يقولون في البصرة، ينثر النخيل الثمر على الواحات، وينثر الشعراء القوافي على الطرقات، وفي البصرة سينثر «خليجي 25» في المدى اللهفات، سيطلق في سماء المتعة النجمات، والشوق لرؤية أجمل الروايات، تحكيها مثل قصص الأطفال المباريات.
عرفت دورات الخليج في تعاقبها، فصولاً مشدودة بوثاق جميل، حفلاً صاخباً لا تمل منه العيون، بطولة ليس لها بين البطولات مثيل ولا قبيل، بداياتها كما النهايات شوق لا يفتر ولا يذوب، حتى إن تصدع المشهد بأدخنة الخلاف وعلا الغضب الفضاء، وظن بعضهم أن الحكاية قد بلغت فصلها الأخير، ولن يصبح الخليجي غير ذكرى من زمن بعيد، يرتفع صوت يزلزل المكان، يخترق جدارات اليأس، ويجفف ينابيع الخوف ويقول أنا الخليجي وُلدت لكي أعيش.
وكم هي محظوظة النسخة الخامسة والعشرون للخليجي، وهي تقام في البصرة، في ثغر العراق الباسم، على شط العرب الذي كتب بماء الذهب قصائد كانت تخرج من قرائح الشعراء ساخنة مثل اللهب، ولعل أم القصائد هي التي سينظمها الأشقاء في مساءاتهم المخملية بحثاً عن اللقب.
ولأن البصرة كما الزهرة يأتيها سرب الفراشات ليمنحها الرحيق، فإن «خليجي 25» سيكون انبعاثاً آخر لبطولة كلما تقدم بها العمر، ازدادت جمالاً ونضارة، وكلما عبرت من نسخة لأخرى ترسخت في الوجدان، وسيكون أيضاً انبعاثاً لعراق الكرامة والعز والشهامة، عراق خرج من المحن والمآسي قوياً بمرجعياته الحضارية والثقافية والرياضية أيضاً.
ولأن الخليجي هو مشترك لوطن كبير، وهو التحام لشعب واحد برغم تعدد الأعراق والأناشيد، فإنه سيكون في هذه النسخة بالذات حلماً متاحاً للجميع، فلا أحد من المنتخبات الثمانية سيدخل البطولة، وليس به شغف غير شغف الوقوف في لحظة الختم على منصة التتويج، فإن باعدت بين المنتخبات الثمانية المرجعيات والإمكانات، إلا أن ما يجمع كل الفرسان هو الأمل في تحقيق اللقب، لذلك ستكون نسخة البصرة فارقة في عمر كأس الخليج.
وطبعاً يهمنا أن نعرف بماذا يتسلح «الأبيض» في سفره الخليجي، وعلى أي شيء هو عاقد العزم، وهل يمكن أن نرى فيه بطلاً لهذه النسخة؟
هناك من سيقول، إن المنتخب الإماراتي في مرحلة إعادة بناء، بعد الإخفاق الآسيوي، وبعد الفشل في بلوغ كأس العالم بقطر، ولن يسأل عن أي شيء في هذه النسخة من كأس الخليج، إلا عن درجة الاستفادة من بطولة إقليمية صعبة المسالك.
والحقيقة أن البصرة يمكن أن تكون لـ «الأبيض» فاصلاً بين زمنين، زمن الوجع وزمن الأمل، وبرغم أن الفريق في طور الصيانة، إلا أن النجاح في تحقيق الأهداف ستحدده الإرادة الجماعية، وأكبر الأهداف هو أن يخرج «الأبيض» من خيمة خليجي البصرة قوياً ومعافى، ليمضي في الطريق المرسومة له، طريق التألق آسيوياً لربح رهان العالمية.