه، تظهر الفوضى، ومقابل كل متعصب يظهر متعصب من جانب آخر، ومن يرمي الناس بشرر، عليه توقع الحريق، هذا المتعصب بالجهل، قد يكون تصرفه في البداية فردياً، ونتيجة لأسباب تخصه أو ظروف حدّته على فعل ذلك أو نتيجة رد فعل معينة وجهت سير غضبه الفردي والحزبي وحنقه الوطني ولجوئه للتعصب ومعاداة الآخر، لكنه مع الوقت، ونتيجة استغلال معاني الحرية الواسعة، قد يصبح عملاً جمعياً أو أقلها عملاً فردياً محروساً بنيات جماعية.
لا يمكن أن تكون نهاية هذا الشقي الدانماركي وزعيم حزب اليمين المتطرف الدانماركي «الخط المتشدد سترام كورش» «راسموس بالودين» العيش بسلام، لأنه اختار العيش وسط شرر الأحقاد والضغائن والمعاداة، لذا الحرق قد يكون من جنس العمل، والنزعة التطرفية تخلق نزعات مقابلة، وقد يتكرر سيناريو التعصب كما في الهند وفرنسا والدانمارك، وتنتهي بفواجع غير متوقعة.
يعمل ذاك المتعصب مع رسام الشارع الدانماركي «دان بارك» وأعضاء حزبه على حرق المصحف وتصويره عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وسعى لكي يحصل على الجواز السويدي كون أبوه من السويد لكي يتم استفزاز المسلمين في السويد، لكن السويد كانت بين الرفض وقبول طلبه، على الرغم من أنها منعته من دخول أراضيها لمدة عامين، ولأن سقف الحريات في السويد عالٍ، والتعبير عنه مرتفع، ولكون القرآن لديهم ليس مقدساً ولا تستمد منه مواد شرائعهم ويعد كتاباً عادياً، الغريب أنهم لا يجرمون الداعي لخلق الفوضى ما لم يقصد العداء مباشرة لفئة أو طائفة معينة، لكنهم يعدون ردة الفعل والأعمال التخريبية نتيجة ذلك جرماً يعاقب عليه القانون، مثلما يرددون أن «طيب أردوغان» بأقواله وتصريحاته بشأن هذه القضية ومفتعلها يضع عقبات أساسية لمنع الحريات في السويد، لذلك سمحوا للمتظاهرين بالتظاهر أمام السفارة التركية احتجاجاً واعتصاماً انتصاراً للحريات التي يدافعون عنها.
هل للإسلامفوبيا دور أساسي في خلق تلك العداوات المجانية، هل هي رهبة جماعية مسكوت عنها أم هو إحساس ينبض في عروق الوطنيين الشوفونيين فقط؟ تلك إشكالية تظهر بين الحين والحين، وهنا وهناك في ربوع أوروبا، خاصة مع ظهور الزعامات اليمينية، وتمكنها من السلطة، وهو مشروع ربما يتطور مع أزمة اختناقات في أوروبا اقتصادية وسياسية في الأساس، وما يترتب عليها من ضيق اجتماعي لن يعرف أين سيوجه، وأي قضية يمكن أن تصده أو تمنع تتطاير خطره.
أمر آخر لا نريده من المتعصبين الصامتين من المسلمين، وهو أن لا يظهروا علينا بعد فترة كذباً وبهتاناً أن هذا المتعصب الدانماركي السويدي قد تاب إلى الله، واهتدى للإسلام، ونطق بالشهادتين، والآن أصبح حمامة مسجد، وأن المصحف لا يفارق يديه، ويختمون ذلك الحديث الساذج بقولهم إن معجزة المصحف وقوة الإسلام هزمت كل تلك الشرور والتعصب، لأن «بلودان» أو «سَلُوم ما زاد في الإسلام خردلة، ولا النصارى درت بإسلام سَلُوم»!