عاش العالم حلماً كروياً على مدار 28 يوماً من المتعة والإثارة والتشويق والمفاجآت والتنظيم الرائع غير المسبوق، بعد أن أهدت قطر العالم أعظم مونديال في التاريخ.
وضربت الدوحة بكل حملات التشكيك عرض الحائط، وفرضت على المشككين أن يغيروا من مواقفهم ويكيلوا عبارات الإشادة والتقدير لدولة قطر، التي شرفت العرب، وأثبتت أن أصغر دولة تتصدى لتنظيم أهم بطولة كروية على سطح الكرة الأرضية بإمكانها أن تبهر العالم.
ولا أتصور أن العالم سيعيش تلك الحالة المبهرة مجدداً، فدولة قطر ستكون آخر دولة تنظم المونديال بشكل منفرد، لاسيما أن البطولة المقبلة ستقام في ثلاث دول (أميركا والمكسيك وكندا)، وهو ما فرضه النظام المونديالي الجديد بمشاركة 48 دولة، كما أن قرب المسافة بين الملاعب القطرية الفخمة سهّل كثيراً من انتقالات المشجعين، حيث ضربت البطولة الرقم القياسي لعدد المتفرجين الذي اقترب من ثلاثة ملايين ونصف المليون في حين أن الفيفا أكد أن متابعي البطولة عبر شاشات التلفاز على مستوى العالم بلغ خمسة مليارات مشاهد، كما أن العوائد المادية سجلت رقماً قياسياً بلغ 7.5 مليار دولار يزيادة مليار دولار عن مونديال روسيا 2018.
كما كانت البطولة فرصة سانحة لتكليف «سيدة»، للمرة الأولى بإدارة إحدى مباريات المونديال، ونالت ذلك الشرف الحكمة الفرنسية ستيفاني فرابار التي أدارت مباراة ألمانيا وكوستاريكا.
ومما ضاعف من فخرنا بمونديال (الدوحة 2022) تلك النتائج المبهرة غير المسبوقة عربياً وأفريقياً، التي حققها منتخب المغرب الشقيق وتأهله للمربع الذهبي، وكان الفريق الوحيد بالبطولة الذي تأهل لنصف النهائي دون أن يخسر مباراة واحدة، ولسوء حظه أن الظروف وضعته في مواجهة منتخب فرنسا بطل العالم، ومن ثم منتخب كرواتيا وصيف بطل العالم في آخر مباراتين وهزمته الإصابات والإرهاق ليكتفي بالمركز الرابع الذي لا يقلل على الإطلاق من شعورنا جميعاً بالفخر بما قدمه طوال مشواره بالبطولة، وتحولت كل مبارياته، بداية من كرواتيا وانتهاءً بكرواتيا إلى عيد للكرة العربية.
كل الشكر لكل عناصر الكرة المغربية وعلى رأسها فوزي لقجع مهندس الكرة المغربية الذي يقودها بكل الكفاءة والاقتدار، ويكفي فوز الوداد بدوري أبطال أفريقيا وفوز نهضة بركان بلقب الكونفدرالية، ونجاحه في إقناع الفيفا باستضافة المغرب لمونديال الأندية، كما يحسب له شجاعته في اتخاذ قرار تكليف وليد الركراكي بتولي المهمة الفنية للمنتخب قبل ثلاثة أشهر فقط من المونديال، وجعلنا نعيش حقبة مغربية بامتياز.