قبل أسبوع كان احتفال البحرين رائعاً بيوم المرأة البحرينية، ففي كل عام والمرأة البحرينية ترفل في التألق ويحتفى بها بفضل المبادرة الكريمة لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المعظم، حفظهما الله، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، والتي خصصت يوماً وطنياً للمرأة البحرينية في الأول من ديسمبر من كل عام، تقديراً وتكريماً لمسيرة عطائها المتميز، وترميزاً لكل امرأة حبكت الوجود بأصابعها المبدعة وهيأت نسلها للامتداد، وعجنت خبزها بروحها وقالت للبشرية: «تكاثري فحيث أوجد توجدين»، فقد شيدت المنازل حين السماء ظل والمحيط فضاء، لتؤوي كل من يتوق لسقفها وتحتويه رحابها، لأن المرأة منذ القِدم قوة الحياة وبهاؤها وما زالت، فلمجدها عبر العصور شـيدت المعابد ورسمت غرائب الطقوس، وضد سطوعها نسجت قيوداً وأسواراً وأقاويل، ولكن هيبتها الأزلية التي تنبعث من سطوع وهجها جعلت القلوب ترتعش وتستعصي على العقول. 
فالمرأة هي الرحم والحضن والبيت والسكينة والطمأنينة، وهي التي زرعت، ونسجت، وهيأت الموائد للعابرين، فمن علَّم البشر الحب سواها، لأن الحب جوهرها والسلام فضاء روحها، لأنها ضد الكراهية والحروب، وضد الأسيجة والظلام. وها هي المرأة يُحتفى بها، يوم من كل عام بفضل ما اكتسبته من نجاح بعد صراع وكفاح وتضحيات، وتقدم لها الهدايا التي تشبه رقتها، وعبارات تشبه فتنتها، وترحيب يشبه ضياء شاعريتها إذا ارتقت. أليست المرأة هي التي أبدعت الجمال على صفحات الوجود، وطرزت الحكايا؟ أليست هي من أطلق أجنحة الخيال وأبدع الشعر والغناء قبل الأبجديات؟ ألم تعزف قبل الوتر وتنشد قبل احتدام النشيج؟ ألم تهز مهد البشرية وتترنم قبل الترانيم كي يغفو طفلها مطمئناً في رحاب حبها؟ ألم تُنسج الأساطير من وهج حضورها؟ وتُحبك أقاويل الضلال ليحيط ضوؤها الإعتام؟ أليست هي نبع القصائد ونهر الروح حين تفيض، شاعريتها؟ أليست الشاعرية في القصيدة روحاً تشع حين تقتبس من صفاتها؟ فما الشاعرية إذاً غير أنوثة الخيال ورداء اللغة. 
فكل امرأة لغة، وكل قصيدة أنثى! لأن الشاعرية مجسدة في هيئة امرأة! فكل أغنية لا تصفها لا تُطرب، ولا تنحفر في الذاكرة، وكل رواية لا تجسدها لن تكتب بعد، وكل بيت لا تخطر فيه موحش وقارس وقاحل. الرجل، أبوها وأخوها وابنها وزوجها، فحين يرق ويرهف ويشف ويعذب ويرأف ويحب ويحنو، ويبدع، فلأنه اقتبس من صفاتها وتوغل شعاع روحها في روحه، وتشذب في رحاب ظلها. فهنيئاً لكل امرأة في يوم عيدها، وهنـيئاً للبحرين، ولكل دولة تحتفي بالنساء!