في بلادنا، تسير مطمئناً، سالماً، من خوف المفاجآت، ومن تعثرك بكبوات الطريق.
اليوم تسير وأنت تسبح مثل فراشة تلونها الإمارات، بالفرح، والحلم الزاهي، من دون زعزعة، ولا نوازع مفجعة، فالنظام في شارع الإمارات، يرتب السير، ويهذب الخطوات من دون التفاتة خوف أو نظرة وجل.
أنت في الشارع تحميك ملائكة القانون، وتفرض حلمها الناعم على الضمائر من دون مشرط، أو عصا.
اليوم أصبحت الشوارع كتباً وصحائف، نقرأ فيها سبل الأخلاق الحميدة على جباه السائقين، من بين ثنيات ابتساماتهم المشرقة وهم يفسحون الطريق للمشاة، من رجال ونساء، وأطفال وكبار في السن، الأمر الذي يدعو للفخر، والاعتزاز، لثقافة بدأت تتسرب مثل الغيمة في سماء تصرفاتنا، ثقافة هي من نبع هذه الأرض، والتي أصبحت اليوم مدرسة عظيمة، يتم فيها تعليم من لا يعلم، من أن الأخلاق هي الطريق للحضارة، وكل ما عداها يظل هامشاً في كتاب المعرفة، ويظل زقاقاً يبرز من خلال شارع فسيح، اسمه الأخلاق أولاً.
اليوم في الإمارات تمتلئ الشوارع بنماذج من قيم يستقيها أصحاب المركبات، والماشون على أقدامهم على حد سواء، ولم تعد جعبة الشارع تستوعب ما يضجر، وما يسيء إلى سمعة الإمارات كدولة امتطت صهوة الحضارة، بامتياز، يشهد لها فيه القريب والبعيد، ولهذا فإن ما تقدمه الإمارات من مشهد، لدليل على أننا تجاوزنا مرحلة التعليم، ولامسنا جذور التطبيق، بحذافيره، واستطعنا أن ننشئ قلعة ثقافية متينة، راسخة في العقول، فعندما تمر في الشارع وتصادفك الخطوط البيضاء، والتي تشير إلى أماكن لطريق المشاة، فأنت تمر ومن دون أن تتهيب من القادمين من الجهة الأخرى، لأن القانون أصبح ثقافة، والثقافة تشبع بها كل من يقطن على هذه الأرض، هذا النهج، وهذا الدرس، صار في الوجدان مثل إحساسك، بأنك بحاجة إلى ابتياع ضرورة من ضرورات حياتك، فلا تردد، في اتخاذ القرار المناسب الذي يجعلك تفسح الطريق، لمن هو يسير على قدمين.
هذه هي ثمرة من ثمرات الحلم الإماراتي، بأن ينشأ جيل يحترم الطريق، يبدي رهافة في التعامل مع الآلة التي يقودها، وتسير بإرادته، وتتوقف بعزيمته.
هذه هي الشجرة التي زرعتها الإمارات، ورعتها، وأسقتها بماء المكرمات، حتى في الوجود، سحابة تروي الظمأ، وتظلل المهج، وتحمي الرؤوس من الزلل.
هذه هي الصورة في المشهد الإماراتي، كانت حلماً زاهياً، وأصبحت اليوم رسماً في الذاكرة لا تنمحي نقوشه، ولا تختفي ألوانه، إنها الثقافة عندما تكون حقيقية، تصبح في الحياة سحابة ممطرة، تصبح نهراً يغفو على أجنحة الفرح.
صورة جميلة، ومنظر رائع، عندما تكون أنت في الشارع، تسير على خط المشاة، وترى سلسالاً من المركبات منتظرة مرورك، وتسكن في وداعة الأشياء النبيلة، وبعد أن تمر، وتصل إلى برك، وتدخل في بحرك، تتحرك تلك الأجسام البديعة، في وداعة مذهلة، تدل على أنك بالفعل، تعيش على سجادة أخلاقية لا
يشبهها إلا هي، ولا مكان لها إلا على هذه الأرض الطيبة.
فشكراً للأخلاقيين، شكراً لمن يصنعون مجد القيم في بلادنا.