حصدت أوروجواي كأس العالم الأولى عام 1930 لأنها كانت بطلة الألعاب الأولمبية 1924 و1928، وكانت كأس العالم 1954 من أجل المجر أفضل منتخب ففازت ألمانيا، وكانت كأس العالم 1974 من أجل كرويف فذهب اللقب إلى بيكنباور.
وكانت كأس العالم 2014 من أجل البرازيل لعلها تعود وتتخلص من عقدة «الماراكانازو» يوم خسرت اللقب أمام أوروجواي 1950، فإذا بها تخرج من البطولة الثانية على أرضها بعقدة جديدة وهي عقدة «بيلو هوريزونتي» التي شهدت ظهور الأشباح الألمانية حين خسر منتخب «السامبا» بسبعة أهداف مقابل هدف.
مونديال قطر 2022 كان من أجل ميسي، بعد أربع محاولات سابقة لم ينجح فيها، ولم يتقدم إلى يمين مارادونا أسطورة كرة القدم وبطل الأرجنتين المغوار الذي ثأر بقديمه لحرب جزر الفوكلاند وهزم الإنجليز عام 1986، وهذه المرة توج ميسي بكأس العالم وسط أمنيات طافت الكوكب من أجل أسطورة اللعبة في عصرها الحديث والمتوج على عرشها لمدة تقارب 15 عاماً.
في فن الدراما، هناك ما يسمى «الماستر سين»، وقد كانت المباراة النهائية بين الأرجنتين وفرنسا هي هذا المشهد الرئيس البديع، والمذهل، حتى إن المباراة وصفت بأنها مجنونة، وأنها الأفضل في تاريخ المباريات النهائية لكأس العالم، بما شهدته من تقلبات وتغييرات وصراع، ومفاجآت وتوقيتات أهداف، على مدى ساعتين. إذ سيطرت وتفوقت مدرسة «التانجو» حتى الدقيقة 80، وعادت فرنسا برقصة «الكان كان» الصاخبة في 97 ثانية لتتعادل 2-2 ثم ينتهي اللقاء بالتعادل 3-3، وتضيع فرص تهديف حاسمة هنا وهناك ويرحل الأمر إلى ركلات الجزاء.
قبل المباراة النهائية قال ميسي: «ما فعلناه كان صعباً لأن كل مباراة كانت نهائية لعبنا خمس نهائيات وفزنا بخمس، نأمل أن تكون الحال كذلك في المباراة التالية»، وكان منتخب السعودية الذي هزم التانجو، وراء تلك الصعوبة التي عاشها المنتخب اللاتيني العريق، وخلال الطريق عانت الأرجنتين أمام أستراليا ثم أمام هولندا، وعاشت شبح الخروج من المونديال بالفعل.
كانت بطولة ممتعة على المستوى التنظيمي، فكان أداء قطر رائعاً ومميزاً للغاية ومشرفاً، وكانت البطولة عامرة بالأحداث الأولى في كل شيء، وعامرة بالأهداف 172 هدفاً، وعامرة بالمفاجآت، وأجملها تأهل منتخب المغرب إلى الدور قبل النهائي وفوزه على بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، وفوز السعودية على الأرجنتين، وفوز اليابان على إسبانيا، وخروج الكبار، البرازيل وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وهولندا وإنجلترا وبلجيكا، ورفع اليابان وكوريا الجنوبية والمغرب لراية كرة القدم في آسيا وأفريقيا.. عشنا بطولة مختلفة، ومبارياتها كلها تقريباً كانت مختلفة، بسيناريوهات مختلفة، وعلى عكس بطولات سابقة، لم يكن الأبطال هم فقط المهاجمون، ولكنهم أيضاً الحراس. عشنا 29 يوماً مع متعة كرة القدم، ومع المستوى الرفيع من اللعبة.
** سوف نفتقد جداً.. هذه الكرة!